نجح إقليم كردستان العراق في تأسيس نظام دولة مستقرّة نسبياً في بيئة كانت وما زالت محاطة بالأخطار التي تتهدّد الأكراد. حدث هذا بعد عقود طويلة من الكفاح ضدّ أنظمة شموليّة وقمعيّة أرادت أن تلغي خصوصيّتهم الثقافيّة وتدمجهم ضمن هويّة أيديولوجيّة شوفينيّة. وقد شاركت الأكراد في كفاحهم، طوائف أخرى تعايشت معهم في المحافظات الشماليّة العراقيّة طوال مئات السنين. لكن ثمّة قلقاً متصاعداً لدى تلك الطوائف، حيال انتهاج الإقليم الكردي مسيرة الأنظمة السابقة نفسها المتّسمة بالشموليّة والشوفينيّة.
تنطلق إشكاليّة هذا الموضوع الأساسيّة من الفكرة النمطيّة لدى المكوّنات العراقيّة الكبرى التي تعتبر أنها تمتلك الأرض التي تقطنها وأن الآخرين الذين يشاركونها فيها هم دخلاء مستوطنون يجب أن يرضخوا لهويّة الأغلبيّة. وهذا ما كانت تعتمده الحكومات العراقيّة المتتالية منذ تأسيس العراق الحديث ولغاية العام 2003، بأشكال ودرجات مختلفة من الشدّة والضعف. فقد رُسِمَت صورة العراق عربيّة العرق وسنيّة المذهب، ما أدّى إلى اضطهاد المكوّنات الأخرى في بلد يمثّل أكبر تنوّع ثقافي وديني في المنطقة بأكملها.