بعد يومين من اعلان تحالف "النصر" بزعامة رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي ما اسماه "المعارضة التقويمية" للحكومة العراقية، كشف تيار "الحكمة" بزعامة عمار الحكيم يوم 16 حزيران/ يونيو الجاري عن تبني "المعارضة الدستورية" فيما بدا وكانه بداية لولادة معارضة برلمانية كبيرة قد تضم ايضا كتلة "سائرون" بزعامة مقتدى الصدر.
فقد اعلن زعيم التيار الصدر، يوم الاثنين الماضي مهلة عشرة ايام لاكمال حكومة عبد المهدي وهدد في بيان بانه سيكون له "موقفا جديدا في حال لم يفعلوا ذلك"، ما دفع كتلة "سائرون" التي يتزعمها الى طلب استجواب رئيس الحكومة والتلويح بخيار المعارضة ايضا.
ومعروف ان كتل "النصر" و"الحكمة" و"سائرون" تنضوي الى جانب "الوطنية" وبعض الكتل السنية في ائتلاف "الاصلاح" الذي فشل العام الماضي في تشكيل "الكتلة البرلمانية الاكبر" المكلفة دستوريا بتسمية رئيس الوزراء كما هو الحال بالنسبة لائتلاف "البناء" الذي يضم غالبية قادة "الحشد الشعبي" لذا كانت تسمية رئيس الوزراء عادل عبد المهدي بصغية توافقية غاب عنها مسمى الكتلة الاكبر في مخالفة دستورية واضحة تحدث للمرة الاولى منذ كتابة دستور الدائم عام 2005.
ومنذ ذلك الحين تدعي كتل "الاصلاح" عدم تسمية اي وزير في حكومة عبد المهدي، والان وبمناسبة الخلاف الكبير حول تقاسم المناصب الخاصة في الدولة والصراع على الوزارات الشاغرة حذر المرجع الشيعي الاعلى علي السيستاني من خطورة الموقف واتنقد في رسالة يوم 14 حزيران/ يونيو الماضي "التكالب على المناصب واستمرار الفساد والفشل في سد النقص الحادف الخدمات", لتستغل كتلة الحكيم هذه المناسبة وتعلن انها "معارضة دستورية" ترفض الاشتراك في ادارة اي منصب حكومي.
وبحسب النائب عن "الحكمة علي البديري فان كتلته "لن تقبل باي منصب حتى انتهاء عمر الحكومة الحالية" وقال البديري في تصريح الى "المونيتور" ان "الهدف من المعارضة هو تصحيح مسار الدولة والحكومة التي فشلت في تحقيق البرنامج الذي وعدت به ولم تغادر المحاصصة" مشددا على ان بقاء الاوضاع على ماهي عليه في الشهور المقبلة قد يحول هدف "الحكمة" من تصحيح المسار الى سحب الثقة عن الحكومة كما هو الحال في الديمقراطيات".
اما القيادي تيار "الحكمة" علي الجوراني فقد اوضح في حديث مع "المونيتور" انه "في نيسان/ ابريل الماضي التقى عمار الحكيم مع عادل عبد المهدي وأخبره بتبني تيار الحكمة خيار المعارضة النيابية لأن هنالك ضعف في تطبيق البرنامج وبطء في خطوات الحكومة وقدم له ورقتين الاولى تتضمن ملاحظات الحكمة على الحكومة، والاخرى تتضمن ما هية برنامج الحكمة ككتلة معارضة".
وتابع "وقبيل اعلان تيار الحكمة بساعات قليلة اجتمع الحكيم مرة اخرى بعبد المهدي وأكد ان الحكمة ماضٍ بخيار المعارضة لانه لم يلتمس أي بوادر نجاح في خطوات الحكومة.
واشار الجوراني الى ان "البعض فسر ان لجوء الحكمة لخيار المعارضة سيزعج ايران على اعتبار ان حكومة عبد المهدي قريبة من ايران".
وذكر النائب عن كلتة "سائرون" البرلمانية غايب العميري في اتصال مع "المونيتور" ان الكتلة "ماضية باستجواب رئيس الوزراء عادل عبد المهدي بشان برنامجه الحكومي واهداف الاصلاح التي حددها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، واذا وجدنا تبريرات مقنعة لعدم تطبيق برامج الاصلاح حتى الان سنستمر بدعمه والا سيكون لنا تصرف اخر تجاه حكومته سنعلنه لاحقا".
وابدى العميري استغرابه من استعجال كلتة "الحكمة" باعلان المعارضة البرلمانية دون الرجوع التي قيادة ائتلاف "الاصلاح" الامر الذي يعكس هشاشة التحالف بحسب تعبيره.
واكد العميري ان تقاسم المناصب الخاصة الذي يجري حاليا بين الكتل البرلمانية بطريقة المحاصصة امر مرفوض من قبل "سائرون" التي رفضت الاشتراك في الحكومة بسبب المحاصصة ايضا ولن تتنازل عن خطتها لاستجواب الحكومة مقابل بعض المناصب".
وقد جاء انسحاب كتل الإصلاح من الحكومة بعد مفاوضات كما يؤكد تيار "الحكمة"، وعليه يفسر الحراك الحالي والتخلي عن دعم عادل عبد المهدي على انه مشروع نحو تحميل كتل "الفتح" بزعامة هادي العامري مسؤولية الاخفاق الحاصل في ادارة الدولة مع اقتراب الاحتجاجات الشعبية المتوقعة خلال الصيف الحالي في مدن الجنوب وربما استغلال ذلك تحقيق دعاية انتخابية قبل الانتخابات المحلية المقبلة.
النائب عن تحالف "النصر" طه الدفاعي اكد لـ"المونيتور" ان التحالف" يتبنى الان المعارضة التقويمية بمعنى انه يسعى الى تقويم الحكومة حتى يتسنى له دعمها من جديد، بخلاف تيار "الحكمة" الذي اعلن المعارضة الدستورية الرسمية الى نهاية الدورة التشريعية الحالية" واردف "اذا استمر اسلوب المحاصصة والمحسوبية في توزيع المناصب لن نتردد في تشكيل تحالف معارض كبير يمكنه سحب الثقة من الحكومة".
ونفى الدفاعي ان يكون الهدف من تبني المعارضة هو الحصول على حصة جيدة في مناصب الدرجات الخاصة وقال "لم نشترك في تشكيل الحكومة، كما لن نشارك في محاصصة المناصب الخاصة على الاطلاق وهذا قرار نهائي اتخذه ائتلاف النصر في وقت مبكر ولا رجعة فيه".
واذا ما واصلت "الحكمة" و"النصر" نهج المعارضة ولحقت بهما كتلة "سائرون" بعد انقضاء المهلة التي حددها الصدر، فان خيار سحب الثقة عن حكومة عبد المهدي سيكون هو الاكثر احتمالا لاسيما اذا ما تجاوز عدد الكتل المعارضة اكثر من نصف المقاعد البرلمانية.