كشف ممثّل حركة حماس في إيران خالد القدومي عن تطوّرات إيجابيّة تحصل أخيراً لتطوير علاقات حماس وإيران، مع استمرار الدعم الماليّ والعسكريّ الإيرانيّ للحركة، نافياً وجود طلب من أيّ دولة عربيّة قطع علاقات حماس بإيران، مؤكّداً عدم وجود وساطة إيرانيّة لمصالحة حماس مع سوريا.
وأبلغ القدومي "المونيتور" أنّه عمل في السنوات الأخيرة ضمن دوائر العلاقات الإسلاميّة والدوليّة في حماس، ومثّلها في دول عدّة في غرب آسيا وجنوب غربها لم يفصح عنها، وشارك في وفود الحركة بزيارات إلى دول في آسيا وأفريقيا وأوروبّا.
وأكّد القدومي الذي يترأّس مكتب حماس في طهران منذ عام 2011، في حواره الحصريّ مع "المونيتور" أنّ الانتخابات الداخليّة لحماس ستدفع في اتّجاه إيجابيّ لتحسين علاقتها بإيران، كاشفاً عن لقاءات بينهما خارج إيران، مع وجود اتّصالات لحماس بالعديد من الجهّات الرسميّة في إيران كالحرس الثوريّ ووزارة الخارجيّة ومكتب المرشد.
وإليكم النص الكامل للحوار الهاتفيّ الخاص الذي أجراه "المونيتور" مع القدومي من طهران.
المونيتور: كيف توجز التطوّرات الأخيرة لعلاقة حماس وإيران حتّى هذه المرحلة أي أوائل عام 2017، بعد سنوات من بقائها بين مدّ وجزر، عقب الثورات العربيّة منذ عام 2011؟
القدومي: يمكن القول إنّ بدايات عام 2017، تشكّل مرحلة جديدة في علاقة حماس وإيران، تتّسم بالإيجابيّة، والبناء على المستقبل، من دون حديث عن تعقيدات الماضي، فحماس لا تتدخّل في المشاكل الداخليّة للعالم الإسلاميّ.
تفتح اليوم علاقة حماس بإيران صفحة جديدة، للتصدّي للتحدّيات الخطيرة التي تهدّد الأمّة الإسلاميّة، وعلى رأسها الاحتلال الإسرائيليّ. ويدرك عقلاء حماس وإيران أنّ المرحلة المقبلة خطيرة، ويجب إدارتها بطريقة مختلفة عن الماضي، تكون بوصلتها القضيّة الفلسطينيّة، ونصرة الشعب الفلسطينيّ، ومواجهة الاحتلال الإسرائيليّ.
المونيتور: هل تواصل إيران تقديم الدعم الماليّ إلى حماس، والعسكري إلى جناحها المسلّح؟ وهل تقدّم لنا أرقاماً محدّدة حول هذا الدعم؟
القدومي: سأجيب عن السؤال بعيداً عن لغة الأرقام، لأنّها لغة لا يمكن الحديث عنها ولا يجب ذلك، لسريّتها وحساسيّتها، لكنّ الدعم السياسيّ والماليّ وحتّى العسكريّ المقدّم من إيران إلى حماس، لم يتوقّف.
ومع ذلك، فهناك ظروف خاصّة لداعمي حماس من العرب والمسلمين، تقدّرها الحركة، وتقرأها بعناية، وتحترمها، لكن ما نريده من إيران، أن تبقى فلسطين في أولويّاتها، وإيران تواصل دعمها للقضيّة الفلسطينيّة، أمّا قيمة هذا الدعم وحجمه، فحماس تترك المعطيات الرقميّة لتقديرات الدولة الداعمة، وكلّ من يدعمنا، نشكره.
المونيتور: مرّ وقت طويل على زيارة قيادة حماس السياسية إلى طهران منذ شباط/فبراير 2016، هل من زيارة قريبة؟
القدومي: لقاءات حماس لا تنقطع مع إيران، والجغرافيا ليست مهمّة لمكان اللقاء، المهمّ هو مضمونه، وقد قامت حماس بأداء واجب العزاء بوفاة الرئيس الإيرانيّ الأسبق هاشمي رفسنجاني في كانون الثاني/يناير الماضي، وكلّما استدعى الظرف لزيارة أو لقاء، يتمّ ذلك.
المونيتور: هناك من يقول إنّ إيران تريد طيّ صفحة خلافها مع حماس عقب إجراء انتخابات الحركة الداخليّة قريباً، وانتخاب زعيم آخر للحركة غير السيّد خالد مشعل، ما دقّة هذه التقديرات؟
القدومي: المسألة متعلّقة بحماس، وليس بإيران وغيرها. نحن حركة مؤسّسيّة، قراراتنا شوريّة، نمارس الديمقراطّية في تنظيمنا، ولدينا قيادات منتخبة تعبّر عن إرادة كوادر الحركة، يتمّ انتخابها كلّ 4 سنوات، على المستوى القياديّ والجغرافيّ، وكلّ ما يصدر من قرارات يمثّل الحركة كلّها.
علاقاتنا مع إيران تتّسم بقدر مواجهتها للاحتلال الإسرائيليّ، ودعمها للمقاومة، ومصالحنا المشتركة معها، وعقلاء حماس وإيران، يدركون التحدّي المقبل، وحقيقة المعركة مع الاحتلال الإسرائيليّ، ولذلك فالمسألة لا تتعلّق بتغيير قيادات حماس، أو انتخاباتها الداخليّة، مع أنّ هذه الانتخابات سيكون لها أثر بالغ في تكريس الديمقراطيّة والشورى في حماس، وستؤدّي إلى إيجابيّة أكثر لتجديد علاقتها بالمحيط العربيّ والإسلاميّ.
المونيتور: كيف ترى حماس مستقبل علاقتها بإيران في ظلّ التوتّر الطائفيّ بين السنّة والشيعة في المنطقة؟
القدومي: هذا التوتّر جزء من أمراض المنطقة التي نعيش فيها، ويؤثّر على مجمل علاقات الأطراف ببعضها، لكنّ حماس تبني علاقاتها السياسيّة مع إيران بما يتناسب مع مواجهة الاحتلال الإسرائيليّ، ودورنا تخفيف حدّة التوتّر الطائفيّ، من دون تدخّل مع طرف على حساب آخر، وعلاقات حماس بإيران تساعد على تحجيم التوتّر الطائفيّ ومواجهته. فحماس تشكّل جسراً إيجابيّاً لردم الهوّة في الأمّة الإسلاميّة.
المونيتور: أليس من جهود تقودها إيران لإجراء مصالحة بين حماس والنظام السوريّ؟
القدومي: هذا الموضوع غير مطروح.
المونيتور: ترتفع أصوات إيرانيّة أحياناً تهاجم حماس، وتطالبها بشروط لترميم العلاقة معها، لأنّها لم تحسم خيارها بالوقوف مع سياسة إيران في المنطقة وبقيت على الحياد، هل من تأثير لهذه الأصوات؟
القدومي: لا توجد أيّ دولة تفرض شروطها على حماس، على الرغم من الاستقطابات السياسيّة في المنطقة، ولا أتحدّث عن إيران فقط، بل عن كلّ المنطقة، حيث تحاول هذه الاستقطابات أن تميل بحماس إلى هنا وهناك. لكن لا توجد ضغوط على الحركة، لأنّها معنيّة بإقامة علاقات متّزنة مع كلّ أطراف المنطقة.
المونيتور: هل ترى حماس أنّ علاقتها هي مع إيران الدولة، أم مع جهّات محدّدة كالحرس الثوريّ ومكتب المرشد فقط؟
القدومي: هناك قنوات للعلاقة بين حماس وإيران، مع أنّ علاقتنا منفتحة على كلّ أطياف الشعب في إيران، وعلى كلّ أدوات صناعة القرار فيها، ونوصل رسالتنا إليها، قيادة وشعباً. وقد وجدنا دائماً تسهيلات من القنوات الرسميّة، كالحرس الثوريّ، ووزارة الخارجيّة، وبيت المرشد، ولذلك تحترم حماس كلّ القنوات الرسميّة، ومستويات صناعة القرار في إيران.
المونيتور: هل تصل إلى حماس مطالبات من بعض دول المنطقة لقطع علاقاتها مع إيران بصورة نهائيّة؟
القدومي: حماس تعيش في بيئة تشهد استقطاباً سياسيّاً حادّاً، لكن لا يوجد طلب من العالم العربيّ لقطع العلاقة مع هذه الدولة أو تلك، ومنها إيران، فالمسألة منوطة بقرارات حماس المؤسّسيّة التي تحدّد علاقتها مع هذه الدولة أو تلك، وما تقدّمه من دعم لصمود شعبنا الفلسطينيّ، وطريقة إدارة حماس لعلاقاتها مع كلّ الجهّات، إيران وغيرها، تفرض دائماً علينا إقامة علاقات متّزنة مع الجميع.
المونيتور: كيف تنظر حماس إلى دعم إيران بعض المجموعات المسلّحة في غزّة، مثل حركة الصابرين؟
القدومي: من حقّ شعبنا الفلسطينيّ البحث عن أيّ سبل لمقاومة الاحتلال الإسرائيليّ، وحماس تسعى إلى توحيد البندقيّة ضدّ الاحتلال. العامل الأهمّ هو التنسيق بين مجموعات المقاومة في غزّة حول كيفيّة إدارة مواجهة الاحتلال، ولم نجد حتّى اللحظة مشكلة في إدارة العمل العسكريّ وتنسيقه ضدّ الاحتلال في غزّة.