استخدمت السعودية شركة محاماة دولية متخصّصة في تنظيمات الطاقة، في إطار الجهود التي تبذلها كي تنتزع من الولايات المتحدة اتّفاقاً أكثر مؤاتاة حول التعاون النووي المدني.
تكشف معلومات نُشِرت مؤخّراً عن الضغوط والمساعي التي تُبذَل، أن وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية السعودية تواصلت، في الأيام القليلة الماضية، مع شركة "بيلسبوري وينثروب شاو بيتمان" للحصول على "خدمات استشارية" حول "اتفاق ثنائي محتمل مع الولايات المتحدة يتعلق بالاستعمالات السلمية للطاقة النووية". سوف تُقدّم الشركة أيضاً إلى الرياض توجيهات حول "الشؤون القانونية ذات الصلة المتعلقة بتطوير برنامج نووي تجاري". مدّة الاتفاق الأولية مع الشركة المذكورة هي نحو 30 يوماً، وتبلغ الكلفة 890 دولاراً في الساعة.
يواجه الإصرار السعودي على الاحتفاظ ببعض الإمكانات التي يمكن استخدامها لتصنيع أسلحة نووية، معارضةً شديدة في الكونغرس، على الرغم من أن بعض الأشخاص في إدارة ترامب يُظهرون استعداداً للتوصّل إلى اتفاق أكثر مرونة.
لم تُجب السفارة السعودية ولا شركة "بيلسبوري" على طلب "المونيتور" للوقوف على رأيهما.
تنصّ الفقرة 123 في قانون الطاقة الذرّية لعام 1954 على وجوب الحصول على موافقة الحكومة والكونغرس الأميركيَّين قبل أن تتمكّن الشركات الأميركية من نقل التكنولوجيا النووية إلى الخارج. تتنافس شركة "وستينغهاوس" التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها، مع شركات روسية وصينية وفرنسية وكورية جنوبية للفوز بعقدٍ من شأنه أن يدرّ عليها أرباحاً طائلة، لبناء أول مفاعلَين نوويين في السعودية، إنما عليها الحصول على ضوء أخضر من واشنطن كي تتمكّن من المضي قدماً في المشروع.
تعود المفاوضات النووية المتقطّعة بين الولايات المتحدة والسعودية إلى العام 2012.
وقد سبق أن قدّمت شركة "بيلسبوري" إلى السعوديين "المشورة والمساعدة القانونية حول تطوير برنامج للطاقة النووية التجارية السلمية" من 2011 إلى 2014، ودعمت الرياض في مفاوضاتها مع الولايات المتحدة. وكانت الشركة قد تسجّلت، على صعيد منفصل، لشنّ حملات ضاغطة لدى الكونغرس وإدارة باراك أوباما لمصلحة السفارة السعودية لمدّة ستة أشهر في العام 2015.
أبدى مشترعون بارزون في الحزبَين اعتراضهم على أي اتفاق لا يفرض قيوداً شديدة على قدرة الرياض على استخدام التكنولوجيا النووية الأميركية بغية تطوير برنامج للتسلّح، غير أن موقف البيت الأبيض لا يزال ضبابياً. أورد موقع "بلومبرغ" العام الماضي أن الإدارة الأميركية تنكبّ جدّياً على دراسة اتفاق من شأنه أن يمنح السعوديين مرونة أكبر لتخصيب اليورانيوم وإعادة معالجة البلوتونيوم.
قال متحدّث باسم البيت الأبيض لموقع "المونيتور": "تستمر الإدارة في استكشاف سبل الانخراط في تعاون نووي مدني مع السعودية بما ينسجم مع مخاوفنا في مجال حظر الانتشار النووي".
تتطلع السعودية، من جهتها، إلى بناء 16 مفاعلاً نووياً بكلفة نحو 80 مليار دولار أميركي.
في آب/أغسطس 2016، أعدّت شركة "آي بي 3 إنترناشونال"، وهي عبارة عن شركة استشارية تمثّل تكتّلاً مؤلّفاً من شركات طاقة أميركية وفرنسية وصينية، اقتراحاً عرضته على العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، حول بناء 16 مفاعلاً في المملكة الخليجية و30 مفاعلاً في بلدان أخرى في مختلف أنحاء المنطقة تحت "مظلّة أمنية" بقيادة السعودية والولايات المتحدة. وكانت "بروبوبليكا" أول من أورد العام الماضي أن مايكل فلين، الذي أصبح لاحقاً مستشار ترامب للأمن القومي، كان يعمل لدى شركة "آي بي 3 إنترناشونال" في تلك المرحلة.
حظي الاقتراح، كما أفيد، بالاستحسان في أوساط إدارة ترامب مطلع العام الماضي بعدما روّج له فلين وآخرون داخل البيت الأبيض. استقال فلين بعدما حامت الشبهات حول مناقبيّته في شباط/فبراير 2017، ووُضِع مؤخّراً تحت المجهر على خلفية تكتّمه عن رحلات قام بها إلى الشرق الأوسط في العام 2015، حيث روّج لاقتراح مماثل خلال عمله في إحدى الشركات. وقد نفى البيت الأبيض لموقع "المونيتور" وجود أيّ نقاش في الوقت الراهن حول اقتراح من هذا القبيل.