تركيا مصرّة على إعادة ضبط العلاقات مع روسيا
تفيد أمبرين زمان بأنّ "طموحات تركيا الضّخمة أكثر ممّا يجب في سوريا باتت ممزّقة فيما تضغط القوّات الموالية للرّئيس بشار الأسد لتأكيد سيطرتها على معاقل الثوار المتبقّية في حلب".
ورد في هذا العمود الأسبوع الماضي أنّ سياسات الرّئيس التّركي رجب طيب أردوغان في سوريا وصلت إلى حائط مسدود في حلب. واختارت زمان هذا الموضوع، مشيرة إلى رغبة أنقرة المهووسة إلى حدّ ما في إعادة ضبط العلاقات التّركيّة الرّوسيّة، ويشمل ذلك زيارة قام بها رئيس الوزراء بن علي يلدريم إلى روسيا في 6 كانون الأوّل/ديسمبر.
كتبت زمان، "حتّى وقت قريب، افترض معظم النّقّاد أنّ تركيا لن تدخل أيّ تغييرات جذريّة على سياستها في سوريا إلى حين قدوم حكومة جديدة إلى واشنطن. لكنّ هذا القرار كان قائمًا باعتبار أنّ المرشّحة الرّئاسيّة الدّيمقراطيّة هيلاري كلينتون، التي ردّدت دعوات تركيا لإقامة منطقة حظر جوي في سوريا، هي التي ستفوز بالانتخابات. لكن في المقلب الآخر، أعرب الرّئيس المنتخب ترامب عن شكّ كبير بالثّوار، مشجّعًا تركيا على التّفكير في تقليص خسائرها".
وتكمل زمان بقولها إنّ "التّطوّرات الأخيرة في حلب تشير إلى أنّه جرى التّوصّل إلى نوع من التّفاهم، ويقال إنّ تركيا تتوسّط بالنّيابة عن الثوار وأسرهم لينسحبوا إلى إدلب. أنقرة في عجلة من أمرها لأنّها مصابة بالذّعر من الدّويلة السوريّة الكرديّة التي تراها تنبثق على طول حدودها. وهي يائسة لمنع وحدات حماية الشّعب السّوريّة الكرديّة من أن تربط على الأرض جميع الكانتونات الموجودة تحت سيطرتها. وهذا بدوره يعني منع وحدات حماية الشّعب من أخذ مدينة الباب من تنظيم الدّولة الإسلاميّة، وكذلك عقد صفقة مع روسيا، وبالتّالي مع نظام الأسد، عل حساب الأكراد السّوريّين على ما يبدو".
كتب برزان ايزو أنّ "التّطوّرات في منطقة الباب مرتبطة بالاشتباكات في حلب. تفيد التّقارير بأنّ تركيا تنقل مقاتلي المعارضة المنسحبين من دمشق، وحمص وحلب إلى منطقة الباب لتشكيل قوّة شبه عسكريّة خاضعة لسيطرتها. ترى تركيا أنّ السّيطرة على الباب خطوة أساسيّة بالنّسبة إلى حزب العدالة والتّنمية الحاكم ليكون له كلمة في مستقبل سوريا ولإثبات حبوط الطّموحات الكرديّة بتشكيل ممرّ على طول الحدود التّركيّة والسّيطرة عليه. كلّ من الولايات المتّحدة، التي تدعم تركيا، وروسيا، التي أعطت الضّوء الأخضر لتركيا للتقدّم في الباب، يشكّ في الرّئيس التركي رجب طيب أردوغان ونواياه. وإنّ روسيا، التي تدعم الرّئيس السّوري بشار الأسد، سمحت لوحدات حماية الشّعب الكرديّة بالتقدّم نحو الباب وسط القوّات المسلّحة التّركيّة وقوّات الأسد. وهذا سمح لمقاتلي وحدات حماية الشّعب وقوّات سوريا الدّيمقراطيّة بإنشاء منطقة عازلة بحكم الأمر الواقع بين القوّات التّركيّة والجيش السّوري".
ويضيف ايزو الذي يزوّدنا بالتّقارير من قرية العريمة في سوريا، أنّ "تركيا تعيق الحرب ضدّ داعش"، بالاستناد إلى تصريحات أدلى بها المتحدّث باسم مجلس منبج العسكري شرفان درويش. "إنّ المنطقة التي خلّصتها قوّات سوريا الدّيمقراطيّة من داعش، بدعم من التّحالف الدّولي، تتعرّض لهجوم من تركيا التي تشكّل عضوًا في ذلك التّحالف."
ويختتم ايزو بقوله إنّ "مشكلة أخرى تكمن في عجز تركيا عن فرض حكمها وتحقيق الاستقرار، تاركة الشّعب بالتّالي تحت رحمة مجموعتي جبهة فتح الشام وأحرار الشام الإسلاميّتين. طالما أنّ الجيش السّوري يحتاج إلى مدينة الباب لاستعادة حلب، لن تكون تركيا قادرة على المخاطرة بالاستيلاء على الباب. فالمكوّنات الرّئيسيّة لمجال صناعة الدّفاع في سوريا وأكبر مطار دولي تقع كلّها جنوب الباب مباشرة".
الأكراد السّوريّون عالقون في الوسط
كتب فهيم تشتكين أنّ "الشّعور المشترك هو أنّ الأكراد متواجدون الآن على عتبة حاسمة في علاقاتهم مع النّظام في دمشق، وقد تكون النّتيجة هي التّعاون، أو ببساطة، القتال".
يبدو أنّ القوّات الحكوميّة السّوريّة ومقاتلي وحدات حماية الشّعب نسّقوا هجومهم على المجموعات المسلّحة التي استولت على حيّ الشيخ مقصود في حلب. وفي أيلول/سبتمبر، كانت روسيا قد سعت للتوسّط إلى تفاهم بين الحكومة السّوريّة والمجموعات الكرديّة قبيل الهجوم على حلب، كما أفاد محمود بوزرسلان للمونيتور.
ويفيد تشتكين بأنّه بحسب مصادر كرديّة سوريّة، "لم يفضِ الاجتماع [في أيلول] إلى اتّفاق، ولم تجر أيّ اتّصالات إضافيّة مع روسيا. يقول الأكراد إنّه من المهمّ بالنّسبة إليهم أن يبقوا على تواصل مع روسيا ونظام الرّئيس السّوري بشار الأسد للحؤول دون تحوّل عفرين والشيخ مقصود إلى مناطق حرب دامية. هذا التّنسيق الظّاهر بين النّظام السّوري ووحدات حماية الشّعب الكرديّة ضدّ المجموعات المسلّحة التي أبقت الشيخ مقصود تحت نيران متواصلة، أدّت إلى تعليقات بشأن 'تعاون بين الأكراد والنّظام'. لكنّ الأمر ليس بهذه البساطة. فما نتمتّع به هو تعايش بين الصّداقة والعداوة".
وكتب تشتكين، "يجري الحديث أيضًا عن تعاون الجيش السّوري مع الأكراد في ما يتعلّق بمنطقة الباب، وهي هدف تركيا الرّئيسي من عمليّة درع الفرات. تريد قوّات سوريا الدّيمقراطيّة بقيادة الأكراد أن تحوّل المنطقة بين منبج وعفرين إلى منطقة آمنة للأكراد. ويحاول الجيش التّركي إحباط ذلك الهدف. وقد فسّر بعض المراقبين قصف الجيش السّوري للمجموعات المدعومة من تركيا المتقدّمة نحو الباب كإشارة على دعم النّظام للأكراد".
يختتم تشتكين بقوله إنّه "على الرّغم من أنّ الأكراد يرفضون المزاعم بأنّهم يتعاونون مع النّظام، قال كلّ من الأسد ومستشارته بثينة شعبان عدّة مرّات إنّهم يساعدون الأكراد وإنّ هناك تنسيقًا بينهم. بيّنت الاشتباكات، وكذلك الاتّصالات على حدّ سواء، بين الأكراد والجيش السّوري/الميليشيات الموالية للنّظام، أنّ الأكراد ليسوا جبهة في مواجهة النّظام، وأنّ النّظام ليس ضمانة للأكراد".
كتب جنكيز جندار أنّه في مؤتمر عُقِد مؤخّرًا، كان صالح مسلم، زعيم حزب الاتّحاد الدّيمقراطي، "غامضًا قدر الإمكان" بشأن الخطوات المقبلة. ويفيد جندار بأنّ "أحد مواضيع مسلم المتكرّرة كان أهميّة نموذج الحكم الذاتي الكردي في شمال سوريا. وكما أفاد، إنّ الغياب (اللاإرادي) لحزب الاتّحاد الدّيمقراطي في محادثات السّلام في جنيف، كان السّبب الرّئيسي لفشلهم. لو جرى تمثيل الأكراد كما يجب في جنيف 1 و2، لكان كلّ شيء مختلفًا جدًّا اليوم. إذًا بالنّسبة إلى مسلم، إنّ الاعتراف بالحكم الذّاتي الكردي ضروري لحلّ سلميّ للنّزاع السّوري".
روسيا ترفض تقسيم سوريا
إنّ السّياسة الخارجيّة الرّسميّة للاتّحاد الرّوسي، التي وقّع عليها الرّئيس فلاديمير بوتين يوم 30 تشرين الثاني/نوفمبر، تكرّر مصالح موسكو الرّاسخة في سوريا.
كتب مكسيم سوشكوف أنّ "موسكو أعادت تأكيد التزامها بـ'وحدة سوريا واستقلالها وسلامة أراضيها' كـ'دولة علمانيّة، وديمقراطيّة وتعدّديّة' تعيش فيها جميع المجموعات الإثنيّة والطّوائف الدّينيّة 'بسلام وأمن وتتمتّع بحقوق وفرص متساوية'".
وأضاف سوشكوف أنّ "هذه الصّيغة تعطي انطباعًا عمّا يبحث عنه الكرملين في نهاية المطاف، وعمّا سيكون عليه موقفه الأوّلي في المفاوضات بعد انتهاء 'مرحلة القتال'. جرى تصميمها أيضًا لإبطال المزاعم بأنّ روسيا تفكّر في تقسيم سوريا – مع أنّ مثل هذا الموقف لا يمنع موسكو تقنيًا من تأييد الفدرالية في حال طُرِح يومًا مثل هذا الخيار على الطّاولة".