لم تكن مصر في معزل عن الدول التي وجّه تنظيم "داعش" ضرباته ضدّها. ولذلك، قرّر المصريّون مواجهة أفكار "داعش" بفيلم كوميديّ ساخر، وهو فيلم "القرموطي تحت خطّ النار"، الذي يحكي عن وقوع مجموعة من الشباب المصريّ ضحيّة تنظيم "داعش"، ويحاول البطل إنقاذ هؤلاء الشباب من التنظيم من خلال مواقف وأحداث كوميديّة، والفيلم من بطولة الممثل الكوميديّ أحمد آدم، وتأليف محمّد نبوي وعلاء زينهم، وإخراج أحمد البدري.
وأكّد أحمد آدم في تصريحات صحافيّة لموقع CNN "أنّ الفيلم هو محاولة لتوثيق ما يمرّ به الوطن العربيّ في الفترة الحاليّة، ومحاولة لكي يفهم الجيل الجديد ماذا يعني مخطّط، وما معنى الإسلام الصحيح والحقيقيّ، وأنّ الدين لدى من يتحدّثون باسمه ما هو إلاّ مصلحة و"سبوبة"، وهم مجموعة من المرتزقة، حتّى وصلنا إلى مرحلة علاجهم في إسرائيل، ويعودون للحرب في سوريا، وأنّ إسرائيل تضرب سوريا ونحن صامتون، كنّا في أوقات سابقة نتحدّث عن الوحدة العربيّة، الآن ندعو الله أن يتوحّد كلّ بلد داخليّاً".
وكشف آدم خلال حوار تلفزيونيّ في برنامج "العاشرة مساء" على قناة "دريم"، "أنّه تلقّى تهديدات من تنظيم الدولة الإسلاميّة في الشام والعراق داعش"، وهو ما دفعه إلى الاستعانة بحارس شخصيّ لتأمينه بسبب التهديدات التي تلقّاها من مؤيّدي "داعش".
وأكّد آدم "أنّ الفيلم يحمل العديد من الرسائل المغلّفة بالمواقف والمفارقات الكوميديّة لتصل بسهولة إلى كلّ الفئات الإجتماعيّة والمراحل العمريّة، وأنّ رسالة الفيلم طمأنة المصريّين من هذا التنظيم، رغم أنّ الشعب المصريّ لا يخشى هذه الجماعات، إذ واجهت مدينة بورسعيد بمفردها ثلاث دول عظمى أثناء العدوان الثلاثيّ على مصر، وانتصرت عليها، فما بالك بضعة مسلّحين. وقضيّة الفيلم الحقيقيّة هي أنّ الإرهاب ليس نابعاً من عقيدة أو فكر ومنهج، لكن من تجارة، وهدفه الربح الماديّ، فأغلب عناصر "داعش" من جنسيات أجنبيّة، وهذا ما يتضمّنه الفيلم، فهو وظيفة دمويّة مربحة جدّاً لبعض المرتزقة الأجانب" .
وانتقد آدم السينما الأميركيّة لعدم تقديمها أفلاماً عن تنظيم "داعش"، وقال: إنّ تناول هذا التنظيم وغيره من التنظيمات التكفيريّة في أعمال فنيّة سيقلّل من هيبة هذه الجماعات المسلّحة التي تقوم بمذابح وتتفنّن في طرق الإعدام لدرجة إعادتنا إلى أجواء محاكم التفتيش في العصور الوسطى.
من جهته، قال محمّد النبوي في تصريحات صحافيّة: "العمل يناقش قضيّة، العالم بأكمله مهتمّ بها، وهي غسيل عقول الشباب لصالح منظّمات إرهابيّة، فنحن ندقّ ناقوس الخطر، لأنّ في الفترة الأخيرة وقع عدد كبير من الشباب فريسة هؤلاء، ومن سوف يشاهد العمل سيرى كيف قمنا بطرح القضيّة في قالب كوميديّ".
بدوره، قال الناقد الفنيّ طارق الشناوي في تصريحات خاصّة لـ"المونتيور": "إنّ الفيلم قدّم صورة كاريكاتوريّة ساخرة عن تنظيم داعش، فالهدف الرئيسيّ من العمل هو فضح الإرهاب الذي يتدثّر بالدين، وأغلب الأحداث الرئيسيّة للعمل في ليبيا، إذ تتعدّد الجهات في ليبيا التي تُعلن الدفاع عن الدين وإقامة دولة إسلاميّة".
أضاف: "إنّ الدولة لا بدّ أن تنتج أفلاماً تتحدّث عن تنظيم داعش وتطرّفه، ولكن في شكل فنيّ أكثر عمقاً للتعامل مع الأفكار المتطرّفة المنتشرة بين الشباب، فالسينما أكثر وسيلة للوصول إلى العقول، لكنّ الأهمّ أن يكون العمل الفنيّ جيّداً يتعامل في شكل أكثر جديّة مع الأفكار التكفيريّة التي تطلقها التنظيمات المتطرّفة مثل داعش، والتي تنتهج أساليب أكثر وحشيّة من تنظيم القاعدة".
وتوقّع أن تهتمّ السينما العالميّة بإنتاج أفلام عديدة عن تنظيم "داعش"، وقال: "إنّه مادّة فنيّة هادفة لظاهرة عالميّة تشغل بال العالم كلّه".
أمّا الناقدة الفنيّة ماجدة موريس فقالت لـ"المونتيور": "إنّ القرموطي تحت خطّ النار هو فيلم ساخر يتحدّث عن تنظيم داعش، فالأسلوب الساخر يجذب الجمهور أكثر من الأسلوب الواقعيّ، خصوصاً عندما نتحدّث عن قضيّة حادّة مثل الأفكار المتطرّفة لتنظيم وحشيّ مثل داعش، فأحياناً يبتعد الجمهور عن الأعمال الجادّة التي تتحدّث عن التنظيم بسبب صعوبة الواقع فيهربون منها إلى الأعمال الفنيّة الكوميديّة الساخرة".
أضافت: "إنّ ممارسات تنظيم داعش الوحشيّة تشغل بال المصريّين بسبب الأحداث التي مرّت بها مصر، وآخرها حادث تفجير الكنيسة البطرسيّة، التي أعلن داعش مسؤوليّته عنه، فالإرهاب هو أكبر أزمة تواجهها مصر".
وطالبت وزارة الثقافة وقطاع الإنتاج في الدولة بالاهتمام بإنتاج أعمال فنيّة تواجه الأفكار المتطرّفة والإرهاب بكلّ أنواعه سواء أكان إرهاباً فكريّاً أم إجتماعيّاً أو تناقش حقيقة التنظيمات التكفيريّة من داخلها.
وحقّق الفيلم السينمائيّ "القرموطي في أرض النار" إيرادات بلغت مليوني جنيه، بعد أسبوع كامل من طرحه في دور العرض السينمائيّ، وكانت نالت شخصيّة القرموطي شهرة واسعة في مصر، بعد أن أدّاها آدم في مسلسل "سرّ الأرض"، الذي عرض في التسعينيّات، ثمّ قدّمها في عام 1998 في مسلسل "القرموطي في مهمّة سريّة"، وللمرّة الثالثة في فيلم "معلش إحنا بنتبهدل " خلال عام 2005.
ورغم أنّ مصر من الدول التي تعاني من ضربات تنظيم "داعش"، إلاّ أنّ السينما المصريّة لم تتطرّق في شكل واضح إلى تنظيم "داعش" وممارساته وعمليّاته في مصر. ولذا، قد يكون فيلم "القرموطي تحت خطّ النار" بداية الاهتمام الفنيّ بتنظيم "داعش".