سيبدأ سفير جنوب افريقيا لدى فلسطين، اشرف سليمان في الايام المقبلة، جولة من المفاوضات والمحادثات مع عدة اطراف فلسطينية، كتجمع وطنيون لانهاء الانقسام، ومركز مسارات، في خطوة اولى، ضمن مشروع ترعاه جنوب افريقيا، هدفه انهاء الانقسام الفلسطيني، وانجاز الوحدة الوطنية، حيث سيبدأ سليمان مشاوراته مع مركز مسارات وتجمع وطنيون لانهاء الانقسام بعد انتهاء اجازة عيد الاضحى، استكمالا لجهوده التي بدأها بلقاء عوض عبد الفتاح، من مبادرة جنوب افريقيا في 7 ايلول/ سبتمبر.
ودخلت جنوب إفريقيا على خطّ المصالحة الفلسطينيّة والوحدة الوطنيّة من خلال رعاية مبادرة تحمل اسمها، اسسها رئيس حزب التجمّع الوطنيّ الديمقراطيّ داخل الخطّ الأخضر عوض عبد الفتّاح قبل عامين، مع عدة نشطاء ومناصرين للقضية الفلسطينية في جنوب أفريقيا، بإشراف مؤسسة IPSA (مؤسسة فلسطين-جنوب أفريقيا) لم تكن ناشطة وقت التأسيس، لكنها بدأت بالعمل على موضوع الانقسام الفلسطيني، وحظيت بصدى لدى المتابعين بعد عقدها لقاءين للحوار الفلسطينيّ في كيب تاون، الأوّل جرى في 3 نيسان/إبريل، والثاني في نهاية تمّوز/يوليو، وضمّا ممثلين عن الفصائل الفلسطينيّة ومفكّرين وإعلاميّين ومستقلّين، وهو ما جعل جنوب افريقيا تتبنى المبادرة.
ورغم ان تأسيس هذه المبادرة جاء قبل عامين، لكنه جرى تفعيلها مؤخرا بالعمل على ارض الواقع، من خلال عقد لقاءين في اقل من نصف عام، وما زاد من زخمها هو رعايتها من قبل حكومة جنوب افريقيا، التي ابدت رغبتها برعاية حوار بين اطراف فلسطينية سياسية ومجتمعية تسعى لانهاء الانقسام، بعيدا عن حركتي حماس وفتحيهدف مشروع جنوب افريقيا الى الجمع بين 3 مبادرات، تكون قادرة على تشكيل لوبي وطني وفكري ضاغط لانهاء الانقسام، وهو الذي سيبدأ به سفير جنوب افريقيا بعد انتهاء اجازة عيد الاضحى المبارك.
إنّ حراك جنوب إفريقيا سيترأسه سفيرها لدى فلسطين أشرف سليمان استجابة لطلب عوض عبد الفتّاح خلال لقاءاتهم الثنائية ، وسيسعى عبره الى التنسيق وجمع جهود 3 مبادرات فلسطينيّة مطروحة، هي مبادرة جنوب إفريقيا السابقة الذكر، وثيقة المركز الفلسطينيّ لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية "مسارات"، وتجمّع "وطنيّون لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنيّة، وفق ما كشفه عبد الفتاح لـ"ألمونيتور".
واطلق مركز "مسارات" وثيقة للوحدة الوطنيّة الفلسطينية في 14 شباط/فبراير، تحتوي خلاصة الحوارات الفلسطينية غير الرسمية ، التي رعاها ونظمها المركز مع الفصائل والشخصيّات السياسيّة والمفكّرين خلال سنوات، والذي نظم ايضا مؤتمر ضخم في 8أب/اغسطس تحت عنوان "نحو رؤية شاملة لإعادة بناء الوحدة الوطنية".
أمّا تجمّع "وطنيّون لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنيّة" اعلن يوم 7 نيسان/ابريل في بيان صحفي ان انطلاقته سيكون في 9 نيسان/إبريل من خلال عقد مؤتمر تأسيسي ، وهو عبارة عن تجمع فاعل مكوّن من شخصيّات تسعى إلى تحقيق الوحدة الوطنيّة، وهو مفتوح لكلّ الفلسطينيّين في كلّ أماكن تواجدهم.
وقال عوض عبد الفتّاح لـ"المونيتور": إنّ "الحراك الجنوب إفريقيّ هدفه تنسيق الجهود والرؤى بين 3 مبادرات فلسطينيّة في محاولة للجمع ما بينها لتشكيل لوبي او مجلس ضاغط ، وهي مبادرتنا التي ترعاها جنوب إفريقيا، ومبادرة مركز مسارات التي استطاعت صياغة أفكار واضحة حول كيفيّة إنجاز برنامج عمل وطنيّ وإنهاء الإنقسام، ومبادرة تجمّع وطنيّون لإنهاء الانقسام، وهو ينشط بفعاليّاته على الأرض للتوصّل إلى رؤية تكامليّة في ما بينها، وهو العمل الذي سيباشر به سفير جنوب افريقيا اشرف سليمان بعد ايام من خلال عقد عدة لقاءات مع القائمين على المبادرات الثلاثة."
أضاف: "التقيت سفير جنوب إفريقيا لدى فلسطين أشرف سليمان في 7 أيلول/سبتمبر، واقترحت عليه عقد لقاءات مع القائمين على مبادرتي مسارات ووطنيّون لإنهاء الانقسام، والعمل على دمج المبادرات مع بعضها، من أجل تشكيل لوبيّ شعبيّ ضاغط على أطراف الانقسام، ووافق السفير على القيام بهذه المهمّة، التي ستبدأ في الأيّام المقبلة".
وتابع عبد الفتّاح: "هناك تقارب في الكثير من الأفكار بين المبادرات الثلاث".
وستعتمد جنوب إفريقيا لإنجاح جهودها المقبلة، على علاقتها القويّة مع السلطة الفلسطينية والفصائل، وعلى مكانتها الرفيعة لدى الشعب الفلسطيني، بسبب مواقفها الداعمة لقضيته الوطنية والتي كان اخر مظاهرها تدشين الرئيس محمّود عباس في ظل حضور شعبي ميدان الرئيس الأسبق لجنوب إفريقيا نيلسون مانديلا بمدينة رام الله في 26 نيسان/إبريل ونصب تمثال ضخم لمانديلا على الميدان في اليوم نفسه. وقال رئيس بلديّة جوهانسبرج باركس تاو عن ذلك خلال مؤتمر صحافيّ في 25 نيسان/إبريل: "نصب مانديلا رمز للحريّة وإلهام للشعب الفلسطينيّ ليحصل على حريته وحقه في تقرير مصيره".
من جهته، قال مدير مركز "مسارات" هاني المصريّ لـ"المونيتور": إن جنوب إفريقيا تربطها علاقات صداقة مع الفلسطينيّين، ويهمّها أن ينتهي الإنقسام، وقد نظّمت ندوتين سابقتين، وتخطّط لتنظيم ندوات في المستقبل لدفع الأطراف الفلسطينيّة للتوصّل إلى صيغة تساهم في إنهاء الإنقسام.
وأبدى هاني المصريّ استعداد المركز للتّعاون مع كلّ الأطراف الساعية إلى بلورة صيغة تنهي الإنقسام وتعيد تشكيل برنامج وطنيّ، وقال: "لدينا في مركز مسارات تصوّرات كاملة حول كيفية إنهاء الإنقسام وتحقيق الوحدة الوطنيّة وتمّت صياغتها في وثيقة الوحدة الوطنيّة، ونرحب بأيّ مسعى للاستفادة من تلك التصوّرات".
وعن أهميّة وثيقة "مسارات"، قال المصريّ: "إنّ وثيقة مسارات تحاول إغلاق الثغرات وإزالة العراقيل التي كانت تعترض الإتفاقيّات السابقة. ولذلك، رأينا أن تكون رزمة كاملة، لا أن تكون حلاًّ جزئيّاً للقضايا الخلافيّة، ويجب إشراك الشعب الفلسطينيّ بكلّ تجمّعاته، وليس الفصائل السياسيّة فقط، والتركيز على بلورة استراتيجيّة وطنيّة".
وأبدى ترحيبه بجهد جنوب إفريقيا، مشدّداً على ضرورة أن تكون لدى الشعب الفلسطينيّ القدرة الداخليّة لبلورة تيّار شعبيّ ثالث للضغط على أطراف الأزمة، لان دون ذلك الضغط الشعبي لن يكتب لمبادرة جنوب افريقيا النجا، في حين لو كان هناك ضغط شعبي كبير على اطراف الانقسام، فأن هذا سيساعد في نجاح جنوب إفريقيا.
وخاضت حركتا "فتح" و"حماس" منذ بداية الإنقسام في أواسط عام 2007 العديد من جولات المفاوضات لطيّ صفحة الإنقسام. كما وقّعت الحركتان إاتفاقيّات عدّة في مصر، السعوديّة، اليمن، وقطر، فشلت كلّها في تحقيق المصالحة على أرض الواقع، وكان آخرها توقيع إتّفاق الشاطئ في 23 نيسان/إبريل من عام 2014، وفشل لقاءات المصالحة بين الحركتين في الدوحة بـ18 حزيران/يونيو من عام 2016.
من جهته، قال عضو تجمّع "وطنيّون لإنهاء الإنقسام" في الضفّة الغربيّة تيسير الزبري لـ"المونيتور": "كما علمنا، فإنّ الإخوة في جنوب إفريقيا لديهم مشروع لحلّ الخلاف الفلسطينيّ، وهم يقومون بجمع معلومات من كلّ الأطراف الوطنيّة للتوصّل إلى صيغة تستطيع أن تنجح وتلقى قبول كلّ الأطراف على الساحة الفلسطينيّة".
أضاف: "التقينا بالقائمين على مبادرة جنوب إفريقيا وجرى بيننا تقارب كبير، وكان التركيز على كيفيّة نقل عمليّة الحوار السياسيّ إلى الشارع الفلسطينيّ، أيّ إشراك المؤسّسات والنقابات والفصائل ولجان حقوق الإنسان والمواطنين في عمليّة الضغط على أطراف الإنقسام".
وأبدى تيسير الزبري ترحيب تجمّعه بكلّ الوفود، التي تريد العمل والتّعاون من أجل إنهاء الإنقسام وتحقيق الوحدة الوطنيّة الفلسطينيّة، وقال: "إنّ التجمّع سيقوم بدراسة أيّ أفكار معروضة عليه عبر دوائره المختلفة".
ورغم أهميّة الحراك، الّذي تبذله أطراف دوليّة عدّة تربطها علاقة صداقة مع الفلسطينيّين لطيّ صفحة الإنقسام، إلاّ أنّ تلك الجهود ستبقى فرص نجاحها ضعيفة، إذا لم تقترن بتحرّك الشعب الفلسطينيّ على الأرض، من خلال تنظيم المسيرات الشعبية باعداد كبيرة من المواطنين، والمؤتمرات الوطنية، والاعتصامات في ميادين وشوارع المدن، للضغط على أطراف الإنقسام وإجبارها على إنهاء هذا الملف الذي ناهز عمره 9 سنوات.