القاهرة - استحوذت شركة "فالكون" للحراسات الخاصّة في مصر على شبكة قنوات "الحياة" (خاصّة)، إثر صفقة عقدت في 13 أيلول/سبتمبر من عام 2017 بين مجموعة "تواصل"، إحدى الشركات التابعة لمجموعة "فالكون"، وشركة "سيجما للإعلام" بقيمة مليار و400 مليون جنيه (80 مليون دولار).
وأشار الجانبان في بيان مشترك إلى أنّ اتفاق البيع ينصّ على "شراء مجموعة تواصل شبكة قنوات الحياة وأصولها بالكامل من شركة سيجما للإعلام".
وكانت تأسّست شركة "فالكون" في عام 2006 لتقديم الخدمات الأمنيّة، ويديرها اللواء شريف خالد، وهو وكيل سابق لجهاز المخابرات الحربيّة المصريّة، وتصاعد دورها عقب ثورة 25 كانون الثاني/يناير، واستطاعت إبرام تعاقد مع وزارة التعليم العاليّ في 12 تشرين الأوّل/أكتوبر من عام 2014 لتأمين نحو 12 جامعة مصريّة. كما تعاقدت في 22 أغسطس/آب من عام 2017 مع وزارة الكهرباء للقيام بقراءة العدّادات، وتوسّع نشاطها لتعلن عن إطلاق شركة "تواصل" للعلاقات العامّة والإعلام في 31 تمّوز/يوليو من عام 2017.
وبدأت مجموعة "فالكون" نشاطها الإعلاميّ في مصر بإطلاق إذاعة DRN في 19 تمّوز/يوليو من عام 2017، فيما نشرت أنباء صحافيّة في 28 آب/أغسطس من عام 2017 عن شراء "فالكون" قناة العاصمة (خاصّة).
وأبدت منظّمة "مراسلون بلا حدود" في 5 أيلول/سبتمبر من عام 2017، تخوّفاً من دخول هذه الشركة الأمنيّة إلى الحقل الإعلاميّ، وقالت: إنّ رجال أعمال مقرّبين من الحكومة وأجهزة المخابرات يسيطرون على عدد من المؤسّسات الإعلاميّة المصريّة.
وأشارت المنظّمة إلى استحواذ رجل الأعمال أحمد أبو هشيمة المعروف بعلاقاته مع أجهزة الأمن المصريّة على قناة "أون تي في"، إضافة إلى ملكيّته 4 مؤسّسات صحافيّة مصريّة، على رأسها: "اليوم السابع" و"صوت الأمّة" و"عين" وموقع "دوت مصر". كما ألمحت إلى قناة DMC، التي وصفتها بـ"صوت المخابرات".
وعلّق عضو مجلس نقابة الصحافيّين عمرو بدر، عقب الإعلان عن صفقة "فالكون" في صفحته على "فيسبوك" بـ13 أيلول/سبتمبر من عام 2017 قائلاً: "بهذه الصفقة، لم تعد هناك قناة في مصر خارج سيطرة السلطة وأجهزتها".
ولفت إلى أنّ النظام الحاليّ لديه قناعة بأنّ السيطرة على الإعلام هي جزء مهمّ من السيطرة على المجتمع والعقول، مشيراً إلى أنّه لن يكون هناك صوت مسموع في مصر، إلاّ من ترضى عليه السلطة.
من ناحيته، قال الناشر والكاتب الصحافي هشام قاسم: "يجب أن نكون واضحين، فالوسائل الإعلاميّة المصريّة مملوكة بالكامل للمخابرات الحربيّة، والمخابرات العامّة لها نصيب أيضاً".
وعزا هشام قاسم في حديث هاتفيّ مع "المونيتور" مسؤوليّة ما يحدث في الحقل الإعلاميّ إلى الرئيس المصريّ عبد الفتّاح السيسي، إذ قال: "السيسي يدير مصر طبقاً للمدرسة العسكريّة واستعان برجال المخابرات لإدارة المشهد الإعلاميّ المصريّ.
واستدلّ على ذلك بتدشين المتحدّث العسكريّ السابق للقوّات المسلّحة العميد محمّد سمير شركة جديدة متخصّصة في الإنتاج وتنظيم المؤتمرات.
وكان المتحدّث السابق باسم الجيش المصريّ العميد محمّد سمير قد انتهت فترة خدمته في 1 كانون الثاني/يناير من عام 2017 ليتولّى منصب نائب رئيس مجلس إدارة قناة العاصمة، وذلك بعد 15 يوماً من تركه المنصب، وأعلن في 13 أيلول/سبتمبر من عام 2017 عن إنشاء شركة إعلاميّة لصناعة النجوم.
ولفت هشام قاسم إلى أنّ إدارة المنظومة الإعلاميّة المصريّة بهذه الطريقة ستؤدّي إلى الانهيار، مشيراً إلى أنّ نسب المشاهدة ضعيفة، ودلّل على ذلك بأنّ كلّ عمليّات الاستحواذ لم تنفع في تحسين صورة عبد الفتّاح السيسي، وتراجعت شعبيّته على نحو فادح.
من جهته، قال عضو الهيئة الوطنيّة للإعلام حمدي الكنيسي في حديث هاتفيّ مع "المونيتور": ليس معنى أنّ "فالكون" تقدّم خدمات أمنيّة، أنّها لا تقدّم خدمات أخرى، وأيّ عسكريّ سابق يدخل في العمل الإعلاميّ لا يعني أنّ المخابرات هي من تدير الإعلام.
أضاف: "في مصر هناك وسائل إعلاميّة لديها استقلاليّة، حتى وإن كان ممولّوها مرتبطين بالنظام.
وبسؤاله عمّا إذا كان السيسي ينزعج من الانتقادات، قال: "من حقّ الرئيس أن يقلق عندما يجد آراء لديها أجندة، ولكن هذا لا يعني أنّه سيقوم بوقف أو بمنع أحد من التعبير عن رأيه".
وأوضح حمدي الكنيسي أنّ مصر ليست الدولة الوحيدة التي تحجب بعض المواقع الصحافيّة، مشيراً إلى أنّ هناك مواقع تعتبر بالغة الخطورة، ووصفها بأنّها "معول هدم".
ومنذ وصل السيسي إلى الحكم في 8 حزيران/يونيو من عام 2014، كسرت أقلام عدّة لصحافيّين كبار، حيث منعوا من الكتابة في الصحف المصريّة مثل علاء الأسواني وبلال فضل. وكذلك، أعلن مقدّمو برامج مستقلّون عزوفهم عن العمل الإعلاميّ في مصر لما يمثله من مخاطر على حياتهم، بسبب الضغوط الأمنيّة، وأبرزهم: يسري فودة وباسم يوسف.
ويبدو السيسي دائم الانزعاج والشكوى من الإعلام إلى حدّ يدفعه إلى الاعتراض علناً على ما يكتبه الصحافيّون أو يقوله الإعلاميّون، بل يطالب بالبحث عن وسائل أخرى للانتقاد.
وكانت الأمم المتّحدة عبّرت عن قلق بالغ في 30 آب/أغسطس من عام 2017 ممّا وصفته بالاعتداء المستمرّ على حريّة التعبير من قبل الحكومة المصريّة، وذلك في شأن توسيع قائمة المواقع الإلكترونيّة التي أغلقتها السلطات المصريّة أو حجبتها".
وبحسب مؤسّسة "حريّة الفكر والتعبير"، لقد ارتفع عدد المواقع المحجوبة في مصر إلى 432 على الأقلّ، من بينها موقعا "مراسلون بلا حدود" و"هيومن رايتس ووتش".