بعد مصادقة برلمان إقليم كردستان العراق على قانونَين، الأوّل لتمديد ولاية رئيس الإقليم مسعود بارزاني لمدّة عامَين والثاني لتمديد دورة البرلمان الحاليّة لمدّة شهرَين، وذلك وسط معارضة للقرار امتدّت إلى داخل حزب بارزاني، يجري الحديث بين قوى المعارضة الكرديّة الثلاث في البرلمان (التغيير والجماعة الإسلاميّة والاتحاد الإسلامي الكردستاني) عن أوراق ضغط عدّة يمكن استخدامها في حال دخل القانونَين حيّز التنفيذ، ومن بينها تنظيم تظاهرات ضدّ بارزاني.
وكانت الجلسة الاعتياديّة لبرلمان كردستان العراق قد تحوّلت في 30 حزيران/يونيو المنصرم إلى عراك واشتباك بالأيدي، بالإضافة إلى مهاجمة رئيس البرلمان بقناني المياه المعدنيّة من قبل أعضاء كتل المعارضة الثلاث.
وتشغل قوى المعارضة في برلمان إقليم كردستان العراق من مجموع 111 مقعداً، 36 مقعداً موزعاً على الشكل الآتي: 25 مقعداً للتغيير و4 مقاعد للجماعة الإسلاميّة و6 مقاعد للاتحاد الإسلامي. وذلك في مقابل 59 مقعداً لـ"الكتلة الكردستانيّة" التي تمثّل حزبَي السلطة "الديمقراطي الكردستاني" الذي يتزعّمه رئيس الإقليم مسعود بارزاني و"الاتحاد الوطني الكردستاني" الذي يتزعّمه الرئيس العراقي جلال طالباني.
ولا يسمح عدد مقاعد المعارضة في البرلمان بتأمين النصاب القانوني لرفض القوانين، في حين أن "الكتلة الكردستانيّة" قادرة على القيام بذلك لكون القوانين تحصل على المصادقة بعد موافقة ثلثَي أعضاء البرلمان.
وأعلن برلمان إقليم كردستان العراق في بيان أصدره، أن القانون الذي صادق عليه بالأغلبية يمدّد ولاية رئيس الإقليم من 20 آب/أغسطس 2013 لغاية 19 آب/أغسطس 2015.
وبحسب المادة العاشرة-أولاً من قانون رئاسة الإقليم، فإنه على رئيس الإقليم: إصدار القوانين التي يسنّها المجلس الوطني للإقليم (البرلمان) خلال عشرة أيام من تاريخ سنّها، وله حقّ الاعتراض عليها كلياً أو جزئياً وإعادتها إلى المجلس لإعادة النظر فيها فيكون قرار المجلس بشأنها نهائياً.
وتتّجه الأنظار حالياً الى رئيس الإقليم مسعود بارزاني لتبيان موقفه من هذَين القانونَين بعد أن عاد من جولته الأوروبيّة في 4 تموز/يوليو الجاري من جولته الخارجيّة التي شملت روسيا ورومانيا وفرنسا، بالإضافة إلى توجّهه إلى بغداد للقاء رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بعد قطيعة دامت ثلاث سنوات.
وكانت رئاسة إقليم كردستان العراق قد أعلنت في الأوّل من تموز/يوليو الجاري أن بارزاني سوف يعلن عن موقفه فور عودته من جولته الخارجيّة.
من جهتها تدرس المعارضة الكرديّة في البرلمان (أحزاب التغيير والاتحاد الإسلامي والجماعة الإسلاميّة) مجموعة خيارات للضغط على رئاسة إقليم كردستان إن وقّع بارزاني على القانونَين.
وتتّجه المعارضة التي لم تتّخذ قرارها النهائي، إلى تحريك الشارع الكردي أو الانسحاب من العمليّة السياسيّة أو إطلاق حملة جمع تواقيع بين المواطنين.
وتقول عضو حركة "التغيير" المعرضة أشتي عزيز في حديث إلى "المونيتور" إن "قوى المعارضة لا تضغط بشكل مباشر على رئيس الإقليم، بل إنها تضغط على الرأي العام لأن هذا الموضوع أصبح من المواضيع المهمّة بالنسبة إلى الرأي العام وكذلك خرقاً واضحاً لقوانين كثيرة منها النظام الداخلي لبرلمان كردستان ومسوّدة دستور الإقليم قبل تنفيذها، بالإضافة إلى كونه خرقاً مباشراً لقانون رئاسة الإقليم".
وتوضح أشتي أن "كل الضغوطات تهدف إلى تشكيل رأي عام داعم (لموقف المعارضة) وتحريك الشارع الكردي لعدم القبول بهذه الخروقات التي تأتي بها أحزاب السلطة".
وتنظر عزيز إلى الخطوات التي اتّخذها بارزاني بعد عودته إلى الإقليم من جولته الأوروبيّة، على أنها خطوات مضطربة ودليلاً على عدم حسم أمره لغاية الآن في التوقيع على القانونَين.
تضيف "أعتقد أن كل الخطوات التي يقوم بها رئيس الإقليم هي خطوات مضطربة وليست مدروسة. لو كانت مدروسة، كان عليه أن يحاور المواطن الكردستاني ويلقي كلمة. ولكن مضى أكثر من أسبوع واحد ولم نسمع منه أي موقف لغاية الآن".
وتشدّد عزيز قائلة "أتصوّر أن نيّة بارزاني هي التوقيع على القانونَين ولكنه يخشى ردّة فعل الشارع الكردي وقوى المعارضة. لهذا نراه يتريّث في التوقيع عليها أو إعلان موقف منها".
ويرى مراقبون أن اجتماع بارزاني مع الأحزاب والقوى الكردستانيّة سواء كانت تشغل أم لا مقاعد في برلمان كردستان العراق، لا يشكّل أي تأثير على العمليّة السياسيّة في الإقليم ولا يشكّل أي دعم لبارزاني في موقفه من هذَين القانونَين، كونها تُعتَبر قوى وأحزاب لا تملك قاعدة شعبيّة كبيرة في الإقليم.
فيقول المحلل السياسي الكردي جرجيس كولي زادة لـ"المونيتور" إن هذه القوى والأحزاب هي أحزاب صغيرة جداً وهي تشكّل مجاميع قبل أن تكون أحزاباً أو حركات سياسيّة، كذلك هي تقوم على مصالح ماليّة وامتيازات وليست مبنيّة على عقيدة فكريّة سياسيّة، وهي ليست مثل الأحزاب المعارضة التي بنيت على عقائد دينيّة أو فكرة إصلاحيّة".
ويلفت إلى أن "العديد من هذه الأحزاب لم تستطع الحصول على مقعد واحد في برلمان كردستان، فكيف سيكون لها تأثير على الرأي العام لدعم بارزاني في قراراته".
إلى ذلك وفي موقف يبدو غربياً على المشهد السياسي الكردستاني، يقول النائب السابق في مجلس النواب العراقي عن كتلة "التحالف الكردستاني" سيروان زهاوي وهو أيضا عضو في "الحزب الديمقراطي الكردستاني" الذي يتزعّمه بارزاني، إن القانونَين الأخيرَين لتمديد ولاية بارزاني ودورة البرلمان الحاليّة غير قانونيَّين بحسب النظام الداخلي لبرلمان الإقليم".
يضيف زهاوي أنه "بعد دراسة استمرّت لمدّة ستة أيام، وصلت إلى قناعة بأن القانونَين اللذين صادق عليهما برلمان كردستان العراق في 30 حزيران/يونيو المنصرم، جاءا مخالفَين للمواد 54 و59 و71 من قانون البرلمان رقم 1 لسنة 1991 المعدّل".
ويتابع "من حقّ الأغلبيّة إصدار القوانين شريطة ألا تخالف القوانين السارية أو العمل المؤسساتي لبرلمان الإقليم وأن تأخذ طرقها القانونيّة".
ويوضح أن إقليم كردستان حالياً هو في مرحلة بناء دولة مؤسّساتيّة وليس عليه أن يعمل بخلاف القوانين السارية، مؤكداً ضرورة عدم خرق القوانين وداعياً بارزاني في الوقت نفسه إلى مطالبة البرلمان بإعادة النظر في القانونَين.
ويختم قائلاً "أرى أنه من الأفضل أن يطالب الرئيس بارزاني برلمان الإقليم كردستان بمراجعة القانونَين وإفساح مجال أوسع لجميع أعضاء البرلمان لإجراء مناقشات أوسع حولها وإصدارها بشكل قانوني حتى لا يشكّل إصدارها إحراجاً لأي طرف".