تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

المعركة ضدّ داعش في العراق وسوريا: هل هي بداية النهاية؟

صعود نفوذ تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) في الأشهر الأخيرة، اعتمد على عاملَين رئيسيَّين: الأول هو أنه كان تنظيماً عابراً للحدود استفاد من قدرة المناورة التي توفّرت له بفعل امتلاكه قواعد في كلّ من العراق وسوريا، والثاني هو تصاعد الطابع الطائفي للصراعات الإقليميّة.
Gunmen fighters walk in the streets of the city of Falluja, 50 km (31 miles) west of Baghdad January 3, 2014. Sunni Muslim tribesmen backed by Iraqi troops fought al Qaeda-linked militants for control of Iraq's western province of Anbar on Friday in a critical test of strength for the Shi'ite-led government of Prime Minister Nuri al-Maliki. Those fears were stirred anew on Thursday when tribesmen, angry at the central government in Baghdad and what they perceive as Sunni marginalisation in politics, clashed

استند صعود نفوذ تنظيم الدولة الإسلاميّة في العراق والشام (داعش) في الأشهر الأخيرة على عاملَين رئيسيَّين: الأول هو أنه كان تنظيماً عابراً للحدود استفاد من قدرة المناورة التي توفّرت له بفعل امتلاكه قواعد في كلّ من العراق وسوريا. أما الثاني فهو تصاعد الطابع الطائفي للصراعات الإقليميّة، ما وفّر للتنظيم بيئات داخليّة متعاطفة وفرصاً للتجنيد. لكن الأيام الأخيرة أظهرت أن التنظيم أخذ يفقد ميزته الأساسيّة بفعل دخوله في مواجهات هي الأكبر من نوعها في كلّ من العراق وسوريا في الوقت نفسه.

فبعد أن أعلنت الحكومة العراقيّة عن أكبر حملاتها العسكريّة ضدّ "داعش" في مناطق غرب العراق، ودخوله في مواجهات مسلحة مع قوى سنيّة محليّة في الأنبار، واجه التنظيم مؤخراً حملة عسكريّة تشنّها قوى المعارضة السوريّة التي توحّدت ضدّه. لو كان التنظيم يتعرّض إلى ضغط من جانب واحد على الحدود العراقيّة-السوريّة، لكان بإمكانه الانسحاب نحو الجانب الآخر إلى حين زوال ذلك الضغط. لكن ما يجري اليوم هو أنه يتعرّض إلى ضغط من جانبَي الحدود ولم يعد يملك الكثير من فرص المناورة الإستراتيجيّة، الأمر الذي دفعه إلى إزالة الكثير من مظاهر السريّة عن نشاطاته ومناطق وجوده في العراق حينما فرض سيطرته المباشرة على مدينة الفلوجة وبعض مناطق الأنبار. أما على الجانب السوري، فإن تقهقره العسكري في مناطق مثل ريف حلب والرقة رافقته مؤشرات على انشقاقات في داخله، حصلت غالباً من خلال انتقال بعض مقاتليه نحو تنظيم "جبهة النصرة" الذي يمثّل الذراع السوري لتنظيم "القاعدة".

وإذا كان نجاح "داعش" في السيطرة على مساحات مهمّة من الأنبار بل وإعلانه إمارته الإسلاميّة في الفلوجة يبدو وكأنه انتكاسة عسكريّة للجيش العراقي، إلا أنه وعلى المدى الإستراتيجي قد يؤدّي إلى إضعاف التنظيم أكثر. فأحد عناصر قوّة التنظيم كانت تتمثل بطابعه "الشبحي" وعدم اضطراره إلى ممارسة دور السلطة واستثماره السخط الشعبي السنّي الواسع النطاق ضدّ حكومة نوري المالكي. لكنه الآن أخذ يحتكّ بشكل مباشر بالسكان وينشر أعداداً كبيرة من مقاتليه الغرباء في مناطق معروفة بهيمنة الطابع العشائري- المحلي عليها. وقد أدى ذلك بسرعة إلى صدام بينه وبين العديد من القوى المحليّة السنيّة، خصوصاً تلك التي كانت جزءاً من جماعات "الصحوة" التي شكلها الجيش الأميركي لقتال "القاعدة" والتي تخشى من أعمال انتقام ضدّها إذا ما نجح "داعش" بفرض سيطرته تماماً.

وتشير التقارير الصحافيّة إلى وجود تعاون ما بين العديد من العشائر الأنباريّة والحكومة العراقيّة لمحاربة التنظيم في الرمادي والفلوجة، في الوقت الذي يجري التضييق عليه في سوريا. وعلى الرغم من وجود قوى عشائريّة سنيّة أخرى مثل "المجلس العسكري في الأنبار" الذي أعلن عن تأسيسه مؤخراً تتبنى مقاتلة "داعش" والجيش العراقي على حدّ سواء، إلا أن ثمّة اتفاق عام في الأوساط السنيّة على ضرورة عدم شرعنة وجود "داعش" والنظر إليه كعبء كبير يضرّ بقضيّة السنّة في العراق. وأكثر من ذلك، ثمّة من يذهب إلى الاعتقاد بأن وجود التنظيم يرتبط بـ "مؤامرة إيرانيّة – سوريّة" لتشويه ما يعتبرونه ثورة واحتجاجاً مشروعَين ضدّ نظام بشار الأسد وحكومة المالكي.

على أي حال، يبدو أن تنظيم "داعش" يخوض أخطر معاركه وسيكون من الصعب تصوّر انتصاره في هذه المعركة في ظلّ قدر متنامي من التوافق الداخلي والإقليمي والدولي على مواجهته. وقد أتت خطوة المعارضة السوريّة تأسيس ما يسمّى بـ"جيش المجاهدين" الذي تمثّل الفصائل الإسلاميّة جسمه الأساسي واتجاه هذا الفصيل نحو التركيز على محاربة "داعش" وإخراجه من مناطق نفوذها (المعارضة) في سوريا، تعبيراً عن حاجة تلك المعارضة وداعميها الإقليميّين إلى التخلص من الإرث السلبي الذي خلفته ممارسات هذا التنظيم الراديكالي على سمعة المعارضة السوريّة ووضعها التفاوضي في مؤتمر جنيف-2. 

لقد كان صعود نجم "داعش" في سوريا والعراق وانتقال نشاطاته إلى لبنان، نتيجة للاندماج ما بين الصراعات السياسيّة والتنافس الإقليمي في البلدان الثلاثة. وربما يكون إضعاف "داعش" أو القضاء على وجوده، بداية للفصل بين هذه الصراعات والتخلّص من بعض مظاهر الفوضى التي صاحبته. 

Join hundreds of Middle East professionals with Al-Monitor PRO.

Business and policy professionals use PRO to monitor the regional economy and improve their reports, memos and presentations. Try it for free and cancel anytime.

Already a Member? Sign in

Free

The Middle East's Best Newsletters

Join over 50,000 readers who access our journalists dedicated newsletters, covering the top political, security, business and tech issues across the region each week.
Delivered straight to your inbox.

Free

What's included:
Our Expertise

Free newsletters available:

  • The Takeaway & Week in Review
  • Middle East Minute (AM)
  • Daily Briefing (PM)
  • Business & Tech Briefing
  • Security Briefing
  • Gulf Briefing
  • Israel Briefing
  • Palestine Briefing
  • Turkey Briefing
  • Iraq Briefing
Expert

Premium Membership

Join the Middle East's most notable experts for premium memos, trend reports, live video Q&A, and intimate in-person events, each detailing exclusive insights on business and geopolitical trends shaping the region.

$25.00 / month
billed annually

Become Member Start with 1-week free trial
What's included:
Our Expertise

Memos - premium analytical writing: actionable insights on markets and geopolitics.

Live Video Q&A - Hear from our top journalists and regional experts.

Special Events - Intimate in-person events with business & political VIPs.

Trend Reports - Deep dive analysis on market updates.

We also offer team plans. Please send an email to pro.support@al-monitor.com and we'll onboard your team.

Already a Member? Sign in