تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

القلمون: قراءتان متناقضتان لمعركة واحدة

Forces loyal to Syria's President Bashar al-Assad are seen at al-Sakhra village in Qalamoun Mountains, northeast of Damascus, after taking control of the village from rebel fighters April 14, 2014. Syrian soldiers backed by Hezbollah fighters recaptured the town of Maaloula, north of Damascus, on Monday, military sources and state television said, further squeezing rebels' supply routes through the Qalamoun mountains into Lebanon.   REUTERS/Khaled al-Hariri (SYRIA - Tags: MILITARY POLITICS CONFLICT CIVIL UN

بيروت — تدور منذ السادس من أيّار/مايو الجاري اشتباكات متقطّعة ومتكرّرة، بين مقاتلي حزب الله ووحدات الجيش السوريّمن جهّة، وبين مسلّحي التنظيمات الإرهابيّة من "داعش" و"النصرة" من جهّة مقابلة، على الحدود اللبنانيّة - السوريّة. وتحمل هذه الاشتباكات الكثير من الأهميّة، وقد تحمل الأكثر من النتائج والأبعاد، حيال ما بات يعرف باسم معركة القلمون. ولفهم حقيقة الأمر، لا بدّ من الإضاءة بداية على العوامل التالية:

أولاً، إنّ منطقة القلمون هي المنطقة الجبليّة من الحدود السوريّة الغربيّة مع لبنان، علماً أنّ جرودها الوعرة تمتدّ على مساحة نحو 600 كيلومتر مربّع، إذ تكوّن شريطاً من الجبال المرتفعة على أكثر من ألفي متر عن سطح البحر، يمتدّ من منطقة الزبداني السوريّة في الجنوب الغربيّ، إلى منطقة النبك السوريّة في الشمال الشرقيّ. وهي تشكّل بالتالي امتداداً شاسعاً، يمكن أن يشكّل معبراً إلى دمشق في الجنوب الشرقيّ منها، كما إلى حمص، في الشمال.

ثانياً، إنّ هذه المنطقة كان قد لجأ إليها مئات المسلّحين التابعين إلى المجموعات الإرهابيّة المقاتلة في سوريا، بعد خسارة مواقعهم في العديد من المناطق المجاورة، بدءاً بخسارتهم معركة القصير في حزيران/يونيو 2013،وصولاًإلى معارك النبك في آذار/مارس 2014،حيث بات يتردّد أنّ آلافاً من إرهابيّي "داعش" و"النصرة" وغيرهما من المجموعات الإرهابيّة، لجأوا إلى تلك الجبال القاسية، حيث حوّلوها معقلاً لهم.

ثالثاً، إنّ هذه المنطقة متاخمة للبنان، في منطقة البقاع الأوسط، عند حدوده الشرقيّة مع سوريا. وهي إذ تحاذي مناطق جبليّة وجرديّة لبنانيّة مقابلة، تشكّل معبراً طبيعيّاً في اتّجاه ثلاث مناطق لبنانيّة تقع في مواجهتها إلى الغرب: منطقة عرسال إلى الشمال اللبنانيّ، ومنطقة البقاع الغربيّ إلى الجنوب، ومنطقة بريتال - بعلبك بينهما.

رابعاً، تجدر الإشارة هنا، إلى أنّ منطقتي عرسال والبقاع الغربيّ، مأهولتان بأكثريّة سكانيّة سنيّة. يضاف إليها في عرسال نحو 90 ألف نازح سوريّ غالبيّتهم الساحقة من السنّة،بينهم العديد من المسلّحين. وهو ما حوّل تلك المنطقة منذ بداية الحرب السوريّة، بؤرة متفجّرة في الخاصرة اللبنانيّة. فيما منطقة بعلبك مأهولة من أكثريّة شيعيّة، ومؤيّدة في غالبيّتها لحزب الله.

هكذا تفهم أبعاد تلك المعركة. فهي معركة بين مسلّحين معارضين للحكم في سوريا، وآخرين مؤيّدين له. كما هي معركة بين سنّة وشيعة. والأهمّ أنّها معركة على منطقة جغرافيّة حسّاسة بالنسبة إلى الطرفين. ولذلك كانت لتلك المواجهة قراءتان متناقضتان.

القراءة الأولى تقول بتخوّف من أنّ هؤلاء الإرهابيّين المتاخمين للحدود اللبنانيّة، لن يقبلوا باستمرار حصارهم في تلك البقعة الجرديّة القاحلة. وهم سيحاولون كسر هذا الحصار بالتوغّل داخل الأراضي اللبنانيّة، خصوصاً في المناطق المأهولة بلبنانيّين أو سوريّين نازحين موالين لهم. وكان يتردّد علناً أنّه بعد تحسّن الظروف المناخيّة في تلك المنطقة، سيبادر هؤلاء إلى شنّ معركة كسر حصارهم. وهو ما قاله بوضوح الطرف الأوّل في المعركة، حزب الله. فقد أكّد أمينه العامّ السيّد حسن نصرالله، في 16 شباط/فبراير الماضي، أنّه بعد ذوبان الثلج، سيكون لبنان أمام استحقاق معركة في القلمون.

أمّا قراءة الطرف المقابل، أيّ المعارضين للحكم في دمشق، فكانت تؤكّد أنّ معركة القلمون حتميّة، لاعتبار هؤلاء أنّ الحدود السوريّة مع لبنان، هي آخر حدود بريّة لا يزال الحكم السوريّ يسيطر على قسم منها. فباقي حدوده البريّة الدوليّة، من إسرائيل جنوباً، فالأردن، فالعراق وصولاً إلى تركيا شمالاً، باتت تحت سيطرة المسلّحين المعارضين له، أو باتت غير آمنة نظراً إلى وقوعها تحت نيران هؤلاء.

وبالتالي، كانت قراءة هذا الطرف تقولإنّ الحكم في دمشق، وحلفاءه في لبنان، أيّ حزب الله، مضطرّان إلى خوض معركة السيطرة على تلك الحدود، من أجل إبقاء آخر رئة بريّة مفتوحة أمام دمشق، من جهّة الغرب اللبنانيّ، وإنّهما ينتظران تحسّن الظروف المناخيّة لخوض تلك المعركة الحتميّة، بدءاً من جرود القلمون.

أيّاً كانت القراءة الصحيحة من الاثنتين، يظلّ واضحاً أنّ المعركة كانت محتومة. وهذا ما يبدو أنّه بدأ فعليّاً منذ صباح الأربعاء في 6 أيّار/مايو الجاري. فمع إشراقة صباح ذلك النهار، بدأت اشتباكات عنيفة في أكثر من موقع عند الحدود اللبنانيّة - السوريّة، قبالة بلدة عسال الورد السوريّة.

واستمرّت تلك الاشتباكات طيلة يومين كاملين، علماً أنّ نظرة سريعة على خارطة تلك المنطقة توضح أنّ وقوع المعارك عند بلدة عسال الورد ليس مصادفة. فهي المنطقة التي تشكّل ما يشبه إصبعاً لبنانيّاًيتوغّل داخل الأراضي السوريّة، منذ ترسيم الحدود بين البلدين في عام 1920. وبالتالي، فهي المنطقة اللبنانيّة الأكثر ابتعاداً إلى الشرق. وهو ما تشرح نتائجه مصادر عسكريّة لبنانيّة إلى موقعنا، بالتأكيد أنّ مقاتلي حزب الله، شنّوا سلسلة عمليّات محدودة وسريعة، في شكل متزامن مع عمليّات للجيش السوري من الجهّة الشرقيّة المقابلة.

وهو ما أدّى إلى سيطرة القوّتين على بلدة عسال الورد وجرودها. والأهمّ أنّ الاثنتين تمكّنتا بالتقائهما عند هذه النقطة، من طرد المسلّحين منها، ووصل هذه المنطقة بجرود منطقة بريتال اللبنانيّة المقابلة قرب بعلبك، وهي منطقة شيعيّة موالية لحزب الله،ممّا يعني تمكّن حزب الله والجيش السوريّ من تحقيق أكثر من هدف عسكريّ بالغ الأهميّة: فصل مسلّحي منطقة الزبداني ناحية الجنوب عن مسلّحي منطقة القلمون، وبالتالي الحؤول دون أيّ تواصل لوجستيّ بين مسلّحي المنطقتين،إضافة إلى عزل كلّ من القلمون والزبداني، وجعل كلّ من المنطقتين في حصار مستقلّ لكلّ منهما، ممّا يعني التمهيد إلى خوض كلّ من المعركتين، في القلمون كما في الزبداني، في شكل أكثر سهولة وراحة.

وأكّدت المصادر العسكريّة التي طلبت عدم كشف هويّتهالموقعنا، أنّ ما يحصل على الأرض هناك بات يشير إلى أنّ المعركة الكبيرة باتت وشيكة، وهي قد لا تتخطّى في توقيتها النصف الثاني من أيّار/مايو.

تهدف إلى سيطرة الجيش السوري وحزب الله على كامل المنطقة الحدودية بين لبنان وسوريا، ودفع المسلحين خارجها كليا، ووصل مواقع انتشار جيش النظام من المقلب الشرقي ومقاتلي حزب الله من الجانب الغربي.

Join hundreds of Middle East professionals with Al-Monitor PRO.

Business and policy professionals use PRO to monitor the regional economy and improve their reports, memos and presentations. Try it for free and cancel anytime.

Already a Member? Sign in

Free

The Middle East's Best Newsletters

Join over 50,000 readers who access our journalists dedicated newsletters, covering the top political, security, business and tech issues across the region each week.
Delivered straight to your inbox.

Free

What's included:
Our Expertise

Free newsletters available:

  • The Takeaway & Week in Review
  • Middle East Minute (AM)
  • Daily Briefing (PM)
  • Business & Tech Briefing
  • Security Briefing
  • Gulf Briefing
  • Israel Briefing
  • Palestine Briefing
  • Turkey Briefing
  • Iraq Briefing
Expert

Premium Membership

Join the Middle East's most notable experts for premium memos, trend reports, live video Q&A, and intimate in-person events, each detailing exclusive insights on business and geopolitical trends shaping the region.

$25.00 / month
billed annually

Become Member Start with 1-week free trial
What's included:
Our Expertise

Memos - premium analytical writing: actionable insights on markets and geopolitics.

Live Video Q&A - Hear from our top journalists and regional experts.

Special Events - Intimate in-person events with business & political VIPs.

Trend Reports - Deep dive analysis on market updates.

We also offer team plans. Please send an email to pro.support@al-monitor.com and we'll onboard your team.

Already a Member? Sign in