تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

انتهاكات جبهة النصرة... حملة توثّق ما يقوم به التنظيم بالسرّ على الرغم من المخاطر

مع ازدياد نفوذ جبهة النصرة (تنظيم القاعدة فرع سوريا)، نشطت حملة تحت اسم "توثيق انتهاكات جبهة النصرة"، لتوثيق ما يقوم به التنظيم، وفضح ممارساته على الإعلام.
Islamist Syrian rebel group Jabhat al-Nusra members gesture while posing on a tank on Al-Khazan frontline of Khan Sheikhoun, northern Idlib province May 17, 2014. REUTERS/Hamid Khatib (SYRIA - Tags: CIVIL UNREST MILITARY POLITICS CONFLICT) - RTR3PM9N

اسطنبول - أصبح الحراك الثوريّ السوريّ بعد ازدياد نفوذ جبهة النصرة في الشمال السوري ومدينة ادلب بالدرجة الأولى منذ بدايات 2014، يقتصر على المجموعات المخفيّة والعاملة في السرّ للتوثيق والإعلام بسبب ما تقوم به جبهة النصرة من اعتداءات على الصحافيّين والناشطين. ومن هنا، خرجت حملة لتوثيق ما يقوم به التنظيم من انتهاكات تحت اسم "انتهاكات جبهة النصرة" وهي حملة تطوعية غير ممولة ويتكفل بمصاريفها اعضاء الحملة نفسهم دون أي دعم في الشهر الأوّل من عام 2015. وكان القائم عليها في شكل رئيسيّ شباب من محافظة إدلب ممّن عانوا من جبهة النصرة، وتمّ اعتقالهم وتهجيرهم خارج بلدهم.

ومن المؤسّسين لهذا العمل، عاصم زيدان الذي التقاه "المونيتور" في غازي عينتاب/تركيا، ليتحدّث عن الحملة التي تهدف بحسب وصفه إلى مناهضة جبهة النصرة من الناحية الفكريّة والإنسانيّة عن طريق العمل المدنيّ والحقوقيّ. وقال: "بعد توسّع اعتداءات جبهة النصرة على الصحافيّين والمدنيّين وفصائل الجيش السوريّ الحرّ، كان لا بدّ من حملة توثّق هذه التصرّفات بالأسماء والتواريخ بكلّ السبل القانونيّة الممكنة. وأوجدنا ذلك بمجموعة من الشباب المتواجدين في خارج تركيا لسهولة تحرّكهم وعدم تواجدهم المباشر في مناطق التنظيم".

يقوم فريق الحملة بنشاطات سريّة من رمي مناشير توعويّة ورسوم غرافيتي على الجدران، كما يقوم بعمليّات رصد ميدانيّة لما يقوم به التنظيم يوميّاً من أفعال جديدة على المجتمع السوريّ، يرفد موادّه بصور مأخوذة خلسة من حادثة إعدام امرأة أو اعتقال صحافيّ، لتكون توثيقاً إضافيّاً لما يجري، فلا أحد يجرؤ على رفع الكاميرا لتصوير هكذا حوادث وإلّا ستقابله تهمة بمناهضة التنظيم، وكثيراً ما تصل إلى الإعدام.

يقومون بالتصوير بكمرات مخفية ويقوم بذلك اعضاء الحملة الذين يقترب عددهم لحوالي ال 25 شخص بالداخل وعشر اشخاص بالخارج وفق ما قال زيدان.

ويقول زيدان: "هدفنا من هذه الحملات هو توعية السكّان لخطر الفكر التابع إلى تنظيم القاعدة وإبعادهم عنه قدر الإمكان، على الرغم من معرفتنا بخطورة مثل هكذا عمل. فمعظم من يتمّ اعتقالهم من الناشطين ليس للتهم الموجّهة إليهم، وإنّما لأسباب كيديّة تتعلّق بعدم قبولهم بممارسات جبهة النصرة، وكثيراً ما يتمّ اعتقال أشخاص بسبب تعليقات على "فيسبوك" تنتقد أفعالاً قاموا بها، أو تصريحات إعلاميّة مغايرة لسياسات جبهة النصرة، ولهذا السبب ركّزنا على أن يكون كادر الحملة البارز كلّه مقيماً خارج الأراضي السوريّة، إضافة إلى أشخاص في الداخل السوريّ نستخدم معهم آليّات تشفير معيّنة لتبادل البيانات، إضافة إلى إعطائهم أسماء حركيّة حرصاً على سلامتهم، وهي الاحتياطات نفسها التي كنّا نتّخذها للوقاية من اعتقالات النظام السوريّ".

ومع كلّ هذه الاحتياطات الأمنيّة، إلّا أنّ أعضاء الحملة لم يسلموا من الاعتقال، فقد تمّ اعتقال بعضهم في مدينة إدلب، وقد تمّ إطلاق سراح البعض منهم بعد فترة بسبب وساطات أو دفع فديات ماليّة، إلّا أنّ البعض الآخر لا يزال محتجزاً لديهم ينتظر مصيراً مجهولاً في ظلّ انعدام أيّ شكل عادل من المحاكمات.

تنشط الحملة على مواقع التواصل الاجتماعيّ كـ"فيسبوك" و"تويتر" في شكل كبير، كما ينشط أنصار جبهة النصرة بكثرة ضدّهم على المواقع نفسه، وهذا كان سبباً لإغلاق العديد من صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعيّ وخسارة عدد من المعلومات والمتابعين.

لم تكن الحملة منظّمة بهذه الطريقة منذ البداية، فقد كانت بدايتها مطلع عام 2015 عبر ثلاثة أشخاص ينشرون على مواقع التواصل الإجتماعي بشكل غير منظّم، ما يدور من أحداث يوميّة في مناطق سيطرة جبهة النصرة الّتي باتت مغيّبة عن الإعلام، وحتّى الإعلام المسموح له بالعمل هناك مثل قناة "أورينت"، فهو يخضع إلى رقابة من النصرة، ولا يسمح له بنشر إلاّ أخبار التقدّم على قوّات النظام عندما يحصل، والتقارير الميدانيّة واليوميّة الّتي لا تتعرّض للنصرة وانتهاكاتها. وبعد أقلّ من شهر، بدأت تصل مراسلات إلى بريد الصفحات من أشخاص لهم حسابات بأسماء مستعارة يرسلون تفاصيل قيام التنظيم باعتقالات وانتهاكات بحقّ المواطنين.

وفي هذا الإطار، قال زيدان: "في البداية، توخّينا الحذر جدّاً من هذه الحسابات كوننا لا نعرفها ولا نعرف من يمتلكها، لكنّنا في كلّ مرّة كنّا نتحقّق من الأخبار عبر أصدقائنا في الداخل تكون صحيحة، وحتّى الصور تبيّن لنا أنّها تؤخذ فعلاً من مواقع الحدث عبر كاميرات مخفيّة. ومن هنا، نشأت الثقة، وبدأنا ننظّم أنفسنا بجسم واحد إلى أن أصبحنا اليوم نقترب من أن نكون مؤسّسة إعلاميّة وتوثيقيّة كاملة".

أضاف: "إنّ اعضاء الحملة يتمّ اختيارهم من قبل المؤسّسين عبر تزكيات من الأعضاء الحاليّين لنتأكّد من أنّ التعامل مع الأعضاء الجدد سيكون آمناً، وأنّ الشخص فعلاً مناهض لجبهة النصرة وليس جاسوساً لصالحها. كما نحاول أن نحصر العلاقات الخارجيّة مع وسائل الإعلام والأشخاص بعدد قليل من أعضاء الحملة لكي لا يتمّ التعرّف على بقيّة الأعضاء",

وتسعى الكثير من المجموعات السوريّة إلى الحصول على تمويل من جهات داعمة بشكل مباشر أو عبر وسطاء مثل مكتب الإتّصال الخاص بسوريا، وتقوم هذه الجهات الداعمة بمساعدة المنظّمات غير الحكوميّة، ويتضمّن الدعم رواتب ومصاريف تشغيليّة على أن تكون المنظّمة مرتبطة بالشأن السوريّ، إلاّ أنّ حملة "توثيق إنتهاكات جبهة النصرة" لم تتمكّن من الحصول على تمويل حتّى اليوم. وشرح زيدان سبب ذلك بقوله: "كلّما تقدّمنا بطلب تمويل إلى إحدى المنظّمات الداعمة يتمّ رفضه لأسباب متنوّعة، فتارة يتمّ الرفض بسبب عدم دعم مشاريع من هذا النوع، وطوراً يتمّ الرفض من دون توضيح الأسباب، لكنّنا ندرك أنّ السبب الحقيقيّ وراء ذلك هو عدم رغبة المنظّمات في دعم نشاطات تثير غضب جبهة النصرة، ممّا يشكّل خطراً على بقيّة المنظّمات الّتي يدعمونها في الداخل السوريّ".

وتسعى حملة التوثيق إلى محاسبة عناصر جبهة النصرة ممّن يرتكبون إنتهاكات بحقّ السوريّين، وفق السبل القانونيّة المتاحة، ففي حال خرج أحدهم وترك القتال في سوريا ليذهب طالباً اللّجوء في أوروبا فهي تتقدّم بالوثائق الموجودة لديها إلى الدولة المتواجد فيها لتتمّ محاسبته على ما ارتكب. أمّا الّذين ما زالوا يقاتلون في سوريا فهي تحتفظ بملفّاتهم إلى حين وجود قضاء مستقلّ يستطيع محاسبتهم.

وعن المحاكمات، قال جودت ملص: "في كثير من الأحيان، قمنا بفضح ممارسات بعض أمراء النصرة أو أقاربهم، وقام التنظيم بحركات استعراضيّة لمحاسبتهم، إلاّ أنّها كانت مجرّد حبر على ورق أو يقوم بتغيير منصب مرتكب الجريمة من دون سجنه أو إبعاده عن العمل".

ويتعهّد أعضاء حملة توثيق إنتهاكات جبهة النصرة بإكمال عملهم ضدّ جبهة النصرة وممارساتها، رغم ضعف الإمكانات ومخاطر العمل، ويترافق ذلك بدعمهم إعلاميّاً وقانونيّاً لنشاطات القوى المعتدلة من الجيش الحرّ ومنظّمات المجتمع المدنيّ، الّتي تشترك معهم في التوجّهات والسعي إلى سوريا مدنيّة ديموقراطيّة لكلّ السوريّين.

Join hundreds of Middle East professionals with Al-Monitor PRO.

Business and policy professionals use PRO to monitor the regional economy and improve their reports, memos and presentations. Try it for free and cancel anytime.

Already a Member? Sign in

Free

The Middle East's Best Newsletters

Join over 50,000 readers who access our journalists dedicated newsletters, covering the top political, security, business and tech issues across the region each week.
Delivered straight to your inbox.

Free

What's included:
Our Expertise

Free newsletters available:

  • The Takeaway & Week in Review
  • Middle East Minute (AM)
  • Daily Briefing (PM)
  • Business & Tech Briefing
  • Security Briefing
  • Gulf Briefing
  • Israel Briefing
  • Palestine Briefing
  • Turkey Briefing
  • Iraq Briefing
Expert

Premium Membership

Join the Middle East's most notable experts for premium memos, trend reports, live video Q&A, and intimate in-person events, each detailing exclusive insights on business and geopolitical trends shaping the region.

$25.00 / month
billed annually

Become Member Start with 1-week free trial
What's included:
Our Expertise AI-driven

Memos - premium analytical writing: actionable insights on markets and geopolitics.

Live Video Q&A - Hear from our top journalists and regional experts.

Special Events - Intimate in-person events with business & political VIPs.

Trend Reports - Deep dive analysis on market updates.

Text Alerts - Be the first to get breaking news, exclusives, and PRO content.

All premium Industry Newsletters - Monitor the Middle East's most important industries. Prioritize your target industries for weekly review:

  • Capital Markets & Private Equity
  • Venture Capital & Startups
  • Green Energy
  • Supply Chain
  • Sustainable Development
  • Leading Edge Technology
  • Oil & Gas
  • Real Estate & Construction
  • Banking

We also offer team plans. Please send an email to pro.support@al-monitor.com and we'll onboard your team.

Already a Member? Sign in

Start your PRO membership today.

Join the Middle East's top business and policy professionals to access exclusive PRO insights today.

Join Al-Monitor PRO Start with 1-week free trial