مدينة غزّة - قطاع غزّة: تسابق إسرائيل الزمن في إكمال مشروع بناء الجدار العازل على طول حدودها مع قطاع غزّة، وبدأ الجيش الإسرائيليّ في 3 شباط/فبراير الجاري، المرحلة الثالثة والأخيرة من بناء الجدار، عبر إقامة سياج فولاذيّ بطول 65 كيلومتراً وارتفاع 6 أمتار.
وبدأ الجيش الإسرائيليّ في أيلول/سبتمبر من عام 2016، ببناء جدار عازل مع قطاع غزّة يتكوّن من 3 مراحل: المرحلة الأولى تتمثّل في بناء حاجز تحت الأرضّ بطول 60 كيلومتراً لمحاربة أنفاق الفصائل الفلسطينيّة التي تخترق الأراضي الإسرائيليّة (بدأت في سبتمبر 2016، وتشارف على الانتهاء)، والمرحلة الثانية بناء حاجز بحريّ بطول 200 متر وارتفاع 6 أمتار على الحدود البحريّة الشماليّة لقطاع غزّة (بدأت في مايو 2018 وانتهت في 1 يناير 2019)، والمرحلة الثالثة بناء سياج فولاذيّ على طول الحدود الإسرائيليّة مع قطاع غزّة.
وتبلغ تكلفة المشروع بمراحله الثلاث حوالى 3 مليارات شيكل (833 مليون دولار)، واستخدم الإسرائيليون في بناءه الخرسان المسلح وأجهزة الاستشعار.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو في تغريدة عبر "تويتر" بـ3 شباط/فبراير الجاري: "خلال عطلة نهاية الأسبوع، بدأنا ببناء حاجز فوق الأرض على طول حدود قطاع غزّة، والذي سيحول دون وصول الإرهابيّين من غزّة إلى أراضينا".
أضاف: "إذا لم يتمّ الحفاظ على الهدوء في غزّة، فإنّنا لن نتردّد في التصرّف".
واتّخذ الجيش الإسرائيليّ تدابير أمنيّة تتمثل في نشر قوات عسكرية قرب العمال وطائرات بدون طيار في المناطق التي بدأ عمّال إسرائيليّون العمل فيها لبناء الجدار، وذلك بعد تخوّفات من محاولات فصائل فلسطينيّة استهداف العاملين في بناء ذلك الجدار، الذي من المتوقّع الانتهاء من بنائه نهاية عام 2019.
وذكرت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، في 3 شباط/فبراير الجاري، أنّ الجدار الذي سيزن 20 ألف طنّ من الفولاذ سيقام على بعد عشرات الأمتار من السياج الحدوديّ الحاليّ، الذي سيبقى مكانه ولن تتمّ إزالته عقب الانتهاء من السياج الجديد.
وأكّد القائد العسكريّ البارز في لجان المقاومة الشعبيّة الفلسطينيّة في غزة المعروف بـ"أبو أحمد" خلال حديث لـ"المونيتور" أنّهم في الفصائل الفلسطينيّة لديهم من الإمكانيّات العسكريّة والهندسيّة ما يمكّنهم من اختراق ذلك الجدار، سواء أكان تحت الأرض أم فوقها.
وأوضح أنّ الفصائل الفلسطينيّة استطاعت خلال السنوات الماضية تجاوز الكثير من العقبات التي وضعها الجيش الإسرائيليّ أمامها لمنع تنفيذ عمليّات مسلّحة، والتي كان أبرزها تحصين مواقعه العسكريّة على طول الحدود مع قطاع غزّة أمام القذائف الصاروخيّة الموجّهة، عبر زراعة آلاف الأشجار التي تحجب الرؤية أمام الفلسطينيّين.
وشكّلت عمليّة استهداف الباص، الذي يقلّ عدداً من الجنود الإسرائيليّين في موقع عسكريّ إسرائيليّ شمال شرق قطاع غزّة بـ13 تشرين الثاني/نوفمبر من عام 2018، بصاروخ موجّه أطلقته عناصر مسلّحة من الجناح المسلّح لحركة "حماس"، تحدّياً جديداً أمام الجيش الإسرائيليّ.
وذكر القياديّ في حركة "حماس" حماد الرقب خلال حديث لـ"المونيتور" أنّ المقاومة تعرف جيّداً كيف تتغلّب على ذلك الجدار وغيره من الإجراءات التي اتّخذها الجيش الإسرائيليّ على طول الحدود مع قطاع غزّة، وقال: "بناء الجدار له أهداف أخرى غير الجوانب العسكريّة تتمثّل في تأكيد إسرائيل سلوكها العنصريّ تجاه الشعب الفلسطينيّ، من خلال نظام الفصل العنصريّ الذي بدأته في الضفّة الغربيّة عبر بناء الجدار العازل هناك لخنق الفلسطينيّين وسرقة أرضهم. وحاليّاً، بناء الجدار العازل على طول الحدود مع قطاع غزّة هو نظام مشابه تماماً لنظام الفصل العنصريّ، الذي كان في جنوب إفريقيا".
أضاف: "إسرائيل، بعد إتمامها ذلك الجدار، تكون قد أحكمت حصارها البريّ والبحريّ المتواصل على قطاع غزّة منذ عام 2007، والذي أصابت أضراره (الحصار) كلّ فئات وقطاعات الفلسطينيّين في قطاع غزّة".
ولفت إلى أنّ الشعب الفلسطينيّ قرّر أن يكسر ذلك الحصار بالطرق السلميّة عبر "مسيرات العودة وكسر الحصار"، التي بدأها في نهاية آذار/مارس من عام 2018.
ورغم امتداح بعض الإسرائيليّين مشروع الجدار العازل، إلاّ أنّ مسؤولين كباراً في الجيش الإسرائيليّ أكّدوا لصحيفة "هآرتس" في 13 أيلول/سبتمبر من عام 2018 أنّ الجدار لن ينهي تهديد أنفاق "حماس" الأرضيّة بالكامل، ولم يستبعدوا أن تقوم الحركة باختراقه مستقبلاً.
واستبعد رئيس كليّة العودة الجامعة للدراسات الأمنيّة في قطاع غزّة هشام المغاري خلال حديث لـ"المونيتور" أن يشكّل السياج الأمنيّ، الذي بدأت إسرائيل بتشييده، عائقاً أمام الفصائل الفلسطينيّة المسلّحة في تنفيذ عمليّات عسكريّة مستقبلاً، وقال: "لدى الفصائل الفلسطينيّة الأدوات العسكريّة، التي من خلالها يمكن التغلّب على ذلك الجدار، سواء أكان تحت الأرض أم فوقها أم في البحر".
الفصائل الفلسطينية لم تكشف عن أدواتها.. ولكن الخبراء يرجحون تفجير الجدار أو ضربه بالصواريخ الموجهة.
واعتبر أنّ أحد أهداف إسرائيل من الإعلان عن بدء بناء السياج يعود إلى تحقيق أهداف سياسيّة تتمثل في إرسال رسالة إلى الفلسطينيّين بأنّها تقوم بترسيم حدود دائمة لها، وذلك على غرار ما قامت به على طول حدودها مع مصر والأردن وسوريا ولبنان من تشييد سياج فولاذيّ.
أمّا الخبير العسكريّ واللواء الفلسطينيّ المتقاعد يوسف الشرقاوي فأوضح في حديث لـ"المونيتور" أنّ العمليّات المسلّحة، التي نفّذتها الفصائل الفلسطينيّة خلال حرب عام 2014، وتحديداً حركة "حماس"، أجبرت إسرائيل على التفكير في بناء ذلك الجدار العازل، منعاً لتكرار تلك العمليّات المسلّحة.
وتوافق يوسف الشرقاوي مع سابقه في عدم نجاعة ذلك الجدار بالقضاء على أنفاق الفصائل الفلسطينيّة أو عمليّاتها المسلّحة، متوقعاً أنّ تقوم الفصائل الفلسطينيّة بالعمل على استراتيجية من شأنها التغلب على أي حاجز يشيده الجيش الإسرائيلي.