فوجئت حركة حماس يوم الجمعة الماضي 7/3/2014، بالقرار غير المسبوق للسعودية بتصنيف عدد من الجماعات الإسلامية، على أنها إرهابية، ومنها جماعة الإخوان المسلمين، وعدم تساهلها وتهاونها مع من يثبت انتماؤها لها.
ورغم أن القرار السعودي لم يشمل حركة حماس بالاسم مباشرة، لكن الحركة تعتبر جماعة الإخوان المسلمين بأنها "الحركة الأم"، في ضوء ما أورده ميثاقها التأسيسي، في مادته الثانية التي أعلنت أن "حماس من أجنحة الإخوان المسلمين في فلسطين، وهي التنظيم العالمي، وكبرى الحركات الإسلامية في العصر الحديث".
ولعل مما زاد من قلق حماس، ما ذكره مصدر مقرب من صناع القرار السعودي أن المرسوم الملكي بوضع الإخوان المسلمين على قائمة التنظيمات الإرهابية، يشمل أفرعها بدول أخرى بما فيها حماس في فلسطين.
مواقف تصالحية
ورغم أن حماس لم تصدر موقفاً رسمياً تعقيباً على القرار السعودي، لكن مسئولاً في قيادتها السياسية خارج فلسطين، عبر في حديث هاتفي "للمونيتور" عن قلق الحركة من الجو العام في المنطقة المعادي للإسلاميين بصورة إجمالية.
وأضاف: حماس لا تعتبر نفسها جزءً من القرار السعودي، لأن انتماءها الفكري للإخوان المسلمين لا يعني انتماءها التنظيمي لهم، فحماس حركة تحرر وطني فلسطيني، ولئن كانت ترتبط فكرياً بالإخوان المسلمين، لكنها تعمل وفق سياستها الخاصة، ولا ترتبط إدارياً بالجماعة، كما أن حماس ليس لها وجود تنظيمي في السعودية، ولا تمتلك فيها مكاتب أو مقرات.
وما لبث أن جاءت خطوة إسماعيل هنية، رئيس حكومة حماس في غزة، وهي غير مسبوقة، بالاتصال بوزير الخارجية السعودي سعود الفيصل، يوم الثلاثاء 11/3، قدم خلاله التعازي بوفاة شقيقه، وهو أول اتصال يجريه مسئول من حماس عقب القرار السعودي، كمؤشر على أن المملكة لم تحظر نشاط الحركة.
فيما وجه أحمد بحر، نائب رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني، والقيادي البارز في حماس، يوم الخميس الموافق 13/3/2014 مناشدة للسعودية للوقوف مع المقاومة الفلسطينية مادياً ومعنوياً وسياسياً واقتصادياً، في ظاهرة غير معتادة في الخطاب السياسي لحماس، الذي دأب على توجيه مثل هذه المناشدات إلى مصر، قبيل حظرها رسمياً قبل أسابيع.
ورغم هذا الموقف "التصالحي" من قبل حماس تجاه القرار السعودي ضد الإخوان المسلمين، لكن ذلك لا يعني أنها لن تكون من بين المتضررين، في ضوء أن الرياض لا تستطيع اتخاذ قرار عقابي ضدها، فلا توجد اتصالات بينهما، ولم يحظ مسئول فيها بأي استقبال رسمي من قبل رسميين سعوديين، باستثناء المرة اليتيمة التي شهدتها الرياض، حين استضافت مسئولين من حماس وفتح للمصالحة بينها في فبراير 2007، ومن حينها لم يزرها مسئول من حماس رسمياً، باستثناء مواسم الحج العمرة في مكة والمدينة فقط،دون إجراء اتصالات سياسية.
ولذلك سرت تقديرات في غزة وصفت القرار السعودي بأنه انقلاب في المواقف والتحالفات، مما يُضعف الحالة العربية، ويُربك المشهد السياسي العربي في المدى القريب، ومن ناحية التبعية الجغرافية والأيديولوجية والسياسية، يربك المشهد السياسي الفلسطيني، وبالتحديد حماس، وسيكون الوضع الفلسطيني أكثر تعقيدا، وستترتب عليه تبعات ثقيلة وخطيرة، لأن كل تضييق على حماس يدفع ثمنه أمنياً واقتصادياً الشعب الفلسطيني.
وقد علم "المونيتور" من أوساط في غزة، أن جزء وافراً من المساعدات القادمة من الدعم المالي والتمويل النقدي للجمعيات الخيرية المقربة من حماس، مصدرها من دول الخليج، وتحديداً في السعودية، حيث يتبرع أمراء ورجال دين ومستثمرون ببعض أموالهم لدعم هذه الجمعيات، التي تأخذ عن حماس عبئاً كبيراً في إعانة ومساعدة آلاف الأسر المحتاجة في غزة.
ذات المسئول السياسي في حماس، أوضح خلال حديثه "للمونيتور"، أن أجواء من الفتور تسود العلاقة مع السعودية منذ سنوات، بسبب تعثر ملف المصالحة الفلسطينية، لكن الحركة "حريصة على عدم توتر العلاقة مع دولة كبيرة بحجم السعودية، بل إنها تسعى لتحسينها، رغم صعوبة الوضع القائم حالياً".
وأضاف: رغم وجود حالة من البرود في العلاقة بين حماس والرياض، لكن الحركة تمتلك ما أسماها "حاضنة شعبية" واسعة من نخب ثقافية وإعلامية وجماهيرية داخل المملكة، باعتبارها حركة مقاومة وطنية فلسطينية، بغض النظر عن الاستقطابات العربية الداخلية، والحركة مصرة على تجاوز الأزمة التي تعصف بالمنطقة العربية حالياً بأقل قدر من الخسائر.
البقاء في قطر
التطور اللافت حول موقف حماس من قرار السعودية بتجريم الإخوان المسلمين، تزامن مع سحب سفيرها من قطر الأربعاء الماضي 5/3، بشأن خلافات داخلية تتعلق بالموقف من مصر وسوريا وقناة الجزيرة، ودعم الحركات الإسلامية.
وفور أن صدرت الخطوة السعودية غير المسبوقة في تاريخ علاقاتها مع قطر، خرجت أنباء تفيد بطلب رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل بمغادرة الدوحة مع بقية رفاقه القادة المقيمين فيها، من خلال مدير المخابرات القطرية، غانم الكبيسي، الذي التقى بمشعل مؤخراً.
وقد برر مشعل طلبه، بناء على التقارير غير المؤكدة، لتجنيب قطر ضغوط السعودية، لإجبارها بالتخلي عن حماس، والتوقف عن دعمها، وعدم السماح لقيادتها بالإقامة فيها.
وهو ما رفضه الأمير تميم، وطلب من مشعل البقاء في الدوحة، وجدد رفضه لمغادرته ومن معه من قيادة الحركة، في الاتصال الذي أجراه هنية معه يوم الأحد 9/3.
لكن مسئولاً سياسياً في حماس فضل التكتم على اسمه، أكد "للمونيتور" في اتصال هاتفي أن مشعل لم يطلب مغادرة قطر بتاتاً، لأن العلاقة بين الحركة وقطر قائمة على الاحترام المتبادل فيما بينهما، ومشعل لم يتعرض لضغوطات أو مضايقات في الدوحة، ولذلك فهو أنه لم يقدم طلباً بمغادرة الدولة إلى بلد آخر، بسبب التوترات الحاصلة في منطقة الخليج عقب التجاذبات السياسية الأخيرة.
وختم بالقول: الدولة القطريّة توفّر لمشعل كامل التسهيلات التي يطلبها، وتفسح المجال أمامه لممارسة أعماله كافة دون مضايقات، وهو يرتبط بعلاقات وثيقة مع قيادة الدولة، وعلى رأسها الأمير تميم.