تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

هل تضع تركيا نفسها في مواجهة عسكرية مع روسيا؟

يرى محلّلون عسكريون بارزون أن بوتن يحاول استدراج أنقرة للدخول في معركة قد يكون لها تداعيات كارثيّة على تركيا.
RTX1WU0G.jpg

يستمر التوتّر بالتصاعد بين روسيا وتركيا بعد اسقاط القاذفة الروسيّة "سوخوي أس يو 24،" التي دخلت المجال الجوي التركي في تشرين الثاني – نوفمبر 2015، مما يثير التساؤل حول امكانيّة دخول البلدين في مواجهة عسكريّة.

في حديث الى المونيتور، قال محلل عسكري تركي بارز ان من شأن الخطوة الروسيّة أن تتسبب لتركيا بكارثة.

اتّهمت تركيا الجانب الروسي بانتهاك مجالها الجوي مرة أخرى خلال الأسبوع الماضي، واستدعت السفير الروسي لديها لتقديم احتجاج رسمي على الواقعة. كما حذّر كلّ من الرئيس التركي رجب طيب اردوغان ورئيس الوزراء أحمد داوود أوغلو موسكو من أنها تلعب بالنار وسيكون عليها مواجهة العواقب.

الاّ أنه لم يتم اسقاط القاذفة المقاتلة الروسيّة "سوخوي سو 34" هذه المرة. على الرغم من تحذيرات أنقرة لموسكو، يُظهر الاحتجاج المقدّم الى السفير الروسي أن حكومة داوود أوغلو، وعلى الرغم من موقفها المتشدد الواضح، تتصرّف بحذر لتجنّب أي واقعة عسكري مشابهة مع روسيا.

قالت وزارة الخارجية التركية في بيان لها في 30 كانون الثاني - يناير انّ طائرة روسية من طراز "سوخوي سو- 34" اخترقت المجال الجوي التركي في 29 كانون الثاني. وجاء في البيان، "قبل الخرق، حذّرت وحدات الرادار التركية الطائرة الروسية عدة مرات باللغتين الإنجليزية والروسية." وأضاف البيان ان الانتهاك الجديد هذا "مثالاً آخراً على التصعيد الروسي."

وأشار البيان إلى أن هذه الأفعال ستؤدي إلى عواقب وخيمة تتحمّل روسيا مسؤوليتها كاملة. نفت موسكو من جهتها هذه الاتهامات، واعتبرتها مجرّد "دعاية تركية."

وقال الجنرال إيغور كوناشينكوف المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية في بيان صادر في 30 كانون الثاني "ان تصريحات الجانب التركي المتعلّقة بالخرق المزعوم للمجال الجوي من قبل الطائرة الروسيّة "سوخوي سو 34" عبارة عن دعاية لا أساس لها من الصحّة.

قال اردوغان فى حديثه الى الصحفيين قبيل توجّهه الى تشيلي في زيارة رسمية في 30 كانون الثاني انّ الخرق الروسي الأخير عبارة عن محاولة لتصعيد الأزمة بين البلدين. وحذّر انّه "على روسيا أن تتحمّل العواقب في حال استمرت في انتهاك الحقوق السيادية التركية."

وجّه داوود اوغلو تحذيراً مماثلاً في اليوم التالي من الرياض، حيث تواجد بهدف اجراء محادثات حول سوريا. اذ قال ساخراً من انكار روسيا انه من المستحيل إخفاء الانتهاكات عن أي شخص في هذا العصر.

قال داوود أوغلو "لا تنوي تركيا بأي شكل من الأشكال زيادة التوتّر مع روسيا،" ولفت إلى أنه تشير العملية التي كانت الطائرة الروسية تشنّها عندما انتهكت المجال الجوي التركي الى أن نية موسكو لم تكن جيدة.

وأضاف "اننا نحذر روسيا مرة أخرى. انّ الضرر الذي يتسبّبون به لعناصر المعارضة السورية والتهديد الذي يصرّون عليه فيما يتعلق بالمجال الجوي التركي ليسا في مصلحة روسيا." وتابع انّ تركيا "اتخذت جميع الاحتياطات اللازمة على طول حدودها مع سوريا."

ذكرت وسائل الإعلام التركية أن القوات الجوية التركية رفعت حال التأهب الى المستوى البرتقالي ونشرت طائرات إضافة الى قواعدها بالقرب من الحدود السورية، كما أمرت الطيّارين بإطلاق النيران على كلّ من يهدد المجال الجوي التركي.

أكّدت وزارة الدفاع الأمريكية على الانتهاك من قبل الجانب الروسي. كما ذكرت وسائل اعلام روسيّة ان مارك رايت المتحدث باسم البنتاغون توجّه الى وكالة ريا نوفوستي الروسية في بيان مكتوب قائلاً انّه يدرك البنتاغون وباستطاعته اثبات انّ روسيا خرقت المجال الجوّي التركي والمجال التابع لحلف شمال الأطلسي يوم أمس.

دعا الامين العام لحلف شمال الاطلسي ينز شتولتنبرج روسيا "الى التصرف بمسؤولية واحترام المجال الجوي التابع لحلف شمال الاطلسي بالكامل." وأضاف انه "على روسيا اتخاذ جميع التدابير اللازمة لضمان عدم تكرار هذه الانتهاكات مرة أخرى." وتابع "يقف الحلف متضامناً مع تركيا ويدعم وحدة أراضي حليفنا التركي".

في الوقت نفسه، تزيد التطورات في شمال سورية من حدة التوتر بين أنقرة وموسكو. فبعد اسقاط طائرتها، كثفت روسيا حملتها الجوية، وخاصة ضد التركمان والجماعات الإسلامية المتطرفة التي تدعمها تركيا والسعودية وقطر والتي تقاتل الجيش السوري.

كما تملك روسيا حجّة في وجه التركمان وهي أن مقاتليهم هم الذين قتلوا طيار القاذفة الروسية "سوخوي أس يو 24." وقد بدأ اللاجئون التركمان بدخول تركيا بعدما بدأ الجيش السوري ببسط سيطرته تدريجياً على المنطقة تحت بغطاء جوي روسي.

ان منع تركيا لحزب الاتحاد الديمقراطي، وهو أكبر حزب لتمثيل الأكراد السوريين، الانضمام إلى محادثات جنيف حول سوريا باعتباره منظمة إرهابية متحالفة مع حزب العمال الكردستاني، يخدم موسكو على ما يبدو.

كما تملك روسيا الآن حافزاً اضافياً لدعم حزب الاتحاد الديمقراطي وضرب تركيا في أكثر الأماكن حساسية، وهي القضية الكردية. وتقول روسيا انه لا يعقل أن يبقى حزب الاتحاد الديمقراطي بعيداً عن محادثات جنيف، وتصرّ على ان يكون جزءاً من هذه المحادثات في المستقبل.

في الوقت نفسه، اعتبرت وسائل إعلام تركيّة أن روسيا قد بدأت بتوفير الدعم الجوي لوحدات حماية الشعب، وهي الجناح العسكري لحزب الاتحاد الديمقراطي، غرب نهر الفرات. ومن شأن هذا الدعم أن يزيد من التوتر بين أنقرة وموسكو.

ولماّ كانت تشعر بالقلق من فوز الأكراد السوريين بمنطقة حكم ذاتي على طول حدودها مع سوريا، أعلنت أنقرة انّ وجود حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب غرب الفرات خطاً أحمراً. ولكن كيف يمكن لتركيا أت وقف ذلك، في ظلّ التقدم السوري في شمال سوريا بمساعدة روسية؟ السؤال نفسه يُطرح في حال انتهكت روسيا المجال الجوي التركي مرة أخرى.

ناقش موقع المونيتور هذه المسألة على نطاق واسع مع العميد المتقاعد نعيم بابوراوغلو، الذي يشغل حالياً منصب مستشار لدى مركز الأبحاث حول السياسة الخارجية والأمن القومي ومقره أنقرة، وهو معلّق حول الشؤون العسكرية.

وأشار بابوراوغلو الى أن أنقرة قد دخلت في مرحلة عالية الخطورة في أزمتها مع روسيا. وقال "منذ اسقاط القاذفة " سوخوي اس يو 24 " زادت روسيا من قواتها في المنطقة من خلال الطائرات المقاتلة "سوخوي سو 34" و "سوخوي سو 35"، واللتان تعتبران أكثر تقدماً من طائرات "أف 16" التركيّة.

وأضاف انه "على عكس " سوخوي اس يو 24 " التي تتمتّع بقدرات جويّة- أرضيّة، هذه الطائرات تتمتّع بقدرات جوّية-أرضيّة وجوّية-جوّية تدعمها تكنولوجيات الرادار الأكثر تقدماً."

تابع بابوراوغلو قائلاً انّ بوتين ليس مستعدّاً لغضّ النظر عن هذه القضيّة ويحاول جرّ تركيا إلى الحرب، ليس فقط من خلال انتهاك المجال الجوي التركي وانّما من خلال تدمير التركمان في سوريا ودعم وحدات حماية الشعب.

استناداً الى ما قاله بابوراوغلو، يبدو أنه ليس لدى تركيا الكثير لتفعله للرد على التحدي الروسي.

قال بابوراوغلو، "منذ اسقاط الطائرة الروسية، عجزت الطائرات التركيّة "أف 16" عن دخول الى المجال الجوي السوري. اضافة الى أن الولايات المتحدة لا تريدها هناك أيضاً كي لا تأتي بوجه الطائرات الروسية." وأشار إلى أنه تشكّل الطائرات الروسية "سوخوي سو-35" من فئة حامي جناح الجيش المنتشرة في المنطقة والتي تعتبر أكثر تقدماً  من أي سلاح لدى تركيا، مصدر قلق لواشنطن.

أضاف بابوراوغلو قائلاً "تحاول روسيا استدراج تركيا الى معركة للانتقام من إسقاط طائرة. وبوتين على ثقة من قدرته على الفوز وبحاجة الى ذلك أيضا لمواجهة الصعوبات الداخلية. ومن شأن اسقاط طائرة أو طائرتين تركيّتين من طراز "أف 16" أن يجعل منه بطلاً في روسيا." وتابع قائلاً، "كما سيشكّل ذلك احراجاً كبيراً لتركيا وللقوات الجوية التركية."

يشكّ بابوراوغلو بأن يسارع حلف شمال الأطلسي الى مساعدة تركيا بالطريقة التي تريدها أنقرة في حال وقوع أي مواجهة مع روسيا.

قال، "يتم اتخاذ القرارات بالإجماع في حلف شمال الاطلسي. قد تدعم الولايات المتحدة وبريطانيا تركيا عسكرياً، الاّ ان دعم دول مثل فرنسا وألمانيا واليونان مشكوك به. كل ما يمكن لحلف شمال الأطلسي أن يقوم به هو نشر صواريخ باتريوت المضادة للصواريخ الباليستية في شرق تركيا وتوفير طائرات نظام الإنذار المبكر والتحكم لدعم القوات الجوية التركية ."

اعترف بابوراوغلو انّ أردوغان قد يستمر بدعم أيّ تدخّل في سورية لاعتبارات داخليّة، الاّ أنه يدرك أن من شأن هذا التدخل أن يتسبّب بنتائج وخيمة على تركيا.

Join hundreds of Middle East professionals with Al-Monitor PRO.

Business and policy professionals use PRO to monitor the regional economy and improve their reports, memos and presentations. Try it for free and cancel anytime.

Already a Member? Sign in

Free

The Middle East's Best Newsletters

Join over 50,000 readers who access our journalists dedicated newsletters, covering the top political, security, business and tech issues across the region each week.
Delivered straight to your inbox.

Free

What's included:
Our Expertise

Free newsletters available:

  • The Takeaway & Week in Review
  • Middle East Minute (AM)
  • Daily Briefing (PM)
  • Business & Tech Briefing
  • Security Briefing
  • Gulf Briefing
  • Israel Briefing
  • Palestine Briefing
  • Turkey Briefing
  • Iraq Briefing
Expert

Premium Membership

Join the Middle East's most notable experts for premium memos, trend reports, live video Q&A, and intimate in-person events, each detailing exclusive insights on business and geopolitical trends shaping the region.

$25.00 / month
billed annually

Become Member Start with 1-week free trial
What's included:
Our Expertise AI-driven

Memos - premium analytical writing: actionable insights on markets and geopolitics.

Live Video Q&A - Hear from our top journalists and regional experts.

Special Events - Intimate in-person events with business & political VIPs.

Trend Reports - Deep dive analysis on market updates.

All premium Industry Newsletters - Monitor the Middle East's most important industries. Prioritize your target industries for weekly review:

  • Capital Markets & Private Equity
  • Venture Capital & Startups
  • Green Energy
  • Supply Chain
  • Sustainable Development
  • Leading Edge Technology
  • Oil & Gas
  • Real Estate & Construction
  • Banking

We also offer team plans. Please send an email to pro.support@al-monitor.com and we'll onboard your team.

Already a Member? Sign in

Start your PRO membership today.

Join the Middle East's top business and policy professionals to access exclusive PRO insights today.

Join Al-Monitor PRO Start with 1-week free trial