إنّ المقامات الشيعيّة تعني لهم شيئاً أكبر بكثير من السياحة الدينيّة أو القيام بعمل عباديّ. إنّها ليست فقط مصدر الإلهام الروحيّ لهم، بل منطلقهم الرئيسيّ في الحياة السياسيّة والإجتماعيّة منذ زمن بعيد، والسبب في ذلك أنّها ترتبط بمواضع خلاف رئيسية شقّت الإسلام إلى فرعين مختلفين لا يجمعهما شيء ما بعد ذلك.
ويعتقد المستشرق الألمانيّ ويلفرد مادلونك بأنّه "لم يفرّق الإسلام حدثاً في تاريخه في شكل أعمق وأدوم من خلافة محمّد ولكن يبدو أن مقتل أئمة الشيعة وأولادهم أدّى دوراً أعظم بكثير من موضوع خلافة محمّد في تقسيم المسلمين في شكل حادّ ومن دون رجعة. وحين يزور الشيعيّ مرقد الإمام عليّ في النّجف أو ابنه الحسين في كربلاء يتذكّر التاريخ الطويل من الإضطهاد الذي عانته أئمته وعلماؤه من قبل الخلفاء والسلاطين الّذين كانوا ينتمون إلى المذهب السنيّ. ومن هنا، تربطه تلك المقامات بالوضع السياسيّ الحاضر والصراع الداخليّ في العالم الإسلاميّ مع الحكومات السنيّة.