تحاول كتلة "العراقية" التي يتزعمها رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي، الحصول على مكاسب سياسية عشية الانتخابات المحلية، من احتجاجات السنة في العراق.
واختارت، هذه المرة، الضغط على المالكي بتقويض جلسات مجلس الحكومة، إذ أعلنت "العراقية"، أخيراً، أنها جمدت حضور وزرائها في الاجتماعات الأسبوعية إلى حين تلبية مطالب المتظاهرين السنة.
وتتولى كتلة العراقية إدارة ثماني وزارات في تشكيلة الحكومة وهي المالية والكهرباء والصناعة والمعادن والعلوم والتكنولوجيا والزراعة والتربية والاتصالات ووزارة الدولة لشؤون المحافظات، إضافة إلى منصب نائب رئيس الوزراء لشؤون الخدمات.
لكن هذه المناورة ليست جديدة. سبق وان لجأت إليها كتلة "العراقية" في أزماتها مع رئيس الحكومة نوري المالكي. في العام 2011 فعلت ذلك احتجاجاً على عدم تولي زعيم الكتلة إياد علاوي منصب رئيس مجلس استشاري له صلاحيات محددة في التشريع والمراقبة. وعاد وزراء علاوي إلى الحكومة، من دون أن يستجيب المالكي لمطالبهم.
وبعد اندلاع احتجاجات السنة في العراق ضد الحكومة، انضم عدد من زعماء "العراقية" إلى ساحات التظاهر في الرمادي والموصل وسامراء، في محاولة للحصول على حضور فاعل فيها. لكنهم، غالباً، ما يواجهون رفضاً من قبل رجال الدين الناشطين في تحريك السنة الغاضبين.
وفي وقت مبكر من يوم 22 يناير 2012 اجتمع وزارة العراقية في مكتب صالح المطلك، نائب رئيس الحكومة، وهو قيادي سني في العراقية، وأعلنوا الاتفاق على مقاطعة جلسات الحكومة، وقال مكتب المطلك لـ"مونيتر" أن القرار " موقف سياسي رافض لسياسة الإقصاء والتهميش والتجاهل لمطالب الشارع".
ويقول مكتب المطلك أن الوزراء المقاطعين "سيستمرون في أداء أعمالهم اليومية في المكاتب الرسمية في الوزارات، ومقاطعة اجتماعات الحكومة لن تنتهي إلا بتحقيق مطالب المتظاهرين".
وقد يستثمر القادة السنة في كتلة "العراقية" قرار المقاطعة لتحقيق ضغط مضاعف على المالكي. ويقول حامد المطلك، وهو نئب في البرلمان عن كتلة "العراقية"، في مؤتمر صحافي، حضرته الـ"مونيتر"، إن كتلة العراقية تطالب التحالف الوطني "الشيعي" إلى اختيار حكومة بديلة.
ويعتقد المطلك أن الأحزاب الشيعية "تماطل في تلبية المطالب" التي وصفها بـ"المشروعة". وينسجم هذا الموقف مع رأي أنصار رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر. إذ يقول السياسي بهاء الاعرجي أن "عدم تلبية مطالب المتظاهرين المشروعة سيؤدي إلى تفاقم الأزمة".
لكن ائتلاف "دولة القانون" الشيعي، الذي يتزعمه نوري المالكي، يواجه ضغوط "العراقية" بمزيد من غض الطرف. ويحيل تكتيكهم السياسي إلى دفع خارجي.
يقول حسن السنيد، وهو نائب في البرلمان العراقي وقيادي في ائتلاف "دولة القانون" إن "دولا إقليمية تقف وراء ما يجري في بعض المحافظات من تظاهرات، وان العراقيين يدركون جيدا ذلك".
ويرى السنيد أن "الكتلة العراقية ليست هي من يدير التظاهرات لأنها في وضع لا يحسد عليه". ويجزم بأن المالكي لن يقر أي قانون يطلق يد الإرهابيين لقتل العراقيين مرة أخرى مهما بلغت الضغوط"، في إشارة إلى قانون العفو العام، ومكافحة الإرهاب.
في المقابل، يحاول المالكي التعجيل بتقديم المزيد من التنازلات، بضغط فاعل من المرجعية الدينية في النجف، على أمل تبريد غضب السنة، ومنع كتلة إياد علاوي من استثمار التظاهرات كورقة ضغط في لعبة الانتخابات المحلية.
لهذا أعلن حسين الشهرستاني، نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة والنفط، "إحالة 28590 معاملة لبعثيين مشمولين بقانون هيئة المساءلة والعدالة إلى دائرة التقاعد".
لكن وزير العدل، حسن الشمري، وهو قيادي في حزب الفضيلة الإسلامي، قال في مؤتمر صحافي، حضرته الـ"مونيتر"، أن "الأشخاص الذين تقرر إطلاق سراحهم من السجون العراقية سيكونون معرضين للاعتقال مرةً أخرى لو ارتكبوا عملاً إجرامياً أو أظهرت اعترافات جديدة ضده".
في هذا المناخ السياسي المعقد تحاول كتلة "العراقية" تجاوز مشاكلها السياسية، والغياب المثير لزعيمها علاوي، وتعتقد ان الضغط على المالكي، في هذه اللحظة السياسية الحرجة بالنسبة إليه، فرصة جيدة لكسب أوراق لعب جديدة عشية انتخابات مجالس المحافظات.