تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

مصير الشمال اللبنانيّ رهن معركة حمص

Jaysh al-Islam (Army of Islam) rebel fighters walk inside a trench at the Tal-Kurdi frontline in the Eastern Ghouta of Damascus, May 10, 2015. Jaysh al-Islam (Army of Islam) fighters said that this was an operation to take control of the highway connecting Damascus to Homs, and that they have made advances in Tal-Kurdi. REUTERS/Amer Almohibany  - RTX1CD08

بيروت – تتّجه أنظار الداخل اللبنانيّ الّذي يعيش على وقع التطوّرات الميدانيّة السوريّة إلى محافظة حمص، الّتي باتت مساحة واسعة منها في يدّ داعش، بعد ما سقطت مدينة تدمر، وبعد ما نجح الجيش السوريّ باستعادة السيطرة على جرود منطقة القلمون.

وتتألّف هذه المحافظة من 7 مناطق، وهي: حمص عاصمة المحافظة وثالث مدينة سوريّة من حيث الأهميّة الإقتصاديّة والسياحيّة بعد دمشق وحلب، وتبعد حوالى 50 كيلومتراً عن الحدود اللبنانيّة. وبالتّالي، تعتبر أقرب نقطة استراتيجيّة لها. ومنطقة الرستن الواقعة تحت سيطرة مسلّحي "جبهة النّصرة"، وتدمر الّتي استولى عليها تنظيم داعش في 20 مايو/أيّار الماضي.

وبدورها، منطقة المخرّم ليست بعيدة عن خطر تنظيم الدولة الإسلاميّة، إذ تتواصل الاشتباكات بين المسلّحين والقوّات النظاميّة. وينسحب واقع المخرّم على منطقة تلدو أيضاً. وتضاف إلى هذه المناطق، القصير وتلكلخ، وهما تتشاركان الحدود مع لبنان، وتحديداً مع محافظة عكار الشماليّة ومنطقة جبل أكروم.

ورغم أنّ المعارك تدور في مناطق عدّة من سوريا، إلاّ أنّ عين داعش تبقى على محافظة حمص، الّتي تكتسي مجموعة أهميّات في آنٍ واحد، كما قالت مصادر أمنيّة متابعة للتطوّرات السورية لـ"المونيتور". فهذه المعركة، إذا ما فاز بها التّنظيم الإرهابيّ ستجعله يسيطر على وسط سوريا حيث تقع حمص، الّتي تشكّل أكبر المحافظات السوريّة. كما أنّها قريبة من دمشق، وبالتّالي تعتبر بمثابة الخطوة الأخيرة قبل المعركة الكبرى في العاصمة. والأهمّ أنّها المحافظة الّتي لها حدود مع العراق والأردن وتركيا ولبنان. وبالتّالي، فإنّ سقوطها في المنطق العسكريّ يعني عودة القرى الحدوديّة إلى يدّ داعش، ممّا يمهّد طريقه إلى الشمال اللبنانيّ. ولكلّ هذه الأسباب، يسعى التّنظيم إلى إسقاط حمص مجدّداً، بعد ما كان أحكم النّظام السوريّ السيطرة عليها في معركة قلعة الحصن في مارس/آذار من عام 2014، بعد عامين من احتلالها من قبل المسلّحين.

وأشارت المصادر إلى أنّ منطقة حمص تشكّل امتداداً لـ"البادية السوريّة"، أيّ الصحراء الّتي تقع في جنوب شرق سوريا، وتضمّ شرق الأردن وغرب العراق وشمال السعوديّة. وحاليّاً، يسيطر داعش على الجزء العراقيّ من هذه البادية، ويبقى أمامه إخضاع الشقّ السوريّ، أيّ حمص، لربطه بالأراضي العراقيّة وتوفير الأرض الضروريّة لإقامة مشروع الدولة الإسلاميّة.

وإلى العامل الجغرافيّ والمقوّمات الإقتصاديّة والماليّة، تبرز أهميّة حمص كونها أقرب نقطة استراتيجيّة إلى الشمال اللبنانيّ، الّذي بات معلوماً أنّ الاستيلاء عليه هو هدف أساسيّ لداعش كونه المنفذ الوحيد للتّنظيم إلى البحر الأبيض المتوسّط، الّذي ما زال يفتقده حتّى الآن، رغم سيطرته على مساحات شاسعة من العراق وسوريا. وهذا ما يحيي أيضاً المشروع الداعشيّ القديم والدائم بتحويل منطقة الشمال اللبنانيّة إلى إمارة إسلاميّة.

تمتلك مرفقاً بحريّاً يتمثّل بمرفأ طرابلس، الّذي سيشكّل بوّابة الدولة الإسلاميّة على المتوسّط، وهو ما بات أيضاً معلناً وواضحاً، كما بيّنت اعترافات عدد من الموقوفين لدى الأجهزة الأمنيّة اللبنانيّة أثناء التّحقيق معهم، وأبرزهم الموقوف أحمد الميقاتي الذي ألقى الجيش اللبناني القبض عليه في شهر تشرين الأول /أكتوبر عام 2014 في حي الضنية في شمال لبنان لكونه "أحد أهم كوادر الدولة الإسلامية" في لبنان.

وإنّ السيطرة على مرفأ طرابلس، وفق المصادر، ستسمح لداعش بتصدير النفط الّذي صادره بعد احتلاله مناطق عدّة من العراق، وستوفّر للتّنظيم نقطة أساسيّة لاستيراد الأسلحة، علماً أنّ محافظة الشمال اللبنانيّة شكّلت امتداداً عسكريّاً للأحداث في سوريا منذ اندلاعها، على حدّ تعبير المصادر الّتي ذكّرت بباخرة "لطف الله 2"، الّتي ضبطت في هذا المرفأ، بينما كانت تنقل سلاحاً للمعارضة السوريّة في عام 2012. وكذلك، شهدت الحدود اللبنانيّة الشماليّة مع سوريا مع بداية الأحداث السوريّة عمليّات انتقال فرديّة وجماعيّة للمسلّحين بالاتّجاهين، وما زالت، إلى جانب الاشتباكات المسلّحة في مناطق مثل وادي خالد اللبنانيّة بين الجيشين اللبنانيّ والسوريّ وعدد من المسلّحين، إضافة إلى مقتل مجموعات لبنانيّة عدّة في كمائن للجيش السوريّ خلال تلك الفترة، وأبرزها كمين تلكلخ، الّذي قتل فيه 22 لبنانيّاً إسلاميّاً من أبناء الشمال، بينما كانوا متوجّهين للقتال، إلى جانب المعارضة السوريّة المسلّحة.

إذاً، طريق داعش إلى الشمال اللبنانيّ لا بدّ أن يمرّ أوّلاً عبر السيطرة على ريف حمص، الّذي تستمرّ فيه الاشتباكات، ثمّ إخضاع محافظة حمص ومدينتها، يليها إسقاط القرى الّتي تمتدّ على الكيلومترات الخمسين الّتي تفصل حمص عن الحدود اللبنانيّة والّتي ما زالت تحت سيطرة النّظام السوري، وصولاً إلى السيطرة على "معبر البقيعة"، وهو أحد أبرز المعابر الحدوديّة الشرعيّة بين لبنان وسوريا ويقع بمنطقة وادي خالد في عكّار للتمكّن من ولوج الأراضي اللبنانيّة، وتحديداً الشمال.

إنّ جهوداً عدّة تبذل من الجانبين اللبنانيّ والسوريّ لمنع تطوّر الأمور في هذا الاتّجاه. فالنّظام السوريّ يعي أهميّة معركة حمص وتداعياتها. ولذلك، يعمل على تحصين المدينة من خلال خطوات عدّة، أبرزها التقدّم في منطقة البيارات في 10 يونيو/حزيران 2015، الّتي تبعد 10 كيلومترات عن تدمر، وسط البادية السوريّة. كما يعمل على عقد مصالحات مع مجموعات مسلّحة منتشرة في بعض مناطق حمص تنتمي إلى المعارضة السوريّة، وليس إلى مجموعات إرهابيّة، وفي مقدّمها منطقة حيّ الوعر.

أمّا من الجانب اللبنانيّ [الحكومة اللبنانية والجيش اللبناني]، وتحديداً شمالاً، فهناك إدراك أنّ سقوط حمص في يدّ التّنظيمات المسلّحة سيؤدّي إلى تنامي نفوذها لبنانيّاً، وإلى إعادة تنشيط بعض التيّارات المتشدّدة في طرابلس والمنية وعكار وتحريك الخلايا النائمة فيها. ولذلك، يواصل الجيش اللبنانيّ مراقبته للأوضاع في هذه المنطقة، ويتصدّى فوراً لكلّ محاولات الإرباك الّتي تستهدفها، بغية إفراغ الشمال من الشرعيّة وتمهيد الأرضيّة لإعلانه إمارة إسلاميّة — خصوصا ان الشمال اللبناني، وتحديداً طرابلس، شهد سلسلة توتراتٍ خلال العام الماضي تمثلت بالمعارك التي خاضها الجيش اللبناني، وآخرُها مع الارهابي شادي المولوي وجماعته ، بالاضافة الى ملاحقته الخلايا الارهابية والقبض على معظمها.

ولفتت المصادر إلى أنّ التحرّكات الّتي شهدها الشمال اللبنانيّ، نتيجة تسريب أشرطة فيديو في 20 يونيو/حزيران من عام 2015 تظهر التعرّض بالضرب لبعض المساجين في سجن روميه، ونزول الإسلاميّين على أثرها إلى الشارع ورفع أعلام داعش خلال بعض التحرّكات الاحتجاجيّة، كلّها مؤشّرات تثبت أنّ الشارع الشماليّ ما زال يشكّل أرضاً خصبة تستفيد منها جهات عدّة تسعى إلى إحداث الفوضى.

إذاً، في سوريا تستقطب حمص اهتماماً مزدوجاً من النّظام السوريّ وداعش. أمّا لبنان فيعيش بين دولة تتهيّأ لخطر سقوطها وبعض المجموعات في قرى الشمال المشجّعة والمستعدّة للتّمهيد لدخول داعشيّ وخلق المناخ المؤاتي لربط الدولة الإسلاميّة المنشودة بالمتوسّط.

Join hundreds of Middle East professionals with Al-Monitor PRO.

Business and policy professionals use PRO to monitor the regional economy and improve their reports, memos and presentations. Try it for free and cancel anytime.

Already a Member? Sign in

Free

The Middle East's Best Newsletters

Join over 50,000 readers who access our journalists dedicated newsletters, covering the top political, security, business and tech issues across the region each week.
Delivered straight to your inbox.

Free

What's included:
Our Expertise

Free newsletters available:

  • The Takeaway & Week in Review
  • Middle East Minute (AM)
  • Daily Briefing (PM)
  • Business & Tech Briefing
  • Security Briefing
  • Gulf Briefing
  • Israel Briefing
  • Palestine Briefing
  • Turkey Briefing
  • Iraq Briefing
Expert

Premium Membership

Join the Middle East's most notable experts for premium memos, trend reports, live video Q&A, and intimate in-person events, each detailing exclusive insights on business and geopolitical trends shaping the region.

$25.00 / month
billed annually

Become Member Start with 1-week free trial
What's included:
Our Expertise AI-driven

Memos - premium analytical writing: actionable insights on markets and geopolitics.

Live Video Q&A - Hear from our top journalists and regional experts.

Special Events - Intimate in-person events with business & political VIPs.

Trend Reports - Deep dive analysis on market updates.

Text Alerts - Be the first to get breaking news, exclusives, and PRO content.

All premium Industry Newsletters - Monitor the Middle East's most important industries. Prioritize your target industries for weekly review:

  • Capital Markets & Private Equity
  • Venture Capital & Startups
  • Green Energy
  • Supply Chain
  • Sustainable Development
  • Leading Edge Technology
  • Oil & Gas
  • Real Estate & Construction
  • Banking

We also offer team plans. Please send an email to pro.support@al-monitor.com and we'll onboard your team.

Already a Member? Sign in

Start your PRO membership today.

Join the Middle East's top business and policy professionals to access exclusive PRO insights today.

Join Al-Monitor PRO Start with 1-week free trial