شاركت القبائل في سيناء في معركة الجيش المصريّ وتنظيم الدولة الإسلاميّة فيها والتي اندلعت عقب فض اعتصامي رابعة والنهضة بعد عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي عام 2013.
وقد تبلور تدخّل القبائل في المعركة عقب بيان قبيلة الترابين، إحدى القبائل في سيناء، في 29 نيسان/أبريل 2017، والتي طالبت فيه القبائل في سيناء بالتوحّد ضدّ تنظيم الدولة الإسلاميّة، حيث وجّه البيان رسالة إلى القبائل تقول: "في ظلّ ما تتعرّض إليه الأمّة الإسلاميّة والعربيّة من غزو إرهابيّ لا أخلاقيّ يستهدف مقدّرات شعبنا وكيان دولته، ويتخطّى معايير الإنسانيّة وينتهكها، مبتعداً كلّ الابتعاد عن قيم الدين الإسلاميّ الحنيف وموروثاته، أبت الفتنة إلّا أن تطرق بيوت الآمنين وتطال يدّ الغدر والخسّة أراوح الشباب ومقدّرات القبائل المادّيّة والمعنويّة في محافظة شمال سيناء".
وأعلنت قبيلة الترابين في بيان لها في 3 أيّار/مايو 2017، تمكّنها من تصفية 8 من عناصر تنظيم ولاية سيناء خلال معركة متبادلة بينهما في منطقة العجراء جنوب مدينة رفح بشمال سيناء ،وتمكنت القبيلة من احتجاز 3 آخرين، بينهم قياديّ كبير في التنظيم يدعى أسعد العمارين غير مصريّ الجنسيّة، حيث يتولّى الإمداد والتمويل في التنظيم وسبق وتمكّن من تجنيد الكثيرين، مؤكّدة أنّ الاشتباكات لم تسفر عن سقوط أيّ ضحايا بين شباب القبيلة.
ويقول الباحث في الحركات الإسلاميّة سامح عيد في تصريحاته إلى "المونتيور" إنّ "حمل القبائل في سيناء السلاح أمر خطير في المستقبل ومكاسبه لحظيّة، فعلى المستوى البعيد، خطورة حمل مدنيّين السلاح ضدّ الدولة كبيرة، حيث يجب أن يكون السلاح في يدّ الجيش والشرطة".
ويضيف:" إذا رغبت القبائل في مواجهة تنظيم ولاية سيناء بالسلاح، عليها أن تنضمّ إلى صفوف الجيش المصريّ وليس ككيان منفصل، فموافقة الدولة على حمل السلاح للقبائل هو إضفاء شرعيّة للقتل خارج القانون".
ويكمل: "إنّ المجتمع الدوليّ يساند مصر في حربها ضدّ الإرهاب، لكنّ حمل مدنيّين السلاح يجعل هناك شكوكاً في وجود تجاوزات في سيناء، ولذلك يجب على الدولة أن ترفض حمل القبائل السلاح، وتفتح باب التجنيد لشباب هذه القبائل إذا رغبوا في ذلك ".
ويؤكّد المتحدّث باسم قبيلة الترابين في شمال سيناء الشيخ موسى الدلح في 4 أيّار/مايو 2017 خلال حواره مع برنامج "مساء dmc" مع الإعلاميّ أسامة كمال أنّه "لا يوجد شخص واحد من قبائل سيناء، رفع السلاح على الدولة أو الجيش، وأنّ قبائل سيناء تعرّضت إلى ظلم كبير خلال الفترة الماضية".
وعن حمل القبيلة السلاح في مواجهتها تنظيم ولاية سيناء، يقول الدلح "إنّ 80% ممّن ينتمون إلى تنظيم أنصار بيت المقدس هم غرباء عن سيناء، ونسبة ضئيلة من أبناء سيناء، وهم من أراذل المجتمع".
ويضيف: "لدينا اعترافات ممّن يزرعون القنابل، حيث يحصل كلّ من يزرع قنبلة على ألف دولار، وإذا أصيب فيها أحد من الشرطة يرتفع المبلغ المدفوع له".
بدوره، يرى عضو مجلس النوّاب عن شمال سيناء النائب حسام الرفاعي في تصريحاته إلى "المونتيور" أنّ "القبائل في سيناء كانت لا ترغب في حمل السلاح في بداية الأمر، لكنّ تجاوزات تنظيم ولاية سيناء ضدّ أبناء القبائل بدعوى تعاونهم مع الجيش، جعل قبيلة الترابين تعلن حمل السلاح ضدّ أفراد التنظيم، وتتعاون القبائل معها".
ويكمل: "إنّ القبائل تعي خطورة حملها السلاح وتؤمن بأنّ الجيش والشرطة هما فقط من لديهما الحقّ في حمل السلاح لمواجهة الخارجين عن القانون، لكنّ توغّل العناصر التكفيريّة وتوحّشهم دفع القبائل إلى مواجهة التنظيم بالتنسيق مع الجيش".
ويؤكّد الرفاعي أنّ "القبائل لن تحمل السلاح في وجه الدولة أبداً، لأنّ القبائل ترغب في الاستقرار الذي تزعزع بسبب التنظيم التكفيريّ".
وكان اتّحاد قبائل سيناء قد طالب في بيان له في 5 أيّار/مايو 2017، الشباب المنضمّين إلى تنظيم ولاية سيناء، بتسليم أنفسهم إلى القبائل، وجاء نصّ البيان كالآتي: "تحذير إلى كلّ الشباب المغرّر بهم من قبل الدواعش، انتبهوا وسارعوا بالفرار منهم، وعودوا لأهلكم وقبائلكم وعائلاتكم قبل فوات الأوان".
وأضاف البيان: "من سلّم نفسه قبل أن يضبط متلبّساً فله الأمان، وإمّا من كابر وخان فلا يلوم إلّا نفسه، وإنّنا بإذن الله عليكم لظاهرين، والسعيد من اعتبر بغيره".
ويرفض مساعد وزير الداخليّة الأسبق اللواء محمّد نور الدين في تصريحاته إلى "المونتيور" إعلان قبيلة الترابين حمل السلاح لمواجهة تنظيم ولاية سيناء، قائلاً: "إنّ حمل المدنيّين السلاح مرفوض وجريمة، وإذا أرادت القبائل التعاون مع الدولة ضدّ تنظيم ولاية سيناء، فلا بدّ أن يكون هذا التعاون معلوماتيّاً، وليس في شكل خارج عن القانون".
ويكمل: "القبائل في سيناء كانت تتعاون مع القوّات المسلّحة والداخليّة، لكنّ الممارسات الانتقاميّة من قبل تنظيم ولاية سيناء وقتله مشايخ هذه القبائل وأبنائها بدعوى التعاون مع الجيش، جعل القبائل تتراجع عن موقفها الداعم للدولة، كما دفعت حدّة ضربات التنظيم التكفيريّ وهمجيّتها ضدّ القبائل، قبيلة الترابين إلى إعلان المواجهة المسلّحة ضدّه".
وارتكب تنظيم ولاية سيناء عدة عمليات ضد القبائل في سيناء حيث خطف أفراد التنظيم سيدة من منزلها بدعوى تعاونها مع الجيش المصري أبريل 2015، وفي نوفمبر 2016 أعلن التنظيم إعدام شيخين من القبائل السيناوية حيث كشفت وسائل إعلامية أن أحد الشيخين هو شيخ الطريقة الصوفية في شمال سيناء، ويدعى سليمان أبو حراز، من قبيلة السواركة، ونشر التنظيم صورا لعملية إعدام الشيخين مما أثار غضب القبائل، بالإضافة إلي استهداف عدد من الأقباط في العريش مما أدى الي نزوحهم لمحافظات أخرى خوفا من عمليات الاستهداف.
ويطالب مساعد وزير الداخليّة الأسبق الدولة بضرورة إجبار القبائل على تسليم السلاح إلى القوّات المسلّحة والشرطة في سيناء، مؤكّداً أنّ "مصر دولة لها سيادة ومؤسّساتها الأمنيّة فقط تحمل السلاح".
ولم يصدر الجيش المصري بيانا رسميا لتعليق على إعلان قبيلة الترابيين ودعوتها للقبائل لمواجهة تنظيم ولاية سيناء،ربّما جاء إعلان القبائل في سيناء حمل السلاح ضدّ تنظيم ولاية سيناء لمصلحة الدولة في الوقت الراهن، لكنّ الخطورة تكمن في المستقبل لحمل المدنيّين في سيناء السلاح، ولصعوبة سيطرة الدولة على الأوضاع حال احتدام المعركة بين القبائل وتنظيم ولاية سيناء.