الشيخ زويد، مصر- تسارعت وتيرة الأحداث في سيناء إلى مشهد أكثر عنفاً، بعد إعلان جماعة "أنصار بيت المقدس" الإرهابيّة، مبايعتها رسميّاً لتنظيم "الدولة الإسلاميّة في سوريا والعراق"، تحت مسمّى "ولاية سيناء"، في 10 نوفمبر الجاري.
ورغم أنّ "المونيتور" كشف، في وقت سابق، الصّلة بين التّنظيمين، إلاّ أنّ إعلان المبايعة رسميّاً في هذا التّوقيت يحمل المزيد من التّحديات لحكومة الرّئيس المصريّ عبد الفتّاح السيسي، التي تعلن بين الحين والآخر تقدّمها في القضاء على الإرهاب في سيناء.
وفي هذا السّياق، قال في حديث لـ"المونيتور" أحد مشايخ قبائل سيناء المقرّبين من الأجهزة الاستخباراتيّة التّابعة للقوّات المسلّحة في العريش، فضّل عدم الافصاح عن هويّته: "من أبرز التحدّيات التي تواجهها الحكومة حاليّاً وتشغل الرّئيس شخصيّاً، أزمة فقدان ثقة آلاف المصريّين في ما ينشره المتحدّث العسكريّ في شأن تقدّم الحرب على الإرهاب في سيناء".
أضاف: "هذه المشكلة تفاقمت بعد نشر تنظيم "بيت المقدس" فيديو يحمل اسم "صولة الأنصار" لعمليّة الهجوم على وحدة كرم القواديس العسكريّة (24 أكتوبر 2014)، في جنوب الشيخ زويد، الّتي أدّت إلى مصرع 32 عنصراً من الجيش المصريّ، وإصابة نحو عشرة آخرين".
وتابع: "هناك حال غضب عارمة لدى القيادة العامّة في الجيش، بعد عرض الفيديو الذي يحتوي على تفاصيل كارثيّة، وخصوصاً عدم تصدّي قوّة الوحدة العسكريّة المجهّزة بكلّ المعدّات القتاليّة المتقدّمة للإرهابيّين، ولم يطلقوا رصاصة واحدة، فضلاً عن هروب دبّابة من وسط المعركة".
ورأى في حديث لـ"المونيتور" باحث في الشؤون الأمنيّة والجماعات الجهاديّة في سيناء، رفض أيضاً الكشف عن اسمه لدواع أمنيّة "أنّ التّوقيت الذي أعلنت فيه "بيت المقدس" انضمامها إلى "داعش"، قاتل في ظلّ محاولات السيسي النّاجحة، بإقناع الولايات المتّحدة الأميركيّة وإسرائيل، تقدّمه في القضاء على الخطر الذي يهدّد أمن إسرائيل عن طريق إقامة المنطقة العازلة في رفح، مقابل غض نظر أميركا والمجتمع الدوليّ عن انتهاكه للحريّات وحقوق الإنسان وممارسات نظامه القمعيّة".
أضاف: "إنّ فيديو القواديس يؤكّد أنّ المعركة في سيناء تتّجه إلى منعطف بالغ التّعقيد، فالواقع يتحدّث عن مجموعات صغيرة من الإرهابيّين تعمل بجديّة وانسجام، وتتحرّك بخطوات محسوبة مسبقاً وبثقة عالية وبتخطيط لا يمكن الاستهانة به".
وتابع: "إنّ الثقة لدى مقاتلي "بيت المقدس" التي تظهر في الفيديو ناتجة من معرفة هذه العناصر بتضاريس سيناء الوعرة جيّداً، إضافة إلى الخبرة المستوحية من عمليّاتهم النوعيّة الدّقيقة في ظلّ انشغال الجيش بالتّنكيل بالمدنيّين وبنشر معلومات وبيانات مغلوطة عن استهداف "بيت المقدس" وقادته في شكل مبالغ فيه للرأي العام".
وأردف: "إنّ الدليل على ذلك هو ظهور شخصيّتين بارزتين من التّنظيم في تنفيذ العمليّة، هما المتحدّث باسم بيت المقدس أبو أسامة المصريّ والقياديّ الميدانيّ شادي المنيعي. ولقد سبق إعلان مقتلهما أكثر من مرّة في حملات سابقة".
أضاف: "إنّ خطة مباغتة الوحدة العسكريّة عالية المستوى. لقد بدأوا باختراق صفوفهم بشاحنة محمّلة بأكثر من 2 طن من الـTNT العالي التفجير، بغرض قتل بعض الجنود المتواجدين في محيط الانفجار الضخم وإحداث خلل وصدمة لدى توازن النّاجيين عند مشاهدة الانفجار العنيف، وبعد ذلك الهجوم عليهم من قوّات مترجّلة متنوّعة التّسليح".
وتابع: "إنّ كلمة السرّ في نجاح الحرب على الإرهاب في سيناء هي في قوّات مدرّبة على تضاريس المكان وحروب العصابات، والأهمّ العناصر القتاليّة. إذاً، المشكلة ليست في التّسليح نهائيّاً، والدليل أنّ الوحدة العسكريّة لديها دبّابتان M60 أميركيّتا الصنع، وتدريعها يحميها في شكل فائق من الأسلحة المتواجدة في سيناء، وكذلك مجنزرتين ذات تسليح مرتفع الجودة، وعدد لا يستهان به من أنظمة الصواريخ والهاون والأسلحة الثقيلة، ولكنّها وقعت غنيمة لدى "بيت المقدس"، وستستخدم في المستقبل في اشتداد المعارك".
ورأى في حديث لـ"المونيتور" أحد المقرّبين من الفكر الجهاديّ في المنطقة الحدوديّة، رفض الإفصاح عن هويّته "أنّ إعلان "بيت المقدس" انضمامه رسميّاً إلى تنظيم الدولة، جاء نتيجة عروض مغرية من الإمدادات والأسلحة من البغدادي، مقابل توسيع الضربات والصراع في مصر ورفع معنويّات المقاتلين بأخبار عن تمدّدهم في دول مجاورة وعدم تأثّرهم بالضربات العنيفة".
وأكّد أنّ "بيت المقدس" وافق على ذلك العرض بعد ضرب الجيش المصريّ لمخازن الأسلحة الخاصّة بهم وتجفيف منابع تجارتها في سيناء، على مدار الأشهر الماضية.
وقال المصدر: "لقد خطّط لعمليّة كرم القواديس شهر كامل لتخرج بهذا الشكل، وكان الشرط أن يتمّ تصوير العمليّة بأساليب استعراضيّة لتؤثّر على الرأي العام واستقطاب شبان ناقمين من النّظام الحاليّ من المحافظات المصريّة يمكن استخدامهم في عمليّات مفخّخة نوعيّ".
وحذّر من تغيّرات جذريّة وجنونيّة في آليات القتال لدى "بيت المقدس"، بعد انضمامهم إلى الدولة الإسلاميّة، خصوصاً في نقل العمليّات المفخّخة إلى عواصم سيناء والمناطق التي تشمل المقار الأمنيّة غير المتوقّعة وسط المدنيّين، وقلب المحافظات المصريّة خارج سيناء.
وألقى خطر وصول "داعش" إلى سيناء ظلاله على قوى الجوار، إذ عملت إسرائيل على تشديد إجراءاتها الأمنيّة على الشريط الحدودي من جانبها، ونشر قوّات إضافيّة، وفقا لتأكيد سلمي ترابين، وهو أحد مواطني الشريط الحدوديّ في وسط سيناء، الّذي أكّد أيضاً دخول طائرات الاستطلاع الإسرائيليّة من دون طيّار إلى داخل الأراضي المصريّة في محاولات لمراقبة الوضع ومنع أيّ خطر قد يهدّد أراضيهم قبل حدوثه.
وعلّق عضو لجنة كتابة الدستور المصريّ مسعد أبو فجر على حسابه على الـ"فيسبوك" على انضمام مبايعة "بيت المقدس" لـ"داعش" قائلاً: "لم تكن الحرب ضدّ "بيت المقدس" تستحق أسبوعين لو أنّ هناك دولة عاقلة، لكن اليوم لا أمل، إلاّ بتوقّف الحكومة عن قتل مئات العزل وسجن آلاف الأبرياء وتفجير بيوتهم، وإعادة الجيش إلى ثكناته واستبداله بقوّات محترفة للقضاء على الإرهاب تعمل بالقانون".
وبحسب حديثه، أنّه في حال لم يحدث ذلك، فهذا يعني المزيد من العنف والخسائر، إذ قال: "لن يجلب أحد النّصر من سيناء".