تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

هل أنقذت الفتوى الشيعية بغداد من "الدولة الإسلامية"؟

يرصّ الشيعة العراقيون صفوفهم لإنقاذ العاصمة من "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش)، من دون ظهور واضح للمقاتلين الإيرانيين.
Mehdi Army fighters loyal to Shi'ite cleric Moqtada al-Sadr stand during a military-style training in Najaf June 20, 2014. Iraqi forces were massing north of Baghdad on Friday, aiming to strike back at Sunni Islamists whose drive toward the capital prompted the United States to send military advisers to stiffen government resistance.  REUTERS/Alaa Al-Marjani (IRAQ - Tags: CIVIL UNREST POLITICS MILITARY) - RTR3UW3C

بغداد - إنها معركة من دون مستقبل، فلا النصر ولا النهاية يلوحان في الأفق في ظلمة النفق العراقي؛ حربٌ جديدة تضيف إلى مجموعة الحروب في الشرق الأوسط مزيداً من التعقيدات، والكثير من إراقة الدماء، ووضعاً قائماً جديداً يُهدّد مستقبل المنطقة.

في العراق، الجميع تقريباً قلقون بشأن المستقبل، الشخصي والجماعي على السواء. يتخوّفون من أن خريطة الشرق الأوسط الجديد تُرسَم على جثثهم، وأن دماءهم هي الحبر.

يقول ناصر، وهو صحافي مخضرم غطّى جميع الأزمات التي حلّت بالعراق منذ الاجتياح الأميركي عام 2003: "كانت الدولة على وشك الانهيار في ذلك اليوم عندما دخل تنظيم داعش ("الدولة الإسلامية" المعروف سابقاً بـ"الدولة الإسلامية في العراق والشام") الموصل"، مضيفاً: "أنقذنا المرجع الديني عبر إعلان الجهاد؛ لو لم يفعل ذلك، لدخل تنظيم داعش بغداد".

آخر مرة أصدر فيها الأئمة في النجف فتوى للدعوة إلى الجهاد كانت في العام 1920، خلال الثورة العراقية ضد البريطانيين، ما يعني أن الفتوى الأخيرة هي الثانية في غضون قرن تقريباً. وحّد عنصر المفاجأة العراقيين، على الرغم من أن الفتوى قسمتهم من جديد بين مؤيّد ومعارِض. يقول نائب في كتلة "متّحدون" التي يقودها رئيس البرلمان المنتهية ولايته أسامة النجيفي: "لست أفهم السبب خلف اتّخاذ هذه الخطوة؛ سوف تؤجّج الفتنة المذهبية"، مضيفاً: "كان يجب إصدار مثل هذه الفتوى عندما اجتاحت الولايات المتحدة العراق، وليس الآن. يمكن تسوية جزء من هذه المشكلة عن طريق السياسة: جميعنا ضد داعش الذي هو تنظيم إرهابي، لكن ثمة حاجة حقيقية إلى رسم خط فاصل بين من لديهم مطالب ويتعرّضون للقمع منذ سنوات وبين الإرهابيين".

التقيت الشيخ محمد، الذي نصّب نفسه قائداً على لواء "البيعة الكبرى" الذي أنشئ بعد 24 ساعة على صدور الفتوى، وهو رجل دين يعتمر عمامة على رأسه ويرتدي زياً عسكرياً. قال لي: "لديّ ألف مقاتل؛ جميعهم جاهزون ليموتوا الآن إذا طلب منهم المرجع ذلك".

سألته من أين يحصل على السلاح والمال كي يدفع لرجاله، فأجاب: "نستخدم موارد محلية. نملك جميعنا أسلحة في منازلنا. نوظّف كل طاقاتنا من أجل الحفاظ على الأمان في المنطقة التي نتولّى حمايتها"، شارحاً: "تتمركز مجموعتي في الجزء الجنوبي من بغداد. نحرس البوابة الجنوبية للعاصمة، على بعد بضعة كيلومترات من مواقع الإرهابيين". أضاف: "أحاول الوصول إلى رئيس الوزراء نوري المالكي للحصول على الدعم منه كي نتمكّن من مواصلة عملنا".

تخطّت أعداد المتطوّعين، بحسب الأرقام الرسمية، ثلاثة ملايين في مختلف أنحاء العراق. بعضهم جنود قدامى حاربوا مع الجيش السابق، فيما قاتل البعض الأخرى مع مجموعات حاربت الجيش الأميركي خلال مرحلة الاحتلال. قال الشيخ محمد لموقع "المونيتور" إن عملية التجنيد تبدأ بتقويم المتطوعين وتنتهي بنشرهم في الميدان: "يتحقّق الجيش من إمكانات كل متطوّع؛ يُرسَل المقاتلون المتمرّسون مباشرةً إلى الجبهة، ومن يملكون خبرة محدودة يحصلون على القليل من التدريب ثم يُرسَلون إلى مناطق أقل خطورة ليكونوا تحت إشراف الجيش، أما من لا يملكون أي خبرة على الإطلاق فعليهم الخضوع لتدريب طويل ويُكلَّفون بمهمات لوجستية".

كان علي أن أقطع مسافة ساعة تقريباً للقاء متطوعين حقيقيين على الجبهة، وتحديداً في مدينة العظيم على بعد مئة كيلومتر (62 ميلاً) من بغداد. هناك، تحت أشعة الشمس الحارقة، التقيت الرقيب أول مرتضى موسوي الذي كان يضع ضمادة على عينه بعد تعرّضه لإصابة جرّاء انفجار عبوة ناسفة على قارعة الطريق الأسبوع الماضي. يروي: "لدي نحو 500 متطوّع معي هنا. إنهم شجعان جداً وجاهزون لفعل أي شيء"، مضيفاً: "الفتوى هي التي دفعت هؤلاء الأشخاص إلى التخلّي عن كل شيء وحمل السلاح لمحاربة أعداء الله والأمة".

خلال زيارتنا إلى المنطقة، كان الجيش ينفّذ عملية بالتعاون مع الميليشيات الشيعية والمتطوّعين. كانت أصوات الطلقات النارية مسموعة بوضوح، وكل خمس دقائق، كانت قذيفة هاون تسقط في مساحة مفتوحة في المنطقة المحيطة بنا.

كان "فيلق بدر" و"عصائب أهل الحق" المجموعتين الميليشياويتين الأساسيتين اللتين تقاتلان في المنطقة التي عادا إليها مؤخراً، ومن المعلوم أنهما يحصلان على الدعم من إيران، لكننا لم نلتقِ بإيرانيين في الميدان. قال موسوي عندما سألته عن الميليشيات: "لا يحتاج العراقيون إلى أحد للقتال بالنيابة عنهم؛ نحتاج إلى الخبرات والأسلحة واللوجستيات، إنما ليس إلى عناصر بشرية، ولذلك لن تجدوا أجانب يقاتلون إلى جانبنا".

على مقربة من مدينة العظيم، بُني مخيم تدريبي لاستقبال مئات المتطوعين الذين بدأوا بالانضمام إليه منذ أسبوعين للمشاركة في القتال. أحدهم هو سجاد الحسني، محارب قديم في الخامسة والأربعين من العمر. يروي أنه جاء من الديوانية، جنوب شرق بغداد، لقتال "داعش"، قائلاً: "جئت إلى هنا للدفاع عن الدين والمذهب. أتوا للهجوم على كربلاء والنجف". يتابع: "حاربت ضد حزب البعث في التسعينيات، وبعد العام 2003 انضممت إلى المقاومة ضد الأميركيين. والآن أنا جاهز، أكثر من أي وقت مضى، للاستشهاد. إنها الحرب المقدّسة بامتياز".

Join hundreds of Middle East professionals with Al-Monitor PRO.

Business and policy professionals use PRO to monitor the regional economy and improve their reports, memos and presentations. Try it for free and cancel anytime.

Already a Member? Sign in

Free

The Middle East's Best Newsletters

Join over 50,000 readers who access our journalists dedicated newsletters, covering the top political, security, business and tech issues across the region each week.
Delivered straight to your inbox.

Free

What's included:
Our Expertise

Free newsletters available:

  • The Takeaway & Week in Review
  • Middle East Minute (AM)
  • Daily Briefing (PM)
  • Business & Tech Briefing
  • Security Briefing
  • Gulf Briefing
  • Israel Briefing
  • Palestine Briefing
  • Turkey Briefing
  • Iraq Briefing
Expert

Premium Membership

Join the Middle East's most notable experts for premium memos, trend reports, live video Q&A, and intimate in-person events, each detailing exclusive insights on business and geopolitical trends shaping the region.

$25.00 / month
billed annually

Become Member Start with 1-week free trial
What's included:
Our Expertise

Memos - premium analytical writing: actionable insights on markets and geopolitics.

Live Video Q&A - Hear from our top journalists and regional experts.

Special Events - Intimate in-person events with business & political VIPs.

Trend Reports - Deep dive analysis on market updates.

We also offer team plans. Please send an email to pro.support@al-monitor.com and we'll onboard your team.

Already a Member? Sign in