القاهرة — أدّى المحافظون الجدد صباح يوم الأربعاء في 27 تشرين الثاني/نوفمبر، اليمين الدستوريّة أمام الرئيس عبد الفتّاح السيسي، في مقرّ رئاسة الجمهوريّة في قصر الاتّحاديّة في العاصمة القاهرة.
شملت قرار تعيين المحافظين 16 محافظاً جديداً، فضلاً عن 23 من نوّاب المحافظين، وقد تبيّنت بعد ذلك سيطرة القيادات الأمنيّة والعسكريّة عليها، فمن بين 16 محافظاً جديداً، جاء 11 قياديّاً عسكريّاً وشرطيّأً ضمن التعيينات الجديدة.
وبحسب الإعلان الرسميّ المنشور في الجريدة الرسميّة، بتاريخ 27 نوفمبر، تولّى لواءات عسكريّون ولواءات شرطة –أعلى درجة في جهاز الشرطة المصريّة والقوات المسلحة أيضا– إدارة المحافظات الساحليّة المطلّة على البحرين الأحمر والمتوسّط وهي الإسكندريّة ومرسى مطروح والإسماعيليّة، إضافة إلى سيطرة العسكريّين والشرطيّين على 3 من محافظات الدلتا وشمال مصر، وتعيين 5 لواءات ضمن هذه التعيينات نفسها في محافظات صعيد مصر، والتي شهد بعضها خلال الفترات السابقة أعمال عنف طائفيّ، وأبرزها محافظة المنيا.
وليست هذه المرّة الأولى التي يشكل فيها العسكريّون والشرطيّون الأغلبية في تعيينات حركة المحافظين، حيث أنّ آخر تعديل في آب/أغسطس 2019، شهد أيضاً تعيين 19 لواء جيش وشرطة - تم تعيينهم من بين 27 محافظا جديدا - بينهم اثنان من كبار قادة القوّات المسلّحة السابقين في منصب المحافظين.
ونشر القرار الجمهوريّ بتعيين المحافظين الجدد ونوّابهم، في الجريدة الرسميّة المصريّة، وحمل رقم 596 لسنة 2019، وذلك في صباح 27 تشرين الثاني/نوفمبر.
فيما كانت المفاجأة الأخرى في حركة المحافظين تعيين نوّاب المحافظين من الشباب خرّيجي البرنامج الرئاسيّ للتأهيل للقيادة، والأكاديميّة الوطنيّة للتدريب، وهما البرنامجان اللذان أسّسهما الرئيس السيسي لإنتاج ما يسمّى بـ"الكوادر الشبابيّة السياسيّة"، حيث تم تعيين 23 نائبا للمحافظين، جميعهم خريجي البرنامج الرئاسي وأكاديمية التدريب.
ويعرّف البرنامج الرئاسيّ للتأهيل للقيادة نفسه بأنّه "كيان مستقلّ تابع إلى رئاسة الجمهوريّة ويدار من خلال إدارة متخصّصة محترفة ويتعاون في تنفيذه عدد من هيئات الدولة والمجتمع المدنيّ ومؤسّساتهما. ويهدف إلى تأهيل الشباب للقيادة وإنشاء قاعدة قويّة وغنيّة مؤهّلة للعمل السياسيّ والإداريّ (...)" بحسب ما جاء على موقع البرنامج على الإنترنت.
وهو البرنامج الذي يديره الرئيس السيسي مباشرة وتمّ تأسيسه من أموال صندوق "تحيا مصر" المخصّص لتلقّي التبرّعات لصالح الدولة ومشاريعها.
بينما الأكاديميّة الوطنيّة للتدريب هي أكاديميّة لتدريب الشباب يدير الرئيس السيسي مجلس الأمناء فيها، بمعاونة عدد من الوزراء، أي أنّها هي الأخرى تابعة إلى الرئاسة مباشرة وتشرف أجهزة الأمن على قبول أعضائها.
من جانبه، دافع رئيس حزب شباب مصر الدكتور أحمد عبد الهادي، عن تعيين اللواءات العسكريّين والشرطيّين في حركة المحافظين الجدد واشرافهم على إدارة أغلب محافظات الجمهوريّة من خلال تعيينهم محافظين.
وقال عبد الهادي، في تصريحات إلى "المونيتور"، إنّ "القيادات الأمنيّة سواء شرطة أم جيش، أثبتت قدرتها على إدارة المحافظات في شكل جيّد جدّاً، ونجحت المحافظات التي يديرها عسكريّون وشرطيّون في حلّ مشاكل المواطنين".
وأضاف عبد الهادي: "نشير أيضاً إلى أنّه في الفترة الحاليّة، يجب الثقة في شكل كامل في اختيارات النظام المصريّ وحكومة الرئيس السيسي، لأنّه الوقت الذي تواجه مصر الإرهاب والعنف والتطرّف ولا نحتاج إلّا إلى العمل والثقة في القيادة السياسيّة، بدلاً من التشكيك في قراراتها".
وعن قلّة تمثيل المدنيّين ورؤساء الجامعات في حركة المحافظين، قال عبد الهادي: "لا نشكّك لحظة في قدرة القيادات المدنيّة في إدارة المحافظات، ولكنّ الفترة الحاليّة تحتاج إلى المزيد من الحزم، وذلك لن يظهر إلّا في شخصيّة المسؤولين العسكريّين".
وحزب أحمد عبد الهادي "شباب مصر"، هو أحد الكيانات السياسيّة الداعمة بقوّة للرئيس السيسي، وتمثّل ذلك في إطلاق حزبه في آذار/مارس 2018 قبيل الانتخابات الرئاسيّة المصريّة، حملة طرق الأبواب لدعم السيسي وإقناع الناخبين بالتصويت له.
فيما استنكر عضو تحالف 25-30 البرلمانيّ المعارض، سيطرة القيادات الأمنيّة على أغلب التعيينات في الحركة الجديدة، معتبراً أنّ هذا الأمر "عسكرة للمحافظات".
وأضاف النائب الذي تحفّظ على ذكر اسمه لاعتبارات أمنيّة: "طالبنا مراراً وتكراراً بالسماح للقيادات المدنيّة بتولّي المناصب المدنيّة، خصوصاً وأنّ منصب المحافظ هو في الأساس منصب مدنيّ لإدارة شؤون المحافظة والمواطنين، ولكن دائماً ما تأتي الأمور على غير ما نطالب به".
وتابع النائب البرلمانيّ المعارض: "لن نتوقّف عن المطالبة بإعطاء مساحة واسعة للمدنيّين في المناصب الإداريّة في الدولة، وكما رفضنا تعيين قيادات إسلاميّة إخوانيّة في المناصب الهامّة في الدولة أثناء تولّي الرئيس الإخوانيّ محمّد مرسي الحكم وتهميشه مطالب القوى المدنيّة، سنصرّ على رفض تهميش المدنيّين لصالح العسكريّين والشرطيّين".
وأكّد النائب المعارض: "نواجه مشاكل كبيرة جدّاً داخل مجلس النوّاب بسبب مواقفنا المعارضة، خصوصاً وأنّنا لا نمثّل أغلبيّة برلمانيّة، وأنّ أعضاء التكتّل لا يزيد عددهم عن 25 نائباً، بينما النوّاب مؤيّدو الدولة أعضاء تحالف دعم مصر هم الأغلبيّة ويسيطرون على كلّ القرارات".
فيما أيد المحلل السياسي الهارب إلى تركيا منذ 2015، عزت النمر، موقف النائب البرلماني المعارض، واكتفى في تصريح لـ"المونيتور" بقول "هذا ما حذرنا منه، الانقلابات العسكرية لا تأتي إلا بالعسكريين وتمنع المدنيين والقيادات المدنية من الوجود!"