قرّر رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي وهو قائد القوّات المسلّحة العراقيّة مساء 16 حزيران/ يونيو الجاري، تحريك نحو ثمانية آلاف جندي عراقي باتجاه الحدود العراقيّة-السوريّة والعراقيّة-الأردنيّة، قبل أيام قليلة من انتخابات محليّة في مدنيتَي الموصل والأنبار.
وقال مسؤول عسكري بارز في المكتب العسكري للمالكي، في حديث إلى "المونيتور" إن "أربعة أفواج من القوّات البريّة يضمّ كلّ واحد منها نحو ألفَي جندي، وصلت بحماية من المروحيات المقاتلة إلى الشريط الحدودي مع الأردن وسوريا".
وقال المسؤول وهو ضابط رفيع يشرف على الأمن في المحافظات السنيّة، إن "الهدف من نقل الجنود إلى الحدود هو تأمين المناطق العراقيّة المحاذية للحدود، ومنع تسلّل المقاتلين إلى الداخل".
وتابع المسؤول الذي فضّل عدم الكشف عن هويّته، أن "القوّات وصلت أخيراً إلى الحدود مزوّدة بأسلحة ثقيلة متطوّرة"، من دون أن يكشف عن المزيد من التفاصيل.
وكانت محافظة الموصل قد أعلنت في وقت سابق وصول تعزيزات عسكريّة إلى المدينة لحماية الناخبين الذين سيدلون بأصواتهم في محافظتَي الرمادي والموصل المحاذيتَين لسوريا، في 17 حزيران/يونيو.
وكان اليوم ذاته 16 حزيران/يونيو، قد شهد سلسلة تفجيرات في العراق استهدفت مناطق متفرّقة من وسط البلاد وجنوبها، تسكنها غالبيّة شيعيّة، فيما وصفت الأمم المتّحدة أعمال العنف تلك بأنها "عديمة الرحمة".
وأسفرت التفجيرات باستخدام سيارات مفخّخة عن مقتل 30 شخصاً، بينهم عناصر من الشرطة.
وقالت الشرطة إن أشدّ الهجمات وقعت في مدينة الكوت الشيعية، بالقرب من العاصمة العراقيّة بغداد، حيث استهدفت منطقة صناعيّة وكذلك تجمعاً لعمّال في قطاع البناء.
وبدا واضحاً أن التفجيرات تستهدف المدنيّين، إذ انفجرت سيّارتان مفخّختان في الوقت نفسه تقريباً في منطقة تسوّق في مدينة البصرة الشيعيّة أيضاً، ما أدّى إلى مقتل خمسة أشخاص.
وأودت سيارة مفخّخة أخرى بحياة سبعة على أقلّ تقدير، في مدينة النجف الشيعيّة.
والشهر الماضي، كان الأكثر دمويّة منذ العام 2008، حيث سجّل فيه مقتل 1045 شخصاً من المدنيّين وعناصر الأمن.
لكن هذه التفجيرات تأتي مع هدف مختلف هذه المرّة، بحسب ما رأى قائد أمني مساعد للمالكي في مكتب القائد العام للقوّات المسلّحة.
فأكّد المستشار السنّي في قطاع أمن مكتب القائد العام للقوّات المسلّحة زهير الجلبي، في حديث إلى "المونيتور" أن لديه "معلومات عن خطّة جديدة لتنظيم القاعدة في العراق تهدف إلى إجبار الجيش على التمركز في المدن التي تحدث فيها تفجيرات وأعمال وعنف".
وقال الجلبي إن "المسلّحين يريدون تخفيف الضغط المفروض عليهم على الحدود من قبل الجيش العراقي منذ أشهر عدّة".
أضاف أن "التفجيرات في العراق تزداد كلما تعرّض المقاتلون السوريّون المعارضون لنظام بشار الأسد إلى ضربات عسكريّة موجعة، كما حدث في معركة القصير".
وزعم الجلبي أن "قيادة جبهة النصرة في العراق تضمّ ضباطاً من الجيش العراقي السابق وأجهزة أمن واستخبارات رئيسه الراحل صدام حسين. وهم يشرفون حالياً على عمليات التنسيق بين المقاتلين في العراق وسوريا".
وتابع "الجيش العراقي يقوم بعمليات أمنيّة لقطع خطوط الاتصال بين المسلحين على الجانبَين".
لكن الجلبي رئيس مجلس إسناد محافظة نينوى، وهو تشكيل أمني تابع للمالكي، أكّد أن تسلّل المسلحين لا يتمّ عبر المنافذ الحدوديّة، بل يكون عبر أراضٍ شاسعة تشكّل الشريط الحدودي الطويل بين العراق وسوريا".
في المقابل، قال عضو مجلس محافظة الأنبار سعدون الشعلان لـ"المونيتور"، إن "المواجهات المسلحة على طول الحدود بين القوات العراقيّة ومسلحين من الجانب السوري تتزايد على نحو متصاعد".
لكنه أعرب عن اعتقاده بأن الجيش العراقي لا يستطيع مواجهة المسلحين في الصحراء لأنه لا يمتلك الخبرة في العمل داخل بيئة بريّة قاسية".