ما الذي تنوي تركيا فعله؟ بات السؤال مسألة ملحة جديدة اليوم بعد أن تفقّد كلّ من وزير الدفاع التركي فكري إشيق وقائد القوات البرية الفريق أول صالح ذكي جولاق، الوحدات العسكرية التركية المنتشرة قرب الحدود التركية السورية، وذلك بعد يوم واحد من احتشاد القوات التركية بدباباتها ومركباتها المدرعة قرب منطقة سيلوبي على الحدود التركية مع العراق. وفي تطور متّصل، التقى رئيس هيئة الأركان التركية خلوصي أكار، محاطاً برئيس جهاز المخابرات هاكان فيدان، بنظيره الروسي فاليري غيراسيموف في موسكو لإجراء محادثات حول سوريا.
توقّع مدير تحرير صحيفة يني شفق اليومية الموالية للحكومة إبراهيم كاراغول في مقال اليوم "أن تبدأ تركيا بسلسلة من التدخلات العسكرّية الصادمة."
قال إشيق في 2 تشرين الثاني – نوفمبر ان "تركيا تستعدّ لجميع الاحتمالات" في ما يتعلق بالتطورات في المنطقة. وأضاف ان "تركيا تحترم وحدة أراضي العراق، ولكن [أنقرة] عازمة على درء أي تهديد إرهابي قادم من العراق".
ردّ رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بقسوة على الخطوات التركية. قال في 1 نوفمبر " لا نريد حرباً مع تركيا ". "ولكن إذا ما أرادوا الحرب فنحن مستعدون لها. وسنعتبر [تركيا] عدواً ونتعامل معها كعدو."
ولصبّ الزيت على النار، توجّه وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو الى العبادي، قائلاً "لو كان لديك القوة، لماذا اذاً استسلم الموصل للمنظمات الإرهابية؟ لو كنت قوياً جداً، لماذا اذاً احتل [حزب العمال الكردستاني] أرضكم لسنوات؟ "
تحدّث مسؤول غربي الى المونيتور شرط عدم الكشف عن اسمه، قائلاً لقد تمّ التعامل بجدّية مع احتمال وقوع مواجهة عسكرية بين أعضاء التحالف ضد تنظيم الدولة الاسلامية (داعش). وقال المسؤول انه "في حين أننا لا نزال نرى ذلك كأمر غير محتمل، يعني سلوك تركيا غير المتوقع والذي يزداد جنوحاً انه لا يمكننا عدم استبعاد ذلك". يستنزف هذا الصراع الطاقة بعيداً عن معركة الموصل التي ينبغي أن تكون محلّ تركيز التحالف ضد داعش بشكل أساسي.
وقيل أن العبادي يحثّ واشنطن على شدّ عضلاتها العسكرية لردع أي توغّل تركي. الاّ أن ذلك من شأنه أن يدفع بالولايات المتحدة باتجاه موقف حرج كالتعامل مع حليف مهمّ في حلف شمالي الأطلسي كقوة معادية. كما من شأن ذلك أن يضاف إلى التوترات القائمة مع أنقرة حول دعم واشنطن للميليشيات الكردية السورية المعروفة باسم وحدات حماية الشعب. اذ تعتبر تركيا هذه الجماعة "ارهابية" بسبب علاقاتها الوثيقة بحزب العمال الكردستاني.
ولدى تركيا عدة مئات من القوات الخاصة المتمركزة في الموصل ، كمات تصرّ على المشاركة في الحملة الجارية لاستعادة السيطرة على المدينة. الاّ أن العبادي يرفض مشاركة تركيا ويريد من قواتها أن تنسحب على الفور.
وترفض تركيا التزحزح. وترى أن وجودها العسكري يعطيها القدرة على التأثير على خطط الإدارة المستقبلية لمدينة الموصل. كما أن تركيا قلقة جداً من أن تستهدف وحدات الحشد الشعبي الشيعية التركمان السنة في تلعفر المجاورة بسبب دورهم في طرد - وقتل - الآلاف من التركمان الشيعة عندما سيطر داعش على تلعفر في العام 2014.
كما تعتقد تركيا أيضاً أن عدة مئات من مقاتلي حزب العمال الكردستاني المتمركزين في معقل اليزيدية في سنجار قد تتواطؤوا مع الحشد الشعبي لتحصين نفسهم في المنطقة أكثر فأكثر، وخلق جسر استراتيجي من العراق إلى الأراضي التي تسيطر عليها وحدات حماية الشعب في سوريا. يردد كاراغول وجهة النظر السائدة في أنقرة، قائلاً ان هذا كله جزء من مخطط إيراني أوسع لتعزيز نفوذها على طول الحدود التركية.
في افتتاحية لمركز وودرو ويلسون، وافق الأكاديمي البريطاني غاريث ستانسفيلد أن حزب العمال الكردستاني قد يدخل الى تلعفر "لأنه يمكن أن يكون قد تشجّع من قبل قيادة الميلشيات [الشيعية]" لزيادة العداء لتركيا "، وأنه "ما من طريقة أفضل لتحدي الدولة التركية سوى من خلال حزب العمال الكردستاني ".
تعهد رئيس تركيا المتشدد رجب طيب أردوغان مراراً إلى انه سيلجأ إلى الوسائل العسكرية لمنع مثل هذا الشيء من الحدوث إذا لزم الأمر. كان التوغل التركي في شمال سوريا في آب - أغسطس لاقتلاع داعش من حدودها ولإثبات أنه عندما يتعلّق الأمر بحزب العمال الكردستاني، تركيا مستعدة للتدخل لإسكاته.
تسعى واشنطن جاهدة لتفادي الصراع في العراق. لكن جهودها لإخراج حزب العمال الكردستاني من سنجار قد استضم بمقاومة شديدة من قيادة حزب العمال الكردستاني. ولم يتّضح بعد ما إذا كانت واشنطن مستعدة لاستخدام نفوذها على وحدات حماية الشعب للدفع بحزب العمال الكردستاني إلى أن يكون أكثر تعاوناً، في حين تحتاج فيه "الى مشاركة الأكراد السوريين في الهجوم المخطط له ضد معقل داعش في سوريا، أي الرقة. وخلص ستانسفيلد الى أنه مع دفع الحشد الشعبي باتجاه تلعفر "، فان فصلاَ خطيراً جداً يُتوقّع أن ينكشف. "