تتعقب الحكومة العراقية خيوط الصلة بين "دولة العراق الإسلامية"، الفرع التابع لتنظيم "القاعدة"، وبين جبهة النصرة، الناشطة في الثورة السورية المسلحة ضد نظام بشار الأسد.
وكانت وزارة الخارجية الأميركية وضعت في سبتمبر 2012 "جبهة النصرة" على لائحة الإرهاب، وقال السفير الأميركي في دمشق، روبرت فورد، الذي زار بغداد، أخيراً، لـ"مونيتر"، إن "مقاتلي الجبهة يشكلون أقل من ثلث المقاتلين المعارضين للأسد".
ويتداول سياسيون عراقيون من ائتلاف دولة القانون، الذي يقود الحكومة، تقارير عن أن جبهة النصرة تمثل "العصب العراقي" في التشكيلات المسلحة للمعارضة السورية.
وتشعر الأحزاب الشيعية بالقلق من أن يؤثر انتقال مقاتلين سابقين للقاعدة في العراق، إلى مسرح الأحداث في سوريا.
ويقول مسؤول أمني رفيع في مكتب القائد العام للقوات المسلحة العراقية، لـ"مونيتر" أن الحكومة حصلت، أخيراً، على معلومات مؤكدة بشأن انتقال مسلحين في "دولة العراق الإسلامية"، خاصة الجناح المقرب من أبو مصعب الزرقاوي، زعيم التنظيم السابق الذي قتل في العام 2007، إلى سوريا، عبر الحدود المحاذية من جهة الانبار والموصل.
وفي التظاهرات التي اندلعت أخيراً في المحافظتين ذات الغالبية السنية، ضد رئيس الحكومة نوري المالكي، رفع عدد من المتظاهرين السنة أعلام الجيش السوري الحر، واعتبرت الحكومة ذلك مؤشراً على طبيعة توجهات ومطالب تلك التظاهرات.
وأكد المسؤول الأمني في مكتب المالكي، الذي طلب عدم ذكر اسمه، إن "انتقال المسلحين لا يتم بطريقة عشوائية إلى سوريا (...) هناك مخطط عال المستوى لتحويل نشاط دولة العراق الإسلامية إلى سوريا".
وعلى ما يقول المسؤول، وهو سياسي مقرب من رئيس الحكومة نوري المالكي، إن قيادات عراقية رفيعة توفر الدعم اللوجستي والمادي الكافي لنقلهم، وقال "المقاتلون العراقيون يحصلون على جوازات سفر، فيما يجري التنسيق مع معابر حدودية لتسهيل إجراءات سفرهم إلى سوريا".
وقال عضو في ائتلاف دولة القانون الشيعي أن "خيوط جبهة النصرة السورية تمتد إلى العراق، وأنها ستكشف تورط سياسيين في تصدير المقاتلين".
ومنذ اندلاع الثورة السورية ضد نظام حزب البعث في دمشق، أعلنت الحكومة تأييدها للحل السياسي، محذرة من ""استمرار دعم أنقرة والدوحة للمعارضة المسلحة"، لكن سياسيين سنة يرون أن الخطاب السياسي العراقي يحاكي الموقف الإيراني من الملف السوري، وان سقوط الأسد متوقف حالياً على "ما توفره دول، من بينها العراق" من دعم ومساندة".
وكانت الحرب الأهلية العراقية بين عامي 2006 و2007، شهدت توافد مقاتلين سوريين إلى العراق، وكانت حكومة المالكي اتهمت النظام السوري حينها بتسهيل عبورهم إلى العراق.
ويعتقد المسؤول العراقي الأمني في مكتب المالكي أن "انتقال المقاتلين العراقيين إلى سوريا يعد جزءاً من رد الجميل للسوريين الذين يقاتلون نظام بشار الأسد".
وأخبر السفير الأميركي روبرت فورد "مونيتر" بأن "جبهة النصرة تشكل أقل من ثلث المقاتلين، وهناك غيرها كتائب مسلحة في سورية لديها دور مهم في القتال ضد النظام". وعد فورد إعلان واشنطن وضع الجبهة على لائحة الإرهاب كان مثل "إطلاق صفارة إنذار". لكنه "نفى ان تكون الخارجية الأمريكية منحت المالكي أدلة على انتقال عراقيين للقتال في سوريا"، واكد أنها تبحث معه باستمرار "احتياطات مرحلة ما بعد الأسد".