مدينة غزة، قطاع غزة – زادت وتيرة التصريحات المتضاربة بين الحكومة الفلسطينية وحركة حماس حول إدارة المعابر الثلاثة الفاصلة بين قطاع غزة واسرائيل ومصر وتحميل كل طرف للاخر مسئولية تأخير عملية تسليم إدارتهم التي تعتبر أحد أهم الشروط لبسط سيطرة الحكومة على القطاع المحاصر وتدفق مواد الإعمار وإعادة فتح معبر رفح.
وتتهم حركة حماس الحكومة الفلسطينية برئاسة رامي الحمد لله بالتهرب من مسئوليتها تجاه قطاع غزة في حين تقول الحكومة ان حماس التي كانت تتحكم في مقاليد الحكم على مدار سبع سنوات ترفض تسليم المعابر بطلبها تحقيق "الشراكة في إدارتها".
وكان رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله قال في (3 كانون الثاني/يناير) "على كافة الجهات في غزة تمكين حكومة الوفاق الوطني، وتسليم المعابر"ـ بعد أن شكلت الحكومة لجنة لاستلام المعابر برئاسة رئيس هيئة الشؤون المدنية الوزير حسين الشيخ، وعضوية مدير عام المعابر نظمي مهنا، ووكيل مساعد هيئة الشؤون المدنية في غزة ناصر السراج.
وقال سامي أبو زهري الناطق باسم حماس في تصريح صحفي (4 كانون الثاني/يناير) "تعتبر حركة المقاومة السلامية "حماس" دعوة رامي الحمدالله لتسليم المعابر هي ذريعة للتهرب من مسؤولياته لأنه لا يوجد أصلاً موظفين للحكومة السابقة على المعابر مع الاحتلال، والحركة تدعوه إلى التوقف عن سياسة التمييز والاهمال التي يتعرض لها قطاع غزة".
وفي قطاع غزة سبعة معابر، 6 منها مشتركة مع إسرائيل وتغلق أربعة بشكل كامل منذ عدة سنوات، فيما تسمح للأفراد بالدخول والخروج إليها عبر معبر بيت حانون (ايرز) شمالي القطاع، وتخصص معبر كرم أبو سالم (كيرم شالوم) جنوب القطاع لنقل البضائع، بينما يعتبر معبر رفح الوحيد بين القطاع ومصر.
وأوضح نظمي مهنا مدير عام المعابر في السلطة الفلسطينية أن الحكومة جاهزة لاستلام إدارة المعابر الثلاثة في قطاع غزة إلا أن حركة حماس تعيق ذلك.
وقال في حديثه مع "المونيتور" عبر الهاتف " نحن محكومون باتفاقيات مع اسرائيل ومصر، ويجب تسليم المعابر نظيفة دون وجود أي موظفين، لدينا طواقمنا المدربة من قطاع غزة والجاهزة لاستلامها".
وأضاف "المعابر تتبع الحكومات ولا تدار من قبل تنظيمات، وأنا لا استطيع العمل مع الطواقم المتواجدة حالياً، يجب تسليم المعابر دون قيد أو شرط".
فيما عزا ماهر ابو صبحة مدير المعابر في القطاع والمعين من قبل حكومة حماس السابقة تأخر تسليم المعابر إلى عدم وجود قرار سياسي لدى الحكومة لإدارتها.
وقال لـ "المونيتور" "ليس هناك قرار سياسي حتى الآن بممارسة حكومة رامي الحمد الله مهامها في قطاع غزة، بسبب وجود خلاف بين أقطاب في (الحكومة في ) رام الله على من يتسلم المعابر وآلية تسلمهم لها، لأن هناك مراكز قوى كثيرة".
وخلال سنوات حكم حماس للقطاع تتولى السلطة الفلسطينية ولا زالت، مسئولية التنسيق مع الجانب الإسرائيلي على معبري إيرز لدخول الأفراد وكرم أبو سالم لدخول البضائع فيما تسيطر إدارة المعابر التابعة لحكومة حماس على من يسمح له بالدخول والخروج من خلالهما سواء من الأفراد أو البضائع.
كما تسيطر إدارة المعابر التي عينتها حكومة حماس السابقة على معبر رفح البري الواصل بين قطاع غزة ومصر تماماً دون وجود للسلطة الفلسطينية، وتغلقه السلطات المصرية تماماً منذ عملية كرم القواديس في سيناء شهر تشرين الثاني نوفمبر الماضي، وتشترط بسط الحكومة الفلسطينية سيطرتها عليه وعودة الهدوء الأمني إلى سيناء حتى يتم إعادة فتحه بشكل طبيعي.
طاهر النونو المستشار الإعلامي لنائب رئيس المكتب السياسي لحماس اسماعيل هنية أشار إلى أن الحركة عقدت اتفاق مع نائب رئيس الوزراء زياد أبو عمرو على تسليم إدارة المعابر بناء على "قاعدة الشراكة وليس الإقصاء" وهو ما لم تلتزم فيه الحكومة
وقال في حديثه مع "المونيتور" "على الحكومة ان تتولى مهامها على المعابر وبعد ذلك لها حرية نقل او تغيير الموظفيين العاملين لاننا لسنا احتلال لننسحب من المعابر تماماً".
واضاف "الأجهزة الأمنية في غزة هي المسئولة عن الوضع الأمني وفقاً لاتفاق المصالحة وبالتالي من الطبيعي انتشار القوات الأمنية على الحدود، وعدم وجود قوات أمن يسمح بالفوضى والفلتان وهو ما لا نريده نحن أو الحكومة".
إلا أن مصدراً في حماس رفض الكشف عن هويته أوضح لـ"المونيتور" أن تسليم المعابر مرتبط باعتماد الموظفين التابعين لحكومة غزة السابقة كموظفين شرعيين في الحكومة الفلسطينية ودفع المصاريف التشغيلية للوزارات في قطاع غزة من ميزانية الحكومة.
وما زالت تحصّل وزارة المالية في غزة الضرائب على البضائع الواردة من معبر كرم أبو سالم وتغطي منها مصاريف الموازنات التشغيلة للمؤسسات الرسمية وتدفع جزء من رواتب الموظفين التابعين للأجهزة الأمنية الذين لم تشملهم منحة الرواتب القطرية للموظفين المدنيين.
وقال المصدر "لا يمكننا ارسال الموظفين العاملين في المعابر حالياً إلى منازلهم، يجب تسوية امورهم أولاً، ولا نستطيع إبقاء الوزارات في قطاع غزة بدون موازنات تشغيلية الأمر الذي يعني أنها ستتوقف عن العمل تماماً، مما سيضر بمصالح المواطنين في غزة".
وأضاف " لم نلمس خلال اجتماعاتنا مع الحكومة أي جدية لديها لاستلام المعابر لاسيما معبر رفح لما يصاحب ذلك من ضغوط لإعادة فتحه الأمر المرتبط بكثير من القضايا السياسية والأمنية في مصر وليس ببسط الحكومة لسيطرتها عليه فقط".
ويبقى الفلسطينيون بشكل عام وأهل غزة بشكل خاص تائهين في الخلافات السياسية بين فتح وحماس اللذان يضعان مصالحهما الذاتية فوق كل اعتبار. وها هم الفلسطينيون يطلقون صرخات نجدة غير مجدية لنخبة سياسية تدير ظهرها لطلباتهم.