تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

حركة النساء الكرديات تعيد رسم معالم السياسة التركية

تتصدّر امرأة سنية تركية في العقد الرابع من عمرها الحركة السياسية الكردية للمظلومين.
Figen Yuksedag_1.jpg

لدى حزب الشعوب الديمقراطية رؤساء مناوبون لجميع المستويات التمثيلية. يتشارك رجل وامرأة المسؤولية ويترأس الحزب صلاح الدين ديمرتاس وفيجن يوكسكداغ. أصبح حزب الشعوب الديمقراطية أسرع الحركات السياسية نمواً في تركيا منذ انتخابات آب/أغسطس 2014.

بعد زخم الانتخابات الأخيرة، فسّرت يوكسكداغ أنّ الحزب مستعدّ الآن للمشاركة في الانتخابات العامة المقبلة كحزب سياسي وأنّها تؤمن بأنّ الحزب سيتمكّن من اكتساب 10% من الأصوات المحلية على الأقلّ، وهذه هي العتبة لدخول البرلمان. في السابق، كان أعضاء حزب الشعوب الديمقراطية قد دخلوا البرلمان كمرشحين مستقلّين.

يوكسكداغ هي امرأة نحيلة تحافظ على ابتسامتها الهادئة حتى تحت أشدّ الضغوطات. وهي ناشطة في المجال السياسي منذ عمر العشرين. لم تدخل المعترك السياسي صدفة أو بفضل علاقات عائلية مع أشخاص متمكّنين وإنما اختارت السياسة كمهنة.

يوكسكداغ مختلفة عن الآخرين، فهي مهذبة ولكن صارمة ودقيقة في اختيار كلماتها. تتخطّى الشعارات البسيطة في أحاديثها من دون أن تكون مملّة. تشتهر بكونها غير تقليدية وهي قائدة حزب يسعى إلى تمثيل فئات مختلفة ولكن يُعرف في الوقت نفسه كحزب الأكراد.

يوكسكداغ ليست كردية على الرغم من أنّ الأتراك يفترضون أنّها كردية أو علوية. ولكنها قالت للمونيتور إنها تأتي من عائلة تركية سنية تعمل في الزراعة وهي تدافع عن جميع الأشخاص المظلومين في المعترك السياسي التركي. اعتُقلت في عام 2006 و2009 بسبب أفكارها السياسية. قبل تشكيل حزب الشعوب الديمقراطية، شاركت في ترأس الحزب الاشتراكي للمظلومين.

ها هو نصّ المقابلة:

المونيتور:  منذ بضع سنوات، كان شائع عن النساء الكرديات في تركيا أنهنّ مظلومات. وقد رسّخت الأفلام والمسلسلات التي تجسّد المرأة الكردية كضحية هذه الفكرة. ولكنّ هذا الواقع انقلب في تركيا والمنطقة. فباتت النساء الكرديات رائدات في السياسة التركية وسطع نجمهنّ في عين العرب وغرب كرستان السورية وأصبحن وجه الثورة. كيف حصل ذلك؟

يوكسكداغ:  عندما بدأت مسيرتي المهنية السياسية، كانت مئات من الشابات الكرديات قد ذهبن إلى الجبال للقتال من أجل الحرية الوطنية. كنّ على خطوط التماس في جميع بلدات ومدن كردستان. لذا تحتلّ حركة النساء الكرديات موقعاً خاصاً في حركة تحرّر المرأة في تركيا. في الوقت الذي كان فيه الشعب الكردي يرزح تحت الضغوط الدينية والثقافة الإقطاعية والاستغلال المالي، كانت آلاف النساء ينضممن إلى حركة التحرير. وهذا أمر ذو أهمية يثير الدهشة. النساء اللواتي ضحّين بحياتهنّ مثل بيريتان (غولناز كراتاس) وزيلان (زينب كيناسي) ومزغن (سيما يوسي) أصبحن بطلات في الحركة وكان لهنّ تأثير كبير على جميع النساء الثائرات والمتحرّرات في تركيا.

ومع تطوّر حركة التحرر الوطني الكردية، باتت آثارها الإيجابية على النساء الكرديات واضحة. وبما أنّ مئات النساء استشهدن في هذا السياق، بات موقع النساء في المجتمع الكردي أقوى. لذا كانت النساء الكرديات يدفعن ضرائب كثيرة لاكتساب حقوقهنّ. لم يستسلمن للتركيبة الذكورية في الحركة الثورية لأنّ الحركة النسائية المقاومة لم تستهدف فقط الدولة الطاغية وإنّما أيضاً النظام الذكوري والعنف وجرائم الشرف. وكانت ثورتهنّ وطنية واجتماعية في آن. ويمكن رؤية بقايا هذا التاريخ في حزب الشعوب الديمقراطية اليوم. تشكّل النساء نصف هذا الحزب ويتساوى عددهنّ مع عدد الرجال. هذه ليست ميزة تُعطى للنساء وإنما هي كناية عن فهم الحزب لكيفية المحافظة على المساواة بين الرجال والنساء.

تشكّل التطورات في غرب كردستان السورية والمقاومة في عين العرب قمّة هذا الحراك، فالثورة في غرب كردستان السورية هي ثورة نساء. منذ ثلاثة أعوام، في غرب كردستان السورية، كانت النساء مقموعات تحت الطغيان الذكوري ولكنّهنّ دخلن الحقل العام بانخراطهنّ في الثورة وغيّرن مصيرهنّ. في جميع المناصب القيادية، يتشارك الرجال والنساء المسؤولية كما أنّ مستوى العلم بين النساء يرتفع وهنّ في طور تشكيل جيش خاصّ بهنّ. إنّ وحدات حماية المرأة منخرطة في القتال المباشر وقد باتت الوجه الأكثر علمانية وتنوّراً وثورة من بين النساء في الشرق الأوسط. تحارب النساء الدولة الإسلامية لأنّهنّ يرون أنّ خلاصهنّ الوحيد في القتال. بهذه الطريقة، باتت النساء الكرديات قوّة يُحسب لها حساب في المنطقة بالكامل.

في الأحزاب السياسية الأخرى في تركيا مثل حزب العدالة والتنمية وحزب الشعب الجمهوري وحزب الحركة القومية، تُعتبر النساء واجهة للحزب فقط وإنّما في حزب الشعوب الديمقراطية، تلعب النساء دوراً فاعلاً.

المونيتور:  هل يمكن القول إنّ غرب كردستان السورية وسيريزا في اليونان وبوديموس في إسبانيا هي بشائر حركة يسارية جديدة؟ أم أنّها مجرّد حركات رجعية للتصدّي للعنصرية المتنامية وإجراءات التزمّت؟

يوكسكداغ:  شكّل الربيع العربي الذي انطلق من تونس ومصر مثلاً عن الغضب المحقون ضدّ الظلم والدكتاتورية. وكانت كردستان السورية نتيجة هذه الروح السائدة وأظهرت أنّ إنشاء حركة ديمقراطية للشعب الحرّ في المنطقة أمر ممكن. مع أزمة النظام الرأسمالي، نلاحظ أنّ الناس المقموعين في أوروبا يسعون وراء البدائل، وهكذا نشأت كلّ من سيريزا وبوديموس. لا يوجد انهيار اقتصادي في تركيا، ولكن هناك علامات تنبئ بأزمة اقتصادية محتملة. ترتفع معدلات الفقر وقد بات الفساد المستشري في حزب العدالة والتنمية علنياً، كما أنّ الخلافات السياسية في تركيا عميقة جداً. الأكراد والأرمن والعلويون والمسيحيون والعلمانيون في المجتمع يعيشون تحت الضغط. يرغب حزب العدالة والتنمية في إنشاء دكتاتورية إردوغان في نهاية المطاف. ويبرز حزب الشعوب الديمقراطية كبديل قوي لفئات مضطهدة في المجتمع. في عالم يتعزّز فيه التواصل، تؤثر جميع هذه الحركات الاجتماعية في بعضها البعض كما أنها مترابطة. وقد أثّر انتصار سيريزا في اليونان المجاورة على العمّال في بلادنا.

المونيتور:  تعتمد أمور كثيرة على نجاح عملية السلام، ومع اقتراب نوروز ]رأس السنة الإيرانية في 21 مارس/آذار[، ما هي مخاوفك؟ سمعنا كثيراً عن مطالب حاسمة من الزعيم الكردي المعتقل عبد الله أوجلان حول المحافظة على دور المرأة في عملية السلام. هل لديك أي أفكار منيرة في هذا السياق لقرائنا الأعزاء؟

يوكسكداغ:  يشكّل اعتبار الدولة التركية لقائد حزب العمال الكردستاني أوجلان كنظير لها علناً نقطة تحوّل في عملية السلام. إنّ قنوات التواصل مفتوحة وحزب الشعوب الديمقراطية منخرط فعلياً في العملية. ولكنّ همّنا الأساسي هو محاولة حزب العدالة والتنمية إطالة العملية. خلال سنتين من عملية السلام، لم يتخذ هذا الأخير أي خطوات ناجعة وتابع استعدادات الحرب من ناحيته. كما أنّه جعل عملية السلام تتزامن مع الانتخابات. ويهدف حزب العدالة والتنمية إلى المحافظة على وقف إطلاق النار حتى انتهاء الانتخابات لتأمين الانتصار. وقد فشل في الالتزام بأبسط البنود المتفق عليها مثل إطلاق سراح المعتقلين المرضى. يعرقل هذا الأمر عملية السلام ويزعزع ثقة الناس بها.

بالنسبة لأوجلان، مشاركة النساء في الحياة السياسية أمر مهمّ وينعكس ذلك في قسم "المطالب الاجتماعية" في الاتفاق من 10 بنود الذي تمّ بين حزب العدالة والتنمية والوفد الكردي. وتحت قسم المطالب الاجتماعية، ثمّة بند يضمن دعم حركة تحرّر المرأة.

المونيتور:  نجح حزب الشعوب الديمقراطية في ضمّ مجتمع السحاقيات والمثليين ومزدوجي الميول الجنسية والمتحولين جنسياً تحت لوائه بعد أن كانت هذه الفئة من الناس منبوذة في الساحة السياسية التركية. متى توصّلت إلى قناعة بأنّ حزب الشعوب الديمقراطية قادر على أن يكون حزباً ممثلاً في كامل تركيا وليس فقط في كردستان؟

يوكسكداغ:  أُنشئ حزب الشعوب الديمقراطية كحزب لجميع المظلومين وجميع الناس. فالجميع ممثل فيه. علينا أن نتقبّل بأنّ مجتمع المثليين هو أمر واقع. نشرك جميع الفئات بما فيها أفراد هذا المجتمع بحسب مهاراتهم على جميع الأصعدة. لذا يشعرون بأنّه مرحّب فيهم بيننا. من الصعب جمع فئات بهذا الاختلاف الشاسع في المجتمع ولكن لطالما آمن حزب الشعوب الديمقراطية بحركة متحدة للمظلومين على هذه الأراضي. ولهذا تمّ تأسيسه وليس نجاحنا وتأثيرنا على المجتمع إلّا نتيجة هذه القوة الموحدة.

المونيتور:  طلب إردوغان من الشعب التصويت لجمع 400 نائب لحزب التنمية والعدالة في استحقاق يونيو/حزيران. وهذا يشكّل 75% من التصويت الوطني الإجمالي. فسّر الرئيس المناوب في الحزب أنّ هذا الأمر معقول فقط إذا بقي حزب الشعوب الديمقراطية وحزب الحركة القومية تحت عتبة 10% في التصويت. ماذا سيفعل حزب الشعوب الديمقراطية لتفادي هذا السيناريو؟

يوكسكداغ:  بالفعل، إردوغان يحتاج إلى 400 نائب لوضع دستور جديد وهذا سيرسّخ دكتاتوريته. من هنا يأتي التحريض. إذا وقع قتال في الشوارع، تخفّ ثقة الشعب فينا. وقد واجهنا مناوشات سياسية شبيهة في السابق. لقد كرّرنا أنّنا لن نكون حزباً لأيّ نوع من القتال وأنّ قتالنا ضدّ النظام. نتحضّر لمواجهة نعرات محتملة لقاعدتنا السياسية ونتواصل مع نظرائنا القوميين المتطرفين والأكراد الإسلاميين. لدينا ملايين الداعمين وندين لهم بالتغلّب على خدع حزب العدالة والتنمية والانتصار في صناديق الاقتراع.

Join hundreds of Middle East professionals with Al-Monitor PRO.

Business and policy professionals use PRO to monitor the regional economy and improve their reports, memos and presentations. Try it for free and cancel anytime.

Already a Member? Sign in

Free

The Middle East's Best Newsletters

Join over 50,000 readers who access our journalists dedicated newsletters, covering the top political, security, business and tech issues across the region each week.
Delivered straight to your inbox.

Free

What's included:
Our Expertise

Free newsletters available:

  • The Takeaway & Week in Review
  • Middle East Minute (AM)
  • Daily Briefing (PM)
  • Business & Tech Briefing
  • Security Briefing
  • Gulf Briefing
  • Israel Briefing
  • Palestine Briefing
  • Turkey Briefing
  • Iraq Briefing
Expert

Premium Membership

Join the Middle East's most notable experts for premium memos, trend reports, live video Q&A, and intimate in-person events, each detailing exclusive insights on business and geopolitical trends shaping the region.

$25.00 / month
billed annually

Become Member Start with 1-week free trial
What's included:
Our Expertise

Memos - premium analytical writing: actionable insights on markets and geopolitics.

Live Video Q&A - Hear from our top journalists and regional experts.

Special Events - Intimate in-person events with business & political VIPs.

Trend Reports - Deep dive analysis on market updates.

We also offer team plans. Please send an email to pro.support@al-monitor.com and we'll onboard your team.

Already a Member? Sign in