تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

كيف يواجه أهل الضاحية الجنوبيّة التفجيرات والتهديدات؟

Women walk past as Lebanese army soldiers, gather at the site of Tuesday's explosion, in the Haret Hreik area in the southern suburbs of the Lebanese capital Beirut January 22, 2014. A suicide bomber killed four people on Tuesday in a residential neighbourhood of southern Beirut known for its support of Shi'ite military and political group Hezbollah, security sources said. REUTERS/Sharif Karim (LEBANON - Tags: POLITICS CIVIL UNREST) - RTX17PH5

لم يعد خافياً على أحد أن التفجيرات الإرهابيّة التي استهدفت الضاحية الجنوبيّة لبيروت والبقاع منذ صيف العام 2013 والتي تبعها تهديد كلّ من "جبهة النصرة في لبنان" و"الدولة الإسلاميّة في العراق والشام" (داعش) باعتداءات جديدة في المناطق الشيعيّة التي تشكّل بيئة حاضنة لحزب الله، قد أربكت سكان هذه المناطق وخصوصاً في الضاحية والبقاع.

بل يمكن القول إن عدداً كبيراً من السكان المدنيّين الآمنين صاروا يعيشون "فوبيا" الانفجارات وينتظرون بخوف الانفجار التالي، على الرغم من وجود فئة كبيرة منهم مؤيّدة لحزب الله على المستويَين الديني والسياسي. وتعتبر هذه التضحيات ضروريّة في خدمة هذا الخط السياسي–الديني، وهي تضحيات في سبيل الله لحفظ مذهب أهل بيت النبي في مواجهة الأصوليّين الوهابيّين التكفيريّين.

أحمد حسام، مهندس ديكور مناصر لحزب الله. هو يقيم في منطقة حارة حريك في الضاحية الجنوبيّة التي استهدفت بأربعة انفجارات في خلال نحو ستة أشهر، كانت حصيلتها أكثر من 35 قتيلاً وعشرات الجرحى. يقول لـ"المونيتور" إنه يسلّم أمره لله ويتّكل عليه ولا يفكر في الانفجار التالي وكيف يتجنّبه. يضيف أنه يعرف أن من شبه المستحيل منع التفجيرات الانتحاريّة، متوقّعاً استمرارها في المدى المنظور.

علي مهدي، تاجر يملك متجراً للألبسة في شارع بئر العبد في حارة حريك. هو يشكو لـ"المونيتور" تأثّر تجارته بالتفجيرات الأخيرة نتيجة خوف بعض الزبائن من زيارة المنطقة وعدم تمكّن زبائن آخرين من ركن سياراتهم بسبب الإجراءات الأمنيّة المطبّقة فيها. ويقول علي إن التجارة تراجعت في لبنان منذ بداية الأزمة السوريّة لكنها تزداد سوءاً كلما طالت الأزمة وكلما امتدت شرارة الحرب أو التفجيرات إلى لبنان، وخصوصاً إلى الضاحية. لكنه – مع ذلك – يعتبر أن هذه ضريبة ينبغي دفعها في هذه الحرب الوحشيّة ضدّ "المقاومة" وبيئتها الحاضنة وأن المال يهون أمام تضحيات الشهداء والجرحى.

من جهتها، تسكن روان حسين وعائلتها في الشارع العريض الذي استُهدف بتفجيرَين انتحاريَّين، في خلال شهر كانون الثاني/يناير الجاري. وقد نجوا بأعجوبة في التفجير الأخير. تقول لـ"المونيتور" إنها تبحث عن منزل للإيجار في خارج الضاحية الجنوبيّة، خشية استهداف الشارع مرّة ثالثة.

كثيرون من أهالي الضاحية بخاصة في حارة حريك لا يشاطرون روان توجّهها إلى الهروب من المنطقة، بل إن بعض أصحاب المحال قد وضعوا أكياس رمل كنوع من التحصين لمتاجرهم ولحماية أنفسهم وأرواح الموظفين والزبائن في حال تكرار مثل هذه الاعتداءات الانتحاريّة.

أحد أصحاب المتاجر في الشارع نفسه يروي كيف قُتل أحد أصدقائه في أثناء جلوسه إلى جانبه في متجره، لدى وقوع التفجير الأخير في 21 كانون الثاني/يناير الجاري.

ولا يخفي عدد كبير من السكان أنهم يقومون باعتماد طرق التفافيّة لتجنّب المرور في داخل شوارع الضاحية، خصوصاً بعد تحذير "جبهة النصرة في لبنان" في 24 كانون الثاني/يناير الجاري في بيان من أن مناطق تواجد حزب الله هي "هدف مشروع"، داعية السنّة في لبنان إلى "عدم الاقتراب" منها.

والبيان الذي نشرته "الجبهة" على صفحتها على موقع "تويتر"، أعلن أن "حزب إيران (حزب الله) بجميع مقراته ومعاقله الأمنيّة والعسكريّة هدف مشروع لنا حيثما وُجد"، مشيراً إلى أن الحزب "ينتشر في المناطق المأهولة بعوام الناس" وداعياً أهل السنّة في لبنان "عدم الاقتراب أو السكن في مناطقه [حزب الله] أو قرب مقراته وتجنب تجمعاته ونقاط تمركزه".

فيعلّق مصدر مقرّب من حزب الله طلب عدم الكشف عن اسمه على هذا البيان قائلاً لـ"المونيتور" إن "البيان الإرهابي التحريضي المذهبي جاء بعد سقوط عدد من الشهداء المدنيّين من إخواننا السنّة اللبنانيّين والسوريّين في تفجيرات الضاحية". ويستغرب المصدر كيف ساوى رئيس تيار المستقبل سعد الحريري ما بين حزب الله وتنظيم القاعدة في بيانه الذي رفض فيه زجّ أهل السنّة في الحرب ما بين حزب الله و"القاعدة"، وهو ساوى بذلك بين المجرم والضحيّة.

ويوضح المصدر نفسه أن حزب الله يتّخذ تدابير أمنيّة في الضاحية الجنوبيّة والبقاع والجنوب وبيروت، لكنه لا يعلن عنها لضمان سريّتها من جهة ولمفاجآة الإرهابيّين من جهة أخرى. ويشير إلى أن حزب الله بالتعاون مع الأجهزة الأمنيّة اللبنانيّة وخصوصاً استخبارات الجيش اللبناني، قد تمكّن من تفكيك عدد من السيارات المفخّخة واعتقال بعض الإرهابيّين ومشاريع الانتحاريّين ومطاردة البعض الآخر والاشتباك معهم، لكن هذه العمليات لا يعلن عنها.

إلى ذلك ينفي المصدر نفسه تسريبات نشرتها بعض الصحف والمواقع عن نقل العديد من مراكز الحزب ومساكن بعض القيادات إلى خارج الضاحية الجنوبيّة، معتبراً أن الحزب قد تخلى عما كان يسمّى "المربّع الأمني" بعدما دمّر العدوان الإسرائيلي معظم مبانيه في حرب تموز/يوليو – آب/أغسطس 2006 وأصبحت غالبية مراكزه سريّة، باستثناء عدد من المقرات الإعلاميّة والاجتماعيّة.

ويشير المصدر إلى صعوبة عمل الأجهزة الأمنيّة اللبنانيّة ضدّ المجموعات الإرهابيّة التي تضمّ سوريّين ولبنانيّين وفلسطينيّين بسبب وجود بيئة حاضنة لهم من جهة، وتوفّر غطاء سياسي وديني مذهبي لبعض المطلوبين منهم يعيق عمل هذه الأجهزة من جهة أخرى. ويذكر هنا المصدر نفسه باعتصام عدد من رجال الدين أمام وزارة الدفاع اللبنانيّة يوم الأحد في 26 كانون الثاني/يناير الجاري للمطالبة بإطلاق الشيخ عمر الأطرش الموقوف لدى استخبارات الجيش اللبناني بتهمة نقل انتحاريّين وسيارات مفخّخة، وذلك قبل استكمال التحقيق وقيام القضاء بإعلان حكمه ببراءة المتّهم أو تجريمه.

ويشكو المصدر المقرّب من حزب الله من أن الاستقطاب السياسي والمذهبي يعيق عمل الأجهزة الأمنيّة ويمنعها – على سبيل المثال – من منع الإرهابيّين من التسلل عبر الحدود السوريّة إلى جرود عرسال ومن ثم إلى البقاع وبيروت لتفجير السيارات المفخّخة. كذلك فإن الاستقلال الأمني للمخيمات الفلسطينيّة ووجود بؤر للجماعات الإرهابيّة في بعضها يزيد الأمر صعوبة، وخصوصاً في مخيّم عين الحلوة وحيّ التعمير. ويشير المصدر نفسه إلى خروج الانتحاري الأخير من مخيّم صبرا في بيروت باتجاه حارة حريك حيث فجّر نفسه.

ويؤكد المصدر أن خروج سيارات مفخّخة من سوريا عبر جرود عرسال إلى لبنان أو من بعض المخيمات الفلسطينيّة، لا يعني اتهاماً لأهالي عرسال أو أهالي المخيمات، وإنما يشير إلى ضرورة تعاون فعاليات البلدة وأهاليها والفصائل الفلسطينيّة في المخيمات بصورة أنجع مع الأجهزة الأمنيّة اللبنانيّة لمنع الإرهابيّين من استغلال هذه الثغرات لزرع الفتنة بين السنّة والشيعة وبين الفلسطينيّين واللبنانيّين.

ويخلص المصدر نفسه إلى أن الإجراءات الأمنيّة الوقائيّة وعمليات مطاردة الإرهابيّين لا تكفي وحدها لمنع التفجيرات الإرهابيّة أو التقليل منها، إنما ثمّة ضرورة لتشكيل حكومة توافق وطني جامعة تضمّ جميع المكوّنات السياسيّة في لبنان، كي تمنح الجيش اللبناني غطاء واسعاً للتحرّك ضدّ هذه الجماعات الإرهابيّة في أوكارها وعدم انتظار ضرباتها والقيام بتوصيفها وتبيان مواصفات السيارات وأرقامها وأسماء أصحابها الحقيقيّين وأسماء الانتحاريّين في حال عُرفوا، وذلك بعد فوات الأوان.

وكان لافتاً التسجيل الصوتي الذي أعلن عبره أبو سياف الأنصاري من مدينة طرابلس في شمال لبنان، مبايعته لأمير تنظيم "الدولة الإسلاميّة في العراق والشام" (داعش) أبو بكر البغدادي، والذي حدّد فيه الأهداف التي تتمثل في محاربة حزب الله والجيش اللبناني الذي وصفه بـ"الجيش الصليبي". فهذا التسجيل وقبله تبنّي "كتائب عبد الله عزام" و"داعش" لتفجيرات الضاحية وحارة حريك وتهديد "جبهة النصرة في لبنان"، كلها دلائل تؤكد وجود تنظيم القاعدة في لبنان عبر فروع ومسمّيات مختلفة، خلافاً لمحاولات بعض السياسيّين ورجال الدين تكذيب ذلك واعتبارها تلفيقات استخباريّة تستهدف النيل من بعض "المجاهدين" من أهل السنّة في لبنان الذين يقومون بخدمات اجتماعيّة للنازحين السوريّين أو - في أقصى حدّ - بدعم الثورة السوريّة والقتال معها، بحسب قولهم.

Join hundreds of Middle East professionals with Al-Monitor PRO.

Business and policy professionals use PRO to monitor the regional economy and improve their reports, memos and presentations. Try it for free and cancel anytime.

Already a Member? Sign in

Free

The Middle East's Best Newsletters

Join over 50,000 readers who access our journalists dedicated newsletters, covering the top political, security, business and tech issues across the region each week.
Delivered straight to your inbox.

Free

What's included:
Our Expertise

Free newsletters available:

  • The Takeaway & Week in Review
  • Middle East Minute (AM)
  • Daily Briefing (PM)
  • Business & Tech Briefing
  • Security Briefing
  • Gulf Briefing
  • Israel Briefing
  • Palestine Briefing
  • Turkey Briefing
  • Iraq Briefing
Expert

Premium Membership

Join the Middle East's most notable experts for premium memos, trend reports, live video Q&A, and intimate in-person events, each detailing exclusive insights on business and geopolitical trends shaping the region.

$25.00 / month
billed annually

Become Member Start with 1-week free trial
What's included:
Our Expertise

Memos - premium analytical writing: actionable insights on markets and geopolitics.

Live Video Q&A - Hear from our top journalists and regional experts.

Special Events - Intimate in-person events with business & political VIPs.

Trend Reports - Deep dive analysis on market updates.

We also offer team plans. Please send an email to pro.support@al-monitor.com and we'll onboard your team.

Already a Member? Sign in