القاهرة - قال الرئيس عبد الفتّاح السيسي في 18 كانون الثاني/يناير الجاري خلال مؤتمر "حكاية وطن" والذي عقد بفندق الماسة بالقاهرة،الذي استعرضت فيه إنجازات عبد الفتّاح السيسي خلال ولايته الرئاسية الأولى: إنّ مطار العريش في محافظة شمال سيناء يجب أن يعود إلى العمل بلا تهديد، وذلك بعد إطلاق صاروخ من إحدى المزارع على طائرة وزيريّ الدفاع والداخليّة في 19 كانون الأوّل/ديسمبر الماضي بواسطة ولاية سيناء التابعة لتنظيم داعش الإرهابي، وأسفرت الحادثة عن مقتل ضابط وإصابة اثنين بجروح.
وأكّد أنّه سيتمّ بناء حرم آمن حول المطار بعمق 5 كيلو، وهو ما يعني إزالة ما يقرب من 20 كلم إذا كان الحرم في شكل مربّع، وهي مساحة نصف مدينة العريش تقريباً إذ تبلغ مساحتها 48 كلم.
وفي 23 كانون الثاني/يناير الجاري، أعلن محافظ شمال سيناء اللواء السيّد عبد الفتّاح حرحور أنّه تمّ التنسيق مع قوّات الجيش والشرطة لعمليّات حصر المنازل والمزارع الخاصّة بالمواطنين حول المطار من خلال لجان الحصر، التي تمّ تشكيلها للحصر على الطبيعة لتعويض المواطنين، وذلك بواقع 5 كيلومترات من جهات الشرق والغرب والجنوب وكيلو ونصف كيلو من جهة الشمال، وهو ما يعني أنّ الدولة ماضية في خطّة الإزالة.
وعن هذا الشأن، تحدّث النائب السيناويّ سلامة الرقيعي لـ"المونيتور" فقال: "إنّ أبناء سيناء وكلّ من يقيم على أرضها أداة من أدوات الدولة في الحرب على الإرهاب، وهم الأكثر تضرّراً بفقد الأرواح والاستثمارات والأموال".
أضاف: "تمثّل العريش عاصمة محافظة شمال سيناء، ويقع في جنوبها مطار العريش بمساحة 400 فدّان، وفيه مبنى ركّاب بسعة 200 راكب/ساعة وممرّ رئيسيّ بطول 3019 متراً عرض 45 متراً يتّسع لـ4 طائرات، وممّا لا شكّ فيه أن تشغيل المطار يمثّل خدمة تنمويّة وأمنيّة، لكنّ تشغيله يجب أن يرتبط بدراسات فنيّة وموضوعيّة للبيئة المحيطة به".
وتابع: في حال ضرورة بناء حرم آمن، يجب ألاّ يزيد عن 500 متر باتّجاه الشمال الملاصق للمدينة، على أن تكون المزروعات حقليّة، لا بستانيّة، وكذلك الاتّجاه الشرقيّ حيث يوجد مستشفى الحميات. كما يمكن التوسّع في الاتّجاهين الغربيّ والجنوبيّ، بما يضمن التأمين المناسب.
ولفت إلى أنّه يمكن اقتراح إنشاء مطار جديد في منطقة لحفن أو القوارير جنوب العريش ليكون مؤهّلاً للتنمية الشاملة والتوسّعات المستقبليّة.
بدوره، قال النائب السيناويّ حسام رفاعي لـ"المونيتور": "إنّ مطار العريش هو مطار مدنيّ لا يستخدم منذ بداية الأحداث أعلنت جماعة أنصار بيت المقدس عن نفسها في 2011 بعد تفجير أنبوب الغاز المؤدي إلى إسرائيل والتي انتهجت أعمال إرهابية ضد الجيش المصري بدءً من عام 2013 وأعلنت الجماعة مبايعتها لتنظيم داعش الإرهابي في 10 نوفمبر 2014 شنت بعدها الحركة باسمها الجديد عدد كبير من العمليات الدامية أبرزها عملية كرم القواديس وتفجير الطائرة الروسية، فما المشكلة أن نقضي على الإرهاب، ثمّ يعاد تشغيله؟ لأنّ تعويض المواطنين يتطلّب تكلفة عالية جدّاً، وإذا كان هناك استعجال لتشغيله، فإنّ الوقت المستخدم في الحصر والتفاوض وتعويض المواطنين والإزالة يمكن خلاله إنشاء مطار جديد".
شكل محافظ شمال سيناء "حرحور" لجان حصر فى 23 يناير الجاري ومازالت اللجان تقوم بعملها ثم ستعرضها على لجان أخري للتقييم وبعدها يتم التفاوض مع الأهالي على أساس السعر الذي حددته لجان التقييم.
أضاف: "إنّ فرض حرم آمن بعمق 5 كيلو من الاتجاهات الأربعة لمطار العريش قرار غير صائب لأنّه أتّخذ بناء على إجراءات أمنيّة قد تكون مفيدة الآن، لكنّها مضرّة على المدى البعيد، فالقرار اتّخذ بناء على تقييم قدرات قذائف الهاون لدى الإرهابيّين، والتي مداها 2 كيلو، فماذا إذا طوّر الإرهابيّون قدراتهم وأصبحت لديهم صواريخ أو قذائف مداها 10 كيلو، فهل ستتمّ إزالة العريش كاملة من أجل المطار؟".
وتابع: "إذا تمّ التغاضي عن إزالة المنازل ومعاصر الزيتون، وتمّت إزالة مناطق زراعة أشجار الزيتون المتاخمة للمطار، فلا جدوى عندها من الإبقاء على المعاصر والمنازل لأنّ المواطنين سيفقدون المورد الرئيسيّ لعملهم".
ولفت إلى أنّ القرار سيزيد من الاحتقان في شمال سيناء بين المواطنين وقوات الجيش والشرطة وستنتج منه أوضاع مأسويّة، كتلك الناتجة من إزالة المنازل في منطقة رفح في أكتوبر 2014 بواسطة القوات المسلحة المصرية لتجهيز مسرح العمليات للقضاء على تنظيم داعش خلال شهور قليلة والتي جعلت 80 في المئة من السكّان الآن مهجّرين خارج رفح، وجعلتها منطقة خالية من السكّان، في وقت يعتبر فيه السكّان حائط الصدّ الأوّل ضدّ الإرهاب.
من جهته، قال أمين حزب الكرامة في سيناء خالد عرفات لـ"المونيتور": إنّ القرار هو حرق لوادي العريش بأهله ومزارعه التي تمّت زراعتها خلال 500 سنة، والتي تمثّل سبيل الحياة للمواطنين. وعلى بعد 5 كيلو فقط من تلك المزارع، يمكن للدولة إقامة مطار مساحته 50 كيلو من دون أن يتضرّر الأهالي.
وأكّد خالد عرفات أنّ المواطن السيناويّ أصبح يشعر بأنّ الحرب ليست على الإرهاب، إنّما عليه، وهو ما يزيد الأوضاع سوءاً في سيناء ولا يخدم الحرب على الإرهاب.
أمّا مدير أمن شمال سيناء الأسبق اللواء محمّد مطر فقال لـ"المونيتور": إنّ الحلّ الأمثل هو بإقامة حرم آمن من خلال منح تصاريح دخول وخروج بعمق 5 كيلو من دون إزالة المباني والمزارع.
وقال الخبير الأمنيّ اللواء محمّد نور الدين ومساعد وزير الداخلية لشئون الأمن العام السابق لـ"المونيتور": "إنّ بناء حرم آمن حول مطار العريش هو من أعمال السيادة، ولا يمكن لأحد الاعتراض عليه. كما أنّ مقترح إنشاء مطار جديد سيتطلّب أموالاً طائلة وتجهيزات فنيّة وأمنيّة معقّدة، فيما تعويض المواطنين المتضرّرين سيكون أقلّ تكلفة إذ لا يوجد تملّك للأراضي في سيناء، وإنّما هي حيازات بوضع اليدّ لم يقوموا بشرائها بشكل شرعيّ".
وكذلك، قالت عضو المجلس القوميّ للمرأة والمديرة العامّة للعلاقات العامّة السابقة في جهاز تنمية سيناء أحلام الأسمر لـ"المونيتور": "تضيف هذه القرارات كلّ يوم مزيداً من الأعداء، إذ أنّ التنمية في سيناء بجهود فرديّة يقوم بها المواطنون، فكلّ مواطن يزرع الأرض حول منزله من دون أيّ مساعدة من الدولة، وعندما نقوم بإزالة المزارع في العريش، بعد أن قمنا بإزالة مزارع رفح والشيخ زويد، فماذا ننتظر من المواطنين هناك؟".
أضافت: "تركت العمل في جهاز تنمية سيناء، بعد أن أصبح مكتب سمسرة لا تنمية، فكلّ وظيفته أن يأخذ من المستثمرين رسوماً نظير منحهم الموافقات والتصاريح من الوزارات والهيئات المختلفة من دون أن تكون لديه خطط أو ميزانيّة للتنمية".
وأوضحت أحلام الأسمر أنّ سيناء خلال 35 عاماً أصبحت بفعل الإهمال مرتعاً للهاربين من الثأر. كما باتت تضمّ أحياء كاملة للجريمة، مطالبة المسؤولين بالرفق بالمواطن السيناويّ الذي يعاني من حظر التجوال لمدّة 4 سنوات، ومن إغلاق كوبري السلام في يوليو 2013 الذي تسبّب في إطالة زمن الرحلة بريّاً بين القاهرة وسيناء لمدّة 13 ساعة، فيما تستغرق 3 ساعات ونصف ساعة عند فتح الكوبري.