بدأ المصريّون بكلّ أنحاء البلاد، على مدار 3 أيّام متتالية في الخارج بدءاً من 19 نيسان/إبريل حتّى 21 نيسان/إبريل، أعقبتها 3 أيّام متتالية بدءاً من 20 نيسان/إبريل حتّى 22 نيسان/إبريل، التصويت على تعديلات الدستور التي تسمح للرئيس عبد الفتّاح السيسي بإمكانيّة البقاء في الحكم حتّى عام 2030 وتعميق دور الجيش وإنشاء مجلس للشيوخ "غرفة برلمانيّة ثانية"، وسط حملات رفض دعت إلى مقاطعة الاستفتاء، وأخرى طالبت بالمشاركة في التصويت بـ"لا"، كما ظهرت خلال أيّام تصويت المصريّين في الخارج والداخل.
وأعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات في مساء الثلاثاء 23 أبريل عن نتيجة الاستفتاء الشعبي بالموافقة على للتعديلات الدستورية بنسبة 88.83%.
وشارك أكثر من 27 مليون شخصا، بنسبة مشاركة بلغت 44.33%، وبلغ عدد الموافقين 23 مليون 416 ألف 741 صوت بنسبة 88.83% وعدد غير الموافقين 2 مليون 945 ألف 680 صوتا بنسبة 11.17%.
وبينما تصدّر علم مصر، المشهد في اليوم الأوّل للاستفتاء بالخارج، وسط حملات مؤيّدة لاسيما في السعودية والآمارات ، ارتدى بعض المعارضين ملابس سوداء ورفع لافتات تحمل عبارة "لا"، ونشر مصريّون في الخارج عبر منصّات التواصل الاجتماعيّ صوراً تظهر تصويتهم بـ"لا" عقب مشاركتهم في الاستفتاء بمقرّات عدّة، لا سيّما العاصمة القطريّة الدوحة.
وحشدت الحكومة للمشاركة في الاستفتاء عبر وسائل عدّة، كانت أهمّها قنوات التلفزيون والأغاني الوطنيّة واللاّفتات والمؤتمرات والقرارات الإيجابيّة لعبد الفتّاح السيسي برفع رواتب الموظّفين وأصحاب المعاشات وفرض غرامة ماليّة على المقاطعين"، وسط غياب تامّ للمعارضة على الأرض.
وفي مختلف محافظات مصر أكد ناخبون إن التصويت كان مقابل الحصول على الطعام والنقد للتصويت لصالح التعديل الدستوري ، وأظهرت مقاطع فيديو على مواقع التواصل الإجتماعي ، حث حزب مستقبل وطن المواطنين على التصويت الإيجابي في الاستفتاء مقابل "كارتونة رمضان" ، الأمر الذى تقاتل من آجله المواطنين في صفوف طويله ليل نهار .
وتحت شعار" أعمل الصح"، شهدت وسائل الإعلام العامّة والخاصّة في مصر خلال الأسابيع الماضية دعاية منتظمة لصالح التعديلات الدستوريّة، شملت استضافة شخصيّات معروفة في مجالات مختلفة لدعم هذه التعديلات. كما عقد العديد من القوى والأحزاب السياسيّة المؤيّدة للتعديلات مؤتمرات جماهيريّة داخل جدران مقرّاتها وخارجها.
وأشار رئيس رابطة قبائل الصعيد كمال عثمان مخلوف في تصريح لـ"المونيتور" إلى أنّه عقد المؤتمر لدعم التعديلات الدستوريّة في 14 أبريل وحتي 16 أبريل ، بعد الحصول على التصاريح الأمنيّة.
وتأتي التعديلات الدستوريّة، التي تقدّم بها "إئتلاف دعم مصر" إلى البرلمان في شباط/فبراير الماضي، لتقرّ زيادة سنوات منصب رئيس الجمهوريّة من 4 إلى 6 سنوات، على ألاّ يجوز أن يتولّى الرئاسة أكثر من مدّتين رئاسيّتين متتاليتين، مع وضع نصّ انتقاليّ يسمح للرئيس الحاليّ عبد الفتّاح السيسي بالترشّح مجدّداً لولايتين جديدتين.
وفي 16 أبريل ، وافق مجلس النواب، برئاسة علي عبدالعال، بصورة نهائية على صياغات التعديلات الدستورية، التي تسمح للرئيس عبد الفتاح السيسي بالبقاء في الحكم، حتى العام 2030، جاء ذلك في جلسته المنعقدة اليوم الثلاثاء، والتي جاءت للتصويت النهائي على التعديلات الدستورية، بعد أن أجرى البرلمان التصويت النهائي على مواد الدستور المعدلة نداءً بالاسم على كل نائب، تمهيدًا لطرحها للاستفتاء الشعبي.
ووافق على التعديلات الدستورية 531 نائبًا من أصل 554 نائبًا شاركوا في الجلسة العامة، بينما رفض التعديلات 22 نائبًا، فيما امتنعت نائبة واحدة عن التصويت، وهي دينا عبد العزيز.
وسبق أن صرّح السيسي في مقابلة عام 2017، أنّه لا ينوي تعديل الدستور، وسيرفض مدّة رئاسيّة ثالثة، وأشار في مقابلة مع محطّة CNBC التلفزيونيّة الأميركيّة إلى أنّه لن يترشّح لولاية ثالثة في الانتخابات الرئاسيّة المقرّرة في عام 2022، موضحاً قبل انتخابه لولاية ثانية في آذار/مارس الماضي، أنّه يعارض إدخال تعديل دستوريّ "في هذه الفترة".
ولم يعلّق "السيسي" على الموضوع منذ موافقة البرلمان مبدئيّاً في شباط/فبراير الماضي، بينما أشاد عقب إعلان نتائج الإستفتاء بالشعب المصري "لإبهار العالم بوطنيه" من خلال التصويت في الإستفتاء الدستوري .
وكتب السيسي على صفحته على فيسبوك "أحيي الشعب المصري العظيم الذي أذهل العالم بوطنيته ووعيه الوطني بالتحديات التي تواجه بلدنا الحبيب مصر".، مضيفاً "لقد نسج هذا المشهد الرائع المصريون ، وبتفهمهم المعتاد ، عندما شاركوا في الاستفتاء على التعديلات الدستورية ومارسوا حقوقهم السياسية والدستورية".
وبينما توحّدت المعارضة المصريّة على المشاركة في التصويت على الاستفتاء بالرفض، دعت جماعة الإخوان المسلمين كعادتها إلى مقاطعة التصويت نهائيّاً، تشكيكاً بشرعيّة النظام وإحراجاً له أمام العالم الخارجيّ، وقالت في بيان: "إنّ جماعة الإخوان المسلمين إذ ترفض هذه المسرحيّة الهزليّة وتدين هذا الانقلاب الجديد جملة وتفصيلاً، فإنّها تعيد تأكيد ثوابت موقفها، وهو استمرار رفض الانقلاب العسكريّ، وكلّ ما ترتّب عليه من إجراءات باطلة".
وكان من أبرز المعارضين لتعديل الدستور والداعين إلى المشاركة بـ"لا" في التصويت الدستوريّ نائب الرئيس المصريّ السابق محمّد البرادعي، المرشّح الرئاسيّ السابق حمدين صباحي، ونحو 10 أحزاب يساريّة وليبراليّة وتكتّل برلمانيّ مناوىء يسمّى "25-30".
ومن بين وسائل المعارضة الفضائيّة، كانت حملة تصويت إلكترونيّ موازية عقب الإعلان عن مقترح تعديل الدستور، حيث وقّع أكثر من 20 ألف شخص وثيقة بعنوان "لا لتعديل الدستور"، من خلال التداول عبر منصّات التواصل في مصر، ولم تمض ساعات على إطلاق الاستفتاء الموازي، حتّى سارعت السلطات المصريّة إلى حجب منصّاته داخل البلاد، بحسب ما ذكر موقع "نيتبلوكس" وعدد من النشطاء.
ودشّن معارضون للتعديلات الدستوريّة حملة إلكترونيّة تحمل اسم "باطل"، تضمّ صفحة على مواقع التواصل وموقعاً إلكترونيّاً لتنظيم استفتاء على التعديلات المقترحة للدستور، وأشارت الحملة إلى أنّها استطاعت جمع أكثر من ربع مليون صوت حتّى الآن، رغم عمليّة الحجب المستمرّة لمواقعها.
وفي منتصف الشهر الماضي، أعلن مرشّح الرئاسة الأسبق أيمن نور أنّه "يتمّ افتتاح قناة جديدة باسم "لا"، وأنّها بدأت بالفعل بثّها التجريبيّ، وقال: "إنّ أهمّ القضايا التي جعلتنا نتّجه نحو تأسيس هذه القناة هي التعديلات الدستوريّة، إذ وصلنا أكثر من 50 ألف رسالة من الشعب المصريّ لرفض التعديلات".
وخلال أيّام التصويت، طالب النائب المعارض أحمد طنطاوي المصريّين برفض التعديلات الدستوريّة لأنّها تكرّس لحكم الفرد وتعيد البلاد إلى العصور الوسطى، وقال في مقطع مصوّر نشره في صفحته على "فيسبوك": "أستغيث بالمصريّين لكي ينقذوا المسار السياسيّ".
وأوضح أنّ حملات الدعوة إلى التصويت بنعم على التعديلات الدستوريّة جاءت في ظلّ منع المعارضين والتنكيل بهم.
وألمح إلى أنّ تمرير التعديلات الدستوريّة بهذا الشكل ينتهك روح الدستور، المكسب الوحيد الذي حصل عليه المصريّون بعد ثورة 25 كانون الثاني/يناير من عام 2011.
وفي تصريح لـ"المونيتور"، قال أحمد طنطاوي: إنّ تمرير التعديلات الدستوريّة يعني أيضاً الاعتراف بإجراءات وسياسات تمّت خلال الأعوام الماضية، كالتنازل عن جزيرتيّ تيران وصنافير لصالح السعوديّة، والاقتراض من صندوق النقد الذي أفقر المصريّين، وفشل المفاوضات في ملف سدّ النهضة الذي سيؤثّر على حصّة مصر المائيّة.