تسعة من بين 290 عضوًا في البرلمان الإيراني هنّ من النساء، ونسبة المشاركة هذه البالغة 3% تضع إيران بالقرب من قاع التدابير الدوليّة للتمثيل النسائي البرلماني. صحيح أنّ نسبة مشاركة النساء في البرلمان لم تتجاوز قطّ 5%، لكنّهن كنّ دومًا من بين أبرز اللاعبين السياسيّين في كلتي جهتي التمثيل السياسي في الجمهورية الإسلاميّة.
ينتمي ثماني من بين النساء التسع في البرلمان إلى الجهة المحافظة من مجلس الشورى، وثلاث منهنّ (فاطمة عليا، ومهناز بهمني وزهرة طبيب زاده) هنّ من أعضاء المجلس المركزي لتكتلّ المحافظين السياسي الذي يُعتبَر الأكثر تشدّدًا من بين فئتي المحافظين الأساسيّتين في البرلمان. أمّا برلمانيّة أخرى، فاطمة رهبر، فهي عضو في الهيئة القياديّة لحزب الائتلاف الإسلامي، وهو أقدم الأحزاب الإسلاميّة في البلاد. وعضوان أخرتان، وهما لاله إفتخاري ونيره أخوان، فلهما وزنهما السياسي بحدّ ذاتهما. وهذا يجعل من تكتّل النساء والأسرة المؤلف من النساء مركز قوّة غير مرجّح في البلاد.
وأحد التناقضات المتعدّدة في الجمهوريّة الإسلاميّة هو أنّها لطالما تمتّعت بنساء رائدات وبقوانين تحدّ من مشاركة النساء.
وقالت للمونيتور عفّت شريعتي، أحد أعضاء البرلمان المحافظين من العام 1996 وحتّى 2004، "كانت وحدة الشعب من بين شعارات الثورة الإسلاميّة وهذا يشمل النساء". واقتبست كلام آية الله روح الله الخميني، مؤسّس الجمهوريّة الإسلاميّة، بأنّ "النساء هنّ مطوّرات للبشر، تمامًا كالقرآن".
تتحدّر شريعتي من أسرة تقليديّة في مشهد، وكان والدها من بين رجال الدين الذين نشطوا ضدّ الشاه، وكان بارزًا لدرجة أنّه دُفِن في حرم الإمام رضا، الإمام الثامن للشيعة. وبالتالي كان من غير المعقول لامرأة تنتمي إلى مثل هذه الأسرة أن يكون لها مثل هذه الحياة العامّة قبل ثورة العام 1979. ونرى هنا تناقضًا في الجمهوريّة الإسلاميّة: هي تقوم إلى حدّ كبير على رجال الدين الذين يشكّلون فرعًا محافظًا تقليديًا في المجتمع لكنّ أيديولوجيّتها الثوريّة الشيعيّة لطالما شجّعت مشاركة النساء.
وربما من الأكثر تفرّدًا لدى جميع المذاهب الإسلاميّة، وإحدى أبرز خمس شخصيات مقدسة لدى الشيعة هي امرأة: فاطمة، ابنة النبي محمد وزوجة علي، أوّل إمام للشيعة.
ومن رموز الأيديولوجيّة الإسلاميّة الشيعية أيضًا زينب، أخت الإمام حسين المعروفة بفنّ خطابتها أثناء معركة كربلاء وبعدها، والتي تُعتبَر "رمزًا للمقاومة". وليس من قبيل الصّدفة أن يتمّ دفن أحد أبرز المفكّرين في هذه المسألة، علي شريعتي (لا يمتّ بصلة إلى عفّت)، في مقام السيدة زينب بالقرب من دمشق في سوريا كما كان يتمنّى.
قد يكون عدد البرلمانيات في الجمهوريّة الإسلاميّة قليلاً، لكنه لطالما شمل لاعبات سياسيّات بارزات. على سبيل المثال، لم تشارك سوى أربع نساء في أوّل ثلاثة برلمانات (1980 حتّى 1992)، لكنّ هذه البرلمانات شملت نساء مثل مرضية حدیدجي (دباغ)، وهي كانت مرافقة شخصيّة للخميني في السنة التي قضاها في المنفى في باريس، وقد قضت سنوات تدرّب المقاتلين في المخيمات الفلسطينيّة في سوريا ولبنان. وبعد الثورة، أصبحت القائدة الكلية القدرة للحرس الثوري الإيراني في المحافظات الغربية الرئيسيّة المجاورة للعراق، وغذّت حربًا أهليّة بين النظام الناشئ والقوات الكرديّة. وفي العام 1989، أصبحت عضوًا في الوفد الرفيع المؤلّف من ثلاثة أعضاء الذي توجّه إلى الاتّحاد السوفياتي لإيصال رسالة الخميني إلى غورباتشوف.
نذكر أيضًا مريم بهروزي (عضو في البرلمان من العام 1980 وحتّى 1996)، وهي سجينة سياسيّة في عهد الشاه حصلت على موازنة حكومية مع موافقة خاصّة من الخميني لإنشاء حزب سياسي يتألّف من النساء فحسب (مجتمع زينب) في العام 1986.
لكن لا يمكن مقارنة هؤلاء النساء الأعضاء في نظام الحكم بالحركة النسائيّة القويّة في البلاد التي تستنكر ما تراه كتمييز بين الجنسين وقوانين كارهة للمرأة في البلاد. في الواقع، جرى بالفعل في ظلّ قيادة هؤلاء البرلمانيّات تعزيز الكثير من هذه القوانين، وغالبًا ما جرى ذلك على حساب حقوق المرأة. وقد دعمت هؤلاء البرلمانيّات المحافظات كلّاً من تشريع "زواج المتعة"، وتجريم استعمال وسائل منع الحمل، والفصل بين الجنسين في الجامعات، وغيرها من التدابير التي تسعى إلى الحدّ من دخول النساء في القوى العاملة.
وقد شرحت صديقة شاكري للمونيتور التفكير القائم وراء هذا الأمر، وشاكري عضو في المجلس المركزي لجمعيّة ایثاركران (حزب متشدّد): "نعتقد أنّ النساء يجب أن ينشطن في مجالات لا يمكن أن ينشط فيها سوى النساء. على سبيل المثال في التعليم حيث يمكن أن تؤدّي المرأة دورًا حاسمًا بفضل عاطفتها. لكن ما الداعي لحصول النساء على وظائف في المصانع وتدمير فرص العمل أمام الرجال الذين يكسبون لقمة العيش لعائلاتهم؟ ويجب ألّا ننسى أنّه ما من وظيفة في العالم ثمينة بقدر إنجاب الأطفال".
وتجدر الإشارة إلى أنّ السياسيات الشبيهات بسياسيات مجتمع زينب لسن البرلمانيات الوحيدات في تاريخ الجمهوريّة الإسلاميّة، ففي البرلمان السادس (2000-04)، برز ما تدعوه ليلى علي كرامي، وهي محامية وناشطة حقوقيّة، بأنّه "نقطة تحوّل".
نجحت ثلاث عشرة امرأة في الوصول إلى البرلمان في ذروة العهد الإصلاحي تحت حكم الرئيس خاتمي، وقد انتمى معظمهنّ إلى التيّار الإصلاحي. وتقول علي كرامي للمونيتور، "منذ البداية، كان لديهنّ بعض الابتكارات الأساسيّة. فهنّ لم يكنّ يرتدين التشادور إلى العمل، وألغين الفصل العنصري داخل البرلمان. لكنّ الأهمّ من ذلك هو أنّهن حاولن جاهدات تغيير القانون من أجل توسيع حقوق المرأة بما أنهنّ كنّ ملتزمات بتحقيق المساواة". وبالاعتماد على الأكثرية الساحقة من الإصلاحيّين في البرلمان، تمكّنّ من تمرير أكثر من 30 تدبيرًا لصالح النساء، لكنّ مجلس صيانة الدستور اعترض على كثير من هذه التدابير (مثل توقيع إيران على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضدّ المرأة)، وفي النهاية، وبعد تدخّل مجلس تشخيص مصلحة النظام، جرى تمرير حوالي نصف هذه التدابير التي شملت حظر زواج الأطفال وإعطاء المزيد من الحقوق للنساء في مسائل الطلاق والحضانة.
ومع وجود حكومة معتدلة، يشعر الإصلاحيّون من جديد بأنّ هناك من يدعمهم وهم يأملون في الفوز بأغلبيّة الأصوات في الانتخابات البرلمانيّة في شباط/فبراير القادم. وإنّ بعض النساء الأعضاء في البرلمان الإيراني السادس يرأسن حاليًا جمعيّة النساء الإصلاحيّة التي جرى تأسيسها العام الفائت، وهنّ يعملن عن كثب مع شهيندخت مولاوردي (إصلاحيّة)، مساعدة روحاني لشؤون النساء والأسرة.
وإنّ إحدى أبرز شخصيات الجمعيّة، التي تحدّثت مع المونيتور طالبة عدم الكشف عن هويّتها، قالت إنّهنّ يعملن على جدول أعمال تشريعي طموح شبيه بجدول أعمال السنوات 2000-04.
سواء أنجحن أم لا في زيادة عدد البرلمانيات، يوافق بعض المحافظين على نظام تحصيص لتعزيز المشاركة النسائيّة. وتقول شريعتي إنّه سيجري رفع العدد إلى "30 على الأقلّ" (ما يبدو متماشيًا مع خطّة يعمل عليها رئيس مجلس الشورى علي لاريجاني لتكليف برلمانيّة واحدة على الأقلّ من كلّ محافظة). وإذا جرى تمرير القانون، سيصبح عدد البرلمانيات الإيرانيات 31 كحدّ أدنى، أي ثلاث مرات عددهنّ حاليًا.