مدينة غزّة - على مدار نحو 14 عاماً، لم تنقطع الصحافيّة نيلّلي المصري عن تغطية مباريات كرة القدم في قطاع غزّة، فكانت الأولى على مستوى فلسطين من بين الصحافيّات الّلواتي تخصّصن في مجال الإعلام الرياضيّ في بداية العام 2001.
لقد عملت المصري، البالغة من العمر 38 عاماً، في إذاعات وصحف فلسطينيّة وعربيّة عدّة مثل اذاعتي الحرية وألوان الفلسطينيتين وصحيفتي الحياة الجديدة المحلية والشرق القطرية، وهي ترى ألاّ فرق بين الصحافيّ أو الصحافيّة في التّغطيات الرياضيّة، فكلاهما يجتهد لنقل الصورة وإثبات نفسه، وقالت لـ"المونيتور": "لم تواجهني صعوبات كثيرة، رغم أنّي كنت الصحافيّة الوحيدة الّتي بادرت واخترقت حدود الملاعب في مجتمع يرفض في الأساس عمل المرأة في الوظائف والمجالات غير التقليديّة، لكن ما ساعدني في هذا الأمر أنّي نشأت في بيت رياضيّ، ووالدي في الأساس كان لاعب منتخب فلسطين في ستينات القرن الماضي ومدرّباً لكرة القدم. لذلك، فإنّ بعضاً من ظروفي يختلف عن معظم الصحافيّات".
وتمنّت المصري، الّتي نالت عضويّة اللّجنة الإعلاميّة في اتّحاد غرب آسيا لألعاب القوى ونائب رئيس لجنة رياضة المرأة في اللّجنة الأولمبيّة الفلسطينيّة، أن تتوسّع تجربة الصحافيّات الرياضيّات داخل الملاعب الفلسطينيّة، مشيرة إلى أنّها تعمل على توجيه صحافيّات حديثات العهد في الإعلام الرياضيّ ودعمهنّ ليتواجدن بقوّة داخل الملاعب.
وقالت: "هناك اهتمام لمسته من بعض الصحافيّات والخرّيجات الجديدات، وحبّهن للمجال الرياضيّ، ومنهنّ من تواصلت معي. لذلك، أتمنّى على المؤسّسات الإعلاميّة الكثيرة في غزّة أن تهتمّ بالإعلام الرياضيّ على اعتبار أنّه جزء مهمّ من منظومة الإعلام الفلسطينيّ، إضافة إلى أنّي أؤيّد مبدأ التخصّص في الصحافة".
ورغم قلّة أعداد الصحافيّات الرياضيّات في قطاع غزّة، غير أنّ هذا الأمر لم يبعدهنّ عن الإبداع وتقلّد المناصب الرّفيعة، إذ تعمل الصحافيّة الرياضيّة تغريد العمور، منذ عام 2012، مديرة تنفيذيّة في إذاعة "ألوان" الرياضيّة التي انطلقت في سبتمبر من العام ذاته، وهي الإذاعة الرياضيّة الأولى الّتي أُنشئت في قطاع غزّة.
ودخلت تغريد العمور، البالغة من العمر 37 عاماً، معترك الإعلام الرياضيّ منذ عام 2006 كمقدّمة برنامج رياضيّ صباحيّ في إذاعة "ألوان" العامّة، لتترك بصمتها في ما بعد لدى جمهور الرياضة في غزّة، حينما بدأت تحليل مباريات كأس العالم وتغطيتها في عام 2010، وقالت لـ"المونيتور": "استضفت في الاستوديوهات أحد الزملاء الإعلاميّين الرياضيّين المعروفين لمتابعة البطولة وتقديم نتائجها إلى المستمعين، ليتوّج الحلم بتواجدي بقوّة في هذا المجال من خلال تسلّمي منصب المديرة التنفيذيّة لإذاعة ألوان الرياضيّة في عام 2012".
إنّ المحطّة النوعيّة الّتي انتقلت إليها العمور كانت منذ أن بدأت عملها كمراسلة تلفزيونية لقناة "الرياضيّة السعوديّة" في عام 2014 إذ أنه بانتقالها للعمل التلفزيوني والظهور للجمهور عبر الفضائيات كان بمثابة تحقيق جزء كبير من حلمها في الاعلام الرياضي.
أضافت: "أعتبر نفسي أنّي ما زلت في خطواتي الأولى إضافة إلى محاولتي تسليط الضوء على الجوانب الرّائعة لمسيرة الرياضة الفلسطينيّة بكلّ الرياضات".
من جهته، قال رئيس رابطة الصحافيّين الرياضيّين الفلسطينيّين حسين عليان لـ"المونيتور": إنّ عدد الصحافيّات الرياضيّات المنتسبات إلى الرّابطة لا يتجاوز الـ12 صحافيّة من مجمل عدد المنتسبين البالغ عددهم 110 صحافيّاً.
وأكّد عليان أنّ هناك محاولات من قِبل رابطته لتشجيع الصحافيّات للتخصّص في الإعلام الرياضيّ، إذ أنّ أولى تلك المحاولات بدأت في عام 2012 من خلال تنظيم دورات متخصّصة في الإعلام الرياضيّ للصحافيّات فقط، وقال: "إضافة إلى أننا ابتعثنا بعض الصحافيات للمشاركة في دورات إقليميّة ودوليّة متخصّصة".
وأشار إلى أنّ انتخابات رابطة الصحافيّين الرياضيّين في عام 2010 تعتبر النّقلة النوعيّة في مجال دعم الصحافيّات الرياضيّات، إذ حصلت إحدى الإعلاميّات الرياضيّات على أعلى الأصوات في انتخابات الرّابطة وعيّنت كمسؤولة عن شؤون الصحافيّات الرياضيّات.
ورغم الحركة الرياضيّة القويّة في قطاع غزّة ووجود صحافيّات استطعن فرض أنفسهنّ على السّاحة الرياضيّة، غير أنّ وفق عليان فإنّ العادات والتّقاليد ما زالت تقف عائقاً أمامهنّ، وقال: "ينظر في قطاع غزّة إلى الصحافيّات الرياضيّات نظرة مختلفة عن الصحافيّين، حيث أنّ التّركيبة الاجتماعيّة والمكوّن العشائريّ والدينيّ المحافظ في غزّة يفرضان قيوداً كبيرة على عمل الصحافيّة في مجال التّغطيات الرياضيّة".
وإنّ النّّظرة المجتمعيّة القاصرة لعمل الصحافيّة في المجال الإعلاميّ، ترجمت في بعض المؤسّسات الإعلاميّة الرياضيّة في قطاع غزّة من خلال خلوّها من أيّ صحافيّة رياضيّة.
وفي هذا السّياق، أكّد المدير التنفيذيّ لمؤسّسة "أمواج" الرياضيّة ماهر حميد أنّهم لم يستعينوا بأيّ صحافيّة رياضيّة في مؤسّستهم الّتي تتبع لها إذاعة ومحطّة تلفزيونيّة أرضيّة متخصّصتان في الإعلام الرياضيّ، عازياً السبب إلى قلّة الصحافيّات الرياضيّات في القطاع، فيما يعملن جميعهنّ في مؤسّسات أخرى.
وأشار حميد لـ"المونيتور" إلى أنّ سبب عزوفهم أيضاً عن توظيف صحافيّات هو اعتماد معظم الأنشطة الرياضيّة المحليّة على الرياضيّين الرّجال فقط، وقال: "بعض الصحافيّات دخلن المجال الرياضيّ، نظراً إلى حاجة بعض قنوات الرياضة العالميّة إلى فتاة متخصّصة وليس إلى شاب، والأخريات اللّواتي يعملن في الفضائيّات العربيّة هنّ إعلاميّات وغير متخصّصات في الرياضة".
ورغم العوائق الاجتماعيّة وعدم إعطاء بعض المؤسّسات الإعلاميّة لهن فرصاً حقيقيّة، إلاّ أنّ الصحافيّات الرياضيّات في غزّة، وعلى قلّة أعدادهنّ، استطعن منافسة الرّجل بقوّة في الإعلام الرياضيّ.