في 26 مارس 2015 انطلقت العمليات العسكرية العربية "عاصفة الحزم" ضد الحوثيين في اليمن بعد أن استطاعوا إسقاط الرئيس المنتخب عبد ربه منصور هادي وفي ظل تخوفات من سيطرة الحوثيين على مضيق باب المندب مما يهدد الملاحة في مصر والخليج، وحملت ردود أفعال التيارات الدينية تجاه مشاركة سلاح الطيران المصري في "عاصفة الحزم" الكثير من أوجه الجدل.
الإخوان
أدان بيان جماعة الإخوان عزل الحوثيين للرئيس اليمني داعيا كافة الأطراف إلى التمسك بالشرعية والوصول إلى حوار لإنهاء الأزمة، وأيد عمرو دراج ويحيى حامد القياديين الإخوانيين في تدوينات لهما على "تويتر" "عاصفة الحزم" بشكل واضح، إلا أنهما أدانا مشاركة مصر تحت قيادة السيسي فيها، وقالا أن السيسي "انقلابي مثل الحوثيين"، على حد تعبيرهما، ويذكر أيضا أن عددا من أنصار جماعة الإخوان في مصر تظاهروا يوم الجمعة 27 مارس 2015 ضد عاصفة الحزم ووصفوها بـ"ضربة العار".
ونقلت شبكة "رصد"، موقع إخباري داعم للإخوان، بيانا في 27 مارس للتنظيم الدولي لجماعة الإخوان أدان النظام اليمني السابق (نظام علي عبد الله صالح المتحالف مع الحوثيين حاليا في الإطاحة بهادي)، وأدان ما أسماه بـ"الدعم الإقليمي للانقلابات" (ما اعتبرته "رصد" إشارة لما أسمته بـ"دعم الأنظمة الخليجية لانقلاب 3 يوليو في مصر ودعم إيران للإنقلاب الحوثي").
وفي ظل رفض إخوان مصر مشاركة القوات المصرية في عاصفة الحزم واعتبار "رصد" بيان التنظيم الدولي إدانة لما أسموه بـ"دعم الخليج لانقلاب 3 يوليو"، أيد حزب التجمع اليمني للإصلاح، الذراع السياسي للإخوان في اليمن، والناشطة الإخوانية اليمنية توكل كرمان، عاصفة الحزم وتوجهوا بالشكر لكافة القوات العربية المشاركة فيها دون أي انتقاد للخليج أو القوات المصرية التي خصتها كرمان بالإشادة تحديدا في تدوينة لها على "تويتر".
وقال بان أن موقف قيادات الإخوان في مصر أو التنظيم الدولي يأتي متوافقا مع موقف الإخوان في اليمن الذين يرفضون الحوثيين وحليفهم علي عبد الله صالح، مرجحا وجود حالة من التخبط بين الإخوان في ظل رفض الجانب المصري من التنظيم مشاركة مصر وتأييد الجانب اليمني لذلك، وفي ظل نزول أنصار الإخوان في 27 مارس للتظاهر وإعلانهم الاعتراض على عاصفة الحزم بشكل يوضح عجز قيادات الإخوان في مصر والتنظيم الدولي عن التواصل مع قواعدهم ومؤيديهم الذين يرفضون أي إجراء تتخذه السلطات المصرية الحالية متمثلة في السيسي.
الشيعة
قال الطاهر الهاشمي، القيادي الشيعي المصري، لـ"المونيتور" أنه يرفض خوض الجيش المصري لأي معارك خارج أرضه بسبب ما أسماه بـ"الظرف الأمني والاقتصادي الحرج في مصر"، ويأتي رفضه لخوض مصر أي معارك خارج أرضها رغم تأييده الضربة الجوية المصرية لتنظيم داعش في ليبيا بعد قتله 21 مصري يوم 12 فبراير 2015، وهو ما اعتبره أحمد بان، الباحث في شئون تيارات الإسلام السياسي، تناقضا في مواقف الهاشمي.
ورغم رفضه مشاركة الجيش المصري في عاصفة الحزم، وجه الهاشمي رسالة في 29 مارس عبر موقعه الرسمي امتدح فيها عبد الفتاح السيسي، الرئيس المصري، وقال فيها أن "الأمة العربية في حاجة إلى حكمته وخبرته وقيادته الحكيمة لحفظ دماء المسلمين في اليمن" (كمطالبة للسيسي بالتوقف عن المشاركة في عاصفة الحزم).
فيما قال القيادي الشيعي أحمد راسم النفيس لـ"المونيتور" أنه لا يوجد موقف واضح يجمع عليه كافة الشيعة في مصر رغم اعتراضه الشخصي على عاصفة الحزم في أحد مقالاته في 31 مارس.
وقال بان لـ"المونيتور" أن الشيعة في مصر لم يفصحوا عن مواقفهم برفض عاصفة الحزم أو انتقاد السلطات المصرية بشكل واضح وستبقى ردود أفعالهم مجرد انتقادات من قياداتهم مثل الهاشمي والنفيس مع تأكيدهم على أنه ليس الموقف الرسمي لكل الشيعة المصريين الذين لا يريد معظمهم الظهور كمعارضين لما يتطلبه الأمن القومي المصري.
الدعوة السلفية وحزب النور
أيد كل من علي حاتم، المتحدث باسم الدعوة السلفية، ومحمود حجازي، عضو المجلس الرئاسي لحزب النور (الذراع السياسي للدعوة) مشاركة مصر في عاصفة الحزم، بوصفها محاصرة لدعم إيران للمد الشيعي في الشرق الأوسط، وتوقع حجازي في تصريحات صحفية له في 26 مارس أن تكون عاصفة الحزم بداية لتحالف سني يحاصر المد الشيعي، وهو ما اعتبره بان ردة فعل تتوافق مع معتقداتهم الدينية التي تكفر الشيعة.
الجماعة الإسلامية
أعلنت الجماعة الإسلامية في بيان لها يوم 27 مارس 2015 تأييدها بوضوح لعاصفة الحزم، رغم أن الجماعة الإسلامية هي الحليف الأكبر لجماعة الإخوان في مصر داخل ما يسمى بتحالف دعم الشرعية ورفض الانقلاب الذي تأسس اعتراضا على عزل محمد مرسي في 3 يوليو 2013، ورغم أن موقف الإخوان يحمل العديد من الغموض والإدانة لمشاركة مصر، وقال بان أن موقف الجماعة الإسلامية يتوافق أيضا مع معتقداتهم الدينية الرافضة للمذهب الشيعي إلا أن الجماعة كانت ردة فعلها دينية في الأساس وبعيدة عن أي حسابات دينية "لأنها كيان جهادي لم يمارس السياسة طويلا كما مارسها الإخوان"، على حد قوله.
الطرق الصوفية
أعلنت المشيخة العامة للطرق الصوفية في بيان لها يوم 26 مارس 2015 دعمها الكامل لمشاركة مصر في عاصفة الحزم، وقال علاء أبو العزايم، القيادي الصوفي، لـ"المونيتور" أن الأمر ليس صراعا بين السنة والشيعة وإنما هو جزء من جهود مكافحة الإرهاب أيا كان انتمائه الديني، وقال بان أن الطرق الصوفية تتجنب وصف المعركة بالصراع بين السنة والشيعة نظرا للتقارب بين بعض الطرق الصوفية والمذاهب الشيعية في بعض المعتقدات.
تعتبر عاصفة الحزم الواقعة الأولى التي تتقارب أو تتفق فيها ردود أفعال الإخوان والدعوة السلفية والصوفيين والجماعة الإسلامية والأزهر أيضا، إلا أن كل منهم أيدها وفقا لحسابات تختلف عن الآخر، وتعتبر أغلب ردود الأفعال واضحة باستثناء ردود أفعال جماعة الإخوان التي لم يحمل بيان تنظيمها الدولي وفرعها المصري تأييدا واضحا للضربة فيما حمل بيان فرعها اليمني ذلك، كما اختلف قادة ورموز الجماعة حول تأييد أو رفض مشاركة القوات المصرية، حيث أيد رموز الفرع اليمني ذلك ورفض رموز المصري، وأخيرا في ظل إجماعهم على تأييد العمليات العسكرية نفسها بغض النظر عن وجهات نظرهم في مشاركة مصر، انتقدها أنصارهم من المتظاهرين.