تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

البقاع ممرّ إلزاميّ لـ"داعش" إلى شمال لبنان

A Lebanese army soldier sits atop an army vehicle at the entrance of the Sunni Muslim border town of Arsal, in eastern Bekaa Valley, as smoke rises during clashes between Lebanese army soldiers and Islamist militants August 4, 2014. The Lebanese army advanced into a border town that was attacked by Islamists in an incursion from Syria at the weekend, finding the bodies of 50 militants, a Lebanese security official said.     REUTERS/Hassan Abdallah    (LEBANON - Tags: POLITICS CIVIL UNREST MILITARY TPX IMAGE

يؤمن تنظيم "داعش" بأنّه "دولة" كاملة متكاملة، وهو يعمل على توفير كلّ المقوّمات الضروريّة لها. لقد باتت له أرضه بعد الغزوات التي قام بها في العراق وسوريا، وله أميره وشعبه ومقاتلوه، إلاّ أنّه ما زال يفتقد إلى منفذ بحريّ، يعدّ من عناصر قوّة أيّ دولة، وهو يسعى للحصول عليه في لبنان، بعدما لم يتمكّن من نيله حتّى الآن في العراق وسوريا، وهذا ما أكّده قائد الجيش العماد جان قهوجي في حديثه الأخير إلى صحيفة le Figaro

وهذا المنفذ البحريّ لا يمكن أن يمرّ إلاّ عبر شمال لبنان، بما أنّ بلوغ "داعش" و"جبهة النصرة" الشاطىء اللبنانيّ من محافظات أخرى مستحيل بحكم وجوده في مناطق سوريّة قريبة من الحدود الشرقيّة الشماليّة اللبنانيّة. وفي هذا السياق، تندرج مقولة "سعي داعش إلى وصل القلمون السوريّة بعكار اللبنانيّة".

وتتميّز محافظة عكار بخصوصيّة، من حيث موقعها الجغرافيّ والديموغرافيّ، فنصف سكّانها من الطّائفة السنيّة، وهي تقع على تماس مع الحدود السوريّة شمالاً، وتحدّها من الشرق محافظة الهرمل، وجنوباً قضاء الضنيّة ذات الغالبيّة السنيّة.

ولقد جزمت لـ"المونيتور" مصادر أمنيّة مواكبة للملف بأنّه يستحيل على "داعش" أن يبلغ الشمال اللبنانيّ، إلاّ عبر طريقين لا ثالث لهما: إمّا من خلال إعادة السيطرة على حمص السوريّة ليقترب من الشمال ويتمكّن من ولوجه، إمّا عبر إخضاع البقاعين الغربيّ والأوسط اللبنانيّين لسيطرته، مما يخلق له حزاماً أمنيّاً يمهّد لخوض معركة في الشمال وبيئة حاضنة للسيطرة على القرى الشماليّة اللبنانيّة.

وإذا كان الممرّ الأوّل عبر حمص دونه مصاعب عدّة لأنّه يتطلّب إسقاط مدينة خاض النظام السوريّ أشرس المعارك لاستعادته، فإنّ طريق البقاع ليست بأسهل.

وقالت المصادر: إنّ ما يسعى إليه تنظيما "داعش" و"النصرة" حاليّاً هو ممر آمن للخروج من جرود عرسال، حيث يزداد المكوث فيه صعوبة مع اقتراب الشتاء، وبعدما فصل الجيش اللبنانيّ البلدة عن جرودها. ولهذه الغاية، يشترطان الحصول على ممرّ آمن بين عرسال وجرودها للافراج عن العسكريّين المحتجزين لديهما، إلاّ أنّ الرّفض الحاسم من قبل الجيش لهذا الشرط دفع التّنظيمين بالتفتيش عن ممرّ آمن آخر، فوجداه في اتّجاه منطقة "عسال الورد" الجبليّة السوريّة، وهي المدخل الآمن الوحيد للمسلّحين إلى سوريا، لكن اصطدام "داعش" بـ"حزب الله" المتواجد في هذه المنطقة دفعه، مرّة جديدة، إلى تغيير خطّته. عندها، وجّه البوصلة نحو بريتال حيث نفّذ هجوماً في مطلع تشرين الأوّل عام 2014 في محاولة للتوغّل نحو القرى البقاعيّة، فتصدّت له عناصر "حزب الله" وحصلت اشتباكات عنيفة بين الطرفين.

إنّ عمليّة بريتال، لو نجحت، كانت ستضع التنظيمين على طريق تحقيق الهدف عبر وصل البقاع الغربيّ بالبقاع الأوسط، وهي خطوة ضروريّة لإنشاء الحزام الأمنيّ الذي يمهّد لها للتوسّع نحو الشمال. ووفق المصادر، فإنّ عمليّة الوصل هذه ترتكز على بلدة شبعا – القرية السنيّة الأكبر في الجنوب والواقعة عند تخوم الحدود السوريّة – اللبنانيّة، والتي تشكّل محطّة للاّجئين السوريّين. ولبلوغ شبعا، ينبغي المرور بعدد من القرى البقاعيّة، غالبيّتها سنيّة ومسيحيّة ودرزيّة. واستناداً إلى التّجارب السابقة في العراق وسوريا، لم ترفع أيّ قرية سنيّة السلاح في وجه التنظيمين الإرهابيّين. أمّا القرى المسيحيّة فخائفة وغير قادرة على مواجهة هذا الإرهاب، خصوصاً بعد ما حلّ بالمسيحيّين في دول أخرى. أمّا القرى الدرزيّة مثل راشيا وحاصبيّا فلن تخوض مواجهة مع "داعش" و"النصرة" وستسقط. وفي هذا الإطار، وضعت المصادر الزيارة الأخيرة للزعيم الدرزيّ النائب وليد جنبلاط لهذه المناطق حيث أعطى التّوجيهات إلى أبناء طائفته بضرورة تجنّب أيّ إشكال مع النّازحين السوريّين. ثمّ أطلّ في حديث تلفزيونيّ لم يتوان خلاله عن الإعلان أنّه "لا يعتبر جبهة النصرة تنظيماً إرهابيّاً".

وإنّ نجاح "داعش" والنصرة بإنشاء هذا الحزام الأمنيّ يعني أنّ "الدولة الإسلاميّة" أصبح لها موطىء قدم، فهذا الواقع الجديد سيغري مناطق أخرى لتشرّع أبوابها أمام التّنظيمين، ممّا يمهّد لهما بالتوجّه شمالاً. وهنا، يأتي دور الخلايا الإرهابيّة النائمة، وهو ما كان أكّده أيضاً العماد قهوجي عندما قال: "إنّ داعش يعتمد على هذه الخلايا في طرابلس وعكار، فضلاّ عن دعم بعض الهوامش من المجموعات السنيّة".

إذاً، إنّ الشمال اللبنانيّ مفخّخ من الداخل، ويتمّ الرّهان على الدور الذي يلعبه بعض المجموعات الموجودة في طرابلس وعكار في تهيئة الأرض لـ"داعش"، بعدما كان سبق وبايع هذا التّنظيم. وهناك أكثر من مؤشّر يدل على أنّ الشمال، وتحديداً عكّار، يعيش على غليان بركان، فمتعدّدة هي المرّات التي تمّ فيها استهداف عناصر للجيش اللبنانيّ هناك، وكان آخرَها استشهاد عسكريين في عكار. ومن دلائل التوتّر أيضاً توقيف "شبكة فنيدق" (تحمل اسم بلدة عكاريّة) في تمّوز 2014 التي ارتبط اسمها بخلايا كانت تخطّط لتنفيذ عمليّات إرهابيّة في لبنان، والقبض على عناصرها في فنادق عدّة كما تمّت مداهمة الإرهابيّ منذر الحسن في طرابلس وقتله، وهو المتّهم الرئيسيّ في هذه الشبكات وكان يزوّد الانتحاريّين بالأحزمة الناسفة. وميدانيّاً، تفيد التّقارير الواردة إلى الأجهزة الأمنيّة أنّ هناك تحرّكات واسعة لمسلّحين في الجرود غير المأهولة لبعض القرى العكاريّة، خصوصاً في وادي خالد والبقيعة.

وكلّ هذه التوتّرات تغذّيها خطابات بعض رجال الدين السنّة المتطرّفين الذين أعطوا غطاء شرعيّاً للتّعاون مع "داعش و"جبهة النصرة"، وكان لهم دور كبير في فرار بعض العسكريّين أخيراً من المؤسّسة العسكريّة، ومعظمهم من بلدات عكاريّة، ومن أبرزهم مؤسّس التيّار السلفيّ في لبنان الشيخ داعي الإسلام الشهال. كما أنّ هذا الخطاب التحريضيّ تغذّيه تصريحات بعض نوّاب الشمال، الذين يهاجمون المؤسّسة العسكريّة باستمرار.

وجاء مشهد رفع علم "داعش" في طرابلس ليشكل مؤشّراً خطيراً جديداً، تضاف إليه كتابة شعارات لـ"داعش" والنصرة على عدد من جدران المباني في عكّار.

ويعتمد "داعش" على كلّ هذه المكوّنات الشماليّة لتنفيذ مخطّطه بالاستيلاء على الشمال، ولعلّه يعتمد أيضاً على سيناريو العراق، حيث أدّت سيطرته على منطقة إلى سقوط أخرى، ولكن إذا كان الخطر الأمنيّ يتربّص الشمال المفخّخ من الداخل، فإنّ البقاع يواجه قبلَه خطر هجوم خارجيّ من قبل "داعش"، وعليه تتركّز الأنظار الآن.

Join hundreds of Middle East professionals with Al-Monitor PRO.

Business and policy professionals use PRO to monitor the regional economy and improve their reports, memos and presentations. Try it for free and cancel anytime.

Already a Member? Sign in

Free

The Middle East's Best Newsletters

Join over 50,000 readers who access our journalists dedicated newsletters, covering the top political, security, business and tech issues across the region each week.
Delivered straight to your inbox.

Free

What's included:
Our Expertise

Free newsletters available:

  • The Takeaway & Week in Review
  • Middle East Minute (AM)
  • Daily Briefing (PM)
  • Business & Tech Briefing
  • Security Briefing
  • Gulf Briefing
  • Israel Briefing
  • Palestine Briefing
  • Turkey Briefing
  • Iraq Briefing
Expert

Premium Membership

Join the Middle East's most notable experts for premium memos, trend reports, live video Q&A, and intimate in-person events, each detailing exclusive insights on business and geopolitical trends shaping the region.

$25.00 / month
billed annually

Become Member Start with 1-week free trial
What's included:
Our Expertise AI-driven

Memos - premium analytical writing: actionable insights on markets and geopolitics.

Live Video Q&A - Hear from our top journalists and regional experts.

Special Events - Intimate in-person events with business & political VIPs.

Trend Reports - Deep dive analysis on market updates.

Text Alerts - Be the first to get breaking news, exclusives, and PRO content.

All premium Industry Newsletters - Monitor the Middle East's most important industries. Prioritize your target industries for weekly review:

  • Capital Markets & Private Equity
  • Venture Capital & Startups
  • Green Energy
  • Supply Chain
  • Sustainable Development
  • Leading Edge Technology
  • Oil & Gas
  • Real Estate & Construction
  • Banking

We also offer team plans. Please send an email to pro.support@al-monitor.com and we'll onboard your team.

Already a Member? Sign in

Start your PRO membership today.

Join the Middle East's top business and policy professionals to access exclusive PRO insights today.

Join Al-Monitor PRO Start with 1-week free trial