يتسابق مشاهير كرة القدم والفنّ والإعلام على إعلان دعمهم لترشّح الرئيس المصريّ عبد الفتّاح السيسي لولاية ثانية في الانتخابات الرئاسيّة المقرّر انعقادها في آذار/مارس المقبل، وسط دعوات من جانب نقابات فنيّة وأندية رياضيّة لقطاعات الشعب المصريّ إلى تأييد "عبد الفتّاح السيسي" والترويج لما وصفوه بـ"إنجازات" الرئيس خلال ولايته الأولى، التي بدأت في حزيران/يونيو من عام 2014، وتنتهي في آذار/مارس من عام 2018.
وعقدت مؤسّسة حملة "كلّنا معاك من أجل مصر"، والتي أسّستها مجموعة من نجوم الفنّ ،الرياضة، وأعضاء مجلس النواب، في 30 أكتوبر العام الماضي، لدعم ترشح الرئيس عبد الفتاح السيسي لفترة رئاسية ثانية، مؤتمراً في تشرين الثاني/نوفمبر من عام 2017 لدعم السيسي والمطالبة بترشّحه للرئاسة لفترة أخرى، وذلك بحضور عدد كبير من الفنّانين ورموز المجتمع ونجومه. كما عقد الاتّحاد المصريّ لكرة القدم برئاسة هاني أبو ريدة مؤتمراً في 22 كانون الثاني/يناير من عام 2018 بمقرّ الاتحاد، في العاصمة المصرية القاهرة، بحضور رؤساء أندية كرة القدم على رأسهم رئيس النادي الأهليّ المصريّ محمود الخطيب لدعم ترشّح "السيسي" لفترة رئاسيّة ثانية. ووقّع عدد كبير من لاعبي الكرة ومسؤولون في الأندية المصريّة كنادييّ الأهلي والزمالك على استمارات تأييد ترشّح "السيسي" لفترة رئاسيّة ثانية، وظهروا في فيديوهات تسجيليّة يروّجون للإنجازات التي تحقّقت في ولايته الأولى ويدعمون ترشّحه لولاية ثانية.
وكان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي قد أعلن ترشحه لولاية ثانية في الانتخابات الرئاسية عبر خطاب نقله التلفزيون الرسمي 19 يناير / كانون الثاني، فيما قدمت حملته الانتخابية أوراق ترشحه رسمياً في 24 يناير/ كانون الثاني، متضمنة ما يزيد عن 175 ألف توكيل شعبى من النماذج الخاصة بتأييد مرشحى الانتخابات الرئاسية المقبلة، و500 استمارة تأييد لانتخابات الرئاسة، من جانب أعضاء بمجلس النواب.
واستعرض "السيسي" انجازات ولايته الأولي في مؤتمر تحت شعار "حكاية وطن" بأحد فنادق القاهرة، " في 17 يناير/ كانون الثاني، والتي تضمنت إقامة مشروعات كُبري بكافة محافظات مصر، ارتفاع الاحتياطي النقدي الأجنبي، انخفاض معدلات البطالة، تنظيم مؤتمرات شبابية، تأسيس العاصمة الإدارية الجديدة، والإفراج عن ثلاثة مجموعات من الشباب المحبوسين.
وفي هذا السياق، قالت الفنّانة سميرة أحمد، وهي إحدى الفنّانات اللواتي أيّدن ترشّح "السيسي" لولاية ثانية، في اتصال هاتفيّ مع "المونيتور": إنّ مسألة الإفصاح عن رأيي السياسيّ في دعم ترشّح الرئيس يقع في إطار المسؤوليّة الوطنيّة تجاه رجل حمى بلاده من الإرهاب، وقدّم إنجازات عدّة، فضلاً عن الحريّة المكفولة لكلّ مواطن في الإفصاح عن توجّهاته السياسيّة، خصوصاً في حالة الفنّان الذي يحظى بمحبّة قطاعات كبيرة، وينبغي أن يكون مؤثّراً فيها.
أضافت: "الفنّان هو صانع رأي عام، ولديه تأثير على قطاعات واسعة في المجتمع من خلال جمهوره، وإنّ الإفصاح عن اختياراته السياسيّة ينطلق من دوره كصانع للرأي العام. وأكّدت أنّ السلطة الحاليّة لم تدفعها نحو إعلان دعمها للرئيس الحاليّ.
بدوره، أشار الناقد الفنيّ طارق الشنّاوي في اتصال هاتفيّ مع "المونيتور" إلى أنّ "الفنّان عموماً في العالم العربيّ حريص على ألاّ يختلف مع السلطة (النظام السياسي)، ويكون متماهياً مع اختياراتها السياسيّة[N2] ، لافتاً إلى أنّ ثقافة أن يكون الشخص المشهور سواء أكان في الفنّ أم في كرة القدم معارضاً لتوجّهاتها ليست حاضرة بشكل كبير، على خلاف ما هو موجود في هوليوود.
وأوضح أنّ دور الفنّان أن يكون مدافعاً عن حريّة الرأي والعدالة، متسائلاً: "لماذا حالة التأييد الكبيرة من جانب النجوم والمشاهير لدعم السيسي، في ظلّ غياب التنافسيّة الانتخابيّة منذ الأساس؟".
وأكّد طارق الشنّاوي أنّ السّلطة تدرك شعبيّة هؤلاء النجوم، وتسعى إلى استثمار هذه الشهرة من خلال الحصول على تأييد قطاعات واسعة من محبّيهم الذين يسيرون على هوى نجومهم المفضّلين، موضحاً أنّ الشخص المشهور هو صانع رأي عام، ودائماً ما سعت السلطات، على اختلاف أزمنتها، إلى استخدامه لأهداف سياسيّة.
وينافس "السيسي" في الانتخابات الرئاسية مُرشح وحيد وهو موسى مصطفى موسى، رئيس حزب الغد المصري، بعد انسحاب كُل من المحامي الحقوقي خالد علي، و تراجع الفريق أحمد شفيق، واحتجاز رئيس أركان الجيش السابق سامي عنان إثر توجيه اتهامات له بـ"ارتكابه مخالفات وجرائم بإعلان عزمه الترشح في انتخابات الرئاسة المصرية دون استئذان القوات المسلحة."
أمّا أستاذ العلوم السياسيّة في الجامعة الأميركيّة بالقاهرة مصطفى كامل السيّد فقال: من حقّ كلّ شخص سواء أكان فنّاناً أم لاعب كرة قدم الإفصاح عن اختياراته السياسيّة طالما كان مقتنعاً بها. وأوضح أنّ الإشكاليّة تتمثّل في عدم السماح لمجموعات أخرى غير مؤيّدة للسلطة بالتعبير عن توجّهاتها السياسيّة في وسائل الإعلام، وتخوينها، وقال في اتصال هاتفيّ مع "المونيتور": إنّ مسألة التأييد في مؤسّسات داخل الدولة كاتّحاد كرة القدم أو نقابة الممثلين ينبغي أن تتمّ بشكل ديموقراطيّ بين الأفراد العاملين في داخلها.
وأشار إلى أنّ غياب الديموقراطيّة وسيطرة الصوت المؤيّد في كلّ وسائل الإعلام يجعلان مثل هذا التأييد من جانب هذه المجموعات محلّ شكّ كبير.
لا تنفصل حملات التأييد الواسعة من قبل نجوم المجتمع لترشّح السيسي لفترة رئاسيّة ثانية في الانتخابات المقبلة عن مساعي السلطة الحاليّة لتهيئة الرأي العام لمرشّح وحيد لا ترى سواه ولا تسمع غير أصوات مؤيّديه، والتي تستثمر شعبيّتهم في التأثير على الرأي العام.