رام الله – الضفّة الغربيّة: تعمل السلطة الفلسطينيّة ممثّلة بسلطة الطاقة، والمملكة الأردنيّة الهاشميّة ممثلة بشركة الكهرباء الوطنيّة، على وضع اللمسات الأخيرة، على اتفاقيّة مشروع متكامل سيتم التوقيع عليه قبل 20 أيّار/مايو المقبل، لزيادة نسبة كميّة الكهرباء المستوردة من الأردن إلى فلسطين.
ويعدّ هذا المشروع، تطبيقاً لتوجّه السلطة الفلسطينيّة لتنويع مصادر الطاقة، وعدم الاعتماد على مصدر واحد للحصول عليها، علماً بأنّ السلطة تستورد اكثر من 90% من الكهرباء من إسرائيل للضفة الغربية، وتعتمد بالبقية على خط اردني لتغذية مدينة اريحا وعلى الطاقة الشمسية، والمشروع الجديد سيخدم الضفة الغربية فقط، إذ قال رئيس سلطة الطاقة ظافر ملحم لـ"المونيتور": "لا توجد قيود على فلسطين لاستيراد الطاقة من أيّ مكان خارج الوطن، وهذا الاتفاق يؤكّد توجّهنا إلى تقليل الاعتماد على مصدر واحد للطاقة وتنويعه".
وأشار ظافر ملحم إلى أنّ الهدف الاستراتيجيّ للمشروع هو تنويع مصادر الطاقة وتخفيض الاعتماد على مصدر واحد، وخصوصاً المصدر الإسرائيليّ، وهذا ما يتمّ العمل عليه، خصوصاً أنّ فلسطين تنتج محليّاً، ومن خلال الطاقة الشمسيّة، 40 ميغاواطاً من الكهرباء.
ولن يكون هذا التعاون الأوّل بين السلطة والأردن في مجال استيراد الكهرباء، إذ بدأ الأردن، في شباط/فبراير من عام 2008، بتغذية محافظة أريحا والأغوار بتيار كهربائي قدرته ما بين 26 و30 ميغاواطاً من الكهرباء من خلال محطّة السويمة، حسب ما أكّده ملحم لـ"المونيتور"، لافتاً إلى أنّ هدف المشروع زيادة كميّة الطاقة والكهرباء المستوردة من الأردن إلى أعلى مستوى.
وأوضح ملحم أنّ فريقاً أردنيّاً فلسطينيّاً مشتركاً يعمل حاليّاً على إنجاز كلّ الوثائق والملفّات الخاصّة بالمشروع كالمواصفات والرسوم حتّى يتمّ طرحه حسب الأصول، ثمّ يتمّ توقيع الاتفاق بين الجانبين لتنظيم الآليّة الفنيّة والتجاريّة المتعلّقة بالمشروع، لافتاً إلى أنّ الاتفاق الجديد مع الجانب الأردنيّ سيشمل زيادة استيراد الكهرباء من خلال نقطة الربط الموجودة حاليّاً (محطّة السويمة)، ومن خلال أيضاَ نقطة ربط جديدة تمّ تشييدها، وهي محطّة الكرامة بين بلدتيّ الكرامة الأردنيّة والعوجا الفلسطينيّة في محافظة أريحا.
وأشار إلى أنّ كميّة الكهرباء، التي سيتمّ توفيرها خلال المشروع، ستغذّي، إضافة إلى أريحا، محافظتيّ رام الله والقدس، لافتاً إلى أنّه سيتمّ البحث عن تمويل لتنفيذ المشروع (مشروع مد خطوط النقل والربط وجميع مستلزماته) بعد الانتهاء من إعداد الوثائق الخاصّة به، وقال: في حال الحصول على موافقات الأطراف كافّة، بما فيها الجانب الإسرائيليّ، للبدء بتنفيذ المشروع، بعد الحصول على تمويل ماليّ، فإنّ المشروع سيرى النور بعد عام من بدء العمل به.
وكذلك، لفت إلى أنّ القيمة الماليّة للمشروع تقدّر بنحو 12 مليون دولار أميركيّ.
وعن أبرز الجهات التي يمكن أن تساهم في تمويل المشروع، أشار ملحم إلى أنّ "هناك جهات مانحة وعدت بدراسة الموضوع (رفض الكشف عن هويّتها). كما يمكن توفير بعض المخصّصات الماليّة من خلال بعض البنوك العالميّة، مثل: البنك الدوليّ أو بنك الاستثمار الأوروبي". وقال: "سنلجأ إليها للبحث في إمكانيّة تمويل المشروع".
ومن المتوقّع أن يغطّي هذا المشروع، بعد الانتهاء منه 10 في المئة من حاجات الضفّة الغربيّة من الكهرباء، حسب ملحم، وسيترتّب على المشروع انخفاض أسعار الكهرباء على المواطنين، وقال: "في أيّ مشروع، نهتمّ بالدرجة الأولى بسعر الكهرباء، الذي يجب أن يكون أقلّ من سعر الجانب الإسرائيليّ".
ولفت إلى أنّ السلطة الفلسطينيّة تشتري كلّ كيلو واط/ساعة من إسرائيل بـ38 أغورة (11 سنتاً).
وعوّل ملحم على الحصول على أسعار أقلّ من الجانب الأردنيّ، قائلاً: "نحن نتطلّع إلى الجانب الأردنيّ حين نبدأ بمفاوضات الشقّ التجاريّ لتوفير طاقة كهربائيّة بأسعار أقلّ من 10 سنتات لكلّ كيلو واط/ساعة".
وتعدّ إسرائيل المصدر الرئيسيّ للكهرباء في الضفّة، والتي يتمّ استيرادها من خلال 235 نقطة ربط في الضفّة على الضغط المتوسّط والمنخفض، والتي تتغذّى (محطّات الربط) من محطّات تحويل رئيسيّة إسرائيليّة، مثل: محطتيّ عطروت والقدس الشرقيّة، حسب ملحم، ويتمّ توزيعها على الفلسطينيّين من خلال شركات توزيع محليّة كشركتيّ كهرباء محافظة القدس وتوزيع كهرباء الشمال، حيث تتراوح فاتورة الاستهلاك الشهريّة بين 170 و200 مليون شيقل شهريّاً (47 و55.5 مليون دولار).
وكانت السلطة الفلسطينيّة ممثّلة بالشركة الفلسطينيّة لنقل الكهرباء (شركة عامّة حكوميّة)، وقّعت اتفاقيّة مع إسرائيل في 1 أيّار/مايو من عام 2018،
تُمكّن الحكومة الفلسطينيّة من الاستثمار وبناء شبكات نقل كهرباء فلسطينيّة حديثة في الضفة الغربية، وتسمح بنقل الكهرباء الاسرائيلية على هذه الشبكات، وكذلك ربطها مع الدول العربيّة القريبة على فلسطين كالأردن ومصر.
وتأمل سلطة الطاقة في أن يتمّ إنجاز العمل في محطّة جنين لتوليد الطاقة الكهربائيّة شمال الضفّة والتي وُضع حجر الاساس لها في تشرين ثاني/نوفمبر 2016 ، والتي ستنتج 455 ميغاواطاً، أيّ ما يشكّل بين 40 و50 في المئة من الكهرباء المستهلكة في الضفّة وغزّة، والتي ستكون جاهزة للعمل خلال عام 2021، وهي استثمار خاص بتكلفة إجمالية تبلغ نحو 620 مليون دولار، حيث تقوم شركة فلسطين لتوليد الطاقة بانشاءها بمساهمة 40 بالمئة من صندوق الاستثمار الفلسطيني، و20 بالمئة من شركة فلسطين للتنمية والاستثمار، و10 بالمئة من شركة الاتصالات الفلسطينية، و10 بالمئة من البنك العربي، ومستثمرين اخرين.
من جهته، قال مساعد المدير العام لشركة كهرباء محافظة القدس لشؤون التطوير والتخطيط الاستراتيجيّ علي حمّودة في حديث لـ"المونيتور": "نحن في أمس الحاجة إلى هذا المشروع لأنّه يخدم منطقة امتيازنا التي نعمل بها"، اي المنطقة التي يقع على عاتق الشركة توزيع الكهرباء بها.
أضاف: هذا المشروع هو استمرار وتطوير لخطّ الربط بيننا وبين الأردن (القديم)، والذي تمّ تدشينه في عام 2008، بقدرة 30 ميغاواطاً.
ولفت إلى أنّ المشروع الجديد يلبّي الطلب المتنامي على الأحمال الكهربائيّة في منطقة أريحا، نظراً للمشاريع الضخمة التي يتمّ تأسيسها في المحافظة كالمشاريع الصناعيّة وجامعة الاستقلال التي تدشّن أبنية جديدة والمدينة الصناعيّة الزراعيّة، مشيراً إلى أنّ هذه المشاريع باتت تحتاج إلى خط بقدرة 50 ميغاواطاً من الكهرباء، موضحاً أنّ المشروع الجديد من المتوقّع أن يكون بقدرة 140 ميغاواطاً إضافيّة، سيخصّص منها نحو 50 ميغاواطاً لمحافظة أريحا لتضاف الى 30 ميغا واطا من الربط القديم، والبقيّة ستخصّص لمنطقتيّ العيزريّة والزعيم في محافظة القدس وقرى وبلدات شرق محافظة رام الله.