لم ينتهِ حزب الله من الاحتفال بانتصاره في بلدة يبرود السوريّة الإستراتيجيّة، حتى دوّى انفجار ناجم عن عمليّة انتحاريّة استهدفت بلدة النبي عثمان في البقاع اللبناني. لم يبدّد هذا التفجير بهجة الانتصار والإنجاز النوعي لرجال "المقاومة" فحسب، إنما طرح أكثر من علامة استفهام لا بل تعجّب حول النظريّة التي جرى التسويق لها أخيراً من أجل تبرير الانخراط العسكري في سوريا. تلك النظريّة القائلة بأن معظم السيارات المفخّخة التي استهدفت العمق السكني الشيعي اللبناني أي البيئة الحاضنة لحزب الله، إنما كانت تأتي من منطقة يبرود تحديداً. ففي اللحظة التي أحكمت فيها السيطرة على يبرود ممرّ السيارات المفخّخة كما كان يشاع، نفّذت عمليّة النبي عثمان. وكأن في الخطوة رسالة، مفادها أن العمليات الإرهابيّة مستمرّة وأن المعركة وإن حسمت عسكرياً على الأرض فإن أهدافها لم تتحقّق. صحيح أنه من المبكر تقييم نتائج سقوط يبرود بيد النظام السوري والقوى المتحالفة معه ومدى تحقيقه للأهداف المعلنة وصحيح أن الوقت وحده كفيل بإظهار النتائج الحقيقيّة لمعركة يبرود، لكن صحيح أيضاً أنه من الصعب توظيف هذا "الانتصار" في أي مشروع يهدف إلى لمّ شمل اللبنانيّين. على العكس، هو عمّق الانقسام في ما بينهم وفاقم الأحقاد لا سيّما المذهبيّة منها.
وما كان من انتصار يبرود إلا أن يكشف تناقضاً آخر لدى من يدافع عن خيار الانخراط العسكري في الحرب السوريّة. فما إن أعلن نبأ الانتصار على الشاشات، حتى قامت الطائرات السوريّة التابعة للنظام بقصف جرود عرسال واللبوة وهي مناطق لبنانيّة، وذلك بحجّة ملاحقة مجموعات إرهابيّة وتكفيريّة لاذت بالفرار من يبرود. ويجوز السؤال: هل بذلت كل هذه الجهود والتضحيات بهدف اقتلاع الإرهابيّين من يبرود السوريّة لينتهي بهم المطاف في بلدة عرسال اللبنانيّة؟ وما تداعيات تدفّق اللاجئين والمسلحين هذا على استقرار البلد الصغير، وعلى اقتصاده، وعلى ديموغرافيّته، وعلى كيانه؟