تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

معارك الشجاعيّة... الصورة التي تريد حماس ترسيخها

تواصل الآلة الإعلاميّة الخاصّة بحماس، بثّ كلّ ما ينشره الإعلام الإسرائيليّ وترجمته، حول قسوة المعارك العسكريّة التي خاضها الجيش الإسرائيليّ مع مقاتلي حماس، وإظهار حجم الخسائر الإسرائيليّة بفعل هذه المعارك، وتسويقها لدى الفلسطينيّين على أنّها الصورة الناصعة لحرب غزّة.
RTR47UVF.jpg

قام "المونيتور" بجولات ميدانيّة عدّة في الأيّام الأخيرة في حيّ الشجاعيّة، باعتباره المفتاح الشرقيّ لغزّة، وأحد أكبر أحيائها، ويقطنه 100 ألف فلسطينيّ، ويكتسب أهمّيته العسكريّة من تلةّ المنطار المرتفعة 85 متراً عن سطح البحر، وقد تحوّل خلال الانتفاضات الفلسطينيّة إلى ساحة مواجهات مع الإسرائيليّين، وكان هدفاً لغارات جويّة إسرائيليّة في حروب 2008 و2012 و2014 على غزّة، كما أظهرته عدسات المصورين الصحفيين.

اعترافات إسرائيليّة

وفي الذكرى السنويّة لحرب غزّة 2014، تتزايد الروايات الإسرائيليّة عن يوميّات القتال في حيّ الشجاعيّة شرق غزّة، وآخرها الكتاب الذي أصدره في الأول من تمّوز/يوليو قائد لواء غولاني الإسرائيليّ الكولونيل غسان عليان حول الضربات التي تلقّاها جنوده بعد دخول الحيّ خلال الحرب.

ونشرت صحيفة معاريف الإسرائيليّة في 19 تموز/يوليو، لقاءات مع ضبّاط إسرائيليّين تحدّثوا عن ضراوة معارك الشجاعيّة. وتحدّثت القناة الثانية الإسرائيليّة في 29 نيسان/أبريل، عن أنّ معركة الشجاعيّة غيّرت وجه حرب غزّة، وتحوّلت رمزاً في نظر مقاتلي حماس، وعرضت شهادات قاسية لجنود شاركوا فيها. وأوردت القناة العاشرة الإسرائيليّة في 5 نيسان/أبريل تحقيقاً حول تدمير حماس ناقلة الجند في الشجاعيّة في 20 تمّوز/يوليو، وأسفرت عن مقتل 7 جنود.

هذه عيّنات فقط من عشرات الشهادات التي نشرها الإعلام الإسرائيليّ عن معارك الشجاعيّة، تشير إلى أنّ اشتباكات عنيفة خاضها الجنود الإسرائيليّون مع مقاتلي كتائب القسّام، الجناح العسكريّ لحماس، وأسفرت عن خسائر باهظة في صفوف الجانبين، لكنّ تأثيرها كان كبيراً في عدم التقدّم الإسرائيليّ أكثر داخل عمق غزّة.

وقال أحد مقاتلي حماس الذين شاركوا في معارك الشجاعيّة، أبو مجاهد، وهو اسم مستعار، لـ"المونيتور"، إنّ "كتائب القسّام قاتلت في الشجاعيّة وفق خطط دفاعيّة وهجوميّة معدّة سابقاً، لأنّها توقّعت الدخول البريّ الإسرائيليّ، ولم تتفاجأ به، ولذلك سارت المعارك وفق توقّعات المقاتلين الفلسطينيّين وخططهم".

وأضاف أبو مجاهد: "كانت تعليماتنا واضحة إلى المقاتلين في الشجاعيّة، بعدم إطلاق النار إلّا مع القوّات الراجلة. وعلى الرغم من الزخم الناريّ الكبير الذي استخدمه الجيش الإسرائيليّ، إلّا أنّ مقاتلينا ثبتوا، والتزموا بالتعليمات. وبعد القصف المدفعيّ العنيف، دخلت الآليّات الإسرائيليّة على مشارف الشجاعيّة، واعتقدت أنّ المقاتلين فرّوا من المعركة، وأنّ الحيّ فارغ، فاطمأنّوا ونزلوا على شكل قوّات راجلة، فجاء استهدافنا لهم مثل البطّ في مرمى النيران".

وقد سجّلت الشجاعيّة أشرس المعارك بين مقاتلي حماس والإسرائيليّين، حيث ألقى خلالها الطيران الإسرائيليّ كثافة ناريّة غير مسبوقة تسبّبت في وقوع مئات الضحايا الفلسطينيّين في 20 تمّوز/يوليو، ردّاً على الخسائر الإسرائيليّة بين الجنود.

ونقلت جريدة الرسالة الصادرة في غزّة في 21 تمّوز/يوليو 2014، اعترافات إسرائيليّة بأنّ معركة الشجاعيّة تعدّ الأشدّ والأعنف من بين التي يواجهها الجيش الإسرائيليّ، وبأنّه سيكون لها بالغ الأثر على معنويّات الجيش في الفترة المقبلة، بسبب ما أبداه مقاتلو حماس من شراسة في القتال، والتفافهم على القوّات الإسرائيليّة أكثر من مرّة، على الرغم من كثافة القوّة الناريّة للجيش الإسرائيليّ، التي لم تردعهم بل زادتهم شراسة.

دفعت ضراوة معارك الشجاعيّة مع مقاتلي حماس قائد كتيبة المدفعيّة في سلاح المدرّعات الإسرائيليّة غادي درور إلى الاعتبار في 31 آذار/مارس، أنّها تفوق معركة بنت جبيل الشهيرة خلال حرب لبنان الثانية في تمّوز/يوليو 2006، بـ8 أضعاف، وشبّه معارك الشجاعيّة بحرب أكتوبر 1973.

ونشر الموقع الرسميّ لكتائب القسّام في تمّوز/يوليو 2014 مقطعاً مرئيّاً مسجّلاً لآثار بعض الآليّات العسكريّة الإسرائيليّة التي توغّلت على حدود شرق الشجاعيّة وأجزائها، وقد تمّ تدميرها على يدّ مقاتلي حماس.

تعميم التجربة

علم "المونيتور" من أوساط نافذة في حماس أنّ "الحركة تعقد محاضرات دوريّة لكوادرها، حيث تقدّم إليهم إفادات المقاتلين الذين شاركوا في معارك الشجاعيّة، ثمّ تنقل هذه التجارب إلى الفلسطينيّين في الشارع، في محاولة من حماس لتأكيد إنجازاتها في حرب غزّة، على الرغم ممّا دفعه الفلسطينيّون من أثمان بشريّة بفعل المجازر الإسرائيليّة".

وقال أحد مقاتلي سلاح الهندسة في كتائب القسّام أبو محمّد، وهو اسم مستعار، لـ"المونيتور" إنّه "خلال أحد أيّام الاجتياح الإسرائيليّ لحيّ الشجاعيّة، تقدّم أحد مهندسي القسّام لنصب عبوة ناسفة وتفجيرها، بعدما رأى رشّاش إحدى الدبّابات المتقدّمة شرق الشجاعيّة، من أعلى جدار أحد الأراضي الزراعيّة، وتمكّن من نصب العبوة من دون صعوبة في تجهيزها حسب المعايير الهندسيّة، لأنّ شبكة الأنفاق الداخليّة لكتائب القسّام ساعدته في التحرّك والمناورة من مكان إلى آخر". وقال: "استطعنا استهداف العديد من الآليّات الإسرائيليّة المتقدّمة، بصواريخ "الكورنيت" وقذائف "التاندوم" وعبوات "الشواظ"، وكلّ أنواع القذائف المضادّة للدروع والأفراد".

وبسبب زيادة استخدام كتائب القسّام للأنواع المختلفة من القذائف والصواريخ في معارك الشجاعيّة، قرّر الجيش الإسرائيليّ في 22 أيلول/سبتمبر 2014 التزوّد بـ200 مدرّعة "نمر"، وهي من أكثر المدرّعات قوّة ومتانة، ويأتي شراؤها كجزء من استخلاص الدروس من معارك الشجاعيّة، خشية سقوط مزيد من الجنود الإسرائيليّين في المعارك المستقبليّة مع حماس في غزّة.

وكشفت كتائب القسّام في 2 آب/أغسطس 2014 تفاصيل عمليّات القتال مع الجيش الإسرائيليّ شرق الشجاعيّة، حيث قتل فيها أكثر من 30 جنديّاً إسرائيليّاً، من دون الكشف عن عدد قتلاها.

أخيراً... بعد مرور أكثر من عام على انتهاء حرب غزّة، ما زالت معارك الشجاعيّة حاضرة في أذهان مقاتلي حماس، باعتبارها مرحلة فاصلة في تاريخ المواجهات مع الجيش الإسرائيليّ، حيث تتوافر لديهم قناعات متزايدة بأنّ أيّ حرب مقبلة سيتمّ فيها تعميم نموذج الشجاعيّة في كامل مناطق القطاع، وتقع فيها الخسائر الإسرائيليّة، وهو ما تعتبره حماس رادعاً كافياً لعدم الاجتياح البريّ لغزّة.

Join hundreds of Middle East professionals with Al-Monitor PRO.

Business and policy professionals use PRO to monitor the regional economy and improve their reports, memos and presentations. Try it for free and cancel anytime.

Already a Member? Sign in

Free

The Middle East's Best Newsletters

Join over 50,000 readers who access our journalists dedicated newsletters, covering the top political, security, business and tech issues across the region each week.
Delivered straight to your inbox.

Free

What's included:
Our Expertise

Free newsletters available:

  • The Takeaway & Week in Review
  • Middle East Minute (AM)
  • Daily Briefing (PM)
  • Business & Tech Briefing
  • Security Briefing
  • Gulf Briefing
  • Israel Briefing
  • Palestine Briefing
  • Turkey Briefing
  • Iraq Briefing
Expert

Premium Membership

Join the Middle East's most notable experts for premium memos, trend reports, live video Q&A, and intimate in-person events, each detailing exclusive insights on business and geopolitical trends shaping the region.

$25.00 / month
billed annually

Become Member Start with 1-week free trial
What's included:
Our Expertise

Memos - premium analytical writing: actionable insights on markets and geopolitics.

Live Video Q&A - Hear from our top journalists and regional experts.

Special Events - Intimate in-person events with business & political VIPs.

Trend Reports - Deep dive analysis on market updates.

We also offer team plans. Please send an email to pro.support@al-monitor.com and we'll onboard your team.

Already a Member? Sign in