شجّع نجاح البرلمان العراقي في 23 حزيران/يونيو الماضي في إقرار قانون صلاحيات المحافظات العراقيّة الذي دعم اللامركزيّة في نظام الحكم ووزّع المزيد من الصلاحيات على الحكومات المحليّة في المدن، القوى السياسيّة العراقيّة على المطالبة بإحياء قانون "مجلس الاتحاد" ليكرّس المزيد من اللامركزيّة في إدارة البلاد.
وينصّ الدستور العراقي الذي أقِرّ في العام 2005 في مادته رقم 65 على "إنشاء مجلسٍ تشريعي يُعرَف بـ"مجلس الاتحاد" يضمّ ممثلين عن الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في أقاليم، وينظّم تكوينه وشروط العضويّة فيه واختصاصاته وكل ما يتعلّق به، بقانونٍ يسنّ بأغلبيّة ثلثي أعضاء مجلس النواب".
لكن هذا المجلس لم ير النور منذ ذلك الحين على الرغم من أن البرلمان العراقي طرح نسخة قانون تنظيمه للقراءة، للمرّة الأولى في العام 2009.
وتكمن أهميّة "مجلس الاتحاد" في أنه يشكّل ركيزة أساسيّة للمراجعة الدائمة في ما يخصّ العلاقة بين حكومة المركز وحكومات الأقاليم والمحافظات. وكانت الخلافات الدائمة حول صلاحيات مثل هذا المجلس في حال إقراره، تعيق تحقيق أي تقدّم لاستكمال النسخة.
ويبدو أن النسخة النهائيّة التي توصّلت إليها لجنة الأقاليم البرلمانيّة تمنح المجلس صلاحيات تتلائم مع التطوّرات التي أعقبت إقرار قانون المحافظات، ليكون للمجلس بدوره صلاحيات نقض القوانين التي يشرّعها البرلمان والتي تمسّ بمصالح المحافظات والأقاليم بالإضافة إلى اقتراح قوانين تصبّ في هذا الإطار.
وكان عضو لجنة الأقاليم نبيل حربو قد أشار في حديث صحافي سابق إلى أن "صلاحيات المجلس هي مراقبة جميع التشريعات التي تصدر عن مجلس النواب فضلاً عن صلاحيّة استخدام حق الفيتو في ما خصّ بعض القرارات التي تستهدف إضعاف صلاحيات المحافظات"، معتبراً أن "المجلس يفلتر جميع القوانين التي يصدرها البرلمان ويحقّ له تمرير هذه القوانين أو إعادة بعضها".
وهذه الرؤية لصلاحيات المجلس تظهر بشكل واضح أنها تمثّل الأطراف الداعمة للامركزيّة في العراق، وتشكيله يمثّل صمّام أمان جديد للحفاظ على الصلاحيات التي حصلت عليها المحافظات والأقاليم اخيراً، وهي رؤية تتبلور بشكل واضح وتتّسع لتمثّل معظم الأطياف السياسيّة العراقيّة، ما سمح بإعادة المطالبة بتشكيل المجلس الجديد.
وتؤكّد اللجنة القانونيّة البرلمانيّة المختصّة أن الخلافات حول مجلس الاتحاد اليوم لم تعد تتجاوز الأمور الشكليّة والإجرائيّة، مثل عدد ممثلي كل محافظة وكوتا النساء والأقليات.
ولفت عضو اللجنة القانونيّة في البرلمان لطيف مصطفى في حديث إلى "المونيتور" إلى أن "المحافظات العراقيّة والـبالغ عددها 18 محافظة، ستحظى بأربعة ممثّلين باستثناء العاصمة التي يطالب البعض بزيادة تمثيلها، بالإضافة إلى مطالب بتخصيص كوتا للأقليات والمرأة".
وهذه المطالبات ليست جوهريّة في الواقع، ما يشير إلى إمكان إقرار القانون قبل نهاية العام الحالي ليكون للمحافظات العراقيّة ممثّلون قادرون على مراجعة القوانين الاتحاديّة التي تخصّ مصالح مدنهم.
والدستور العراقي كان قد اشترط موافقة ثلثَي أعضاء البرلمان على قانون مجلس الاتحاد لتمريره، وهذه الغالبيّة لم يشترطها الدستور العراقي إلا في انتخاب رئيس الجمهوريّة. ويبدو أن المشرّع العراقي أراد من هذا الاشتراط منح مجلس الاتحاد زخماً وطنياً وجعله مصدر إجماع بين القوى الرئيسيّة في البلاد، لكن هذا الشرط نفسه وصعوبة تحقيقه كانا من الأسباب التي ساعدت في تأخير إقرار القانون حتى اليوم.
وكانت الأمم المتّحدة قد دعت في تاريخ الأوّل من شباط/فبراير من العام 2012 العراق إلى إقرار مجلس الاتحاد ليكون رديفاً للبرلمان، موضحة أن "هذا الكيان يضمّ ممثّلين عن الأقاليم والمحافظات وبالتالي فإنه مكمّل لمجلس النواب الذي يمثّل الشعب العراقي. أما اختصاصات مجلس الاتحاد فيتوقّع أن تشمل مراجعة القوانين التي يسنّها مجلس النواب، بالإضافة إلى المهام الأخرى التي قد تسند إليه بموجب القانون الخاص به".