أقرّ رئيس الحكومة العراقيّة نوري المالكي في 23 تموز/يوليو الجاري في بغداد، بوجود "خلل وغباء" في عقود وقّعها مسؤولون عراقيّون مع شركات عالميّة لتحسين التغذية بالطاقة الكهربائيّة.
وقال في اجتماع مع خبراء في الشأن الاقتصادي نقلته محطات فضائيّة عراقيّة، إنه "شكّل لجنة للتحقيق في تقصير مسؤولين عراقيّين مختصّين في الطاقة".
وتابع "كانوا يخبرونني بأرقام غير صحيحة (...) قالوا إن العراقيّين يحصلون على 30 ألف ميغاواط، وإنها (الكهرباء) تفيض عن حاجتهم ويمكن تصديرها إلى الخارج".
وكان القيادي الشيعي البارز ونائب رئيس الحكومة لشؤون الطاقة حسين الشهرستاني قد صرح في حزيران/يونيو 2012 في بغداد، أن العراق سؤمّن ما يكفي حاجته من الكهرباء المحليّة مع نهاية العام 2013، وسيقوم بتصديرها إلى دول أخرى.
لكنموضوع الكهرباء أصاب العراقيّين بالملل والغضب في آن واحد، وذلك في وقت تثير تصريحات المسؤولين منذ نحو ثماني سنوات بشأن تحقيق تقدّم في الكهرباء، السخرية بسبب فقدان الثقة بين الطرفَين.
وقال المالكي في اللقاء التلفزيوني إن "الحديث عن انتهاء أزمة الكهرباء في العراق وتصدير الطاقة إلى الخارج أواخر العام الحالي غير صحيح (...) لدي نواب لا يتابعون مسؤولياتهم".
وأوضح "قمت شخصياً بتوقيع عقد مع شركة "جي إي" لبناء محطات ترفد المنظومة العراقيّة بسبعة آلاف ميغاواط، عقد آخر مع شركة "سيمنز" لبناء محطات تولد 3300 ميغاواط. وهذا القدر من الطاقة كاف لسدّ حاجة العراق (...) لكن تبيّن بأن هناك خلل وغباء من قبل المختصّ الذي وافق على تلك العقود. فالمحطات التي تمّ التعاقد بشأنها تعمل بالغاز، والعراق لا يمتلك الغاز".من جهته قال المتحدث باسم وزارة الكهرباء مصعب المدرس لـ"المونيتر" في 24 تموز/يوليو الجاري، إن "مهندسي الوزارة يعلمون بجدّ لتوفير الطاقة". وقد رفض التعليق على تصريحات رئيس الحكومة، بشأن الخلل في عقود إنشاء محطات الطاقة.
لكن لجنة برلمانيّة عراقيّة أكدت أن حل أزمة الكهرباء لن يكون قبل العام 2015، وأن مستوى الإنتاج لعام 2013 لا يسدّ سوى 30 في المئة من حاجة العراقيّين الفعليّة.
وفي حديث إلى "المونيتور" لفت العضو الشيعي في لجنة النفط والطاقة البرلمانيّة فرات الشرع في 24 تموز/يوليو الجاري، إلى أن "حاجة العراق الفعليّة للطاقة الكهربائيّة تبلغ 17 ألف ميغاواط".
وأوضح أن "مجموع ما تنتجه المحطات العراقيّة لا يتجاوز في أفضل الأحوال 7200 ميغاواط".
وكشف الشرع أن "الكميات التي تخرج من المولدات المركزيّة لا تصل بصورة كاملة إلى المواطن العراقي، بل يتسرّب منها الكثير بسبب رداءة الأسلاك الناقلة للطاقة".
أضاف أن منازل العراقيّين تحصل على 5500 ميغاواط فقط من الكهرباء".
وعلى الرغم من أن مسؤولين عراقيّين أكّدوا أن معدّل التغذية بالطاقة الكهربائيّة سيصل هذا العام (2013) إلى نحو 18 ساعة في اليوم، إلا أن الواقع يشير إلى ما هو أقلّ من ذلك بكثير.
أما حسين الشهرستاني الذي صرّح في 20 حزيران/يونيو 2013، أنه و"بنهاية هذا العام سيكون توليد الكهرباء في العراق كافياً لحاجة المواطنين، كما تعهدت وزارة الكهرباء"، فيشير إلى أن "ساعات التغذية في بغداد تتراوح ما بين 15 و16 ساعة يومياً".
لكن معدل التغذية في بغداد بحسب مراجعة لمراسل "المونيتر"، يصل في أفضل الأحوال إلى ستّ ساعات، فيما تغيب الكهرباء تماماً عن بعض المناطق".
إلى ذلك، فإن تدهور التغذية بالطاقة الكهربائيّة في العراق، تزامن مع صيف قاسٍ هذا العام.
على مقربة من بوابة الجامعة التكنولوجيّة في وسط بغداد، ثمّة مقياس كبير مجهّز بعدّاد إلكتروني يقرأ معدّلات درجات الحرارة. يشار إلى أن الجامعة التكنولوجيّة هي المؤسّسة العلميّة الهندسيّة الأبرز في العراق.
وقد سجّل هذا الجهاز في أوقات الذروة في خلال النهار 51 درجة مئويّة. أما في داخل السيارات حيث تشغّل أجهزة التبريد، فلا تنخفض الحرارة عن 24 درجة مئويّة.
وأوضحت الأستاذة المحاضرة في الجامعة شروق عامر لـ"المونيتر" في 24 تموز/يوليو الجاري، أن "المقياس الكبير الذي نصبته الجامعة يقدّم قراءات دقيقة نسبياً".
من جهتها أعلنت دائرة الأنواء الجويّة في 23 تموز/يوليو 2013، أن درجة الحرارة القصوى في بغداد وصلت إلى 43 درجة مئويّة.
وبسبب ارتفاع درجات الحرارة في العراق، قرّرت الحكومة العراقيّة منح إجازة للموظفين كل يوم خميس في شهر تموز/يوليو الجاري.
ومهما اختلفت قراءات درجات الحرارة، فإنها في العموم مرتفعة جداً بسبب الظروف المناخيّة القاسية والجفاف. وهذا الصيف تزامن كما كانت الحال في السنوات الماضية، مع تدهور حاد في خدمة الكهرباء، ما زاد من غضب العراقيّين على المسؤولين في الحكومة.
ويبدو أن الحكومة العراقيّة التي يقودها نوري المالكي، لن تقوم بإنهاء أزمة الطاقة في البلاد، حتى في السنة الأخيرة من الدورة الحاليّة التي تنتهي في صيف العام 2014.