تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

الجيوش المحلّية: نقطة جدل عراقيّة وحلّ ما قبل الفيدراليّة

A tank is pictured as Iraqi security forces patrol after clashes with militants of the Islamic State, formerly known as the Islamic State in Iraq and the Levant (ISIL), in the Hamrin mountains in Diyala province July 16, 2014. The Iraqi army and allied Shi'ite militia forces are trying to push back the Sunni insurgents of the al Qaeda offshoot, who swept through northern Iraq last month to within 70 km (45 miles) of Baghdad. Picture taken July 16, 2014. REUTERS/Stringer (IRAQ - Tags: CIVIL UNREST POLITICS C

ما زال الجدل العراقيّ قائماً حول مصطلح "الحرس الوطنيّ" الذي من المفترض أن يستوعب الميليشيات الشيعيّة والسنّية والقوى المسلّحة المحلّية داخل كلّ محافظة عراقيّة، في مؤسّسة رسميّة تعمل إلى جانب الجيش العراقيّ في المرحلة المقبلة.

وأورد رئيس الحكومة العراقيّ حيدر العبادي هذا المصطلح في برنامجه الانتخابيّ، الذي صوّت عليه البرلمان، وقال إنّ "برنامجه يرتكز على بسط الأمن والاستقرار، ودعم قوّات الأمن ومشروع المصالحة الوطنيّة، وتطوير تجربة الحشد الشعبيّ، وتأسيس حرس وطنيّ في كلّ محافظة، ودعم قوّات البيشمركة".

وعلى الرغم من أنّ هناك نوعاً من الغموض حول الآليّة التي ستشكّل وفقها قوّات "الحرس الوطنيّ" للمحافظات، فإنّ المبدأ الذي تقوم عليه هو محاولة فكّ الاشتباك بين الجيش والقوى الأمنيّة التي تثير حساسيّات في المناطق السنّية، وبين سكّان تلك المناطق، من خلال قوّة خاصّة من السكّان المحليّين.

وقد بدأت هذه الفكرة للمرّة الأولى، بالتزامن مع دخول مليشيات "الدولة الإسلاميّة" إلى الموصل ومدن أخرى.

ويقول كامل المحمّدي، وهو أحد زعماء عشائر الأنبار، لـ"المونيتور": "تمّ تداول الفكرة في وقت مبكر، كحلّ للممارسات التي تعرّض إليها الأهالي من قبل القوّات الحكوميّة، وهي تركّز على تشكيل قوّة محلّية على غرار البيشمركة الكرديّة، في كلّ محافظة، بما يسمح بالدفاع عنها محلّياً، وتجنّب قدوم قوّات من خارجها". ويكشف أنّ المشروع سوف يستوعب المجموعات المسلّحة السنّية، إضافة إلى العشائر.

ويؤكّد علي الحاتم، وهو أحد أبرز الزعامات التي قادت التظاهرات السنّية في وقت مبكر، أنّ "الفكرة انبثقت كحلّ وسط من مطالبهم السابقة بإنشاء الأقاليم كحلّ للمضايقات التي تعرضّوا إليها في المدن السنّية من الحكومة والقوّات الأمنيّة والعسكريّة والميليشيات".

وأضاف: "إنشاء الإقليم السني كان سيترافق معه إنشاء قوّة عسكريّة من داخله للدفاع عنه، كما أنّ الجميع أدركوا أنّ طرد تنظيمات "الدولة الإسلاميّة" وغيرها من المجموعات المتطرّفة، لن يتمّ إلاّ من خلال المناطق السنّية نفسها، فهي وحدها القادرة على تحقيق هذا الهدف".

يمكن القول إنّ "الحرس الوطنيّ" كان نقطة وسط تتجنّب إعلان السنّة إقليماً أو أقاليم، لكنّ هذا الأمر غير محسوم، حسب الحاتم الذي يقول: "ما زلنا متمسّكين بمطالبنا بإنشاء الأقاليم السنية، ولكنّنا ننظر بإيجابيّة إلى خطوات الحكومة الجديدة ونراقب تحقيقها للمطالب".

واقع الحال أنّ المفاوضين من الأطراف السنّية والشيعيّة والكرديّة اصطدموا بواقع آخر، مفاده أنّ المشهد العسكريّ اليوم، خصوصاً في المناطق الشيعيّة، هو أنّ الميليشيات تفرض فيها نفوذها، وهي تقاتل "الدولة الإسلاميّة" تحت وصف "الحشد الشعبيّ"، إثر الانهيارات التي تعرّض إليها الجيش العراقيّ.

ويقول مصدر شيعيّ بارز لـ"المونيتور": "لم يكن في الإمكان التفكير في احتواء الميليشيات، بعدما ظهرت إلى السطح بقوّة وإمكانات هائلة، من خلال مواجهتها أو محاولة حلّها عبر قوّة السلطة، فكان الاتّفاق الشيعيّ داخليّاً على أن يشمل مصطلح "الحرس الوطنيّ" تلك الميليشيات، بما يحوّلها إلى قوّات نظاميّة، رديفة للجيش العراقيّ والقوى الأمنيّة".

وحتّى الآن، فإنّ خطّة الحرب على "الدولة الإسلاميّة"، حتّى تلك التي يتمّ تبنّيها دوليّاً، تبدو أكثر وضوحاً من السابق، حيث ستقوم القوّات السنّية المحلّية، بمساعدة قوّات البيشمركة الكرديّة والجيش العراقي الرسميّ، بتحرير المناطق التي وقعت تحت سيطرة "الدولة الإسلاميّة"، مدعومة بغطاء جوّي يوفّره التحالف الدوليّ، وخبراء ومستشارون عسكريّون لقيادة الخطط على الأرض.

ومن المفترض أن تتولّى القوّات المحلّية، مسك الأرض في المدن المحرّرة بعد نهاية المعارك، وأن تتمّ إعادة إنتاج طريقة تعاطي الحكومة العراقيّة مع تلك المحافظات، بما يضمن إنهاء حالة التوتّر، كما أنّه من المفترض أن تتّخذ الميليشيات الشيعيّة موقعاً دفاعيّاً في المناطق الشيعيّة التي تقف فيها اليوم، ولا تتقدّم إلى المناطق السنّية.

لكنّ هذا التصوّر لمستقبل "الحرس الوطنيّ" لا يبدو متّفقاً عليه تماماً، فرئيس الحكومة السابق ونائب رئيس الجمهوريّة الحاليّ نوري المالكي الذي يملك زعامة أكبر قوّة سياسيّة شيعيّة "دولة القانون"، يرفضه بشدّة ويعتبره طريقاً إلى تقسيم العراق، ويقول في مؤتمر صحافيّ عقده في كربلاء في 14 أيلول/سبتمبر الجاري، إنّ "الدعوات المحلّية لتأسيس جيش في الأنبار والموصل وصلاح الدين وديالى تمثّل فكرة خطرة وبداية لتقسيم البلاد"، مشدّداً على أنّ "كلّ التشكيلات على غرار الحشد الشعبيّ، تكون بمثابة جيش رديف مرتبط بالحكومة المركزيّة، وعمله وطنيّ لا يختصّ بمحافظة معيّنة".

وتردّ كتلتا "المواطن" بزعامة عمّار الحكيم، و"الأحرار" بزعامة الصدر على تصريحات المالكي في اليوم نفسه، بالقول إنّ فكرة "الحرس الوطنيّ" أصبحت في طور التشريع، بعدما صوّت عليها البرلمان العراقيّ ضمن البرنامج الحكوميّ.

يبدو أنّ المحاذير التي تحدّث عنها المالكي موجودة بالفعل، لكنّ الأخير اقترح بديلاً لا يقلّ خطراً، عبر تجربة "الحشد الشعبيّ" التي لا تختلف كثيراً عن "الحرس الوطنيّ"، سوى أنّها ستسمح بتداخل في خنادق تحرّك المقاتلين السنّة والشيعة ومناطقهم.

الواقع أنّ العراق يضمّ العديد من المليشيات السنية والشيعية، وليست كلّ هذه الميليشيات مختلفة ومتصارعة منذ سنوات على مستوى الصراع الطائفيّ فقط، بل إنّها مختلفة ومتباينة ومتقاتلة أحياناً في ما بينها، وليس ثمّة ضمان من عدم نشوب صراعات مستقبليّة بين تلك الميليشيات نفسها.

على صعيد آخر، فإنّ احتواء البيشمركة الكرديّة في نطاق وصف "الحرس الوطنيّ"، خصوصاً أنّ الوصف الرسميّ لـ"البيشمركة" هو "حرس الإقليم"، ما زال ينال اعتراضاً كرديّاً. ويقول المسؤولون الأكراد إنّ "قوّات البيشمركة لن تصبح جزءاً من قوّات "الحرس الوطنيّ" التي ستشكّلها الحكومة العراقيّة بدعم من واشنطن، لأنّ قوّات البيشمركة قوّات خاصّة في إقليم كردستان، والإقليم يحتاج إلى هذه القوّة كالأقاليم الأخرى الموجودة في العالم".

وإلى حين وضع مفهوم "الحرس الوطنيّ" داخل تشريع واضح، لا يمكن الجزم مبكراً بالآليّة التي سوف تنتظم فيها كلّ هذه القوى، وإذا كانت ستتخلّى عن مرجعيّاتها الدينيّة والفكريّة وانحيازاتها المذهبيّة أو القوميّة لصالح التحوّل إلى قوّة رسميّة.

Join hundreds of Middle East professionals with Al-Monitor PRO.

Business and policy professionals use PRO to monitor the regional economy and improve their reports, memos and presentations. Try it for free and cancel anytime.

Already a Member? Sign in

Free

The Middle East's Best Newsletters

Join over 50,000 readers who access our journalists dedicated newsletters, covering the top political, security, business and tech issues across the region each week.
Delivered straight to your inbox.

Free

What's included:
Our Expertise

Free newsletters available:

  • The Takeaway & Week in Review
  • Middle East Minute (AM)
  • Daily Briefing (PM)
  • Business & Tech Briefing
  • Security Briefing
  • Gulf Briefing
  • Israel Briefing
  • Palestine Briefing
  • Turkey Briefing
  • Iraq Briefing
Expert

Premium Membership

Join the Middle East's most notable experts for premium memos, trend reports, live video Q&A, and intimate in-person events, each detailing exclusive insights on business and geopolitical trends shaping the region.

$25.00 / month
billed annually

Become Member Start with 1-week free trial
What's included:
Our Expertise AI-driven

Memos - premium analytical writing: actionable insights on markets and geopolitics.

Live Video Q&A - Hear from our top journalists and regional experts.

Special Events - Intimate in-person events with business & political VIPs.

Trend Reports - Deep dive analysis on market updates.

All premium Industry Newsletters - Monitor the Middle East's most important industries. Prioritize your target industries for weekly review:

  • Capital Markets & Private Equity
  • Venture Capital & Startups
  • Green Energy
  • Supply Chain
  • Sustainable Development
  • Leading Edge Technology
  • Oil & Gas
  • Real Estate & Construction
  • Banking

We also offer team plans. Please send an email to pro.support@al-monitor.com and we'll onboard your team.

Already a Member? Sign in

Start your PRO membership today.

Join the Middle East's top business and policy professionals to access exclusive PRO insights today.

Join Al-Monitor PRO Start with 1-week free trial