أعدمت إيران رجل الأعمال مهافريد أمير خسروي على خلفية اتهامه بارتكاب جرائم مرتبطة باختلاس أموال بقيمة 2.7 مليار دولار أميركي، وهي قضية الاختلاس الأكبر في البلاد.
أعدمت إيران شنقاً رجل الأعمال مهافريد أمير خسروي لضلوعه في فضيحة اختلاس أموال بقيمة 2.7 مليار دولار أميركي كانت قد خرجت إلى العلن في العام 2011 وهزّت البلاد التي تعاني من وطأة العقوبات. وقد أثار إعدامه في 24 أيار/مايو الجاري ردود فعل متفاوتة، ومنها مواقف أبدت تعاطفاً معه، حتى إن البعض اعتبروا أن التوقيت جاء على خلفية رسالة وجّهها مؤخراً إلى المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي.
وقد أدين أمير خسروي، المشتبه به الأساسي في أكبر قضية اختلاس في تاريخ الجمهورية الإسلامية، إلى جانب 39 شخصاً آخرين بالضلوع في العملية التي يشار إليها بـ"الاختلاس الكبير" أو "اختلاس الـ3000 مليار تومان". وشملت الاتهامات أيضاً تبييض الأموال والتزوير والرشوة في مصارف خاصة وحكومية في الفترة الممتدّة بين العامَين 2007 و2010. وحُكِم أيضاً على ثلاثة أشخاص آخرين بالإعدام، كما جاء على لسان غلام حسين محسني إيجائي، المتحدث باسم السلطة القضائية. وحُكِم على آخرين بالسجن لفترات مختلفة بدءاً من ثلاث سنوات وصولاً إلى السجن المؤبّد.
وقد ألحقت الفضيحة لدى انكشافها على الملأ، ضرراً كبيراً برئاسة محمود أحمدي نجاد، ووضعت الحكومة الإيرانية في موقف محرج على الساحة الدولية. على الرغم من الاتهامات المتعدّدة، لم تتم إدانة أي مسؤول كبير في إدارة أحمدي نجاد في أي جريمة. وقد فرّ محمود رضا خواري، رئيس بنك ملي الحكومي الذي يُعتبَر المصرف الأكبر في إيران، إلى كندا لدى ظهور الفضيحة إلى العلن. وتطالب إيران بترحيله. كما أُطلِق سراح محمد رضا رحيمي، النائب الأول السابق للرئيس الإيراني أحمدي نجاد، بكفالة في قضية فساد مرتبطة بشركة التأمين الأكبر في البلاد.
أحدثت أنباء إعدام أمير خسروي صدمة لدى كثيرين عبر مواقع التواصل الاجتماعي. فقد شعر البعض بأنه استُعمِل كبش محرقة لتغطية تورّط شخصيات أعلى مقاماً في الفساد. وشبّهوا قضية أمير خسروي بإعدام فاضل خداداد في العام 1995 على خلفية قضية فساد بقيمة 400 مليون دولار في بنك صادرات.
عندما صدر حكم الإعدام في شباط/فبراير 2013، دافع صادق زيباكلام، الأستاذ في جامعة طهران والمحلل الجريء، عن أمير خسروي في مقال في صحيفة "قانون" بعنوان "عبقري محكوم عليه بالإعدام". كتب زيباكلام أن الأحكام القاسية والصور التي التُقطِت من جلسات المحاكمة (ليست ممارسة شائعة في إيران) تشير إلى أن القضاء استغلّ القضية لأغراض "ترويجية وسياسية" بدلاً من التحقيق فعلاً في ما حدث.
يزعم زيباكلام أيضاً أنه قرأ أجزاء من مرافعة هيئة الدفاع عن أمير خسروي، والتي تتألف من 50 صفحة، وخلص إلى أنه كان يجب الإشادة به بدلاً من الحكم عليه بالإعدام. فقد كتب أن موهبة أمير خسروي في الأعمال والإدارة كانت وراء تأسيس 22 شركة واستحداث 17000 وظيفة. وشبّهه ببيل غايتس وستيف جوبز وهنري فورد، معتبراً أنه "تمت التضحية به لترويض الرأي العام".
وقد لمّح الموقع الإلكتروني المعارض "كلمه" إلى أنه للرسالة التي وجّهها أمير خسروي إلى آية الله خامنئي علاقة على ما يبدو بإعدامه المفاجئ الذي نُفِّذ "من دون إشعار مسبق أو إجراءات قانونية".
في 20 أيار/مايو الجاري، التقى أمير خسروي محاميه غلام علي رهائي الذي نقل عنه رغبته في أن يتم إطلاع الرأي العام على مضمون الرسالة التي وجّهها إلى المرشد الأعلى، بعد الحصول على إذن من القضاء. ثم في 23 أيار/مايو، التقى أمير خسروي زوجته التي روت أنه طلب الحصول على هاتف خلوي، وأنه كان لا يزال متفائلاً بأنه سيتم إبطال حكم الإعدام. ثم في 24 أيار/مايو، أُعدِم من دون إعلام زوجته أو محاميه.
يعتبر موقع "كلمه" أن محاولات أمير خسروي التواصل مع الرأي العام والرسالة التي وجّهها إلى آية الله خامنئي تعارضت مع رغبات المرشد الأعلى بحسم القضية سريعاً. لا يزال مضمون رسالته مجهولاً.
عندما انتشرت أخبار القضية، تبادل العديد من المسؤولين الكبار الاتهامات بالفساد والتورّط. وتصدّرت المسألة العناوين الرئيسة محلياً ودولياً. وقد سعى خامنئي، من خلال طلبه حسم القضية سريعاً، إلى إنهاء المعمعة التي تسبّبت بالإحراج للبلاد وكشفت النقاب عن فساد واسع النطاق داخل الحكومة.