تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

على أوباما تجاهل "الانشقاق" المضلَّل في الملف السوري

يقول مسؤول سوري إن النقاشات حول الإصلاح السياسي قد تؤدّي إلى "التقسيم الفيدرالي"، فيما تتمسّك إدارة أوباما بموقفها من الدعوات لشنّ هجمات جوية ضد النظام السوري.
RTX2GV8W.jpg

كتب جان عزيز من دمشق أن الحياة في العاصمة السورية تميل إلى أن تكون عادية بطريقة غريبة وتسودها أجواء من الثقة، على الرغم من أصوات الصواريخ في البعيد. يخطّط السياسيون والمسؤولون السوريون بهدوء طبيعة الإصلاح السياسي وحجمه في سوريا، بالتشاور مع موسكو وطهران بالطبع.

قال مسؤول سوري لعزيز: "لقد تخطّينا مرحلة البحث في مصير النظام، كما مرحلة البحث في أشخاص النظام. نحن اليوم أمام معركة شكل النظام وآليّات عمله وكيفيّة تعامله مع الشعب السوريّ ومع مساحة الأرض السوريّة لا غير. البعض يتحدّث عن فيدراليّة أو لامركزيّة أو سواها من صيغ النظام، هذا ما يُبحَث اليوم. وكلّ الباقي بات خلفنا".

أضاف المسؤول السوري تعليقاً على ما وُصِف بأنه مسودة روسية لدستور سوري جديد: "نحن وضعنا ملاحظاتنا عليها، فالتعدديّة الّتي يحكى عنها مؤمّنة اليوم في قانون الإدارة المحليّة في سوريا. وبالتّالي، فهي مكفولة دستوريّاً ولا لزوم لأيّ إضافة عليها".

تنخرط إيران بقوة في المداولات حول الإصلاح السياسي. قال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف للورا روزن في رسالة بالبريد الإلكتروني في 16 حزيران/يونيو الجاري: "قلت منذ البداية إنه لن يكون هناك حل إذا ركّزنا على الأشخاص، لأنها معادلة خاسرة ستقود حكماً إلى المأزق والحائط المسدود. ... الحل هو في التركيز على توزيع السلطات على المؤسسات، وكذلك على صيغة الحكم في المستقبل، فمن خلال ذلك يمكن الحد من، أو حتى إلغاء محورية الدور الذي يضطلع به أي فرد أو إثنية".

قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري في 18 كانون الثاني/يناير الماضي إن الطرح الإيراني للإصلاح في سوريا "قريب جداً" من التصوّر الذي وُضِع في مباحثات جنيف، و"يجب استكشافه".

كلام ظريف عن الحاجة إلى حل سياسي في سوريا يكمّل المصالح المشتركة لسوريا وإيران وروسيا في القضاء على التنظيمات المسلّحة الإرهابية في شمال سوريا وحلب كشرط مسبق لمفاوضات سياسية ذات مغزى، ولا يتعارض مع هذه المصالح. على الرغم من أن عباس قادري يكتب من طهران عن الشائعات حول بعض الالتباس في الأهداف القصوى التي تسعى إليها روسيا في سوريا، تتفق البلدان الثلاثة على اعتماد مقاربة عسكرية "لا تؤدّي إلى تعزيز الإرهابيين لنفوذهم"، كما قال وزير الدفاع الإيراني العميد حسين دهقان في إشارة إلى ممارسات "جيش الفتح" وسواه من مجموعات المعارضة المسلّحة التي نسّقت هجماتها مع "جبهة النصرة" في شمال سوريا تحت غطاء وقف الأعمال الحربية.

ذهبت النقاشات في سوريا أبعد من السؤال إذا كان الجيش السوري ينوي أم لا الدفاع عن "سوريا المفيدة" والاحتفاظ بها، أو استعادة السيطرة على باقي البلاد. قال نائب سوري لعزيز: "نحن مصمّمون على استعادة كامل الأراضي السوريّة. يكفي دليلاً على ذلك، بقاؤنا في دير الزور حتّى اليوم، والآن نقل المعركة إلى الرقّة، لكن حول دمشق نتعامل على قاعدة عدم استنزاف جيشنا والمبادرة إلى تحرير المناطق الأكثر استراتيجيّة قبل سواها".

"انشقاق" مضلَّل في الملف السوري

تتمسك إدارة أوباما حتى الآن بسياستها في الملف السوري على الرغم من البرقية "الانشقاقية" التي طالب فيها 51 مسؤولاً في وزارة الخارجية الأميركية بشن هجمات عسكرية ضد النظام السوري.

وقد لفت البيت الأبيض في ردّ أولي في 16 حزيران/يونيو الجاري، إلى أن وقف الأعمال الحربية أتاح، على الرغم من الخروقات، وصول المساعدات إلى 820000 سوري خلال الأشهر الأربعة الماضية.

في نهاية المطاف، الإحباط المفهوم، والتوصية بشن هجمات عسكرية ضد النظام السوري – مهما كانت النية وراءها جيدة – خطوة تصعيدية، وغالب الظن أنها ستؤدي إلى مزيد من الحروب والقتل وإلى تزايد أعداد اللاجئين، وتراجع كمية المساعدات الإنسانية التي تصل إلى المدنيين، وإلى تمكين الجهاديين، وسواها من التداعيات.

نحن لا نؤيّد المنطق القائل بأنه من شأن مثل هذا التصعيد – الذي سيهدّد على الأرجح العلاقات الأميركية-الروسية، والمحادثات التي تتم بوساطة من الأمم المتحدة، كما يهدّد المجموعة الدولية لدعم سوريا، والتفاهمات الأميركية-الإيرانية المحتملة في العراق ومناطق النزاع الأخرى، وكل تقدم ديبلوماسي هش جرى تحقيقه بشق النفس في الأشهر الثمانية الماضية – أن يستحق عناء المجازفة على الرغم من المساوئ الكثيرة التي يمكن أن تترتّب عنه، لمجرد الأمل في "إقناع عدد كافٍ من العرب السنّة السوريين بقتال الدولة الإسلامية"، كما قال روبرت فورد، سفير الولايات المتحدة سابقاً لدى سوريا، للورا روزن.

لعل المقصود حالياً هو أنه من شأن الهجمات الجوية أن تتيح التوصل إلى نوع من الاتفاق مع شركاء الولايات المتحدة في المنطقة – الذين يتحدّاهم كبار المسؤولين الأميركيين بصورة منتظمة لأنهم لا يقومون بما عليهم في التحالف المناهض لتنظيم الدولة الإسلامية، والذين يدعمون الجماعات السلفية والجهادية، مثل "أحرار الشام" و"جيش الإسلام"، التي تحالفت مع "جبهة النصرة" التابعة لتنظيم "القاعدة" في سوريا – من أجل التصعيد ضد "الدولة الإسلامية" في مقابل تكبُّد الولايات المتحدة المشقّات التي يمكن أن تترتّب عن النتائج غير المرجوّة والسعي من جديد إلى تغيير النظام في بلد شرقي أوسطي، مع العلم بأنه ورد صراحة في البرقية أن تغيير النظام ليس الهدف المرجو من العمل العسكري.

بالمناسبة، لا تأتي البرقية على ذكر دور هذه المجموعات السلفية – فضلاً عن انتهاكاتها لوقف الأعمال الحربية، وداعميها الخارجيين، وعلاقتها بـ"جبهة النصرة". واقع الحال هو أن البرقية لا تأتي مطلقاً على ذكر "جبهة النصرة"، كما أنها لا تقر بالتهديد الإرهابي الدولي المتزايد من تنظيم "الدولة الإسلامية"، والذي وردت الإشارة إليه في إفادة مدير وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي أيه)، جون برينان، في 16 حزيران/يونيو الجاري.

إذاً نحن نعارض بشدّة هذا الانشقاق المضلَّل، فإلى جانب ما يتسبّب به على الأرجح من نسف لإطار العمل الديبلوماسي ومن تبديد لبارقة الأمل الضعيفة وللمساعدات الضئيلة إلى الشعب السوري، من شأن هذا التفكير الذي ينطلق أولاً من التعصّب المذهبي أن يؤدّي في شكل خاص، وعن غير قصد ربما، إلى تعزيز مكانة الجماعات المسلحة الجهادية المتحالفة مع فرع تنظيم "القاعدة" في سوريا. لقد وثّق هذا العمود كيف عمد تنظيم "أحرار الشام" على وجه الخصوص، وسواه من المجموعات السلفية، إلى زيادة التنسيق مع "جبهة النصرة"، فضلاً عن انتهاكات هذه المجموعات لوقف الأعمال الحربية منذ شباط/فبراير الماضي. يجري التقصّي حول "جيش الإسلام"على خلفية استخدام غاز الكلور في شمال حلب. وقد أورد "معهد دراسة الحرب" الأسبوع الماضي أن تحالف "جيش الفتح" الذي يضم "جبهة النصرة" وأحرار الشام"، شنّ هجوماً على بلدة خلصة الخاضعة للنظام السوري.

نتشارك أيضاً إدارة أوباما توجّسها الفطري من استخدام القوة في الشرق الأوسط، لا سيما انطلاقاً من التجربة في كل من العراق وليبيا، والتي لا تزال ذيولها مستمرّة ونعتبر أنها ليست جديرة بالاقتداء بها (والتي لم تتم الإشارة إليها أيضاً في البرقية).

بدلاً من القضاء على كل المكاسب الديبلوماسية التي تحقّقت بشق النفس حتى تاريخه، البديل الآخر هو أن تقبل الولايات المتحدة بالعرض الروسي لزيادة التنسيق من أجل استهداف "جبهة النصرة"، مع إبقاء المجموعات المدعومة من الولايات المتحدة خارج مرمى النيران الروسية. قد تكون الولايات المتحدة وروسيا أقرب إلى التوصل إلى اتفاق حول تنسيق الأهداف العسكرية. من شأن هذه المقاربة أن تحافظ على إطار العمل الديبلوماسي الهش الخاص بالمباحثات حول الشأن السوري وبوقف الأعمال الحربية، وتساهم في توسيع نطاق العمليات ضد المجموعات التابعة لتنظيم "القاعدة"، وفي مساءلة روسية لضربها قوى المعارضة المعتدلة والمدنيين.

Join hundreds of Middle East professionals with Al-Monitor PRO.

Business and policy professionals use PRO to monitor the regional economy and improve their reports, memos and presentations. Try it for free and cancel anytime.

Already a Member? Sign in

Free

The Middle East's Best Newsletters

Join over 50,000 readers who access our journalists dedicated newsletters, covering the top political, security, business and tech issues across the region each week.
Delivered straight to your inbox.

Free

What's included:
Our Expertise

Free newsletters available:

  • The Takeaway & Week in Review
  • Middle East Minute (AM)
  • Daily Briefing (PM)
  • Business & Tech Briefing
  • Security Briefing
  • Gulf Briefing
  • Israel Briefing
  • Palestine Briefing
  • Turkey Briefing
  • Iraq Briefing
Expert

Premium Membership

Join the Middle East's most notable experts for premium memos, trend reports, live video Q&A, and intimate in-person events, each detailing exclusive insights on business and geopolitical trends shaping the region.

$25.00 / month
billed annually

Become Member Start with 1-week free trial
What's included:
Our Expertise

Memos - premium analytical writing: actionable insights on markets and geopolitics.

Live Video Q&A - Hear from our top journalists and regional experts.

Special Events - Intimate in-person events with business & political VIPs.

Trend Reports - Deep dive analysis on market updates.

We also offer team plans. Please send an email to pro.support@al-monitor.com and we'll onboard your team.

Already a Member? Sign in