أردوغان لا يتراجع عن موقفه المعارض لدعم الولايات المتّحدة للأكراد السّوريّين
انتقد الرّئيس التّركي رجب طيّب أردوغان دعم حكومة أوباما للثوار الأكراد السّوريّين الذين يحاربون تنظيم الدّولة الإسلاميّة، وذلك أثناء زيارة قام بها إلى واشنطن الأسبوع الماضي.
التقى أردوغان الرّئيس الأميركي باراك أوباما على هامش قمّة الأمن النووي في 31 آذار/مارس، بعد أن جرى سابقًا رفض طلبه بعقد اجتماع خاصّ. وإنّ نائب الرئيس الأميركي جو بايدن، في اجتماع منفصل مع أردوغان، "كرّر أنّ الولايات المتّحدة تعتبر حزب العمّال الكردستاني منظّمة إرهابيّة أجنبيّة، وتعهّد القائدان بتعميق التّعاون في مجال مكافحة جميع أنواع الإرهاب، بما في ذلك حزب العمّال الكردستاني".
ودافع الرّئيس التّركي أيضًا عن أسباب معارضته لسياسات حكومة أوباما في سوريا في محافل أخرى حول العاصمة الأميركيّة، بما في ذلك في خلال حفل عشاء استضافه مجلس الأعمال التّركي الأميركي للمفكّرين والمسؤولين الأميركيّين السّابقين، كما في مناسبات في معهد بروكينغز، والمجلس الأطلسي وفي اجتماع مع قادة يهود أميركيّين.
ذاقت واشنطن طعم أسلوب أردوغان عندما قامت حاشية الرّئيس التّركي الأمنيّة الكثيفة بـ"دفع الصّحفيّين والمحتجّين الأتراك والأجانب، وتهديدهم وركلهم" قبل أن يلقي الرّئيس كلمته في معهد بروكينغز. وكما ورد في موقع 'فورين بوليسي'، "قال رئيس معهد بروكينغز ستروب تالبوت لمسؤول تركي إنّ المنظّمة مستعدّة لإلغاء الزّيارة مع أنّ موكب أردوغان كان قد انطلق بالفعل متّجهًا إلى الحدث". لكنّ المسؤول التّركي تدخّل لتهدئة المواجهة خارج معهد بروكينغز كي لا يتمّ إلغاء خطاب الرّئيس.
وقال أوباما في وقت لاحق، "أعتقد أنّ المقاربة التي اعتمدوها [الحكومة التّركيّة] إزاء الصّحافة هي مقاربة قد تقود تركيا في مسار مقلق للغاية".
وإنّ المشهد الذي جرى في ساحة ماساتشوستس أوضح للنّخب السياسيّة في واشنطن المقاربة المعادية للدّيمقراطيّة التي يعتمدها الرّئيس التّركي في السّياسة، والتي تكتسب طابعًا شخصيًا أكثر فأكثر، وهذا أمر ليس بغريب عن قرّاء نبض تركيا في المونيتور.
أفاد متين تورجان هذا الأسبوع عن خطاب أدلى به أردوغان أمام قيادة الكليّة الحربيّة، التي تُعتبَر المؤسّسة التّعليميّة الأبرز في القوّات المسلّحة التّركيّة. وكتب تورجان أنّ "ما أثار دهشة المستمعين كان انحراف أردوغان عن الممارسة المتّبعة باعتبار منصب 'القائد الأعلى' وصفًا رمزيًا، مع ترك المسائل الأمنيّة في الواقع لرئيس الوزراء ورئيس هيئة الأركان العامّة. للمرّة الأولى، استعمل أردوغان مصطلح 'القائد الأعلى التّنفيذي'، بعبارات أخرى، القائد الأعلى الحقيقي. والجدير بالذّكر هو أنّ سهام أردوغان كانت موجّهة العام الماضي إلى حركة كولن، في حين كان هدفه الرّئيسي هذا العام هو الغرب. وتحدّث عن نفاق الدّول الغربيّة في محاربة الإرهاب قائلاً، "لم يتعظوا بكلامنا ولم ينصتوا لتحذيراتنا، وفي النّهاية، بدأت الأفاعي تلدغهم والألغام تنفجر تحت أقدامهم. والآن يمكنكم أن تروا كيف أنّ الذين يدافعون عن الحريات الدّيمقراطية والحقوق والقوانين ينسون كلّ هذه القيم عندما تحلّ المصيبة عليهم".
وكتب سميح أيديز أنّ أردوغان انفجر غاضبًا على دبلوماسيّين أجانب لحضورهم محاكمة مراسلين في صحيفة "جمهوريت"، وقال، "هذا ليس بلدكم. هذه تركيا. يمكنكم التحرّك داخل مبنى القنصلية وفي حدود القنصلية فقط، لكن عليكم الحصول على تصريح للقيام بذلك في أيّ مكان آخر".
وأضاف أيديز أنّ "أردوغان لم يكن سعيدًا لرؤية نائب الرّئيس الأميركي جو بايدن يلتقي عائلة [رئيس تحرير صحيفة جمهوريت جان] دوندار أثناء زيارته إلى تركيا في كانون الثاني/يناير، بخاصّة بعد أن تردّد أنّ بايدن قال لابن دوندار إنّ 'والده شجاع جدًا ويجب أن يفتخر به'. أمّا واشنطن فتواصل تأكيدها على أنّ هذه المسألة وغيرها من التّطوّرات التي تقوّض الدّيمقراطيّة في تركيا تهمّها بشدّة. من جهة أخرى، يجري انتقاد الاتّحاد الأوروبي لإظهاره تساهلاً تجاه تركيا بسبب حاجته إلى التّعاون مع أنقرة في مسألة تدفّق اللّاجئين من سوريا وغيرها من دول الشّرق الأوسط؛ لكنّ أيًا من ذلك لم يحل دون متابعة دبلوماسيّين من الاتّحاد الأوروبي لبعض القضايا في تركيا. وكان كلّ من السّفير الألماني وقناصل دول رئيسيّة في الاتّحاد الأوروبي فضلاً عن أستراليا، والولايات المتّحدة وكندا، حاضرين الأسبوع الماضي في اسطنبول في جلسة محاكمة دوندار و[الصّحفي في جمهوريت اردم] غول".
الأكراد السّوريّون ينشئون هياكل للحوكمة
عرض فهيم تشتكين هذا الأسبوع لمسألة إعلان "النّظام الاتّحادي الدّيمقراطي لروج آفا وشمال سوريا، [والذي] من شأنه أن يضمّ حوالي 4 ملايين شخص، وأن يشمل كانتونات روج آفا الثلاثة، الجزيرة، وكوباني وعفرين، فضلاً عن تل أبيض ومناطق في شمال محافظة حلب استعادتها القوّات الكرديّة".
ويشرح تشتكين، "تقوم الحركة السّياسيّة الكرديّة بالعمل على هذا النّظام على الرّغم من تهديدات تركيا. يتولّى الأكراد إنشاء مجالس شعبيّة في أماكن يشكّل فيها الأكراد الأكثريّة، وإنشاء مجالس تأسيسيّة (مجالس الأعيان والشيوخ) في أماكن أخرى. على سبيل المثال، اجتمع المجلس الأوّل لمناطق الشهباء في 28 كانون الثاني/يناير وأعلن أنّه يعترف فقط بقوّات سوريا الدّيمقراطيّة التي تتألّف من وحدات حماية الشّعب والمجموعات العربيّة والتّركمانيّة، وبالجمعيّة السّوريّة الدّيمقراطيّة التي جرى تشكيلها لإرسال وفد إلى محادثات السّلام في جنيف. بالإضافة إلى ذلك، وبعد تطهير تل أبيض من داعش، أنشأ الأكراد مجلسًا من 113 عضوًا، ومجلسًا تنفيذيًا مؤلّفًا من 7 عرب، و4 أكراد، وتركمانيّين وأرمني واحد. ... وعلى الرّغم من معاداته لحزب الاتّحاد الدّيمقراطي، فإنّ المجلس الوطني الكردي، الذي يدعمه رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني، مؤيّد للفدراليّة كمعيار".
ويضيف تشتكين أنّ "الأكراد تحت قيادة حزب الاتّحاد الدّيمقراطي واثقون من مستقبلهم في المناطق ذات الأكثريّة الكرديّة. ناقش الأكراد منذ فترة طويلة مفهوم الحكم الذاتي الدّيمقراطي الذي صاغه قائد حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان. لكنّ هذا ليس موضوعًا مألوفًا لدى عرب سوريا القبليّين. وتقول مصادر كرديّة إنّهم تحوّلوا إلى الفدراليّة لأنّ عددًا كبيرًا من الأشخاص لم يتمكّنوا من فهم ما يستتبعه الحكم الذاتي الدّيمقراطي ونظام الكانتونات. الأكراد هم مجتمع منظّم قادر على التّعامل مع مؤسّسات الحكم الذاتي الديمقراطي. ولقد اكتسبوا خبرة هامة في الحكم المحلّي على مدى الأعوام الخمسة الماضية، بدءًا باللّجان الشّعبيّة في الأحياء والقرى. فضلاً عن ذلك، تضطلع النساء بدور هام في الحكم الذاتي الكردي، ولقد خصّصت الكانتونات الكرديّة حصّة 40% لمشاركة النّساء في الشّؤون العامة. هل يمكن تطبيق ذلك في المناطق التي تحرم فيها المرأة من الأدوار العامّة؟... لا يصرّ الأكراد على دمج الأماكن التي لن تستطيع وحدات حماية الشّعب السيطرة عليها في الاتّحاد. ولهذا السّبب، إذا جرى تحرير الرقة من داعش، يمكنها أن تشكّل كيانًا فدراليًا مستقلاً. والأمر عينه ينطبق على الباب، ومنبج وأعزاز حيث يشكّل الأكراد أقلّيّة، وسيطرة وحدات حماية الشّعب عليها أمر غير وارد على الإطلاق. هم يدركون أنّ أيّ محاولة من جانب وحدات حماية الشّعب لفرض سيطرتها على المناطق التي تتواجد فيها أكثريّة ساحقة من العرب والتركمان سيكون بمثابة انتحار. وتبرز بالفعل مؤشّرات مثيرة للقلق على مقاومة قبليّة عربيّة جماعيّة للتحرّك الكردي الاتّحادي. في تلك المناطق، تروّج قوّات سوريا الدّيمقراطيّة المؤلّفة من العرب، والأكراد والتركمان، لنفسها على أنّها محور الجيش السّوري المستقبلي وتحاول إثبات أنّها هي في موقع السّلطة. باختصار، سيمرّ النظام الفدرالي الذي جرى إدخاله حديثًا بسلسلة من الاختبارات الجديّة بسبب اعتبارات دوليّة، وموقف النّظام السّوري والانقسامات الإثنيّة الطائفيّة في المنطقة".
التّوتّرات بين حماس وإيران إلى الواجهة مجدّدًا
يشرح عدنان أبو عامر كيف أنّ القرار الذي اتّخذته حركة حماس في 11 آذار/مارس بإغلاق جمعيّة "الباقيات الصالحات" الخيريّة، المرتبطة بحركة الصابرين التي يرأسها الشيعي هشام سالم، هو مؤشّر على فترة عصيبة أخرى في العلاقات بين حماس وإيران.
وكتب أبو عامر أنّ "قرار إغلاق جمعيّة 'الباقيات الصالحات' الخيريّة في غزة، قد يبدو إداريًا وفنيًا وقانونيًا، لكنّ أبعاده السياسيّة يصعب إغفالها، لتزامنه مع حالة المدّ والجزر بين حماس وإيران، لأنّ وزارة الدّاخليّة بغزة أبلغت الجمعيّة بشكل رسمي بالقرار بعد صدوره بثلاثة أشهر، لأنّ القرار تمّ اتّخاذه في ديسمبر 2015. وفي حين تحاول حماس ترميم علاقتها بطهران، لا تبدي الأخيرة اكتفاءها بذلك، وربّما تريد من حماس حسم خياراتها السياسيّة نحوها في مواجهة السعوديّة، وهذا ما لا تستطيع حماس القيام به، ولا أظنّها تريده".
هذا ويفيد علي هاشم بشأن اجتماع عقد مؤخرًا في طهران بين وفد من حركة حماس والجنرال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس، وهو فرع العمليات الخارجيّة في الحرس الثّوري الإيراني. نصح سليماني "الحركة بأن تبقى على مسافة من كلّ الاضطرابات الحاصلة في المنطقة وتعهّد بأنّ إيران ستواصل تقديم الدّعم، مع أنّ [مسؤول العلاقات الدّوليّة في حماس موسى] أبو مرزوق اتّهم إيران، في مكالمة هاتفيّة جرى تسريبها، بالكذب بشأن مزاعمها بدعم الحركة. وإنّ اتّهام مرزوق دفع بسليماني للقول في الاجتماع إنّ 'إيران لم تكذب قطّ، ولن نكذب. أرسلنا عدّة سفن محمّلة بالأسلحة للمقاومة، [لكن] جرى اعتراض بعضها. نحن لن نترككم بمفردكم. كلّما برزت تكنولوجيا جديدة يمكننا إرسالها، لن نتردّد في القيام بذلك. هذا واجبنا. ومن يقول عكس ذلك يجب أن يتذكّر أنّ الله يرى كلّ شيء'. وقال مصدر عسكري إيراني للمونيتور اشترط عدم الكشف عن هويّته إنّ أبو مرزوق حاول التواصل مع طهران لترتيب زيارة لوفد حماس المقرّر أن يسافر من القاهرة إلى الدّوحة، لكنّ ردّ الإيرانيّين كان سلبيًا، لا للوفد بل لأبو مرزوق. وقال المصدر الإيراني إنّ 'عليه أن يعتذر إذا كان متأكّدًا من رغبته في القدوم إلى طهران'".