مدينة غزّة، قطاع غزّة —أثار الدعم الماليّ واللوجستيّ، الذي تقدّمه إيران في الآونة الأخيرة إلى الفصائل الفلسطينيّة في قطاع غزّة، غضب بعض الدول الخليجيّةأثار الدعم الماليّ واللوجستيّ، الذي تقدّمه إيران في الآونة الأخيرة إلى الفصائل الفلسطينيّة في قطاع غزّة، غضب بعض الدول الخليجيّة، لا سيّما المملكة العربيّة السعوديّة، إذ نقلت صحيفة "الأخبار" اللبنانيّة، في 3 حزيران/يونيو معلومات تفيد بأنّ السلطات السعوديّة تشنّ منذ نحو شهرين حملة اعتقالات وترحيل وتشديدات أمنيّة بحقّ سعوديّين وفلسطينيّين مقيمين في المملكة بتهمة "الارتباط بحركة حماس".
وبحسب الصحيفة المقرّبة من "حزب الله" اللبنانيّ، فإنّ حملة الاعتقالات تزامنت مع إغلاق ورقابة مشدّدين على الحسابات البنكيّة، وحظّرت إرسال أيّ أموال من المملكة إلى قطاع غزّة. ومقابل ذلك، التزمت حركة "حماس" الصمت خوفاً من أن يحسب من تمّ اعتقالهم عليها، وتجنّباً للتصعيد والإضرار بالمسجونين.
وشملت الاعتقالات الطبيب الاستشاريّ الثمانينيّ محمّد الخضري، الذي مثّل الحركة في منتصف التسعينيّات حتّى عام 2003 لدى السعوديّة، وكذلك من أبرز المعتقلين الفلسطينيّين في السعوديّة، الصحافيّ الأردنيّ من أصل فلسطينيّ عبد الرّحمن فرحانة، الذي يمنع منذ اعتقاله قبل شهرين من تناول أدويته، وهو يعاني من أمراض عدّة، منها الضغط والسكريّ وضعف تروية الدماغ.
ورفض عدد من قيادات الحركة في قطاع غزّة الإدلاء بأيّ تصريح آخر أو الحديث مع "المونيتور" عن الموضوع.
ولقد بدا رئيس حركة"حماس" في قطاع غزّة يحيى السنوار واضحاً في موقف حركته من دول الخليج وإيران في خطابه الأخير، أثناء الاحتفاليّة بـ"يوم القدس" في 1 حزيران/يونيو، حين قال: "إنّ الأمّة العربيّة تخلّت عنّا، وإيران زوّدتنا بالصواريخ لقصف إسرائيل"، فهي لم تكن جملة استعراضيّة، ولا شكراً عاديّاً، بل كانت رفضاً قويّاً من الحركة للدور الذي يلعبه بعض الدول العربيّة، وبالتحديد دول الخليج، في دعم تنفيذ صفقة القرن بشقّيها الاقتصاديّ والسياسيّ. وعبر السنوار عن رفضه للمشاركة الخليجية والعربية في مؤتمر البحرين الاقتصادي يوم ال25 من حزيران/يونيو.وفي بيان صحفي،صدر عنحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، الخميس، 20 حزيران/يونيو دعت حركة حماس الفلسطينيين إلى المشاركة في الفعاليات والمسيرات الرافضة لخطة التسوية السياسية الأمريكية بالشرق الأوسط المعروفة باسم "صفقة القرن".
وأشار يحيى السنوار، في نفس الخطاب، في 1 حزيران/يونيو إلى أنّ من يفرّط بالقدس هو في صفّ الأعداء، ومن يقف مع تحرير القدس هو في صفّ الأصدقاء والحلفاء، مؤكّداً أنّ "من يراهن على بيع القدس للحفاظ على عرشه فهو في صفّ الأعداء"، وقال: "إنّ إيران زوّدت المقاومة بالصواريخ، وتفاجأ العالم حين استهدفت المقاومة مدينة بئر السبع بها".مشيراً إلى التصعيد الأخير، في بداية أيار/مايو الماضي،حين قامت حركتي حماس والجهاد الاسلامي بإطلاق الصواريخ رداً على "تباطؤ إسرائيل" في تنفيذ شروط رفع الحصار عن غزة.ولفت إلى أنّه في عاميّ 2012 و2014، ضربت المقاومة الفلسطينيّة تلّ أبيب بصواريخ فجر بدعم من إيران أيضاً.
وتوجّه السنوار بالكلام إلى القادة المجتمعين بمكّة المكرّمة، في القمّةالخليجيّةالطارئة، التي عقدت في 30 أيّار/مايو، لمناقشة التوتّرات مع إيران بعد هجمات على ناقلات نفط قبالة ساحل الإمارات وضربات بطائرات حوثيّة مسيّرة على محطّات لضخّ النفط في السعوديّة قد نفت إيران مسؤوليّتها عنها، وقال: "إذا أردتم أن تثبتوا عروشكم والعزّة، فالعزّة في تبنّي خيار حماية القدس".
أضاف: "إمّا أن تُسجّل أسماؤكم في التاريخ ويرفع ذكركم أو تسجّل في التاريخ وتلعنكم الأمم".
والجدير ذكره أنّ بيان القمّة الخليجيّة طغى عليه توجيه انتقادات إلى إيران نتيجة الهجمات الأخيرة على الإمارات والسعوديّة. كما أكّد البيان ضرورة أن "تجنّب إيران المنطقة مخاطر الحروب، وتوقف دعمها للجماعات والمليشيات الإرهابيّة (ومن ضمنها حماس).
وشهدت علاقة "حماس" مع السعوديّة توتّراً خلال العام الماضي بدأ بهجمة إعلاميّة واتهام الحركة بالإرهاب على لسان وزير الخارجيّة السعوديّة عادل الجبير، حين أدلى بتصريحات أمام لجنة الشؤون الخارجيّة في البرلمان الأوروبيّ ببروكسل، الخميس في 22 شباط/فبراير من عام 2018، قال فيها: إنّ حركة حماس "متطرّفة".
كما دعا عادل الجبير إلى عدم تمويل الحركات المتطرّفة مثل "حماس". وقال الناطق باسم حركة "حماس" في قطاع غزّة حازم قاسم خلال تصريح مقتضب لـ"المونيتور": "تسعى حماس من علاقتها مع الدول إلى تجنيد الدعم الماليّ واللوجستيّ للشعب والمقاومة، وتحاول صياغة علاقة متوازنة مع المنظومة العربيّة والإقليميّة بعيداً عن المحاور والاصطفافات، ولا يمكن لحماس أن تنحاز مع إيران على حساب دول الخليج، أو العكس، اللأنّ ذلك يضرّ بالواقع الفلسطينيّ".
أضاف: "إنّ حماس تدرك حقيقة التعقيدات الإقليميّة، وهي تدير علاقاتها مع الدول بشكل دقيق، ومن حقّها أن تشكر الدول التي قامت بدعم المقاومة والشعب (يقصد إيران)".
وتعليقاً على خطاب السنوار، قال الخبير في شؤون الحركات الإسلاميّة حسن أبو هنيّة، المقيم في الأردن، خلال حديث هاتفيّ مع "المونيتور": "إنّ خطاب السنوار كان يعكس التطوّرات الحاصلة في الأنظمة العربيّة، نتيجة السياسات الأميركيّة الجديدة لإدارة دونالد ترامب في المنطقة، وفرض الواقع الجديد المتمثّل بـ"صفقة القرن"، التي تعمل على تصفية ما تبقّى من القضيّة الفلسطينيّة".
أضاف: "هناك تناغم عربيّ - خليجيّ – أميركيّ – إسرائيليّ. وبعد تغييرات الربيع العربيّ والإدارة الأميركيّة بقيادة ترامب، لم تعد تنظر دول الخليج إلى إسرائيل على أنّها العدو، بل إيران، وكلّ من ولاها من القوى أو المنظّمات العسكريّة مثل حركة حماس، وأصبحت تدعم باتّجاه منع تمويل هذه الحركات".
من جهته، أكّد المحلّل السياسيّ المقرّب من حركة "حماس" إبراهيم المدهون في مقابلة مع "المونيتور": "إنّ حديّة السنوار في خطابه الأخير، كانت القول الفصل ودليلاً على الحسم والحزم لدى حركة حماس بأنّها لن تتخلّى عن المقاومة، رغم شعورها بالتخلّي عنها من قبل بعض الأنظمة العربيّة، في ظلّ زيادة الهرولة والتطبيع مع الاحتلال الإسرائيليّ".
ولفت إلى أنّ حركة "حماس" كانت معنيّة عبر هذا الخطاب بتوضيح رفضها لموقف بعض الأنظمة العربيّة المتواطئة في تنفيذ "صفقة القرن"، خصوصاً في ظلّ زيادة الحصار والتضييق الماليّ على قطاع غزّة وإصرار الولايات المتّحدة وتبنّي بعض الدول الخليجيّة تنفيذ صفقة القرن.
كما أوضح إبراهيم المدهون أنّ "حماس غير معنيّة بفتح جبهات مع بعض الأنظمة الخليجيّة، لا سيّما السعوديّة، التي تقف موقفاً حادّاً مع "حماس"، ولم تلتق بقيادة الحركة أو تدعمها، منذ الهجمة الاعلامية والسياسية السعودية التي وصفت الحركة الإرهابية خلال السنوات الأخيرة كونها لا تصطف في التحالفات التي تقودها السعودية في المنطقة، ولا سيما ضد إيران، لكنّ "حماس" تشترك مع إيران في عدائها لإسرائيل، ولا تريد أن تشارك إيران في ملفّاتها الداخليّة أو الإقليميّة في اليمن، سوريا، والخليج".
ورأى أنّ "حماس" تحاول الحفاظ على علاقة ناعمة وتفاهم ولو بالحدّ الأدنى مع السعوديّة، رغم تغيّر الأخيرة في علاقتها معها أخيراً، على أمل أن يتمّ تجاوز هذه الأزمة وإنهاء ملف الاعتقالات بحقّ عناصر الحركة ومناصريها في المملكة والعودة إلى دعم "حماس"