أعلنت المحكمة الاتحاديّة العراقيّة في 27 آب/أغسطس المنصرم، أنها طعنت في قانون شرّعه البرلمان يحدّد ولاية الرئاسات الثلاث بدورتَين تشريعيّتَين فقط.
وكان القانون الذي صادق عليه البرلمان في 26 كانون الثاني/يناير 2013، يمنع المالكي من الاستمرار في منصبه على رأس الحكومة العراقيّة، لولاية ثالثة.
وقال القاضي عبد الستار البيرقدار في حديث إلى "المونيتور" إن "المحكمة الاتحاديّة نقضت قانون تحديد ولاية الرئاسات الثلاث الذي صوّت عليه مجلس النواب بحجّة أنه مقترح قانون وليس مشروع قانون".
وثمّة اختلاف كبير ما بين الأمرَين. فمقترح القانون هو الذي يقدّمه أعضاء مجلس النواب، بينما مشروع القانون هو الذي تقدّمه الحكومة الاتحاديّة برئاسة نوري المالكي.
وكان المالكي في العام 2011 قد وجّه خطاباً إلى رئيس البرلمان أسامة النجيفي، أكّد فيه أن "الحكومة التي أقودها، هي التي تملك الحقّ في صياغة مشاريع القوانين، وعلى البرلمان مناقشتها والتصويت عليها".
وأوضح البيرقدار أن "المحكمـة الاتحاديّة العليا التأمت بتاريخ 26 آب/أغسطس 2013 برئاسة القاضي مدحت المحمود وعضويّة كلّ من القضاة فاروق محمد السامي وجعفر ناصر حسين وأكرم طـه محمد وأكرم أحمد بابان ومحمد صائب النقشبندي وعبود صالح التميمي وميخائيل شمشون (قسّ كوركيس) وحسين أبو ألتمن، وأصدرت قرارها (...) بعدم دستوريّة قانون تحديد ولاية الرئاسات الثلاث".
وأشار البيرقدار إلى أن من "بين الأسباب التي أوجبت القرار أن مجلس النواب اتخذ مساراً مغايراً لما أقرّه الدستور ولما أستقرّ عليه القضاء الدستوري"، مضيفاً أن "قرار المحكمة ينصّ على أن تحديد ولاية رئيس الوزراء يتنافى مع أصل النظام السياسي المبني على الإرادة الشعبيّة".
وقال العضو الشيعي في التحالف الوطني الحاكم محمد الحسن في حديث إلى "المونيتر"، إن "نقض المحكمة الاتحاديّة سيسمح لرئيس الوزراء الحالي نوري المالكي بالترشّح لولاية ثالثة" .
من جهته لفت العضو الشيعي في دولة القانون علي الشلاه في حديث إلى "المونيتور"، إن "ائتلاف دولة القانون الذي يقوده المالكي كان واثقاً من قرار المحكمة الرافض للقانون".
أضاف "في الأساس كان كلّ شيء في القانون معداً لمنع المالكي من الترشّح لمرّة الثالثة لمنصب رئيس الوزراء".
وقرار المحكمة هذا أزعج تيار الزعيم الديني الشيعي مقتدى الصدر.
فقال القيادي الشيعي البارز في التيار الصدري أمير الكناني في حديث صحافي إن "عمليّة التبادل السلمي للسلطة في خطر، وسنحتاج إلى تدخّل خارجي إذا استمرّ الوضع الحالي على ما هو عليه".
أضاف أن "صناديق الاقتراع ستكون هي الحكم وأي كتلة ستحصل على الأغلبيّة هي التي ستشكّل الحكومة".
ومع إعلان المحكمة نقض القانون، أكّد مصدر مطّلع مقرّب من المالكي لـ"المونيتور" أن "التحضير لترشيح المالكي لمنصب رئيس الحكومة بعد انتخابات العام 2014، سيحتاج زخماً أكبر".
وتابع المصدر "كلّ شيء جاهز تقريباً، والمالكي أجرى اتصالات خارجيّة مع اللاعبين الدوليّين لتقديم عرضه الجديد بهدف إقناعهم بالاستمرار لولاية ثالثة".
لكن عدداً كبيراً من المراقبين يرون بأن مهمّة المالكي صعبة للغاية ما لم يؤسّس لتحالفات رصينة جديدة، خصوصاً مع خسارة حلفاء شيعة مثل التيار الصدري والمجلس الأعلى الإسلامي الذي يقوده عمّار الحكيم.
ويبدو أن المالكي عقد اتفاقاً سياسياً مع خصمه الكردي رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني، خصوصاً بعد أن قرّرت المحكمة الاتحاديّة العراقيّة إلغاء مادة من قانون الانتخابات في محافظة كركوك تفرض التدقيق في سجلّ الناخبين.
والمادة التي قرّرت المحكمة الاتحاديّة إلغاءها في 26 آب/أغسطس 2013، هي المادة 23 من قانون الانتخابات الخاص بمدينة كركوك التي يتنازع على إداراتها الأكراد والعرب والتركمان.
وأشار المصدر المقرّب من المالكي إلى أن "التقارب الأخير ما بين رئيس الوزراء زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي ورئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني، أفضى إلى اتفاق سياسي ما بين الطرفَين يتعلّق بتجديد ولاية المالكي لمرّة ثالثة في مقابل تقديم تنازلات للأكرا تتعلّق بكركوك والعقود النفطيّة".