دعا أبو حفص المقدسي أمير جماعة "جيش الأمّة" السلفيّة في غزّة إلى الجهاد في مصر من أجل تخليصها من حكم من أطلق عليه اسم "فرعون مصر الجديد"، في إشارة إلى وزير الدفاع المصري عبد الفتاح السيسي، وذلك من أجل "وقف إراقة الدماء وتحكيم شرع الله".
وقال المقدسي في حديث خاص إلى "المونيتور" "نوجّه رسالة إلى أهلنا في مصر: عليكم أن تخرجوا للجهاد ورفع الظلم والطغيان ووقف إراقة الدماء من قبل الطاغية عبد الفتاح السيسي ومن يناصره. فاخرجوا وابقوا في الميادين والساحات العامة حتى يسقط السيسي مع كافة أركانه، من سياسيّين ورجال دين وعسكريّين".
ونفى المقدسي أي علاقة لجماعته السلفيّة بإعدام 25 من الجنود المصريّين رمياً بالرصاص في سيناء، قائلاً "لسنا متواجدين على الأرض في مصر ولا في سيناء وما من تنسيق في ما بيننا وبين الجماعات السلفيّة هناك، إلا أنه تجمعنا رابطة العقيدة الإسلاميّة وكذلك الشعور بالغضب عندما نرى الدماء التي تسفك في مصر وسوريا والشيشان والمغرب وباكستان وفي كافة بلاد المسلمين. لذا فالمطلوب منا موقف لنصرة هذه الدماء الزكيّة التي تراق ليلاً ونهاراً من أجل نشر الكفر واستئصال الإسلام".
أضاف "أنا أتّهم السيسي والنظام الحالي بقتل الجنود الذين لم تكن تواكبهم أي حراسة، وقد أتت العملية في موقع أمني حسّاس. ومن غير المستبعد أن يكون ذلك كميناً نفّذه الجيش، إذ يراد التغطية على مجزرة السجناء في سيارة الترحيل والتي وقعت قبل يوم واحد من مقتل الجنود. فبذلك يشغلون الرأي العام. وربما كان هؤلاء جنوداً منشقّين رفضوا الخدمة، فتمّت تصفيتهم".
ورغم أن أبو حفص يقول أن جماعته تأسست قبل عشر أعوام إلا أن الدراسات حول الجماعات السلفية تفيد أن أول اعلان عن وجود "جيش الامة" جاء في اواسط ايلول/سبتمبر2007، حيث تبنى اطلاق قذيفتي هاون على المستوطنات أطلقها من شرق خانيونس.
وابرز العمليات التي نسبت اليه هو تبنيه في 4/4/2008 عملية مشتركة مع الوية الناصر صلاح الدين استهدفت وزير الأمن الإسرائيلي آفي ديختر، وخلال هذه الأعوام تم اعتقال ابو حفص واستجوابه اكثر من سبع مرات من قبل أجهزة الأمن التابعة لحكومة حماس مكث في إحداها أكثر من ثمانية شهور بعد عرضه لتدريبات عسكرية لنحو25 مسلحا في معسكر خاص به امام صحفيين.
و تعتبر جماعة "جيش الأمة" إحدى الجماعات السلفية المتشددة المنتمية لتيار السلفية الجهادية الذي يؤمن بالجهاد المسلح ضد الحكومات القائمة في بلاد العالم الإسلامي والأعداء الخارجيين، ومن هذه الجماعات في قطاع غزة: "جلجلت" و"جيش الاسلام" و"جُند أنصار الله" و"مجلس الشورى المجاهدين-أكناف بيت المقدس" التي تبنت أكثر من مرة عمليات ضد إسرائيل انطلاقا من سيناء.
وشدّد المقدسي الذي كانت حركة حماس قد اعتقلته قبل أقلّ من شهر ونصف الشهر أثناء مشاركته في مسيرة لنصرة القدس، على أن "اليوم نكسر صمتنا في غزّة، وندعو المسلمين إلى الجهاد وأهل مصر إلى الثبات في الميادين والدفاع عن الدماء البريئة التي تسقط هناك. فهذه لم تعد حرباً ضد حزب أو فرقة، وإنما أصبحت حرباً على الإسلام بحسب ما هو واضح. وعلى الرغم من ذلك، نرى أن فتح روما سيتمّ خلال هذا القرن وسترفع راية التوحيد فوق البيت الأبيض على أيدي المجاهدين. وإن لم نفعل نحن فسيكون ذلك بأيدي أبنائنا، وإن لم يفعل أبناؤنا فبأيدي أبناء أبنائنا".
وكان المقدسي قد دعا وسائل الإعلام في غزّة إلى مؤتمر صحافي يوم الخميس في 15 آب/أغسطس الجاري، أمل خلاله أن يقوم أحد حُراس السيسي الشخصيّين بقتله.
وقد أتى هذا المؤتمر الصحافي بعد أكثر من عام ابتعدت فيه الجماعات السلفيّة عن الساحة الإعلاميّة، وذلك بعد التشديد الذي فرضته عليها حكومة حماس. لم تشارك في المؤتمر بقيّة الجماعات السلفيّة، وقد أعاد المقدسي السبب إلى "عدم التنسيق مع بقيّة الجماعات في غزّة، لأنه جاء على عجل وبعد يوم واحد من مجزرة فضّ اعتصام رابعة العدويّة".
وكانت الأحداث في مصر قد أثارت مجموعة من ردود فعل جماعات سلفيّة وجهاديّة تنتمي إلى تنظيم الجهاد العالمي. وقد بثّت القاعدة تسجيلاً صوتياً لقائدها أيمن الظواهري في الثالث من آب/أغسطس الجاري، اتّهم فيه الولايات المتحدة والخليج بتدبير إسقاط الرئيس المصري المعزول محمد مرسي.
وأوضح المقدسي الذي التقاه "المونيتور" في مكان اختاره أمير الجماعة كي يكون محاطاً بمن يطلقوا على أنفسهم "جنود أبو حفص"، "لا نأخذ إذن حماس ولا ننتظر تصريح من أي كان. الإذن هو من شريعتنا فقط، لذلك وجدنا ضرورة لعقد هذا المؤتمر بعد المجازر في مصر. كذلك، ثمّة مصيبة تتمثّل بالمفاوضات العبثيّة التي أعلن عنها محمود عباس مع الاحتلال وشرعنة الاستيطان الذي سمح بإقامة أربعة آلاف وحدة سكنيّة منذ بدء هذه المفاوضات الجديدة".
وهو يملأ أكواب الشاي، روى المقدسي الذي يبدو مقارنة بكلماته رجلاً بسيطاً، "قضيت 136 يوماً في خلال العام الماضي في سجون حماس، ولم يطلقوا سراحي سوى في فترة الحرب بسبب إخلاء المواقع الأمنيّة. وبعدها رجعت إلى السجن ليطلقوا سراحي في شهر كانون الأول/ديسمبر الماضي. فحماس ما زالت تنظر إلى السلفيّين نظرة مجحفة وظالمة، وتسلبهم حقوقهم وتمنعهم من الإعداد بشكل صحيح لجهاد العدوّ".
وأوضح أنه بعد حرب تشرين الثاني/نوفمبر 2012، أوقفوا نشاطهم العسكري "ليس بناءً على هدنة تعقد هنا أو هناك بل أخذاً بالمصالح الشرعيّة".
وعلى الرغم من أن جماعة "جيش الأمّة" تختلف مع حركة الإخوان المسلمين التي تعتبر حركة حماس امتداداً لها، إلا أن ذلك لم يمنع أميرها "أبو حفص" من الدعوة إلى جهاد السيسي. فقال "ليس كلّ من يقف ضدّ السيسي هو من الإخوان، فالخلاف ما بين الإخوان والسيسي كان خلافاً على السلطة. لكن عندما أصبح الخلاف على الإسلام من قبل قادة الانقلاب، كان لا بدّ من موقف. فقد انتهت المعركة مع الإخوان فعلياً في 30 حزيران/يونيو الماضي وانتقلت لتكون ضدّ الإسلام".
أضاف "كنا نعتمد موقف الصامت. ولكن بعد عزل مرسي وتحكّم التيارات العلمانيّة والإقصاء الذي طال عموم المسلمين وليس فقط الإخوان، أصبحنا مجبرين على كسر الصمت المطبق للجماعات السلفيّة في غزّة وعلى إدانة استهداف كل من ينتمي للإسلام بشدّة".
وإذ دعا المصريّين إلى عدم التمسّك بشعارات غربيّة زادت وضعهم إذلالاً، شدّد على أنه "من خلال كذبة الديمقراطيّة يحاول الغرب السيطرة على بلاد الإسلام عبر عملاء. وثمّة من يعطيهم الشرعيّة الدينيّة من أمثال شيخ الأزهر ومفتي السعوديّة اللذَين لا يصدران أي موقف يتعلّق ببلاد المسلمين وبالحملات الصليبيّة التي يقوم بها الغرب هناك".
إلى ذلك، كان لا بدّ من سؤال حركة حماس عن سماحها بتنظيم مؤتمر صحافي للسلفيّين. فردّ المتحدّث باسم الحركة سامي أبو زهري في اتصال هاتفي مع "المونيتور" قائلاً، "لم يُعقد أي مؤتمر صحافي للسلفيّين في غزّة بشأن مصر، وكلّ ما ورد في وسائل الإعلام غير صحيح. فالمؤتمر يخرج منه صور وتسجيلات فيديو، وهذا ما لم يحدث". لكنه لفت إلى "بعض التصريحات التي صدرت عن أحد السلفيّين والتي جرى تضخيمها وقد وُضِعت في غير سياقها. وقد سبق وأكدنا في حركة حماس أن غزّة لا علاقة لها ولن يكون لها أي علاقة بما يجري في مصر".
أضاف مكرّراً "نحن في حركة حماس شدّدنا على أن ثمّة إجماع في غزّة على عدم التدخّل في مصر". وأوضح أن "هذا الإجماع يشمل المجموعات السلفيّة. وحركة حماس تؤكّد أنها لا توافق على تدخّل أي جهة فلسطينيّة في الشأن المصري".