لطالما شعر الفلسطينيون بأنهم الحلقة المنسية والمنبوذة في الشرق الأوسط ولم يشعروا بأنهم دولة تحتلها إسرائيل ويهمشها العرب. وفي إحدى المرات، تلا أبو علاء (أحمد قريع)، رئيس الوزراء السابق والمفاوض الأعلى في اتفاقية أوسلو في العام 1993، قصيدة هندية تقول، "أنا لوحدي وأنت لوحدك، فلنكن لوحدنا معاً."
اليوم، وبعد 21 عاماً، ما زال الفلسطينيون والإسرائيليون يشعرون بعزلتهم ولكن كلّ على حدًه. في هذا السياق، أطلع مسؤول أعلى في حركة فتح في رام الله المونيتور بأنّ القيادة الفلسطينية باتت تشعر بالتهميش الكلي مؤخراً في المنطقة وفي المجتمع الدولي. ويقول المسؤول، "في إسرائيل، القضية الفلسطينية تضيع في ضوضاء الانتخابات، حتى من جهة اليساريين، وفي الولايات المتحدة، تبدو العزيمة السياسية واهنة لطرح موضوع الاعتراف الدائم بالدولة الفلسطينية بعد الانتخابات. من جهته، الاتحاد الأوروبي هو أضعف من أن يتحرك وحيداً في قضية الدولة الفلسطينية في حين تصبّ الدول العربية تركيزها في اتجاه واحد يتلخص بمواجهة الدولة الإسلامية في الحروب في سوريا والعراق والتصدي للتحدي الإيراني."
وفق المسؤول في حركة فتح، تفكّر القيادة الفلسطينية في طريقة للتعامل مع هذا الوضع.ويدّعي بأن فلسطين ستبرز بحلّتين جديدتين مع حلول شهر نيسان/أبريل 2015 وأنّ الأصداء ستصل إلى العالم والمنطقة. الجبهة الجديدة الأولى هي كناية عن "انتفاضة دبلوماسية" تدعو الأطر الإقليمية والدولية إلى حلّ النزاع والاعتراف بالدولة الفلسطينية وفق القانون الدولي. وسيتبع هذه الانتفاضة الدبلوماسية انتفاضة شعبية سلمية تجمع بين عدد أكبر من التظاهرات في محيط المستوطنات والجدار الفاصل والقدس الشرقية.
وأضاف المسؤول، "حان وقت الاستقلال من خلال الدبلوماسية كنوع من حروب الاستقلال."
أوحت الجولة الأولى من المحادثات التي جرت في رام الله بأن القيادة الفلسطينية تشعر باليأس حيال تبخر القضية الفلسطينية. ولكن ثمة وعي للحاجة إلى الاعتماد على الذات وتقرير المصير. وسط هذه الأجواء، يفضّل الكثيرون في قيادة فتح علناً فوز حزب الليكود في الانتخابات الإسرائيلية المقبلة في 17 مارس/آذار.
في طريقة قد تقلب المقاييس، يعتقدون أن حكومة بنيامين نتنياهو ونفتالي بينيت ستجعل من استراتيجيتي الدبلوماسية والانتفاضة السلمية أكثر فعالية.
وفقا للمسؤول في حركة فتح، مصر هي البلد الوحيد الذي يوحي للفلسطينيين بالتضامن والمسؤولية في الوقت الحاضر.
وقال مسؤول مصري رفيع المستوى يعمل في مقر الجامعة العربية في القاهرة للمونيتور إن مصر والجامعة العربية مستعدتان لإطلاق حملة دبلوماسية لصالح الاعتراف بالدولة الفلسطينية بعد تشكيل الحكومة الإسرائيلية المقبلة. ووفقا للمصدر الذي يرتبط ارتباطا وثيقا بوزارة الخارجية المصرية، ستتضمّن هذه الحملة عدة عناصر.
أوضح المصدر أن هذه الحملة تشترط عنصراً أساسياً يكمن في إضعاف حماس في غزة من خلال تشديد الرقابة على معبر رفح ومن خلال جهود لنزع شرعية الحركة السياسية. وستتضمّن الحملة أيضاً الضغط على دول الخليج لتقديم المساعدة الاقتصادية للرئيس الفلسطيني محمود عباس.
ينبغي أن تيسر هذه التدابير الجهود على أعلى المستويات للتنسيق مع الولايات المتحدة بغية وضع إطار دولي لإجراء محادثات سلام على أساس مبادرة السلام العربية والتجميد الكامل للمستوطنات. كما تتطلب هذه الحملة التنسيق مع دول الاتحاد الأوروبي الرائدة لصياغة مشروع اقتراح وهو اللغة المحتملة لقرار مجلس الأمن الدولي الجديد الذي سيكون بمثابة مرجع لعملية سلام من هذا القبيل.
وسوف تشمل الحملة تحذير الحكومة الإسرائيلية المقبلة من تهديد معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية التي تعتبرها القاهرة عنصراً استراتيجيا مهماً في حال رفض إسرائيل للتحرك نحو اتفاق على اعتراف دائم بالدولة الفلسطينية في غضون فترة معقولة من الزمن.
وأضاف المسؤول أن القيادة المصرية ورئاسة جامعة الدول العربية كانتا تنسقان مع عباس وأنهما ترغبان في إحاطته بالأمل لمنع تدهور عنيف. هذه السياسة المصرية هي جزء من استراتيجية إقليمية تهدف إلى إعادة ترسيخ الدور الريادي لمصر في العالم العربي وفي مكافحة الإرهاب الإسلامي (حماس والدولة الإسلامية مع تقديم صورة قومية حول القضية الفلسطينية المحورية.
عندما سُئل عن المواقف من القاهرة والجامعة العربية، أجاب المسؤول في رام الله أن الفلسطينيين هم في الواقع تحت الأضواء، وأن عباس يعتبر العلاقة مع الرئيس عبد الفتاح السيسي محوراً استراتيجياً للنهوض بدولة فلسطينية. من الوجهة الدبلوماسية لعباس، ينبغي أن تكون مبادرة السلام العربية النقطة المحورية لإضفاء الشرعية على أي سياسات براغماتية فلسطينية.
مع ذلك، تركز الحكومة الإسرائيلية حالياً على الحدّ من آثار الفشل الذريع لخطاب الرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في الكونغرس. إنّ الجميع، بما فيهم وزراء حزب الليكود، قد لاحظوا أن العلاقات مع الرئيس أوباما والحزب الديمقراطي تضررت بشدة. ومن هذا المنطلق، فإن الوضع لا يبشر بالخير للتنسيق الأمريكي - الإسرائيلي بعد الانتخابات، في أعقاب المبادرات التي سبق أن خُطّط لها بين القاهرة ورام الله.