أثارت اشتباكات مسلّحة بين "جيش المهدي" و"عصائب أهل الحقّ" في شرق بغداد، قلقاً بالغاً من عودة الصراعات المسلّحة إلى الشارع.
وكان مسلّحون من الطرفَين قد اشتبكوا في الثالث من آب/أغسطس الجاري في مدينة الصدر شرق العاصمة، على خلفيّة مشادة كلاميّة بين القيادي في جيش المهدي جاسم الحجامي والقيادي في عصائب أهل الحقّ سامي سالم.
وروى الملازم في الشرطة في مدينة الصدر سجاد عبدلي ما جرى لـ"المونيتور" قائلاً إن "سامي سالم قام بإطلاق النار على الحجامي، ما أسفر عن مقتل الأخير على الفور. لكن عناصر من جيش المهدي هاجموا سالم واقتادوه إلى جهة مجهولة".
وتابع عبدلي أن "حادثة اختطاف القيادي في عصائب أهل الحقّ أدّت إلى اندلاع اشتباكات ما بين الطرفَين، انتهت بمقتل أحد أفراد أهل الحقّ".
ووصلت أخبار اشتباكات مدينة الصدر إلى غرب العاصمة، حيث منطقة الحريّة ذات الغالبيّة الشيعيّة والتي تضمّ مؤيدين لجيش المهدي وآخرين لعصائب أهل الحقّ.
فنشبت على الأثر اشتباكات مسلّحة في المدينة، لكنها سرعان ما انتهت وقد حُسِم النزاع وفقاً للتقاليد العشائريّة التي تفرض دفع مبالغ ماليّة تعرف بـ"الفدية" لعائلات القتلى، ليتمّ التراضي.
وتعتبر حركة أهل الحقّ التي يقودها قيس الخزعلي إحدى الجماعات المنشقّة عن التيار الصدري الذي يعدّ جيش المهدي الجناح العسكري له، وهي على خلاف دائم مع التيار.
ويصف زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر عناصر "عصائب أهل الحقّ" بأنهم مجموعة "قتلة ولا دين لهم"، بينما تقول "العصائب" إن اتهامات الصدر لها "محاولة للتسقيط السياسي".
وتردّدت أنباء عن قيام مقتدى الصدر في الخامس من آب/أغسطس الجاري بإغلاق مكتبه الخاص في مدينة النجف (جنوب غرب بغداد)، احتجاجاً على الاشتباكات.
لكن الصدر أعلن في بيان رسمي أصدره في اليوم التالي في السادس من آب/أغسطس، أنه اعتزل العمل السياسي لأنه وبحسب ما يقول "لا يريد أن يكون شريكاً في أي مؤامرة ضدّ العراقيّين".
وأعطى اعتزال الصدر انطباعاً يفيد بصعوبة السيطرة على الذراع العسكري للتيار، جيش المهدي.
وقال عضو سابق في جيش المهدي في حديث إلى "المونيتور"، إن "بعض الشخصيات البارزة في الجناح العسكري لتيار مقتدى الصدر أصدرت قراراً سريّاً بعد حادثة تهريب عناصر تنظيم القاعدة من سجنَي أبو غريب والتاجي، يقضي بتولّي جيش المهدي حماية مناطق الشيعة من هجمات عنيفة متوقّعة".
وتابع العضو السابق الذي فضّل عدم الكشف عن هويّته أن "القرار تسبّب بخلافات حادّة داخل جيش المهدي والهيئة السياسيّة لتيار الصدر، وأن اتصالات هاتفيّة مكثّفة أجريت لمنع أي تحرّك ميداني لجيش المهدي من شأنه زعزعة الأوضاع".
ووصف العضو السابق الذي كان ناشطاً في جيش المهدي في الفترة الممتدّة ما بين العامَين 2006 و 2008، "تلك القيادات في جيش المهدي بأنها الأكثر تطرفاً وميلاً إلى استعمال السلاح، وهي تعتقد بأن الحكومة التي يقودها الشيعة برئاسة نوري المالكي فشلت في حماية أبناء الطائفة من هجمات المتطرّفين السنّة، وعليهم هم أن يقوموا بفعلٍ ما إزاء ذلك".
وحول امتلاك جيش المهدي سلاحاً حتى بعد إعلان مقتدى الصدر تجميده في العام 2009، ردّ العضو السابق مؤكّداً أن "السلاح موجود لدى قيادات جيش المهدي. وفي الآونة الأخيرة صار واضحاً أنهم يملكون قطعاً كثيرة منه، خصوصاً مع الحديث عن حرب محتلمة مع عصائب أهل الحقّ".
ويتحوّل جيش المهدي إلى مسألة مقلقة بالنسبة إلى تيار مقتدى الصدر، الذي يعمل جاهداً ليتحوّل إلى فصيل سياسي غير مسلّح.
لكن صعوبات حقيقيّة تحول دون تحقيق طموحات الصدر، أهمّها أن العديد من قيادات جناحه العسكري يتميّزون بالميل إلى العنف وبالمشاعر الطائفيّة، وهم يعتقدون أن الشيعة في خطر دائم وعليهم الاستعداد دوماً للقتال.
وتشغل هذه المسألة الهيئة السياسيّة للتيار، إذ يجد قادة مقرّبون من مقتدى الصدر أن التحضير للانتخابات البرلمانيّة المقرّر إجراؤها في العام 2014 تقضي بإقصاء جيش المهدي من المشهد السياسي.