ربما رحّب بعض السنّة العراقيين في الموصل ومدن أخرى بتنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش) اعتقاداً منهم أنه يحمل إليهم التحرير رداً على سلطوية رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي والسياسات المذهبية التي يمارسها في العلن، كما كتب حارث القروي وسواه لموقع "المونيتور".
وقد كتب عمر الجفال الأسبوع الماضي من العراق أن 14 فصيلاً على الأقل، بينها فصائل تابعة لحزب "البعث" الذي كان بقيادة الرئيس العراقي السابق صدام حسين، انضمّت إلى قوات "داعش" في حملتها العسكرية في العراق.
وكذلك كتب إدوارد دارك (اسم مستعار) أن هذا الاحتضان المتردّد لتنظيم "داعش" يحيي ذكريات مأسوية ومألوفة لدى كثيرين في مسقط رأسه في حلب. ويتوقّع أن السنّة العراقيين الذين ربما رحّبوا في البداية بمقاتلي "داعش" اعتقاداً منهم أنهم سيحرّرونهم، سوف يندمون على هذا التحرير على أيدي الإرهابيين:
"يبدو أن السنّة في العراق الذين يدعمون تنظيم داعش اليوم سيواجهون المصير نفسه الذي لقيه السنّة الداعمون للثوار في سوريا، فيما يقاتلون ضد نظام يعتبرونه طائفياً وقمعياً. فاستعدادهم لرصّ صفوفهم مع قوى الشر من أجل هزم خصومهم سوف يُحوِّل قريباً نشوة التحرير المستجِد إلى الإدراك المخيف الذي سيستوطن لديهم شيئاً فشيئاً بأنهم تعرّضوا للاستغلال ووقعوا فريسة مجموعة إرهابية انتهازية مصمّمة على إحياء إقطاعية ثيوقراطية من القرون الوسطى تحكمها قوة همجية وقمع وحشي، وتترافق مع قطع الرؤوس، والرجم بالحجارة، والصلب. الأكيد هو أنه مع صعود حظوظ "داعش" في العراق، تتقدّم حظوظهم أيضاً في سوريا. فهم يعتبرون أنهم يقاتلون في دولة إسلامية واحدة وواسعة لا حدود لها".
لقد أدرك سكان حلب أنه ليس للإرث الذي يتركه "داعش" أي علاقة بالحرية أو التحرير. التنظيم هو فقط مرادف للإرهاب والأيديولوجيا الهمجية، وليس أكثر. يخشى أبناء حلب، بحسب دارك، أن يعود "داعش"، بدفع من نجاحاته العسكرية في العراق، إلى حملته السورية مشحوناً بزخم متجدّد.
لم تنحسر مأساة حلب مع الأنباء الواردة من العراق.
ينقل محمد الخطيب رواية مباشرة ومؤثّرة جداً عن معاناة الضحايا في ليلة شهدت إلقاء براميل متفجّرة في حلب:
"يبدأ الأهالي بنبش الركام بحثاً عن عالقين، دقائق تمر وبعدها يصل عناصر الدفاع المدني ومعهم جرافتهم الوحيدة التي يستعملونها في كل مكان يتعرض للقصف. يقف أبو محمد رجل في الأربعين من العمر باكياً، فأقاربه عالقون تحت الأنقاض. يقترب من الدمار ويصيح بأعلى صوته محاولاً إسماع من تحت الركام، من ثم يصمت الجميع. يسمع أبو محمد صوتاً ما. ‘لا زال أحدهم على قيد الحياة’ يصرخ الرجل ويشير لعناصر الدفاع المدني بالحفر في مكان محدد يظنه فوق غرفة النوم. ثلاث ساعات من العمل جرى خلالها إخراج أربع جثث. لم ينجُ أحد، فالمبنى ذو الطوابق الخمسة قد انهار فوق رؤوس ساكنيه".
تشكّل معاناة السوريين العاديين حافزاً لمعاذ الخطيب، الرئيس السابق للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، كي يكمل حملته من أجل التوصّل إلى حل سياسي للنزاع السوري عن طريق التفاوض.
يقول الخطيب الذي أصبح الآن عضواً مستقلاً في المعارضة السورية، في مقابلة حصرية مع "المونيتور" في الدوحة: "التواصل مع كل الأطراف ضروري، ولا يمكن تجاوز الأطراف الفاعلة جميعها"، بما في ذلك النظام السوري وإيران.
وأضاف: "ما زلت أدعو إلى التفاوض المباشر مع النظام وعدم انتظار المؤتمرات الدوليّة التي تُعقد كلّ عدّة أشهر وتكلّف الشعب السوري هذا الوقت والكثير من الدماء. فالتفاوض هو مبدأ وليس موضوعاً تكتيكيّاً".
لكن "مبدأ" الخطيب عن التفاوض لا تشاطره إياه كل الشخصيات المعارِضة السورية.
فقد اعتبر حسان الهاشمي، رئيس المكتب السياسي لجماعة "الإخوان المسلمين" في سوريا، في مقابلة حصرية مع "المونيتور"، أن إيران "غير جديرة بالثقة"، وأنه يجب تجنّب إجراء مباحثات مع طهران.
أما في ما يتعلق بالاستراتيجية الأميركية لمكافحة الإرهاب في المنطقة، فيقترح جيوفري أرونسون أنه يتعين على إدارة باراك أوباما، إزاء توغّل تنظيم "داعش" في العراق، أن تفتح بعد طول انتظار قناة للتعاون مع النظام السوري في مجال مكافحة الإرهاب من أجل التصدّي لصعود "داعش" في سوريا والعراق على السواء. ويختم قائلاً:
"من المؤكّد أن [بشار] الأسد، من جهته، لم يسهّل، من خلال إدارته للحرب، اتّخاذ مثل هذا القرار. ليس المقصود حدوث مصافحة أو عناق. بإمكان الولايات المتحدة أن تعمل عن طريق وسطاء، على غرار روسيا، من أجل الإبقاء على مسافة سليمة في العلاقات بما يُتيح لواشنطن أن تقول ‘لسنا نتعامل مع النظام السوري’. لكن ذلك يتطلّب إقراراً بأن السياسة الأميركية تعترف وأخيراً بأنه بإمكان دمشق أن تؤدّي دوراً في التصدّي للتطوّرات التي تشكّل التهديد الأقوى للمصالح الأميركية في الشرق الأوسط في الذاكرة الحديثة".
"داعش" في لبنان؟
أسفر تفجير انتحاري عند حاجز تفتيش عسكري خارج بيروت في 20 حزيران/يونيو الجاري استهدف اللواء عباس ابراهيم، المدير العام للأمن العام اللبناني، الذي نجا من الهجوم، عن مقتل شخصَين على الأقل وإصابة عشرين آخرين بجروح.
يشكّل الهجوم الإرهابي دليلاً صارخاً على الخطر الذي يُهدّد لبنان جراء انتشار تنظيم "داعش" في المنطقة.
قبل أربعة أيام من التفجير، كتب جان عزيز عن التهديدات الإرهابية المتعاظمة التي تحدق بالبلاد جراء تقدّم تنظيم "داعش" في العراق. بعد الإشارة إلى العديد من الحوادث الأمنية "المتفرّقة" التي وقعت في لبنان منذ 10 حزيران/يونيو الجاري، تاريخ سيطرة "داعش" على الموصل، كتب عزيز:
"يدرك الجميع أن تنظيم داعش السني الأصولي يستهدف في ما يستهدف لبنان. وذلك لأسباب عقائدية ومذهبية. فتعبير ‘الشام’ الوارد في اسمه لا يعني سوريا الرسمية الحالية. بل يعني منطقة المشرق العربي الذي يضم لبنان أيضاً. فضلاً عن صراعه المذهبي مع تنظيم حزب الله الشيعي. وهو ما تجسد سابقاً في سلسلة العمليات التفجيرية والانتحارية التي طاولت مناطق شيعية لبنانية في شكل خاص".
حفل تسليم جائزة "رائد الإعلام الحر" من معهد الصحافة الدولي
شارك نحو 200 شخص في المؤتمر العالمي الذي نظّمه معهد الصحافة الدولي في كيب تاون في جنوب أفريقيا من 12 إلى 15 نيسان/أبريل الماضي.
في 14 نيسان/أبريل، كرّم معهد الصحافة الدولي "المونيتور" بمنحه جائزة "رائد الإعلام الحر"، واختار الصحافي الإيراني ما شاء الله شمس الواعظين "البطل العالمي لحرية الصحافة" لعام 2014.
يمكنكم مشاهدة مقطع فيديو عن حفل توزيع الجوائز، بما في ذلك الكلمة التي ألقاها كل من جمال دانيال، المؤسس ورئيس مجلس الإدارة والمسؤول التنفيذي الأول في "المونيتور"، وميشيل آبتون، نائبة رئيس "المونيتور" ومديرة التحرير، لمناسبة تسلّم الجائزة.